التلقين الكنسي للمدنيين الإسبان لمواجهة الغزو الفرنسي عام 1808م.
هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس.
خلال الاجتياح الفرنسي لإسبانيا عام 1808م, قامت الكنيسة الكاثوليكية الإسبانية و المجالس العليا, المكلفة بإدارة البلاد في غياب الملك المخلوع بعد الاجتياح, بشحن الشعب و تجييشه ضد الغازي الفرنسي من خلال الكاتيشيزم أو "التلقين الكنسي للمبادئ الدينية عبر الأسئلة و الأجوبة".
لقد رأت الكنيسة الكاثوليكية في هذا الاجتياح استهدافا لها و للنظام الملكي الذي يحميها, فحاربت أفكار الثورة الفرنسية و اعتبرتها فلسفة زائفة و إباحية مرفوضة تريد هدم أركان الدين, كما اعتبرت أن نابليون بونابارت, قائد الامبراطورية الفرنسية, يريد إسقاط عرش دي بوربون الملكي و تولية أخيه جوزيف نابليون حاكما لإسبانيا.
هذه الوثيقة التي سننقل ترجمتها هي عبارة عن كاتيكيزم أو تلقين كنسي للمدنيين الإسبان بعد الاجتياح الفرنسي, و هي تبرز معنى القومية الإسبانية في بداية القرن 19 و المرتبطة ارتباطا وثيقا بالكنيسة الكاثوليكية و الملكية الممثلة في نظام دي بوربون.
المصدر: المكتبة الوطنية الإسبانية. وثيقة رقم 820890.
المقال:
سؤال: من تكون؟
جواب: إسباني بفضل الله.
س: ماذا تعني إسباني؟
ج: رجل وُلد في إسبانيا.
س: ما هي واجباته؟
ج: أن يكون مسيحيا كاثوليكيا, مطيعا لملكه, محبا لوطنه, مضحيا بحياته في سبيله لو استدعى الأمر ذلك.
س: من هو ملك إسبانيا حاليا؟
ج: فرناندو السابع, الذي ندين له بالاحترام.
س: من هو عدو إسبانيا؟
ج: إمبراطور الفرنسيين الفاسد.
س: ما هي صفاته؟
ج: الجشع, الاستبداد و الخداع.
س: ما الذي دفعه لإدخال جيوشه لإسبانيا؟
ج: هدفه حرماننا من كل العائلة الملكية, القضاء على أسرة دي بوربون, و تسليم المملكة لأخيه جوزيف بونابرت.
س: هل علينا التصدي لمحاولاته؟
ج: علينا القيام بذلك حتى نزف آخر نقطة من دمائنا, مبينين لأوربا و العالم حقارة و دناءة ما أقدم عليه حليفهم, الذي نهمب قُرانا, سرق الأواني المقدسة من كنائسنا, دنس أسرار ديانتنا المقدسة, أهان قساوستنا, و قتل ما لا يُحصى من الأبرياء.
س: من هم الفرنسيون؟
ج: هم المسيحيون قديما, و ملحدو هذا العصر.
س: من قادهم إلى هذه الهاوية.
ج: الفلسفة الزائفة و إباحية العادات.
س: ما هو طبعهم؟
ج: الطيش و اللامنطقية.
س: هل عندهم حس الشرف؟
ج: كان عندهم من قبل, و لازال البعض منهم يملكه, لكن نابليون الشرير و أتباعه يضطهدونهم.
س: و هل ستكون هناك نهاية لامبراطورية هذا الطاغية؟
ج: ستكون لها نهاية, بل إن هلاكها قريب جدا, فكل الرجال الصالحين من جميع الأمم يكرهونه. ثم إن الرب لا يُهمل عقاب مثل هؤلاء الوحوش.
س: ما هي عقوبة الإسباني الذي يبيع مصالح وطنه؟
ج: عقابه الموت الدنيوي له, و الموت المدني لذريته.
س: ما هو الموت الدنيوي؟
ج: الحرمان من الحياة.
س: و ما هو الموت المدني؟
ج: الحرمان من الممتلكات و التشريفات التي يمنحها الوطن للمواطنين الصالحين.
س: ماهي الشجاعة؟
ج: هي صلابة الروح التي, إذا قادها المنطق, لا تخشى المخاطر. إنها تمهيد للنصر.
س: هل من الضروري التبعية في الجيش لتحقيق هذا النصر؟
ج: من دونها يضيع كل شيء.
س: الجندي عليه إطاعة من؟
ج: يجب أن يطيع كل قادته, بدءا من القائد الأعلى إلى أصغر قائد.
س: المواطن عليه إطاعة من؟
ج: يجب أن يطيع ممثلي الملك و قضاة الحكومة.
س:من هم الأشخاص الذين وجب عليهم حمل السلاح؟
ج: كل من له القدرة على استعمالها, باستثناء من أعفاهم القانون من ذلك.
س: هل يجوز تقديم أعذار زائفة للتهرب من حمل السلاح؟
ج: لا, لا يحق ذلك. و هو جرم خطير جدا.
س: هو جرم في حق من؟
ج: هو جرم في حق الوطن الذي يُحرم من جندي بدون وجه حق.
س: هل بإمكان الآباء, الأمهات و الأقارب طلب إعفاء أبنائهم بتقديم أعذار زائفة؟
ج: لا, لا يمكنهم ذلك, و إن قاموا به فإنهم أعداء للوطن.
س: هل يمكن للقضاة, القساوسة, الأطباء و الجراحين أن يسمحوا بهذه الاستثناءات الزائفة؟
ج: لا يمكنهم ذلك, و إذا فعلوه فإنهم أعداء للوطن.
س: هل بإمكان شخص ما المكابرة و الدفاع عن هذه الطلبات الظالمة أو السعي حثيثا للحصول عليها؟
ج: لا يمكنه ذلك, و إذا قام به فقد اقترف جرما مشهودا و عظيما ضد الوطن.
س: كيف يجب معاملة الأسرى الفرنسيين؟
ج: بإنسانية, و معاملتهم وفق مقام التعساء الذي يليق بهم.
س: كيف يجب معاملة الفارين من الجيش الفرنسي؟
ج: كأصدقاء و حلفاء جاؤوا للانضمام إلينا و المساعدة في حمايتنا.
س: من يستحق المكافآت؟
ج: الشجعان وقت الحرب, و المفيدون في السلم بفضل مواهبهم و عملهم, و لا يهم إلى أي طبقة ينتمون.
س: من هم أولئك الذي يطلبون المكافآت قبل استحقاقها؟
ج: الأوغاد و البلداء.
س: من يستحق العقاب؟
ج: الأشرار و الخونة.
س: من هم الأشرار؟
ج: الذين يعصون القوانين.
س: من هم الخونة؟
ج: من يبيع ملكه و وطنه و يتخلى عنهما.
س: ما هي واجبات من لا يذهب للحرب؟
ج: المساهمة و التبرع بسخاء للدفاع عن الوطن الذي قدم له الكثير.
س: ماذا يصنع الذي لا يملك شيئا؟
ج: كل واحد يعمل حسب مهنته, و يدعو الرب لسعادة إسبانيا.
س: أين تكمن سعادة إسبانيا؟
ج: تكمن في أمن ديننا المقدس, ملكيتنا, قوانيننا, ممتلكاتنا و حقوقنا.
س: هل كنا نملك هذه السعادة قبل دخول الفرنسيين؟
ج: لقد فقدنا جزءا كبيرا من السعادة بوفاة ملكنا المحبوب كارلوس الثالث, لأن ابنه و خليفته كارلوس الرابع, بسبب طبعه الطيب, ترك نفسه يحاط بالخونة الذين خدعوه مرارا و تكرارا.
س: و كيف نستعيد هذه السعادة؟
ج: بطرد الفرنسيين من ترابنا, و عودة الملك فرناندو السابع لإسبانيا و سن قوانين أساسية لا تحمل عوامل الاضطراب, و الحرص على تنفيدها بكل صرامة.
صلة الرحم بالأندلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق