الدكتاتور الأندلسي مكيل بريمو دي ربيرا Miguel Primo de rivera

الدكتاتور الأندلسي مكيل بريمو دي ربيراMiguel Primo de rivera
بقلم هشام زليم.

مدونة صلة الرحم بالأندلس.


 



تعريف 
مكيل بريمو دي ربيرا إي أربنيخا Miguel Primo de Rivera y Orbaneja, الديكتاتور العسكري الذي حكم إسبانيا ما بين 13 شتنبر 1923 و 28 يناير 1930.

زمان و مكان الولادة
وُلد في بلدة شُريش Jerez de la Frontera الأندلسية في الثامن من يناير 1870م.

 العائلة

 ينتمي لعائلة أندلسية عريقة اشتهرت في الميدان العسكري:
                               * عمُّه ماركيز إستيلا, فرناندو بريمو دي ربيرا إ سوبريمونتي (1831-1921) كان بطل الحرب الكارلية و حاكما  لللفلبين و وزيرا للحربية في مناسبات عديدة.
                               * جده خوثي بريمو دي ربيرا  (1777-1853) شارك في حرب الاستقلال ضد الاحتلال الفرنسي كما شارك في حروب إسبانيا في أمريكا اللاتينية و شغل منصب وزير البحرية.
                               * جده الأكبر رفاييل دي سوبريمونتي  (1745-1827) كان خليفة الملك على منطقة وادي لا بلاتا بأمريكا الجنوبية (منطقة مقسمة اليوم بين الأرجنتين, الأرغواي, البارغواي, بوليفيا, الشيلي و البرازيل).
                               * شقيقه فرناندو بريمو دي ربيرا إ أوربنيخا  (1879-1921) كان ملازما في الجيش الإسباني و قد لقي حتفه في معركة أنوال شمال المغرب.

النشأة

انخرط مكيل في سلك الجيش و سنه لم يتجاوز الرابعة عشر. خاض معظم تجاربه العسكرية في المستعمرات الإسبانية: المغرب, كوبا و الفلبين (حيث رافق عمه فرناندو) و استطاع بسرعة تسلق الدرجات العسكرية باستحقاقات حربية  ليصبح جنرالا في سنة 1912م.

أسرته الصغيرة 

سنة 1902 تزوج من كاسيلدا ساينز دي إريديا  Casilda Sáenz de Heredia وأنجب منها 6 أبناء:

مكيل و زوجته كاسيلدا (1902)

                           

* خوثي أنطونيو بريمو دي ربيرا: 24 أبريل 1903م. مؤسس الكتائب "الفالانخي". 

* مكيل بريمو دي ربيرا: 11 يوليوز 1904م. 

* مارية ديل كارمن بريمو دي ربيرا:  25 يوليوز 1905.

* مارية ديل بيلار بريمو دي ربيرا: 5 نونبر 1906. زعيمة الفصيل النسائي للفالانخي.

* أنخيلا بريمو دي ربيرا.

 * فرناندو بريمو دي ربيرا: 31 مايو 1908. توفيت كاسيلدا أثناء هذه الولادة, فأصبح مكيل أرملا.

مساره العسكري و السياسي 

      - عام 1908م: تحصل على رتبة كولونيل.

      - عام 1909م: أٌرسل إلى المغرب حيث شارك في المعارك هناك. 

      - عام 1912:  رُقي إلى درجة جنرال نظرا لاستحقاقه الحربي.

      -عام 1915 : عاد إلى إسبانيا حيث عُيّن حاكما عسكريا لقادش, ثم مراقبا عاما لبلنسية ثم مدريد. ريط خلال مساره العسكري علاقات مع مجموعة الجنرالات الأفريقانيين (الذين يؤدون خدمتهم في المغرب), رغم ذلك دافع عن فكرة الانسحاب من الأراضي المغربية, الأمر الذي جرّ عليه مشاكل عديدة.

     - نونبر 1921م أدلى بتصريحات انتقد فيها التواجد الإسباني في المغرب, حيث قال: "من وجهة نظر استراتيجية, أعتبر كل جندي في الضفة الأخرى من المضيق خسارة لإسبانيا", فقامت الحكومة, المتحمسة جدا للبقاء في المغرب, بإقالة مكيل من منصبه كمراقب عام لمدريد.

      - ماي 1922: عُيّن مراقبا عاما لبرشلونة. هذا المنصب جعله يتابع عن كثب المعظلات التي تعصف بهذه المدينة الاستراتيجية: العنف الأناركي, الاغتيالات, صعود النزعة القومية القطلانية, غياب الاستقرار الوزاري و تفكك النظام الحزبي.

       - 13 شتنبر 1923: كردة فعل منه على هذا الواقع الذي زادته خطورة نكبة أنوال التي قُتل فيها شقيقه , استجمع الرجل حسه العسكري و القومي و السلطوي و قام بانقلاب عسكري ضد الحكومة عطّل فيه العمل بدستور1876 و حل الحكومة و البرلمان و منع حرية الصحافة, واضعا أسس نظام دكتاتوري تحت سلطة صورية للملك.

بريمو دي ربيرا رفقة الملك ألفونسو الثالث عشر

 

بتواطؤ من الملك ألفونسو الثالث عشر و موافقة ضمنية من أصحاب المصانع و الشركات و رجال الكنيسة و الجيش و القوى المحافظة, ترأس مكيل بريمو دي ربيرا مجلسا عسكريا جمع كل السلط و استبعد منه كل السياسيين. لم يجد مكيل في البداية معارضة تُذكر, لأنه أولا و أخيرا أتى على نظام متآكل و غير شعبي, كما أنه أعطى وعودا بأن ديكتاتوريته ستكون لفترة انتقالية قصيرة و ستستلهم سياستها من الأفكار التي عبر عنها البعثيون في بداية القرن العشرين (مثل خواكين كوستا), و ذلك من أجل إعادة النظام و اجتثات تأثير الزبونية و المحسوبية في الحياة السياسية. هكذا استطاع كسب الحياد الإيجابي للاشتراكيين اتجاه انقلابه العسكري.

خلال سنوات المجلس العسكري (1923-1925) قام بريمو دي ربيرا ب:

*  ملاحقة الأناركيين (النقابة الأناركية CNT اعتبرت غير قانونية) و الشيوعيين (الذين انشقوا عن الحزب الاشتراكي).
*  تصفية الرابطة الكتالونية (و هي أول تجربة للحكم الذاتي الجهوي في إسبانيا).
*  منع استعمال اللغات الجهوية خلال المناسبات العمومية و في المراسلات الإدارية.
*  إخلاء الحياة السياسية من الأحزاب و الهيئات التمثيلية و تعويضها بتقنوقراط محافظين تكثلوا ابتداءا من 1924 في الحزب الواحد "الاتحاد الوطني".
* تقوية حماية الدولة للصناعة المحلية و الحث على إنشاء المشاريع العمومية الضخمة.

            - 8 شتنبر1925 م: يبقى أعظم إنجاز حققه مكيل هو تعزيز الوجود الإسباني في المغرب و ذلك من خلال انتصار عسكري ساحق وضع حدا لسنوات من الحروب المستمرة و النكبات (خاصة "نكبة أنوال" عام 1921م التي حُملت مسؤوليتها للعسكريين و الملك نفسه و كانت عاملا إضافيا أدى لانقلاب 1923). ففي سنة 1925م قام الإسبان بإنزال بحري في خليج الحسيمة, قاده الدكتاتور مكيل بنفسه, في إطار عملية مشتركة مع الجيش الفرنسي للقضاء على ثورة القبائل الريفية المغربية. رغم أن هذه العملية العسكرية كانت تخالف قناعات بريمو السابقة, إلا أنها كانت ناجحة و أكسبته شعبية كبيرة شجعته على مأسسة ديكتاتوريته لتدوم مدة أطول.

              - 3 دجنبر1925 : حل بريمو دي ربيرا المجلس العسكري و أنشأ مجلسا مدنيا و نصب نفسه رئيسا لمجلس الوزراء (1925-1930). 

                  - 24 يونيو 1926: فشل الانقلاب العسكري "سانخوانادا" ضد دكتاتورية بريمو دي ربيرا. 

               - عام 1927م عُقد مؤتمر وطني تم خلاله إعداد مسودة دستور 1929م. هذا البرلمان الصوري و الغير ديمقراطي أظهر, رغم ذلك, اختلاف المواقف السياسية بين أتباع الديكتاتورية, من كاثوليكيين محافظين و عسكريين و تجمعات سلطوية تميل للفاشية.

الأزمة الاقتصادية لعام 1929م و انقسام مؤيدي سياسته و فتورعلاقته مع الملك عوامل جعلت بريمو دي ربيرا عاجزا عن مواجهة تنامي المعارضة القوية و الموحدة و التي استنفرت طاقاتها لمواجهة خطر استمرار الديكتاتورية إلى ما لا نهاية. جمهوريون, اشتراكيون, و يساريون اتحدوا في حملة ضد الديكتاتورية التي أصبحت تهدد حتى النظام الملكي الذي قدم لها الدعم. طلاب, عمال و مفكرون تظاهروا ضد النظام, فيما كان العسكر أنفسهم يتآمرون على بريمو دي ربيرا.

              -28يناير 1930: هكذا خسر الدكتاتور الأندلسي دعم الملك و كبار القيادات العسكرية فقرر, و المرارة تعتصر قلبه, تقديم استقالته و اختار المنفى في باريس, لكن قبل ذلك اقترح على الملك ألفونسو الثالث عشر بعض أسماء العسكريين الذين سيخلفونه (كان من بينهم الجنرال برينغر الذي تولى الرئاسة).

جثمان مكيل بريمو دي ربيرا في باريس.

              

  -16 مارس 1930:  بعد 6 أسابيع على تنحيه, توفي مكيل بريمو دي  ربيرا في باريس بداء السكري الذي أصابه قبل سنوات. مات و الهم و الكمد يعتصران قلبه بسبب الجحود الذي قابله به وطن خدمه طيلة عقود. و قد نُقل جثمانه من باريس إلى شريش الأندلسية حيث دفن في كنيستها.

ضريح بريمو دي ربيرا في كنيسة شريش في الأندلس

تمثال بريمو دي ربيرا في قادش.

حياته الخاصة

الابن الأكبر لمكيل بريمو دي ربيرا, خوثي أنطونيو, أسس في 29 أكتوبر 1929 منظمة الكتائب "الفالانخي" التي ستكون لها يد في اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936. خوثي أنطونيو أُعدم من طرف الجمهوريين في نونبر 1936 مباشرة بعد اندلاع الحرب و سيكون "شهيد الوطن" خلال فترة حكم الجنرال فرانكو.


ابنه الأصغر فرناندو اعتقلته القوات الجمهورية مباشرة بعد اندلاع الحرب الأهلية و أعدمته عام 1936 بتهمة التآمر ضد الجمهورية.

ابنته الصغرى بيلار (1907-1991), زعيمة الفصيل النسائي للكتائب "الفالانخي", لم تتزوج و لم تُخلف لكنها عاشت حياة سياسية صاخبة.

المراجع:

* Mario P Diaz Barrado, Palabra de dictador: General Primo de Rivera, análisis de discursos (1923-1930), Biblioteca de bolsillo.

* Shlomo Ben-Ami (1984). La Dictadura de Primo de Rivera. 1923-1930.

صلة الرحم بالأندلس.