على خطى بلاس انفانتي Blas Infante
هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس
بفخر و اعتزاز تحكي أنخيلس غارسيا عمدة بلدة قنطيانة الإشبيلية: هُنا في
قنطيانة, في مروج الوادي الكبير الإشبيلية, كان أب
الهوية الأندلسية بلاس انفانتي (1885-1936)في مكتبه كموثق يستمع باكرا كل صباح لصوت المياومين المتجهين
للعمل يرددون ترانيم نشيد "سانتو ديوس", فاقتبس منه فيما بعد النشيد
الوطني لإقليم الأندلس. هنا في قنطيانة استلهم كلمات النشيد, و هنا أيضا وضع
العَلَم.
فيجيبها زميلها فرانثيثكوخمينث عمدة بلدة أرشدونة: بل هنا في قلب
البلاد المالقية نشأ الفتى بلاس و تعلَّم في مدرسة الآباء الإسكولابيين الداخلية
(1896-1899), و هنا سمع لأول مرَّة لحن نشيد "سانتو ديوس" الذي صار نشيد
الأمة الأندلسية.
تُتابع جدالهما روزا ديلماس حفيدة بلاس ثم تقول: جذور و ميراث بلاس
إنفانتي متناثرة في كل مكان و تتجاوز مجرد كونه مُبتكر رموز إقليم الأندلس: النشيد
و التِّرس و العَلَم. لكن مع ذلك يبقى بالنسبة للكثيرين رمزا يحيط به الجهل و
النسيان.
من هو بلاس انفانتي؟ أين عاش؟ كيف كان يُفكر؟ ما الذي قام به؟ للإجابة
على هذه الأسئلة و لتسليط الضوء أكثر على حياة هذا الزعيم القومي الأندلسي, و أيضا
لتعزيز اقتصادها من خلال جلب السياح إليها, قامت 8 بلدات أندلسية ارتبطت تاريخيا
بحياة و فكر بلاس إنفانتي بإنشاء " جمعية الطريق
السياحي بلاس انفانتي". عمداء و مستشارو هذه البلدات وقعوا يوم
الثلاثاء 23 فبراير 2015 على ميثاق هذه الجمعية في مقر مؤسسة بلاس انفانتي في
إشبيلية.
"طريق بلاس انفانتي" يمر عبر البلدات الثمانية المُشكلة
للجمعية, و هي: قشريش, مانيلفا, أرشدونة, قنطيانة, بينيافلور, كاسترو ديل ريو,
إيسلا كرستينا و قورية ديل ريو. و يحظى المشروع بدعم مؤسسة بلاس انفانتي و حكومة
إقليم الأندلس.
بلدة قشريش (مالقة): فيها وُلِد بلاس. البيت الذي شهد مسقط رأسه تحوَّل عام 2013 إلى متحف
يخلد ذكراه. يضم البيت – المتحف مطبخه الفحمي القديم, و قاعتين (غُرفتين): قاعة
مخصصة لحياته و أعماله, و قاعة مخصصة للأعمال الفنية لخوان دي لوخا, رفاييل
ألبرتي, أوسكانيا و فازكيث دي سولا. كما تضم البلدة مركزا ثقافيا يحمل اسمه.
بلدة مانيلفا (مالقة): غير بعيد عن بلدة قشريش, تقع بلدة مانيلفا على ضفاف البحر المتوسط و
هي تضم المنزل الصيفي لأسرة بلاس حيث اعتادوا قضاء العطل الصيفية. و هناك رغبة
لدى السلطات في تحويله إلى متحف.
بلدة أرشدونة (مالقة): بعد انتهاء العطلة الصيفية, كان بلاس يتجه لصفوف الدراسة في معهد
الآباء الإسكولابيون بأرشذونة و هو اليوم يحمل اسم "المعهد الثانوي لويس
براوونا دي سوتو". في هذا المعهد, حسب عمدة أرشذونة فرانثيثكوخمنيث, اكتشف بلاس
معاناة المياومين (الخورناليروس) مع البطالة و سوء التغذية حيث عاين كيف كان
يُوزَعُ عليهم و على غيرهم من فقراء أرشذونة حساء الكيروبا (لحم بالبطاطس). و اليوم
هناك لافتة تذكارية في المعهد تُذكِرُ بهذا المشهد الدرامي و ذلك من أجل بث روح
التضامن بين الشباب. في هذا المعهد أيضا سمع نشيد الإسكولابيوس "سانتو
ديوس" الذي سيجعل من لحنه فيما بعد بقنطيانة نشيد الوطن الأندلسي. صخرة عشاق أرشذونة و أسطورتها أوحت له بأفكار عبَّر عنها في تزيين منزله في قورية ديل ريو.
بلدة كاسترو ديل ريو (قرطبة): هي البلدة الوحيدة في هذا الطريق السياحي التي يربطها ببلاس رابط
إيديلوجي و ليس مادي, حيث لم يسبق له الاستقرار بها. في هذه البلدة و تحديدا في
وادي الجوز, يوجد المركز العمالي الذي أقيم فيه عام 1918 مؤتمر للمياومين أثر
حينها كثيرا في فكر بلاس انفانتي. منزله في قشريش يحوي أثاثا خشبيا مصنوعا بأخشاب
أشجار زيتون بلدة كاسترو ديل ريو.
بلدة قنطيانة(إشبيلية): هنا مارس بلاس انفانتي مهنته كموثق ما بين 1910 و 1922. كان يقع مكتبه
في تقاطع شارع الكنيسة مع شارع سفيرو أوتشوا. المنزل الذي كان يقطن فيه هناك لم يعد
له وجود اليوم. في فترة تواجده بقنطيانة ألف كتابه "المثال الاندلسي" و وضع
رموز إقليم الأندلس.
بلدة بينيافلور(إشبيلية): هي بلدة زوجته أنغوثياث غارسية بارياس. بيت أهلها, و هو اليوم ملكية
خاصة, كان قد شهد عام 1919 حفل زواجهما. تُعتبرُ بنيافلور امتدادا لقنطيانة, و كان
له فيها مكتب يعمل فيه, و هو اليوم جزء من المكتبة البلدية.
بلدة إيسلا كرستينا (ولبة): عام 1922 سيستقر لمدة 9 سنوات في هذه البلدة الصغير المطلة على البحر
الأطلسي و الغنية بثروتها السمكية و الثقافية. تزامنت هذه الفترة مع ديكتاتورية بريمودي
ربيرا التي انزوى فيها بلاس و انكب على الإنتاج الأدبي و السياسي و كان ينشر بعض
مقالاته في جريدة لا هيغوريتا. كان يتردد على كازينو الوحدة, الذي كان يطلق عليه
كازينو الفقراء, و ساهم في إنشاء التظاهرة الثقافية أتينيو في البلدة. هنا أنجب اثنتين
من بناته الأربع: لويزا و مارية دي لوس أنخلس التي تشغل اليوم منصب رئيسة مؤسسة
بلاس انفانتي.
بلدة قورية ديل ريو(إشبيلية): عام 1931 انتقل إلى بلدة قورية ديل ريو التي شيد بها منزله ‘دار
الفرح‘ التي أصبحت اليوم مزارا إلى جانب متحف الحكم الذاتي الأندلسي. من هذه الدار
اعتقلته فرقة من كتائب الفلانخي بعد انقلاب يوليوز 1936, و ذلك بعد أيام قليلة على
تعيينه يوم 5 يوليوز رئيسا شرفيا للجماعة الجهوية لإقليم الأندلس. يوم 11 غشت
أُعدمَ رميا بالرصاص في الكيلومتر الرابع من طريق إشبيلية – قرمونة.
يُذكر أن هذه البلدات الثمان تديرها تجمعات حزبية مختلفة: الحزب
الشعبي, الحزب الاشتراكي, الحزب القومي الاندلسي و اليسار الموحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق