محادثة أرسلان, بلافريج و الفاسي مع القس المستشرق العلامة آسين بلاسيوس في خزانة الإسكوريال.

محادثة أرسلان, بلافريج و الفاسي  مع القس المستشرق العلامة آسين بلاسيوس في خزانة الإسكوريال.

هشام زليم.

شكيب أرسلان (جالسا), محمد الفاسي على اليمين و أحمد بلافريج في الوسط.

يقول الأمير شكيب أرسلان (1) في موسوعته الأندلسية "الحلل السندسية في الأخبار و الآثار الأندلسية":

القس المستشرق آسين بلاسيوس

"...و لما زُرتُ اسبانية سنة 1930 أي من ست سنوات, ذهبتُ إلى الاسكوريال أنا و اثنان من شبان المغرب النجباء, و سرواته الأدباء, و هما السيدان العالمان الفاضلان أحمد بلافريج (2), و محمد الفاسي الفهري (3), و كان معنا السنيور دوزميت يواكين, من شبان نبلاء الاسبانيول, فطوَّفنا في الاسكوريال مدة ساعات, و جلسنا في خزانة الكتب, حيث رأيت من الكتب العربية ما لا يوجد في كثير من المكاتب. و هناك تعارفنا مع الأستاذ المستشرق العلامة القسيس آسين بلاسيوس (4) المشهور, و تحادثنا معه في مختلف المواضيع, و سألناه عن سبب ذهابه إلى أن رواية دانتي, الشاعر الإيطالي الأكبر, المسماة بالمهزلة الآلهية, هي فكرة مسروقة من رسالة الغفران لأبي العلاء المعري, فأدلى إلينا بآرائه في الموضوع, و بيَّنَ لنا أن التشابه الواقع في عدة من النقط لا يمكن أن يكون من قبيل وقع الحافر على الحافر, و قال أيضا إن رسالة الغفران كانت مترجمة إلى اللاتينية, ككثير من الكتب العربية, فيترجح أن يكون دانتي قد اطلع عليها. ثم سألناه عن رأيه في علماء عرب الأندلس, فرأينا له في حقهم رأيا عظيما, و ذكر منهم عددا من جملتهم أبو محمد بن حزم, برغم كون ابن حزم طعن كثيرا في النصرانية, و أن آسين بلاسيوس ليس نصرانيا فحسب, بل هو قسيس متمسك بدينه. و أما لسان الدين بن الخطيب فقال لنا إنه لا يعجبه. و ذكر لنا آسين بلاسيوس أنه تلميد "قُدَيرة" المستشرق الإسبانيولي الذي أصله من العرب, و الذي طبع في مجريط كتب ابن بشكوال, و ابن الأبّار و غيرهما, و له تحقيقات كثيرة, و إليه يرجع الفضل في تجديد العناية بالعربية في إسبانية.".

(1) الأمير شكيب أرسلان: (1869-1946) مفكر, أديب, كاتب و سياسي لبناني.

(2) أحمد بلافريج: (1908-1990) سياسي مغربي و واحد من أعمدة الحركة الوطنية خلال فترة الحماية الفرنسية. تولى عدة مناصب سياسية بعد الاستقلال كما تولى رئاسة الوزراء. ينحدر من أصل أندلسي مورسكي و تحديدا من عائلة أورناتشوسية (اقليم اكستريمادورا بإسبانيا) استقرت بالرباط في القرن 17 ميلادي.

(3) محمد الفاسي (1908-1991): سياسي و كاتب و باحث مغربي و واحد من رجالات الحركة الوطنية المغربية. تولى عدة مناصب رسمية بعد استقلال المغرب عام 1956. و ينحدر محمد الفاسي كذلك  من عائلة أندلسية عريقة.

(4) مغيل آسين بلاسيوس: (1871-1944) مستشرق و قس كاثوليكي إسباني اهتم بدراسة الفكر الإسلامي الاندلسي و قام بترجمة العديد من المؤلفات العربية الاندلسية إلى القشتالية.

هشام زليم

صلة الرحم بالأندلس.