شقيقان من فاس "يفكان" لغز نافورة السباع بقصر الحمراء بمدينة غرناطة
نقلا عن جريدة هسبريس المغربية.
أعلن الشقيقان عبد الغفور وعبد الصمد ريحان، من مدينة فاس، فيما يقولان، عن توصلهما إلى حل اللغز، الذي حيّر الباحثين، المتعلق بعمل نظام الساعة المائية لنافورة السباع الموجودة بقصر الحمراء بمدينة غرناطة الأندلسية، والتي كانت المياه تنساب من أفواه الأسود الرخامية، المحيطة بصحنها، بطريقة فريدة تمكن من تحديد مواقيت اليوم، قبل تعطلها عند سقوط الأندلس وعجز الإسبان ومعهم المهتمين من مختلف بقاع المعمور عن إعادة تشغيلها.
وقد تطلب "فك" هذا اللغز، حسب ما أورده عبد الغفور ريحان، المحامي السابق بهيئة فاس والمقيم حاليا بالولايات المتحدة الأمريكية، الذي تحدث لهسبريس من هناك، سنتين من البحث والدراسة، مبرزا أن إيجاد مرجع تاريخي يؤكد أن هذه النافورة هي عبارة عن ساعة مائية كان أحد العوائق التي واجهته، رفقة شقيقه عبد الصمد، في عمله هذا.
"للأسف، لم أعثر على أي مصدر يؤكد أن نافورة السباع كانت ساعة مائية؛ فخلصت، في آخر المطاف، إلى أن ذلك يبقى مجرد رواية شفوية، وقلت مع نفسي إن هذه الرواية لا يمكن أن تكون قد أتت من عبث"، يوضح عبد الغفور.
وأبرز المتحدث أنه، بعد تعمقه في أبحاثه، اطلع على قصيدة للشاعر الأندلسي ابن زمرك، متكونة من 12 بيتا شعريا، منحوتة على حافة الصحن الخاص بالنافورة بقصر الحمراء، وبعد تحليله لها، توصل، في النهاية، إلى أن هذه النافورة كانت، فعلا، ساعة مائية.
وأوضح عبد الغفور أن الشاعر ابن زمرك (1333-1393م)، الذي يعد واحدا من كبار وزراء السلطان الغني بالله محمد الخامس، خصص مطلع قصيدته لمدح السلطان، مبرزا أن هذا الشاعر، الذي نشأ في حي خاص بالصناع التقليديين بغرناطة، أورد في البيت الثاني من قصيدته ما معناه أنه لا يمكن لإنسان أن يأتي بصنيع مماثل لهذه الساعة المائية.
وذكر متحدث هسبريس أنه من خلال تحليله لأبيات هذه القصيدة "التي تعج بالكثير من الألغاز حول عمل نظام هذه الساعة"، اكتشف أن ابن زمرك "يعطي وصفا دقيقا للميكانيزمات والآليات التي توجد مدفونة داخل النافورة"، مضيفا بالقول: "لقد غصت في المعاني والألغاز التي خبأها ابن زمرك في أبياته الشعرية، كتوازن ودورة المياه، وانتقالها إلى أفواه الأسود عبر القنوات والسواقي المخبأة داخل النافورة".
وأضاف عبد الغفور: "حاولت، من خلال تحليل هذه القصيدة، رسم تخطيط للقطع التي تشتغل عليها ساعتها المائية، واستعنت بمراجع تاريخية، في مقدمتها "كتاب الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل" لرائد الهندسة الميكانيكية العالم بديع الزمان أيوب العز الجزري (1165- 1210)"، موضحا أنه نقل تصميمه لنافورة السباع إلى شقيقه عبد الصمد، الذي تكلف بصنع نسخة مصغرة لها بالاعتماد على الزليج الفاسي.
من جانبه، ذكر عبد الصمد ريحان، 44 سنة، الصانع التقليدي بفاس ، أنه جمع العناصر التي أمده بها شقيقه عبد الغفور وحولها إلى واقع.
وأشار الفائز بجائزة التفوق في صنف الديكور للنسخة الرابعة لمسابقة أمهر الصناع التقليديين، التي تنظمها وزارة الصناعة التقليدية، وهو يطلع هسبريس على نسخته من نافورة السباع، إلى أنه تمكن من ضبط التوقيت بها "بدقة متناهية"، "باعتماد وسائل علمية مضبوطة"، موضحا أن "هذا الميكانيزم كان منتشرا بمدينة فاس العتيقة في طواحين الحبوب المائية".
وأورد الشقيقان، في حديثهما مع هسبريس، أنهما يطمحان، بعد تحقيقهما لهذا الاكتشاف، إلى فك لغز طريقة عمل الساعة المائية للمدرسة البوعنانية بفاس، حيث يقول عبد الغفور حول ذلك: "هذه الساعة، هي أيضا، من الألغاز التي ما زالت تحير الباحثين. وأود، من خلال منبركم، أن أبشر القراء والمهتمين والباحثين أنه، لو توفرت بعض الإمكانات، سنتمكن من الإعلان عن هذا الكشف التاريخي، الذي أعتبره مهما جدا".
ووصف الشقيقان عبد الغفور وعبد الصمد ريحان نجاحهما في فك لغز عمل الساعة المائية لنافورة غرناطة بأنه إنجاز غير مسبوق؛ "عمل ليس فيه تحايل، وهو مدروس بدقة وبطريقة علمية محضة، وقد وظفنا فيه الهندسة والجبر.. الفرق، هو أن نافورة غرناطة مصنوعة من الرخام، ونسختها المصغرة هاته مكوناتها من الزليج الفاسي"، يوضح عبد الصمد ريحان.
نقلا عن جريدة هسبريس المغربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق