الثلاثاء، 31 يوليو 2018

قصة طائر " Reina mora الملكة المغربية" المعروف في إسبانيا.

قصة طائر " Reina mora الملكة المغربية" المعروف في إسبانيا.

طائر الملكة المسلمة Reina Mora
هشام زليم

هذا الطائر الفاتن الأزرق اللون يُسمى في إسبانيا بطائر "رينا مورا Reina Mora" أو "الملكة الغربية". و تعود تسميته بهذا الإسم لقصة عجيبة محفوظة في ذاكرة الأندلسيين جنوب إسبانيا إلى اليوم. حيث يُقالُ بأن عائشة الحرة والدة أبي عبد الله آخر ملوك غرناطة المسلمين, كانت تغادر غرناطة في نهاية فصل الصيف و تذهب إلى الساحل الجنوبي للأندلس و تحديدا إلى شلوبنية و ذلك تجنبا لقساوة فصلي الخريف و الشتاء في غرناطة, و بالتزامن مع قدوم السيدة عائشة الحرة إلى الساحل, كان طائر العندليب الأزرق يحُلُّ في المنطقة مع آلاف الطيور المهاجرة الأخرى و تحديدا إلى بحيرة "شاركس دي سواريث". و مع مرور الوقت شاع هذا الإسم و أصبح اسم طائر العندليب الأزرق يحمل اسم "الملكة المغربية".

الاثنين، 30 يوليو 2018

قصة قصيدة "رضي المتيم في الهوى" للششتري أمير الشعراء الصوفيين في الأندلس

قصة قصيدة "رضي المتيم في الهوى" للششتري أمير الشعراء الصوفيين الاندلسيين

هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس
تمثال لأبي الحسن الششتري في مسقط رأسه في الأندلس

أبو الحسن الششتري, أو كما عرَّفه لسان الدين بن الخطيب في موسوعته الغرناطية "الإحاطة في أخبار غرناطة" : "عروس الفقراء, و أمير المتجردين, و بركة الأندلس, لابس الخرقة, من أهل شستر, قرية من عمل وادي آش معروفة, و زقاق الشستري معروف بها. و كان مجودا للقرآن قائما عليه, عارفا بمعانيه, من أهل العلم و العمل". 

الأحد، 22 يوليو 2018

نبذة عن المورسكي فرنثيسكو الثغري حفيد محمد الزعتور الثغري


نبذة عن المورسكي فرنثيسكو الثغري حفيد محمد الزعتور الثغري 

هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس.

ينتمي آل الثغري إلى واحدة من أهم العائلات المسلمة المؤثرة في سياسة مملكة بني نصر الغرناطية. و يعود أصلهم في شبه الجزيرة الإيبيرية إلى رندة  التي عبروا إليها قادمين من فاس المغربية. باعتبارهم أهل ثغور, نالوا سلطة كبيرة في القرنين الثالث عشر و الرابع عشر حتى اصطدموا ببني سراج أنصار الملك أبي عبد الله الصغير.

ضيعة المورسكي فرنثيسكو الثغري في بلدة مُرسانة شمال غرناطة

ضيعة المورسكي فرنثيسكو الثغري في بلدة مُرسانة شمال غرناطة
كنيسة التجسيد Encarnacion بمرسانة
هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس.

تقعُ بلدة مُرسانة Maracena شمال غرب غرناطة جنوب إسبانيا. في عام 1568م, أي قُبيل حرب البشرات كان عدد سكانها حوالي 115 مورسكيا و 33 مسيحيا قديما. المورسكيون كانوا قد اعتنقوا الكاثوليكية حديثا بينما كان المسيحيون القدامى قد استوطنوا مُرسانة حديثا. 

السبت، 21 يوليو 2018

محلل سابق لوكالة الاستخبارات الامريكية يحاول كشف لغز نسب كريستوف كولمبس

محلل سابق لوكالة الاستخبارات الامريكية يحاول كشف لغز نسب كريستوف كولمبس

هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس.

بيتر ديكسون Peter Dicksonهو محلل سياسي و عسكري سابق بوكالة الاستخبارات الامريكية CIA مختص في مراقبة انتشار الأسلحة النووية و هو صاحب كتاب "كولمبس: سر البصمة الوراثية و الأصول الغامضة للرمز الأول لأمريكا" "Columbus: The secret DNA and Mysterious Origins of America's First Icon".
بيتر ديكسون قرب مبنى الكونجرس الأمريكي

قضى بيتر ديكسون آلاف الساعات في قاعة المطالعة بمكتبة الكونغرس في العاصمة الأمريكية واشنطن يسبر أغوار أحد أعظم ألغاز البشرية: أصل كريستوف كولمبس.



التاريخ الرسمي يُعرفُ لنا كولمبس على أنه ابن حائك متواضع في جمهورية جنوة و قد اكتشف أمريكا باسم ملكي إسبانيا الكاثوليكيين, لكن لا أحد يعلم على وجه اليقين أصوله.

المستكشف الشهير اختار التكتم على كل ما يحيط بمولده و عائلته حسب ما جاء في سيرته التي ألفها ابنه إرناندو كولون Hernando Colon. 

هذا الغموض المستفز ولَّد لدى بيتر ديكسون هوسا بسيرة كولمبس منذ عام 1991, و تحت القبة المهيبة لقاعة المطالعة في مكتبة الكونجرس بواشنطن, خاض البِحار, ليس بحار المياه المالحة مثل الملاح الأسطوري, و إنما بحار الوثائق القديمة بحثا عن الحقيقة. 

يقول ديكسون عن هذه التجربة لوكالة الأنباء الإسبانية EFE: "في سنوات التسعينيات قضيت آلاف الساعات و أنفقت آلاف الدولارات. طيلة أعوام عشتُ هنا تقريبا أفتش في الوثائق".

اكتسب ديكسون خلال تجربته المهنية لدى أقوى جهاز استخباراتي في العالم مَلَكة جمع أدلة قد لا تبدو مترابطة, لكنها مترابطة, و قد وضعها في خدمة تحقيقه عن "أميرال البحر المحيط". 

اليوم هو باحث مستقل, و قد نشر كتابا و مقالات عن كولمبس و من خلال عقليته التحليلية المحترفة يُحاول ديكسون ترتيب أجزاء أحجية حياة الملاح من خلال بحث دؤوب عن نسبه. 

في البداية, يُشكك ديكسون في النسب المتواضع الذي قبلته بدون نقاش الرواية الرسمية للتاريخ, لأن ابن حائك جنوي متواضع مثل كولمبس لم يكن ليستطيع الزواج من سيدة مرموقة مثل فليبا مونيز Felipa Moniz المنتمية لعائلة أرستقراطية مرتبطة بأسرة براغانزا Braganza القوية و التي حكمت البرتغال ما بين 1640م و 1910م.

ديكسون يعتقد جازما أن كولمبس لم يكن إيطاليا, و لا برتغاليا, و لا فرنسيا , و لا قطلونيا, و إنما هو خليط أعراق ثقافية متوسطية متعددة ذو شجرة نسب معقدة. و هو يدعم النظرية القائلة بأن الأميرال ينحدر من منطقة بين سافونا (في إيطاليا) و موناكو (على الساحل الفرنسي), و كانت تتبع آنذاك لجمهورية جنوة. و هو بالتالي مواطن لجمهورية جنوة و ليس مواطنا إيطاليا أحادي الثقافة.

أحجية حياة كولمبس تتعقد أكثر حينما نعلم, حسب ما يورده ديكسون, أنه لم يكتب أبدا بالإيطالية للإيطاليين, و إنما كتب لهم بالقشتالية, مشيرا إلى أن علماءا للغة مثل الإسباني رامون منديث بيدال قد برهنوا على أن القشتالية لم تكن لغته الأم.

و في بحثه الأخير الذي يحمل عنوان "كولمبس: سر البصمة الوراثية و الأصول الغامضة للرمز الأول لأمريكا" دخل الباحث ديكسون مجال علم الوراثة لعله يجد فيه حل لغز نسب كولمبس. 

ديكسون تناول هذا البحث تحت إشراف خوثي أنطونيو لورنتي مدير مختبر التعريف الوراثي التابع لجامعة غرناطة جنوب إسبانيا, و قد درس فيه منذ عام 2003 مئات العينات الوراثية لمنحدرين مفترضين من نسل الأميرال يحملون لقب Colón, Colom, Colombo في كل من إسبانيا, فرنسا و إيطاليا.

و قد قارن الخبراء هذه العينات مع البصمة الوراثية لرفات كريستوف كولمبس و ابنه إرناندو و شقيقه دييغو و جميعهم مدفنون في إشبيلية الإسبانية.

و في مقال نُشر عام 2011 في مجلة European Journal of Human Genetics  استنتج الخبراء أن الحاملين للقب Colom القطلانيين ينتمون لعدد قليل من السلالات مقارنة للذين يحملون لقب Colombo الإيطاليين, ما يجعل مهمة تتبع مسارهم الجيني سهلا نوعا ما.

الباحث ديكسون تأسف لعدم كشف الخبراء معلومات عن الكرومسوم Y  الموجود في رفات ابنه إرناندو المحفوظة بشكل أجود من رفات والده و عمه. و اعتبر أنهم اختاروا التكتم عن الأمر لإخفاء عدم عثورهم عن أي تصادف جيني و ذلك خوفا من تقوية النظرية القائلة بأن هذه الأسماء هي مجرد مرادفات وُضعت لإخفاء أصل العائلة. 

الخبير الإسباني خوثي أنطونيو لورنتي ادعى في أكتوبر من عام 2017 بأن التقنيات لم تكن متطورة بالشكل الكافي آنذاك لتحديد نوع الكرومسوم Y لدى Colom القطلانيين و Colombo الإيطاليين, و عبر عن ثقته في قدرة فريقه على إتمام هذه الدراسة في عام 2018.

و بعيدا عن الجدالات اعترف ديكسون بضخامة مسؤولية الكشف عن لغز استمر لأكثر من 500 عام و أقر بأن هذا التحدي يتطلب عمل فريق متعدد التخصصات. و اختتم قائلا: "على الأقل, أعتقد أنني فتحت الباب لمركز اهتمام جديد".


صلة الرحم بالأندلس. عن مقال لوكالة إيفي الإسبانية للأنباء بعنوان Un exanalista de la CIA, tras el misterioso origen de Cristobal Colon (محلل سابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية, عاى أثر الأصل الغامض لكريستوف كولمبس"

سلسلة مواضيع عن حقيقة كريستوف كولمبس:

حقيقة كريستوف كولمبس. الجزء10: هذا هو كريستوف كولمبس.

حقيقة كريستوف كولمبس. الجزء11 و الاخير: كولمبس و بلدة كوبا البرتغالية.











الجمعة، 13 يوليو 2018

حول كتاب "الأندلس، حقائق وأساطير" للباحث الفرنسي جوزيف بريز

حول كتاب "الأندلس، حقائق وأساطير" للباحث الفرنسي جوزيف بريز


نقلا عن موقع "العربي الجديد", مقال "الأندلس: تحقيق حول أسطورة" للكاتب نجم الدين خلف الله. 

لا تزال الأندلس تسحر المؤرخين والمفكرين والأدباء وتبعث فيهم الحنين إلى حِقبة القرون الثمانية التي شهدت الحضور العربي-الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية من عام 711 إلى عام 1492.

ولا تزال تلك الفترة وما تلاها تثير أسئلة حارقة ليس فقط حول العوامل التي أدت إلى زوالها، بل والأسباب الداخلية التي أسهمت في ازدهارها المذهل، حين كانت سائر أوروبا ترزح تحت نير الظلامية والتعصب. ولذلك شاع حول الأندلس بالذات، أكثر من أية منطقة أخرى في العالم، كمٌّ هائل من التخيّلات، فامتزجت في تصورها الحقائقُ بالأساطير.


من هنا قرر المؤرخ الفرنسي، المتخصص في التاريخ الإسباني، جوزيف بيريز (1931) إنجاز ما يشبه الحفر الأركيولوجي لهذه المادة الضخمة التي تشكلت، على مر العصور، من الصور والتمثلات التي نسجها المخيال الغربي-المسيحي حول الأندلس وسقوطها، من أجل تعرية دوافعها الدينية والحزبية وحتى الطبقية. فأصدر مؤخراً كتاب "الأندلس، حقائق وأساطير" (منشورات تايلندييه، باريس).

وفي البدء، يجدر التنويه إلى أنَّ Andalousie الحالية، بحسب التقسيم الإقليمي الإسباني، لا تضم كامل المنطقة التي اصطَلَح العرب على تسميتها بالأندلس، فهذه أوسع وأشمل، إذ ضمت وقتها إسبانيا وجزءًا من البرتغال.

يتعلق موضوع الكتاب بتفكيك "العقدة الكبرى"، التي طالما أرقت الضمير المسيحي، وهي التناقض الصارخ بين مبادئ المحبة والسلام التي يدعو إليها وبين ضراوة محاكم التفتيش والجرائم التي ارتكبت ضد العرب المسلمين، قبل وبعد أن يُخرجوا من ديارهم ويُسلبوا أموالهم. وللتخفيف من شعور الذنب هذا، نشطت المسيحية الأيبيرية المنتصرة في ابتكار "حب المورسكية" maurophilie بما هي إحساس بالتعاطف والشفقة إزاء المسلمين المُضطهدين.

ثم رسّخت الأعمال الأدبية وملاحم القرون الوسطى هذه النزعة حتى جعلت من المعارك التي دارت بين الفريقين وقتها مجرد "مواقع فُروسية نبيلة"، كما بنت أسطورة العيش المشترك بين الديانات الثلاث التي تمازجت في بوتقة واحدة. وفكك الكتاب عقدة ثانية: تلك التي ظهرت في المرحلة اللاحقة، الأقل وردية، حيث شاعت صورة جهالة المورسكيين واعتبارهم سببًا في تخلف إسبانيا وتأخر ظهور الحداثة فيها.
ولذلك يعسر تصنيف الكتاب في خانة التأريخ السياسي، كأعمال سابقة لبيريز حول إسبانيا. كما أنه ليس بتأريخ ثقافي يرصد ظواهر الفكر ومنتجاته الذهنية، كما تعودنا في معظم الكتابات التي تناولت تاريخ الأندلس، بل هو أقرب إلى التحليل الإناسي لأهم الأساطير التي نُسجت حول هذه المنطقة وما عاشته من أحداث منذ وصول طارق بن زياد عام 711 حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية.

ويُذكر للمؤلف سعيه إلى تحقيق التوازن بين حقائق التاريخ ومنتجات الخيال التي تغذيها مخاوف الراهن ورغباته، فتؤثر في تأويل تلك الحقبة، مما يولد إما مَشاعر تحسُّر على "الفردوس المفقود"، أو بالعكس إحساسًا بكراهية الآخر المغاير، يُترجَم بخطابات مُعادية تنادي بتشويه فترة حكم المسلمين واعتبارها مجرد احتلال. ولئن تعوّد المؤرخون والمستشرقون التركيز على الفترة الكلاسيكية، فقد جهد صاحب "تاريخ إسبانيا" في ربط تلك الحقبة بأهم المتغيرات الآنية التي تسم إسبانيا اليوم مرورًا بما عرفته منذ القرن السادس عشر. فهي قراءة تمتد في الزمن وتغطي اثني عشر قرنًا، مع التركيز على القرون الوسطى.

وأما تبويب الكتاب فيبدو في ظاهره بسيطًا: مقدمة، عنونها بـ"من البوتيكا Bétique إلى الأندلس"، تطرق فيها المؤرخ الفرنسي إلى تحوّل هذه المنطقة من مقاطعةٍ ضمن الإمبراطورية الرومانية إلى ولاية أُموية طيلة العصر الوسيط، ثم مظاهر استعادة أوروبا لها ما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر. وبعدها، قسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء بحسب أسماء المناطق: تناول في القسم الأول الحياة في غرناطة، ثم في إشبيلية وختمه بقُرطبة. وخصص الخلاصة إلى دراسة وضع هذا الإقليم اليوم.

وفي كل جزء، يستعرض أهم الخصائص التي ميّزت هذه المدن التي شكّلت حواضر الأندلس واحتضنت ثقافته الزاهرة، فقد غدت غرناطة بمعمارها وحدائقها منشأً لنزعة رومانسية استشراقية، صبَّ فيها الغرب رغبته في ابتكار "شرقٍ سحري خلابٍ" ولكن ضمن حدود أوروبا. وأما روح إشبيلية فإلى الغرب أقرب، فمنها سيرَ إلى اكتشاف الأميركيتين وفي شوارعها نشأت ظواهر مثل الكوريدا وموسيقى الغَجر ورقصة الفلامنكو.

وخصص المؤلف فصل قرطبة إلى تحليل الإشكالية- الأم التي تتعلق بالثنائية الحادة: أسلمة إسبانيا أم أسْبَنَة الإسلام؟ ومفادها السؤال هل تأثر الإسلام بخصائص هذه المنطقة الثقافية والجغرافية، فنجم عن هذا التأثر ازدهار العلوم الصحيحة (مع ابن زَهْر مثلاً) والفلسفة (ابن رشد) والفقه المالكي والظاهري (القُرطبي وابن حزم)؟ أم إن الإسلام، رؤيةً للحياة، هو الذي طوَّع شبه الجزيرة لتعاليمه وشكّل حساسية أهلها وفق مبادئه؟ كما عاد بيريز، في هذا الفصل، إلى مساهمة حضارة الإسلام الأندلسي في نهضة أوروبا وإمدادها بجل النصوص الفلسفية والعلمية، تراثٍ تُرجم إلى اللاتينية، عبر العبرية أحيانا، فكان المنبع الأغزر لانطلاقة أوروبا الحديثة ونهضتها.

ومن بين الأساطير التي توقف عندها الكاتب، مُبينا سطحيتها وغلبة الأيديولوجية عليها، صورة التعايش المطلق بين المسلمين وغيرهم من الطوائف، كاليهود والنصارى، مما يقدم مثالاً لحياتنا المعاصرة. وهذا ما دفع بأنصار الكاثوليكية الفَرنكية (نسبة إلى الرئيس فرانكو 1882-1975) إلى اعتبار هذه المنطقة، تماما كما يعتبرها المسلمون، "الفردوسَ المفقود"، ناقدًا بذلك مغالطة تاريخية كبرى: تُسقط هواجس اليوم وهمومه على الماضي وهو منها براء.

وهكذا، يمكن عد هذا الكتاب تحولاً نوعيا في أسلوب الكتابة عن الأندلس، فقد شاعت في كتب المستشرقين والمستعربين الدراسات المعمقة حول العائلات الحاكمة، كمدونة المستشرق ليفي- بروفنسال (1894-1956) بعنوان "تاريخ إسبانيا المسلمة"(1950)، أو حول نصوص الأدب، شعرًا ونثرًا، التي صيغت بالأندلس ومنها كتاب هنري بيريز: "الشعر الأندلسي بالعربية الفصحى"(1939)، أو دراسة عفيف بن عبد السلام حول: "الحياة الأدبية في إسبانيا المسلمة في عصر ملوك الطوائف"، (2001).

وقد يُعلل هذا التحول النوعي بجهل المؤرخ بيريز باللغة العربية، على عكس جيل المستشرقين الأسبق، الأمر الذي جعل معرفته عن هذه الحقبة مقتصرة على الأبحاث المكتوبة باللغات الأجنبية، ولا صلة لها بتحقيق النصوص الأصلية. ونراه إذا احتاج إلى إضاءة مسألة حضارية تتصل بالإسلام، عاد إلى مراجع لا تتسم بمصداقية كبيرة مثل أعمال دومينيك أورفوا.

وهكذا، سعى الكاتب إلى إعادة تصوير التحولات العميقة التي طرأت على شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال) من نظام الخلافة الأموية إلى الممالك والجمهوريات الأوروبية، ومن الفلكلور إلى الحداثة، ناقدًا في ثنايا ذلك الفكرة التي يروج لها مؤرخو أوروبا الغربية والشمالية الذين جعلوا حقبة القرون الوسطى مرادفة للتخلف والتعصب.

ولعله من المفيد أن نستأنس بمثل هذا العمل، الذي صيغ لمساءلة الأساطير التي حيكت حول الأندلس في الغرب، في العودة إلى أساطيرنا العربية، وهي بلا شكٍ مجال للنظر خصيب، يمكن أن يفضي إلى نقد المنهج الذي نتداول به تاريخ الأندلس اليوم وأساليب مؤرخينا في صياغته، ومن أي الزوايا تناولوه. كما لدينا مادة ثرية في الأدب من أشعار أحمد شوقي إلى "ثلاثية غرناطة" لرضوى عاشور، وأبعد من ذلك أعمال سينمائية ودرامية مثل فيلم "المصير" ليوسف شاهين أو الثلاثية التلفزيونية التي أنجزها الكاتب وليد سيف والمخرج حاتم علي. وهي تستأهل أن يعاد إلى تفكيكها لتمييز ما تمازج فيها من حقائق العلم ونفحات الأساطير.

الأحد، 8 يوليو 2018

في أسباب تهاوي السد الألماني عام 1945 و السد العراقي عام 1990.

في أسباب تهاوي السد الألماني عام 1945 و السد العراقي عام 1990.

هشام زليم
صلة الرحم بالاندلس.
رئيس الوزراء البريطاني تشامبرلاين, و نظيره الفرنسي دلاديي إلى جانب هتلر و موسليني عام 1938.

في ثلاثينيات القرن الماضي, كانت الأنظمة الغربية ترى في نظام هتلر النازي سدا منيعا أمام تمدد الثورة السوفياتية الشيوعية إلى بلدانهم, فتسامحوا معه و أغمضوا أعينهم عن تجاوزاته في حق جيرانه النمساويين و التشيك و رفضوا التدخل في الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) لإنقاذ الجمهورية الشرعية التي حاربها و أسقطها فرانكو و حلفاؤه القوميون بدعم مباشر من نظام هتلر النازي الذي جعل من الأرض الإسبانية بؤرة تجارب لأسلحته الفتاكة التي ستروع أوربا بعد سنين قليلة من ترويع الإسبان. كانت الأنظمة الغربية, و خصوصا فرنسا, تخشى الاصطدام مع الألمان, و كانت تتقزز أيضا من فكرة الوقوف إلى جانب الجمهوريين الإسبان, أي في نفس صف الاتحاد السوفياتي الذي كان يدعم الشيوعيين الإسبان المدافعين عن الجمهورية و المحاربين للنازية الهتلرية و الفاشية الفرانكوية في إسبانيا.