مؤرخ إسباني :"الأندلس سقطت بسبب خشية حكامها للعدو الداخلي المحتمل أكثر من العدو الخارجي الحقيقي"
رسم تخيلي لهزيمة الجيش المغربي الموحدي في معركة العقاب بريشة الرسام فرانسيسكو دي باولا فان هالين |
ترجمة هشام زليم.
صلة الرحم بالأندلس.
هذا المقال هو ترجمة لمقال ورد في صحيفة الإسبانيول El Español الإسبانية. و هو قراءة في كتاب إسباني يََبْسِطُ أسباب التقهقر العسكري المزمن للأندلس من الفتح حتى هزيمة الموحدين في معركة العقاب.
عنوان المقال : لماذا اختفت الأندلس؟ الأسباب التي تُفسر هزيمة الجيوش المسلمة.
¿Por qué desapareció al-Ándalus? Las razones que explican la derrota de los ejércitos musulmanes
كاتب المقال: الصحفي الإسباني دافيد باريرا David Barreira بتاريخ 7 غشت 2021.
يكشفُ بحثٌ للمؤرخ جوسيب سونيي أرتسي Josep Suñé Arce أن الحكام الأندلسيين استنزفوا طاقاتهم العسكرية في الصراعات الداخلية أكثر من مزاولة بالجهاد.
كشفُ أسباب هذه النكسة العسكرية و ما ترتب عنها من زوال الحكم المسلم في شبه الجزيرة الإيبيرية, هو ما يحاول القيام به جوسيب سونيي أرتسي الحائز على الدكتوراه في التاريخ من جامعة برشلونة, في كتابه "الحرب, الجيش و الجباية في الأندلس من القرن الثامن إلى الثاني عشر ميلادي" Guerra, ejército y fiscalidad en al-Andalus (ss. VIII-XII) الصادر عن دار النشر Ergástula و هو نتاج تلخيص و مراجعة رسالته في الدكتوراه.
المؤرخ الإسباني جوسيب سونيي أرتسي |
هذا المؤرخ العضو في قسم الدراسات في الجمعية الإيبيرية للتاريخ العسكري ما بين القرنين الرابع و السادس عشر ميلادي, قام بتحليل 543 بعثة عسكرية تَواجَهَ فيها مسلمو شبه الجزيرة الإيبيرية ما بين 708م و 1172م مع القوط الغربيين, الفرنجة, مسيحيي شمال شبه الجزيرة الإيبيرية, مقاتلين مما وراء جبال البرانس و مع شعوب مسيحية أخرى في غرب الحوض المتوسطي.
بالنسبة للسيطرة على الأندلس, تنقسم هذه الفترة إلى تسعة عصور: عصر الولاة ما بين 708م و 756م, الإمارة الأموية ما بين 756 و 888م , الفتنة الأولى من 888 إلى 929م, الخلافة الأموية الأولى ما بين 929 و 976م, الخلافة الأموية الثانية ما بين 977 و 1008م, الفتنة الثانية ما بين 1009 و 1085م, عصر المرابطين من 1086م إلى 1146م ثم عصر إعادة التوحيد الموحدي ما بين 1147 إلى 1172م. و قد برهن سونيي Suñé على أن القوة الهجومية المُسلمة كانت أكبر من نظيرتها المسيحية إلى حدود العقود الأولى من القرن الحادي عشر, و كانت كل خسارة للأرض تتبعها حروب أهلية و دفع للجزية للعدو المُفترض لتجنب عمليات عسكرية, الشيء الذي كان يستنزف بشكل رهيب القوة العسكرية للأندلسيين.
كتاب "الحرب, الجيش و الجباية في الأندلس من القرن الثامن إلى الثاني عشر ميلادي" |
كما فنَّد سونيي واحدة من الخرافات الواسعة الانتشار و التي مفادها أن المسلمين لم يكونوا يهتمون كثيرا بمهن الأسلحة, و أنهم كانوا استراتيجيين سيئيين و أنهم بالإضافة لذلك كانوا جبناء. ففي الحقيقة تعود أسباب هزيمتهم إلى تظافر العديد من الظروف الشديدة التعقيد. و اعتبارا من النصف الثاني للقرن الثامن باتت الجيوش الأندلسية عاجزة عن وقف تمدد الحصون المسيحية. و ابتداءا من عام 1020م صارت قدرة هذه الأخيرة على تجميع القوات و إرسال السريات عالية للغاية. لقد كان تسليحهم متفوقا إلى حدود عام 1060م. لقد حقق المسيحيون حتى نهاية هذا القرن الفتوحات الكبرى مثل طليطلة (1085م), لشبونة (1093م) و بلنسية (1094م).
العدو الداخلي:
بمعنى آخر, التفوق المسيحي يكمن في قراره تخصيص نصيب مهم من مداخيله للتجنيد و تجهيز حَمَلَة السلاح. على العكس من ذلك, أنفق المسلمون جزءا كبيرا من مداخيلهم على القصور و على ساكنيها لإظهار القوة الاقتصادية للأمير أو الخليفة و بالتالي تجنب صدامات داخلية تُهدد سلطته السياسية. يفسر الكاتب هذا الأمر قائلا: " كان الاستثمار في الهدايا الثمينة, و القصور و الكنوز مفيدا لإبراز قوة السلطان و هيمنته, ما كان يُقلل خطر التعرض لتمردات مُسلحة كانت ستجبرهم على اقتسام السلطة السياسية مع زعماء آخرين, أو ما هو أسوأ من ذلك: فقدان حياتهم بكل بساطة".
و يضرب المؤرخ عدة أمثلة تصويرية لفهم هذا الأمر. حيث يقول سونيي: "خصص الأمويون, مثلا, 30 بالمئة من مداخيلهم للجيش و 60 بالمئة للخزينة العامة و تشييد المنشآت المعمارية, بينما كانت السلطات المسيحية في القرنين الحادي عشر و الثاني عشر تمنحُ لجنودها حتى 80 إلى 90 بالمئة من مداخيلهم. هذا يُفسِّرُ التفوق العسكري للمسيحيين مقارنة بالأندلسيين, و يُفسرُ في المقابل أيضا تخلفهم (يقصد المسيحيين) في كل الجوانب الأخرى تقريبا". هذا و يُقَدَّرُ أن ثروة الزعيم المنصور قاربت حوالي 54 مليون دينار ما سمَح له بالقيام ب 108 بعثة عسكرية و تجنيد 36 ألف جندي إضافي.
لكن, لماذا يحاول الزعماءُ المسلمون إصلاح هذه السياسة, و هم يعلمون أنها كانت تقود حتميا نحو وضعية ضعف عسكري مقارنةً بالممالك المسيحية التي قامت بجهود كبيرة لتحسين سلاح الفرسان؟ يجيب سونيي عن هذا التساؤل قائلا: "لقد كانت زيادة التمويل للجيش تعني إجبار (الحاكم) على خفض تمويل باقي المجالات و ما يترتب عن ذلك من فقدان للأنصار و خدش لهيبة الجلالة و الثروة, فينتهي به المطاف بالاعتماد كليا على قواته". بمعنى آخر, كانت هناك خشية من العدو الداخلي المُحتمَل أكثر من العدو الخارجي الحقيقي. و يختتمُ المؤرخ عمله الهام و الكاشف بهذه الخلاصة:
"يمكن الجزم بأنه اعتبارا من نهايات القرن التاسع ميلادي وجد الزعماء السياسيون للإسلام الأندلسي نفسهم في موقف يجبرهم على الاختيار بين خيارين متباينين: الحفاظ على السلطة الفردانية و الحصرية للسلطان مهما كلَّف الأمر أو زيادة نسبة الموارد المُخصَّصَة للجيش حتى يُعادل النسبة لدى المسيحيين و مواجهة خطر خلق توترات تهدد الانفراد Infirad و الاستبداد Istibdad بالسلطة (هذه المفردات العربية أوردها المؤرخ سونيي بنطقها العربي بحروف لاتينية). و يبدوا أن جميعهم, أو على الأقل أغلبهم, خضعوا للخيار الأول. بهذا الاختيار قبلوا بشكل غير مباشر بالفقدان التدريجي للهيمنة العسكرية في البداية, و بعدها بوضعية صَغارٍ عسكري مُزمن سببه تمويل غير كاف".
ترجمة صلة الرحم بالأندلس.
اتمن ان يكون مصيرهم جهنم وبيس المصير هم والحكام الحاليين
ردحذفاتق الله و لا تتمني العذاب لأحد مات مسلما.. يبدو أن الفكر الثوري يدخل بعض الناس مع الخوارج و هم لا يشعرون.!!
ردحذف