هوامش أندلسية (الحزء 1)
الأندلسُ امرأة حسناء و آية في الجمال...
ترتدي ثوبا غجريا مزركشا قشيبا...
تمشي في شوارع إسبانيا
و تحمل على ظهرها قرونا من الأمجاد و الآلام.
تبدو الأندلس كامرأة فقدت ذاكرتها
لا تعرف نفسها
لكن عندما رأيتها عرفتها...
عرفتها لما رأيتُ عقدها الفريد
و شامتها الحمراء الغرناطية
و شعرها المنساب انسياب الوادي الكبير...
عرفتها لما دخلت جامع قرطبة خلسة
في غفلة من حارسيها إيزابيلا و فرناندو
فصلت ركعتين ثم خرجت متنكرة في زي راهبة...
صادفتُ الأندلس في إشبيلية
و تحديدا أما الخيرالدة...
و التقت عيني بعينها
فرأيتُ ابن حزم و طوق الحمامة
رأيت ابن زيدون و ولادة
رأيت المعتمد و اعتماد
رأي ألف شيء و شيء
و لما عَرفت أني أعرف من تكون
أدارت الأندلس وجهها عني
و تيقنتُ أن حبيبتي الأندلس لم تفقد ذاكرتها.
هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس.
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
ردحذفما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد
عينان سوداوان في حجريهما
تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد
هل أنت إسبانية ؟ ساءلـتها
قالت: وفي غـرناطة ميلادي
غرناطة؟ وصحت قرون سبعة
في تينـك العينين.. بعد رقاد
وأمـية راياتـها مرفوعـة
وجيـادها موصـولة بجيـاد
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
لحفيـدة سـمراء من أحفادي
وجه دمشـقي رأيت خـلاله
أجفان بلقيس وجيـد سعـاد
ورأيت منـزلنا القديم وحجرة
كانـت بها أمي تمد وسـادي
واليـاسمينة رصعـت بنجومه
والبركـة الذهبيـة الإنشـاد
ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينه
في شعـرك المنساب ..نهر سواد
في وجهك العربي، في الثغر الذي
ما زال مختـزناً شمـوس بلادي
في طيب "جنات العريف" ومائه
في الفل، في الريحـان، في الكباد
سارت معي.. والشعر يلهث خلفها
كسنابـل تركـت بغيـر حصاد
يتألـق القـرط الطـويل بجيدها
مثـل الشموع بليلـة الميـلاد..
ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي
وورائي التاريـخ كـوم رمـاد
الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها
والزركشات على السقوف تنادي
قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا
فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي
أمجادها؟ ومسحت جرحاً نـازفا
ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي
يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت
أن الـذين عـنتـهم أجـدادي
عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها
رجلاً يسمـى "طـارق بن زياد"
...الشاعر...... .نزار قباني