تأكيدا لنسبه الإدريسي, جامعة مدريد تكشف نتائج تحليل جثمان القديس إسيدرو San Isidro سيد مدريد: له ملامح إفريقية.
 |
| بقايا رفات القديس إسيدرو و الصورة التقريبية المركبة له بعد الأبحاث |
بقلم هشام زليم.
مدونة صلة الرحم بالاندلس.
بعد 17 عاما من البحث في تاريخ المغرب و الأندلس, ما سأنشره في هذا المقال أعتبره أعظم كشف علمي يهم تاريخ الأندلس على الإطلاق.
هذا الكشف أعلنت عنه جامعة كومبلوتنسي في مدريد و هي كبرى الجامعات الإسبانية يوم 28 نونبر 2022 و تداولته كبريات الصحف الإسبانية باستغراب و صدمة و دهشة لأنه يغير بشكل جذري عدة مفاهيم بخصوص تاريخ الأندلس و إسبانيا. المثير أن هذا الخبر لم تتناوله و لم تتداوله أبدا صحافتنا و مواقعنا المغربية و لا الصحف و المواقع الناطقة بالعربية رغم أهميته القصوى و ارتباطه الوثيق بتاريخنا.
سيد مدريد سان إسيدرو "الإدريسي"
في البداية هذا الكشف العلمي الذي نشرته جامعة مدريد يخص القديس الإسباني و سيد مدريد القديس إسيدرو المُزارع San Isidro Labrador و هذا القديس الذي يعد سيد مدريد و المتوفى عام 1130م هو وفق الروايات الشفهية في المغرب و الأندلس لتاريخ الأندلس السري و المخفي هو شريف إدريسي مسلم من نسل أدارسة المغرب تحولت ذكراه في مدريد مع مرور القرون إلى قديس مسيحي يتبرك الملوك الإسبان حتى عهد قريب بزيارة ضريحه و التبرك ببقايا ملابسه, و تتسابق المدن الأوربية و الأمريكية على اعتباره وليا لها و سيدا عليها.
شاهدوا هذا الفيديو أدناه للباحث الإسباني الأندلسي و ابن قرطبة أنطونيو مانويل رودرغيث راموس العارف بتاريخ الأندلس السري و المخفي و هو يتحدث عن القديس إزيدرو أو الإدريسي (ابتداءا من الدقيقة الثانية):
لقد أتى كشف جامعة مدريد ليؤكد و يعزز هذه النظرية. نظرية أن سان إزيدرو قديس مدريد اليوم هو شريف إدريسي.
تعريف بالقديس سان إسيدرو
نعم فهذا الكشف يهم سيد مدريد القديس المسيحي إسيدرو المُزارع San Isidro Labrador المزداد, حسب الروايات الرسمية التي لن تتوافق مع النتائج العلمية كما سنرى, بمجريط المسلمة (مدريد الحالية) حوالي عام 1070م و كانت مجريط تابعة آنذاك لإمارة طليطلة المسلمة إحدى مممالك الطوائف و المتوفى في نفس المدينة عام 1130م و قد صارت مدريد حينها تابعة للعرش القشتالي المسيحي.
وطبعا كقديس مسيحي كاثوليكي كانت و لازالت الذاكرة الشعبية الإسبانية و الأدب الديني و الأساطير المحلية و رسومات الرسامين في الكنائس و المتاحف تصوره كرجل أبيض البشرة أشقر الشعر و كامل الأوصاف أي موافق للصورة النمطية للقديسين في المتخيل الشعبي المسيحي و الأوربي.
و هذه أمثلة للصور أدناه:
لكن جامعة مدريد دحضت ذلك كله لما أعلنت أصل القديس إسيدرو من خلال أدلة علمية وفق التقنيات الحديثة .
ما الذي كشفته جامعة مدريد يوم 28 نونبر 2022؟
أهم ما استنتجته دراسة جامعة مدريد و التي سنذكر تفاصيلها بعد قليل هي أن القديس إزيدرو لم يكن لا أشقر الشعر و لا أبيض البشرة و لا أوربي الملامح و إنما كان ذو ملامح أفريقية أقرب لسكان شمال إفريقيا. و هذه الصورة التقريبية التي ركبها فريق البحث الإسباني للقديس.
 |
| صورة تركيبية للقديس إسيدرو |
نعم, ففي يوم الإثنين 28 نونبر 2022, قامت كلية الطب في جامعة كومبلوتنسي Universidad Complutense في مدريد و أسقفية مدريد بتقديم نتائج إعادة تركيب وجه القديس إسيدرو بواسطة التكنولوجيا المعلوماتية اعتمادا على تحليل رفاته المحنط و المحفوظ في دير سان إسيدرو في مدريد وفق آخر الطرق العلمية من إشعاعات و غيرها.
النتائج الأنتروبومترية التي نشرتها الدراسة تشير إلى أنه رجل ذو ملامح شمال إفريقية, طوله بين متر و 67 سم و متر و 86 سم, و قد و توفي بسبب عدوى فموية و عمره حين وفاته بين 35 و 45 عاما.
يُشار إلى أنه بتاريخ 21 نونبر 2021, بعث رئيس أساقفة مدريد طلبا بدراسة رفات القديس إسيدرو إلى مجمع شؤون القديسين في روما حيث رأس الكنيسة الكاثوليكية و قد حصل على الموافقة بتاريخ 23 نونبر 2021.
معلومات مثيرة و غريبة عن القديس إسيدرو سيد مدريد
هذه بعض المعلومات المثيرة و الغريبة في السير الرسمية المنتشرة عن القديس إسيدرو تثير الشكوك حول هويته و أصله, و سنعمل في فيديوهات مقبلة على تعميق البحث في هذه المعلومات للخروج بنتائج منطقية. و الآن سنكتفي بذكر سبع معلومات مثيرة عنه حسب الروايات الذائعة عنه اليوم:
* كان إسيدرو مُستَعرَبا Mozarabe أي مسيحيا من السكان الأصليين للأندلس و كان يعملُ مزارعا في مجريط و أحوازها لدى مُلاك الأراضي الأثرياء مثل خوان دي بركاش Juan de Vargas و فرانسيثكو فيرا Francisco Vera.
* سان إسيدرو هو أول قديس من عامة الناس, متزوج , و له ابن, ينال صفة القداسة من طرف الكنيسة الكاثوليكية في روما يوم 12 مارس 1622. و معلوم أنه من المستحب في القديسين المسيحيين أن ينبذوا الزواج و الإنجاب و ينقطعوا للعبادة و الدعوة. و هذا ما يدفع للاعتقادا أن سان إسيدرو هو في الأصل مسلم تبناه المسيحيون الإسبان و أجبروا روما على تقديسه رغم شيوع زواجه و إنجابه في سيرته الرسمية.
* في عام 1960 أعلنه البابا يوحنا الثالث و العشرون من خلال مرسوم بابوي كقديسٍ سيدٍ للفلاحين الإسبان Santo Patrón de los Agricultores Españoles.
* كان إسيدرو المُزارع قديسا زُهريا Zahori في اللغة الإسبانية, و هي كلمة دخلتها من اللغة العربية, أي دليلا للمياه الجوفية Pocero, و صاحب معجزات taumatúrgico و مُستدِرّاً (مُنزلا) للمطر. كان إزيدرو رجلا بسيطا و مُحسنا للفقراء و قد بدأ أهل مدريد في تعظيمه 40 عاما بعد وفاته أي حوالي عام 1210 م.و في القرن 15, كان يُحمَلُ رفاته
* تُعرفُ بعض التفاصيل عن حياة القديس إسيدرو و هي مُستقاة من أمداح وردت في سِفرٍ عُثرَ عليه في كنيسة القديس أندرِس Iglesia de San Andrés في مدريد سنة 1504, و يُعرفُ بسِفر القديس إسيدرو Códice de San Isidro و كُتِب في أواخر القرن الثاني عشر ميلادي و ورد اسمه فيها هكذا Ysidorus Agricola. جاء في هذه الوثيقة أنه كان متزوجا و له ابن واحد و تُشيرُ إلى خمس معجزات له فقط, أما البقية فقد أُضيفت فيما بعد عن طريق التراث الشفهي خلال مسار التطويب Beatificacion من طرف كُتاب سير القديسين. حتى قبل إعلانه قديسا, كان المدريديون يخصصونه بالتبجيل منذ القرن الثاني عشر ميلادي و ازداد هذا التبجيل مع مرور القرون. و هذا ما دفع السلطات الكنسية و البلدية و أرستقراطية مدريد و العرش الملكي الإسباني لتزعم مسار تقديسه في القرن السادس عشر.
* تصفه السجلات التي تروي سيرة شبابه بصفات تمزج نماذج القداسة الإسلامية والمسيحية من خلال تبنيه أنماط عيش كانت سائدة في مدريد خلال القرن الثاني عشر ميلادي. كما يبرز في معجزاته الطابع التوفيقي والتصالحي بين الديانتين الحاضرتين آنذاك: المسيحية (الرسمية) والمسلمة.
* أغلب مدن إسبانيا اليوم تعتبر القديس إسيدرو سيدا لها, و نفس الشيء في أمريكا الجنوبية بحكم الإرث الاستعماري. لكن هناك مناطق فرنسية أيضا تحتفي بالقديس إسيدرو و تعتبره سيدا لها. و هذه نقطة سنتفرغ لها بالبحث قريبا إن شاء الله.
بشكل كاريكاتيري, لقد اكتشف الإسبان و المغاربة أن سيد مدريد اليوم و الذي يقدسه الإسبان هو أشبه بأشرف حكيمي منه إلى سيرجيو راموس. و هذا يعني الكثير, بكل تأكيد الكثير.
نكتفي بهذا القدر عن القديس إسيدرو أو الإدريسي و سننشر في مقالات قادمة معلومات و أبحاثا أخرى عن سيرته الغريبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق