في 20 أغسطس 2009 الساعة: 11:25 ص
العثور على قطعة أثرية في إسبانيا تبين أن المسلمين وصلوا للأندلس قبل طريف بن مالك و طارق بن زياد.
هشام زليم.
صلة الرحم بالأندلس.
أحيانا, لمّا
نعتقد أننا نحيط علما بكل شيء, لمّا نظن أن التاريخ الذي كتبناه قد أًُسِّس على
دراسات و قواعد علمية لا تقبل الجدل, لمّا نحتقر أطروحات و نظريات أولئك
الذين ينتقدون التاريخ الذي شكلناه لتبرير أحكام مسبقة و الدفاع عن
مصالحنا…حينها تقع أحداث مثيرة تُنير رمادية وجودنا لتتيح لنا التعرف على
معالم حقيقة أخرى ستدفعنا لمراجعة تاريخنا, حقائقنا المطلقة, عقائدنا و
أحكامنا المسبقة, لتأخذ بيدنا نحو التعرف على حقيقة غير مبنية على المصالح
السياسية لأي طرف و غير مضطرة للاستنجاد بعقائد و أساطير لتبرير أدلتها.
وقع أحد هذه
”الأحداث المثيرة” خلال الأعمال الحفرية بناحية شاطبة البلنسية. يتعلق
الأمر بالاكتشاف الأركيولوجي في شاطبة في يونيو 2004. فقد ظهرت خلال
الأعمال الحفرية نقود تعود للعهد الروماني و تحديدا القرن الأول الميلادي,
إضافة ل 170 قبرا تعود للفترة الإسلامية و شاهد قبوري من الرخام محفوظ
بعناية تامة, طوله 70 سم و ارتفاعه 40 سم و سمكه 15 سم, بوزن يقارب 60
كيلوغراما, و عليه كتابات بالعربية تشير لاسم المتوفى, سنة وفاته, آيات
قرآنية بخط كوفي. و هذا نص ما نُقش على الشاهد:
”بسم
الله الرحمان الرحيم. يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة
الدنيا و لا يغرنكم بالله الغرور. هذا قبر أحمد بن فهر(نهر؟) رحمه الله.
كان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله
أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون. يوم و
عشرون من الجمادى الأولى من السنة سبعة و عشرون."
نستطيع من خلال الشاهد و النص استنتاج الأحداث التالية:
1-النص نُقِش بعربية فصحى.
2-الخط نُقِش بطراز كوفي.
3-الآيات القرآنية صحيحة.
4-تاريخ الوفاة حُدِّد في سنة 648م, الموافق لسنة 27 هجرية, أي 16 سنة على وفاة النبي محمد.
5-سواء الحجر أو طريقة نقش الشاهد تعود للفترة الرومانية المتأخرة.
6-تمّ العثور عليه شرق شبه الجزيرة.
من خلال ما
سبق, نستطيع استنتاج أن من قام بالنقش هو حرفي محلي, متمكن من اللغة
العربية و من القرآن. لكن تاريخ الوفاة مؤرخة بسنة 648م, أي بعد مرور 16سنة
فقط على وفاة النبي, مما يدفعنا للتفكير بأن
سنوات عديدة قبل هذا التاريخ وصل لشرق الجزيرة الأيبيرية بعض المسلمين
المعاصرين للنبي داعين للدين الجديد, مؤسسين جماعات
إسلامية صغيرة علّموا فيها اللغة العربية و القرآن لسكان تلك المنطقة. فيما
يخص خصائص الشاهد, يبدو أن المتوفى كان ذو مكانة رفيعة, ربّما هو معلم هذه
الجماعة الإسلامية الصغيرة و جاء قبل سنوات من الجزيرة العربية.
ما جاء هذا
الاكتشاف ليؤكده و ينفض عنه غبار الشك, هو وجود جماعات إسلامية شرق شبه
الجزيرة قبل سنة 711م, وقد استشعر ذلك المؤرخ إيغناثيو أولاكوي Ignacio olague في مؤلفه ‘’La revolucion Islamica en occidente’’ (الثورة الإسلامية في الغرب) مبرزا قدرة كبيرة على التحليل:
”نعلم
من خلال تطور الأفكار التي نحوز معلومة أكيدة عنها, أن التوجه الأريوسي
تطور نحو التوجه المسلم. أمام مشكلة خطيرة كغياب توثيق للقرن الثامن, يبقى
الاستنتاج صحيحا: لأننا نتوفر على نقطتين لهما نفس منحى التطور و نعلم
يقينا أن الإسلام ينحدر, جينيا, من النصرانية الآريوسية. بالتالي وجب
افتراض أن دخول أول القرآنيين تمّ منذ زمن, لكن ليس في جميع مناطق شبه
الجزيرة, لأن الجغرافيا أعطت الامتياز لجهة دون أخرى. ليس من العبث افتراض
أن أولى الاتصالات حصلت على ضفاف البحر المتوسط حتى قبل القرن 8. فانتشار
الإسلام لم يُفرض عبر الجيوش الأجنبية, لكنه ساد عبر فكر قوي. لقد انسل ثمّ
ازدهر بفعل نفس الحيوية التي حكمت و تحكم اليوم انتشار حركات مشابهة. لقد
دافعت الفكرة عن نفسها, في وسط ملائم, عبر وسائل مجهولة و في كثير من
الأحيان غامضة.
لا
نعلم شيئا عن انتشار النصرانية بالجزيرة الأيبيرية خلال القرون الأولى,
فقد برزت فجأة في القرن الرابع و كأنها نجمت عن انفجار؛ نفس الشيء حدث مع
انتشار الإسلام. أمام غياب النصوص اللاتينية و العربية خلال قرن و نصف, أقل
ما نستطيع استنتاجه أن الدعوة إليه تمت في وسط ملائم عبر دعاة غامضين لم
يتركوا لهذه الحركة الدعوية ملامح تُذكر.
من
جهة أخرى نحن متأكدون, من خلال ملاحظة ظواهر مشابهة حدثت في مجرى التاريخ,
أن هذه الدعوة المجهولة استخفت عن أعين المعاصرين تحت ستار خلط عارم. اليوم, حيث التعليم و سهولة الاتصالات – و بالتالي سهولة تبادل الأفكار-
أصبحت أذهان الناس أكثر استعدادا للمرونة, رغم ذلك تطلب التمييز بين أصحاب
المذاهب المختلفة وقتا حتى يستوعب الشارع الفوارق بينهم. لقد عرفنا في فترة
شبابنا أشخاصا انتُخبوا لثقافتهم و حمولتهم العلمية و لكنهم كانوا يخلطون
بين اللاسلطويين (الأناركيين) و مناصري الحركة العمالية الدولية (الثانية العالمية) و
مناصري الحركة الشيوعية العالمية (الثالثة العالمية), فما بالك بالقرن
التاسع حيث الناس, بمن فيهم الأكثر ثقافة, كانوا يتوفرون على وسائل معلوماتية
شحيحة !!
كان يلزمهم مصباح شديد الإضاءة و عين ثاقبة للتمييز خلال تلك الفترة بين
الآريوسي, الشبه مسلم و المسلم الحقيقي. خاصة إذا علمنا أنه طيلة أعوام شكل
هؤلاء أقلية صغيرة.”...
علي مونثانو.
رابط للمقال: http://identidadandaluza.wordpress.com/2009/08/04/musulmanes-en-la-peninsula-antes-del-711/
صلة الرحم بالأندلس..
كان هذا جزءا من مقال علي مونثانو. و نقدم فيما يلي نصا تاريخيا لأحد أهم مؤرخي المغرب و الأندلس يؤكد أن ما جاء في شاهد شاطبة حقيقة
تاريخية و ليس وهما و لا خطأً في كتابة التاريخ على الشاهد, و أنه بالفعل كان هناك
مسلمون في الأندلس في عام 27 هجرية (648 م), أي قبل أكثر من 60 سنة على وصول طريف
و طارق.
بداية, تقعُ شاطبة Xativa,
التي عُثِرَ فيها على الشاهد, شرق الأندلس, و هي توجد على مقربة من الساحل
المتوسطي في أقرب نقطة أندلسية من ساحل إفريقية (تونس) في شمال
إفريقيا.
حسب الشاهد, تُوفي هذا الشخص المدعو فِهر (نهر؟) يوم 27 هجرية (648 ميلادي) أي
في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان (تولى الخلافة من 23 ه إلى 35
ه).
في الجزء المخصص لتاريخ الأندلس في كتابه "البيان المُغرب في أخبار
المَغرب" (كتبه حوالي سنة 1312م) , بدأ المؤرخ ابن عذاري المراكشي بذكر أول
من دخل الأندلس من المسلمين, فقال:
"
فأما دخول المسلمين إليها فذُكر فيه أربعة أقوال: أحدهما, أن الأندلس دخلها
عبد الله بن نافع بن عبد القيس و عبد الله ابن الحصين الفِهريّان من
جهة البحر في زمن عثمان (رضه). قال الطبري: أتوها من برِّها و بحرها
ففتحها الله تعالى على المسلمين هي و إفرنجة, و ازداد في سلطان المسلمين مثل
إفريقية. و
لم يزل أمر الأندلس بإفريقية حتى كان زمن هشام بن عبد الملك فمنع
البربر أرضهم, و بقي من في الأندلس على حالهم؛ هذا نَصُّهم,و
أن ذلك كان سنة 27 من الهجرة الكريمة.
و
ثانيها, أن موسى بن نُصير افتتحها عام 91؛ هذا قول الطبري أيضا, فيظهر منه أنه جاز
بنفسه و تولّىَ هذه الغزوة و الفتح.
و
ثالثها, أن طريفاً دخلها و فتحها في عام 91.
و
رابعها, أن طارقاً أول من دخلها سنة 91, و دخل موسى بعده سنة 92. فهذا الخلاف واقع
في هؤلاء الأربعة مواضع. قيل أن أول من دخلها الفهريَّان, ثم ابن نصير, ثم
طريف, ثم طارق. فظهر من هذا أن الفهريين أثرا فيها في زمن عثمان (رضه) و غنما من
جهة البحر, و طريفاً دخلها سنة 91 مُغيرا و
مُخربا, و نُسِبَ فعلُهُ إلى موسى بن نصير نسبةَ فعلِ المأمور إلى الآمر, فصدق
عليه إضافته لموسى, فيكون قول الطبري صادقاً, و صدق عليه أيضاً قول الرازي بأخرى و
أولى؛ و طارق دخلها دخول المستفتح لها المكافح سنة 92." (1)
إذا قابلنا الشاهد الشاطبي بما ذكره ابن عذاري المراكشي, نستنتج أنه بالفعل في
عهد عثمان بن عفان, و تحديدا عام 27 هجرية, كان هناك مسلمون في الأندلس, و قد
وصلوها من إفريقية (تونس) عبر البحر, و منطقيا نزلوا في أقرب منطقة أندلسية للساحل
الأفريقي و هي المنطقة الشرقية التي تقع بها شاطبة. كما أن الشاهد يتحدث عن شخص
توفي و دُفن هناك اسمُه "فهر", و هو نفس الإسم الذي ذكره العلامة ابن
عذاري المراكشي في كتابه عند حديثه عن أول الواصلين للأندلس.
الهوامش:
(1) ابن عذاري المراكشي. "البيان المُغربُ في أخبار المَغرب. الجزء الثاني, أخبار الأندلس " مكتبة صادر, بيروت. ص: 5-6.
صلة الرحم بالأندلس..
أخي الكريم ممكن رابط المقال باللغة الاسبانية لو تكرتم الرابط المرفق غير متوفر و شكرا
ردحذفأزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفجميل ما تكتبون
ردحذفلم يقم المشرفون بحفظ صور عن الموقع الأصلي لأنه تمت إزالته
ردحذفما الفائدة أن نثبت أن المسلمين وصلوا إلى الأندلس قبل طارق بن زياد،و ذلك بوجود قبور ونقود قديمة وهي ليست اثباتات دامغة سوى أنها ترمي إلى التشكيك في تاريخ اسلام هذا البلد وعلماء الآثار لهم باع في ذلك فمرة يجدون قديما أو كتابة أو قبر،رجاءاالتريث قبل النشر.
ردحذف