الاثنين، 2 يناير 2023

عتيق بن زكريا بن مَوْل التُّجيبي دفين فاس: الأندلسي الذي فر بحبيبته المسيحية إلى بلاد المسلمين

عتيق بن زكريا بن مَوْل التُّجيبي دفين فاس: الأندلسي الذي فر بحبيبته المسيحية إلى بلاد المسلمين (الشخصية 1 من سلسلة أندلسيون دفنوا في المغرب من كتاب الإحاطة لابن الخطيب).


بقلم هشام زليم

صلة الرحم بالأندلس.

هذه سلسلة من سِيَر شخصيات أندلسية مرموقة تُوفيت و دُفنت في المغرب انتقيناها من تراجم الوزير و الأديب و المؤرخ الغرناطي لسان الدين بن الخطيب الأندلسي (ولد في لوشة 1313م - توفي في فاس 1374م) في تأليفه الموسوعي "الإحاطة في أخبار غرناطة" و الذي يُعدُّ من أمهات كتب التاريخ و الأدب و التراجم في العصر الأندلسي المتأخر.

و قد عملنا في نقلنا لهذه السيَر من كتاب "الإحاطة" على إضافة تعاليق في الهوامش لشرح بعض المفردات أو بسط بعض الأحداث أو إيراد الاسم الإسباني الحالي لمدينة أو بلدة أو شخصية ورد ذكرها. و أضفنا بجانب هذه التعليقات عبارة (ه.ز) للإشارة لمصدر التعليق.

كما حافظنا على التعاليق الأصلية لمحققي الكتاب و التي رأيناها مفيدة و أضفنا بجانبها عبارة (تحقيق الكتاب).

رابط التواصل مع صاحب مدونة صلة الرحم بالأندلس و قناة معلومات مغربية أندلسية

رابط حساب بايبال Paypal لدعم مدونة صلة الرحم بالأندلس.



الشخصية 1 من سلسلة أندلسيون دفنوا في المغرب من كتاب الإحاطة لابن الخطيب.

عتيق بن زكريا بن مَوْل التُّجِيبي (1)

قرطبي الأصل. صَنَّفه ابن الخطيب في "الإحاطة" ضمن الأعيان و الوزراء و الأماثل و الكبراء باعتباره من أصهار سلاطين غرناطة من بني نصر.  توفي بمدينة فاس في المغرب يوم رابع محرم عام 730 هجري موافق ل27 أكتوبر 1329 ميلادي.

ترجمته في "الإحاطة" لابن الخطيب (المرجع أسفل المقال): 

قرطبي الأصل، يمتُّ إلى الإمارة النَّصرية بقُربى صِهر، يكنى أبا بكر.

حاله: كان شهماً جريًّا مِقداما، جَهْوريا، ذا أنَفة وشارة، مليح التجنُّد، ظاهر الرُّجُولية، معروف الحق، نبيه الولاية، فصيح اللسان، مطبوعا، ذكيّا، مُؤْثِرا للفكاهة، وُلِّي القيادة بمدينة وادي آش (2) عَقِب الرئيس المنتزي بها (3)، ثم عُزل عنها بسعاية رُفعت فيه إلى ذي الوزارتين أبي عبد الله ابن الحكيم، فساءَ ما بينهما لذلك، وأعمل عليه التدبير بمداخلة الأمير نصر (4)، وإغرائه بالأمر، فتمّ له التَّوثُّب على ملك أخيه (5)، وخَلعه يوم عيد الفطر من عام ثمانية وسبعمائة. وقُتل الوزير ابن الحكيم بين يديه، وانتُهبت منازله، واستقلّ بعد بالتدبير والوزارة، وحَصَل من صنائع الحائن، ومتوقِّعي الضغط، على مال عريض، وقام بوظيف الوزارة محذور الشبا، مرهوب المُدية، مَسْنُوَّ الفتكة، فلم يَنشَب أن عُيِّن للرسالة إلى باب السلطان ملك المغرب، وسُدَّ باب الإياب لوجهته، وأقام بالعُدوة تحت الحُظوة، مشارا إليه في وجوه الدولة، وزير المُداخلة والرُّتبة. وقد كان في ريان حداثته لحق بطاغية الرُّوم، وركب في جُملته، وعَلِقته جارية من بنات زعماء الروم، لفضل جماله، وزَين شبيبته، ففرّ بها تحت حماية سيفه، ولحق ببلاد المسلمين، وكانت من أهل الأصالة والجمال، فاتصل بمحلة أمير المسلمين أبي يوسف بن عبد الحق (6)، وقد جاز إلى الأندلس غازيا، فاستُخلصت منه لِمَزِيَّة الحُسن، واستقرّت بقصر السلطان حظيَّةً لطيفةَ المحل، وجدّ أثر رِفدها وانتفع، هو وبنوه بعائد جاهها، وقد هلك السلطان.

وقامت لمن خلفه مقام الأُمومة، فنالوا بها دنيا عريضة، وباشر بالمغرب أهوالاً، وخاض في فِتَن إلى أن أسنَّ، وقيّدته الكَبْرة، واستولت على بَصَره الزمانة. ولما وُلّي الوزارة ولدُه على عهد سادس الأُمراء من بني نصر (7) ؛ استقدمه في ربيع الثاني من عام تسعة وعشرين وسبعمائة، فقدم شيخا قد اسَتثنى أديمه واحقَوقب، ومسحة الظَّرف واللوذعية تتعلق منه بطَلَلٍ بائد. ثم اقتضى تقلُّص ظل الولاية عن ولده انصراف جميعهم إلى العُدْوة، فكان ذلك في رجب أو أول شعبان من العام، وبها هلك.

وفاته: توفي بمدينة فاس رابع محرم عام ثلاثين وسبعمائة. وكان كثيرا ما يتمثل بقول الشاعر: [الطويل]

نصحتُ   فلم   أفلحْ  و خانوا فأفلحوا ... فأنزَلني   نُصحي   بدار  هوانِ

فإن عشتُ لم أنصح وإن متُّ فالعنوا ... دون النصح من بعدي بكل لسانِ

أخبرني بذلك شيخنا أبو الحسن بن الجياب وغيره.



الهوامش:

(1) (محقق الكتاب) ورد اسمه في اللمحة البدرية (ص 70 - 71) هكذا: "الوزير القائد أبو بكر عتيق بن محمد بن المَول, الشَّهم النَّجد, و بيت بني المَوْل بقرطبة بيت أصالة" (من كتاب اللمحة البدرية في الدولة النصرية. تأليف لسان الدين بن الخطيب).

(2) (ه.ز) وادي آش Guadix. بلدة تقع على بعد 53 كيلومترا شمال شرق غرناطة.

(3) (ه.ز) يُقصدُ بالرئيس: أبو إسحاق بن أشقيلولة. و بنو أشقيلولة هؤلاء هم أصهار بني نصر و قد نازعوهم  حكم مملكة غرناطة. 

(4) (ه.ز) أبو الجيوش نصر بن محمد (ولد 1287م - توفي 1322 م) هو أبو الجيوش نصر بن محمد الفقيه بن محمد الغالب بالله بن يوسف بن محمد بن احمد بن نصر. من بني نصر أو بني الأحمر، حكم مملكة غرناطة في الأندلس بين عامي (1309م - 1314م) بعدما اعتقل أخيه السلطان أبي عبد الله محمد الثالث عام 708 هـ (1309م).

(5) (ه.ز) أبو عبد الله محمد الثالث أو محمد المخلوع (ولد 1257م - توفي 1314م) هو أبو عبد الله محمد بن محمد الفقيه بن محمد الغالب بالله بن يوسف بن محمد بن أحمد بن نصر. من بني نصر أو بني الأحمر المنحدرة. حكم مملكة غرناطة في الأندلس بين عامي (1302م - 1309م) و قد انقلب عليه أخوه نصر أبو الجيوش فخلعه.

(6) (ه.ز) سلطان المغرب أبو يوسف يعقوب المنصور المريني (ولد في فاس عام 1212م - توفي في الجزيرة الخضراء عام 1286م) و حكم المغرب من قاعدته في فاس من عام 1269م إلى وفاته عام 1286م. و قد كانت له صولات و جولات في بلاد الأندلس و قد توفي غازيا في الجزيرة الخضراء (الخزيرات) في جنوب إسبانيا.

(7) (محقق الكتاب) سادس سلاطين بني نصر هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل, حكم غرناطة من سنة 725 ه (1325م) إلى سنة 733ه (1333م).

المرجع:

"الإحاطة في أخبار غرناطة" تأليف لسان الدين ابن الخطيب؛ محمد بن عبد الله بن سعيد السلماني اللوشي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله، الشهير بلسان الدين ابن الخطيب. الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت. المحقق: يوسف علي طويل. الصفحة 46-47 المجلد الرابع.