الأحد، 15 يناير 2017

السياسي الإسباني الكوندي دي رومانونيس


السياسي الإسباني الكوندي دي رومانونيس

هشام زليم.
مدونة صلة الرحم بالأندلس. 
الكوندي دي رومانونس

ألفارو دي فيغروا توريس Alvaro de Figueroa Torres المعروف أكثر بلقبه كوندي دي رومانونيس Conde de Romanones و اختصارا ب رومانونيس (مدريد, 9 غشت 1863- مدريد 11 شتنبر 1950) هو سياسي إسباني ترأس مجلس الشيوخ و مجلس النواب و تولى عدة مناصب وزارية و ترأس الحكومة الإسبانية 3 مرات في عهد الملك فيلبي الثالث عشر. كان أحد أعضاء الحزب الليبرالي الإسباني الذي أسسه براخدس ماتيو ساكاستا. منحه الملك في عام 1893 لقب الكوندي الأول لرومانونيس.



أصوله

هو الابن الثاني لإغناسيو فيغروا مندييثا و آنا دي توريس رومو, و كلاهما ماركيزا فياميخور. تنتمي عائلته إلى الطبقة الثرية حيث كانت تمتلك عقارات كثيرة في وادي الحجارة Guadalajara و مناجم في منطقة مورسية. في سن التاسعة, تسببت له حادثة سقوط من عربة بعاهة مستديمة في رجله. هذه العاهة التي جعلته أعرجا, خلَّدها رسامو الكاريكاتير الذين تناولوا الكوندي رومانونيس في رسوماتهم.

رسم كاريكاتيري للكوندي

درس الكوندي القانون في جامعة مدريد عام 1884, و تحصل من جامعة بولونيا على الدكتوراه في القانون السياسي, و بعد تخرجه فضل مزاولة السياسة و التجارة على امتهان المحاماة.

البدايات في الحياة السياسية

بدأ مشواره السياسي بدعم من صهره السياسي و المستشار القانوني الشهير ألونثو مارتنيث حيث شغل منصب نائب عن وادي الحجارة في البرلمان في عهد وصاية الملكة كرستينا, و بقي نائبا عن هذه المقاطعة من عام 1888 إلى عام 1936 دون انقطاع. شغل منصب مستشار في بلدية مدريد قبل أن يتولى بين 1894 و 1895 منصب عمدة العاصمة يوم 15 مارس 1894 خلفا لسانتياغو دي أنغولو. ارتبط مشواره السياسي من البداية بالحزب الليبرالي الذي أسسه براخيدس ماتيو ساغاستا, و تدرج في الحزب إلى أن أصبح واحدا من زعمائه.


مشواره في الحكومة

ما بين مارس 1901 و دجنبر 1902 تولى الكوندي رومانونيس وزارة التعليم العمومي و الفنون الجميلة و أدخل خلال ولايته مصاريف رواتب المعلمين في ميزانية الدولة.

كما تولى الكوندي عدة مناصب وزارية في الحكومات الليبرالية المتعاقبة بين 1905 و 1906, حيث عُيِّنَ وزيرا للفلاحة و الصناعة و التجارة و الأشغال العمومية, ثم وزيرا للداخلية.

ساهم الكوندي رومانونيس في صعود خوثي كاناليخاس لرئاسة الحزب الليبرالي, و كمكافأة له عينه هذا الأخير وزيرا للتعليم العمومي عام 1909. و في عام 1912 تم تعيينه رئيسا لمجلس النواب.

بعد اغتيال خوثي كاناليخاس و سقوط حكومة مانويل غارسيا برييتو, أصبح كوندي دي رومانونيس الزعيم الأوحد لفصيل مهم داخل الحزب الليبرالي, هكذا تولى رئاسة الوزراء ما بين 1912 و 1913. خلال هذه الولاية تفاوض الكوندي مع فرنسا حول معاهدة الحماية على المغرب, مدفوعا بتقارب إيديولوجي و مصالح اقتصادية في الريف شمال المغرب. كانت هذه المصالح مشتركة مع عائلة كوييل و الماركيث دي كومياث من خلال الشركة الإسبانية لمناجم الريف. و بالعودة إلى الوراء قليلا, كانت حماية هذه المصالح الاقتصادية الخاصة هي دافع حكومة ماورا للزج بالجيش الإسباني في الأراضي المغربية صيف عام 1909. إرسال الجنود إلى المغرب للدفاع عن مصالح خاصة كان سبب قيام تمرد برشلونة في يوليوز 1909 و المعروف بالأسبوع المأساوي.

في عام 1913 سمح رئيس الوزراء الكوندي دي رومانونيس ببيع لوحات فنية ثمينة إلى متحف برلين بينها لوحة مونفورتي دي ليموس Monforte de Lemos و لوحة عبادة المجوس Adoracion de Magos لليوناردو دافنشي.

مواقفه المتعاطفة مع فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى اصطدمت بإعلان الحياد الذي أصدرته حكومة إدواردو داتو و المواقف المتعاطفة مع الألمان الصادرة من المحافظين الإسبان.

في عام 1916م فاز الكوندي دي رومانونيس في الانتخابات و ترأس على إثر ذلك حكومة جديدة ما بين 1916 و 1917, و تبنت حكومته سياسة خارجية مختلفة عن سابقتها طَبَعَها التعاطف مع الحلفاء و المواجهة مع الألمان, خصوصا بعد حادث إغراق طوربيدات من غواصات ألمانية لسُفن إسبانية. عرَّض هذا الموقف الكوندي رومانونيس لانتقادات الصحافة المحافظة المتعاطفة مع الألمان ما دفعه لتقديم استقالته.


بعد فترة وجيزة عاد للمشاركة في حكومة وحدة وطنية برئاسة أنطونيو ماورا و تقلد فيها وزارة التعليم ثم وزارة العدل, و عام 1918 شارك في حكومة غارثيا برييطو حيث تولى وزارة الدولة. في دجنبر 1918 تولى لفترة 4 أشهر فقط رئاسة الحكومة, لكن هذه الحكومة سقطت بفعل الحراك الاستقلالي القطلوني و أزمة القطاع العمالي, حيث تمت إقالة حكومته يوم 9 أبريل 1919 بعد توقيعه مرسوم العمل 8 ساعات في اليوم.

ورد ذكرُ الكوندي دي رومانونيس في العمل المسرحي "أنوار بوهيميا" لرامون مارية ديل فايي إنكلان, كنموذج للرجل الواسع الثراء.

عُيِّنَ ما بين 1922 و 1923 وزيرا للعفو و العدل في حكومة ليبرالية برئاسة غارسيا برييطو, و في عام 1923 تولى رئاسة مجلس الشيوخ, و هو المنصب الذي كان يشغله خلال قيام بريمو دي ربيرا بالانقلاب يوم 13 شتنبر 1923.

من الانقلاب عام 1923 إلى الحرب الأهلية عام 1936. 

طيلة فترة ديكتاتورية بريمو دي ربيرا (1923-1930) بقي الكوندي دي رومانونيس على هامش الحياة السياسية, رغم مشاركته في مؤامرة سان خوانادا عام 1926, و التي دفعت الدكتاتور مغيل بريمو دي ربيرا لأن يفرض عليه غرامة مالية ثقيلة قدرها 500 ألف بسيطة, و هو مبلغ كبير جدا آنذاك, لكن الكوندي دفعها دون أن تتأثر ثروته بهذه الغرامة.

في عام 1930 سقطت ديكتاتورية بريمو دي ربيرا, فنصح الكوندي الملك بتشكيل حكومة يرأسها خوان باوتيستا أزنار, حكومة شارك فيها الكوندي كوزير دولة, لكن بعد انتخابات 1931, عاد الكوندي لينصح الملك ألفونسو الثالث عشر, و هذه المرة, نصحه بمغادرة إسبانيا.
الكوندي ممتطيا جواده رفقة الملك ألفونسو الثالث عشر

جرت مفاوضات مباشرة بين الكوندي و نسيتو القلعة سمورة و اللجنة الثورية, اتفقوا من خلالها على انتقال سلمي للسلطة إلى الحكومة المؤقتة الجمهورية دون أي تدخل عسكري مقابل تعهد الجمهوريين بحماية حياة الملك و عائلته. خلال فترة الجمهورية, حافظ الكوندي على مقعده البرلماني كنائب عن دائرة وادي الحجارة, لكن تأثيره السياسي تقلص بشكل كبير.


لم يشارك الكوندي في التمرد العسكري لعام 1936. و قد صادف اندلاع الحرب الأهلية وجوده في سان سيبستيان لأسباب تخص شركاته التجارية و المنجمية, فقرر العبور من هناك نحو فرنسا بمساعدة السفير الفرنسي. عاد عام 1937 إلى المنطقة الخاضعة للمتمردين على الجمهورية لكنه لم يعد أبدا للمشاركة في الحياة السياسية. بعد نهاية الصراع عام 1939, تفرَّغ الكوندي لكتابة مذكراته و لرئاسة الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة بسان فرناندو, إضافة لأنشطة مرتبطة بعضويته في الأكاديمية الملكية للتاريخ و الأكاديمية للاجتهاد و التشريع.

كان واحدا من الواحد و العشرين قانونيا الموالين للتمرد و الذين عينتهم وزارة الداخلية يوم 21 دجنبر 1938 لصياغة حكم حول لا شرعية السلطات الجمهورية الحاكمة إلى حدود 18 يوليوز 1936.

حياته الخاصة

كان الكوندي متزوجا من كاسيلدا ألونثو مارتنيث إي مارتين, و هي ابنة مانويل ألونثو مارتنيث و دمتريا مارتين إي باريا. و قد أنجبا 7 أبناء: كاسيلدا, لويس (ثاني كوندي لرومانونيس), ألفارو (ماركيث دي فيابراخيا و عمدة مدريد), كارلوس (ماركيث سان داميان), خوثي, إدواردو (كوندي دي يبيس الثامن) و أوغستين (الماركيث الثالث لسانتو فلورو).

أعماله:

كان الكوندي دي رومانونيس غزير الكتابة. شرع في تدوين مذكراته خلال الحقبة الجمهورية و أكملها بعد نهاية الحرب الأهلية. من أعماله : "الجمهورية في إسبانيا", "الساعات الأخيرة للملكية", "المسؤوليات السياسية للنظام القديم", "كتاب السياسة التجريبية", "بيولوجيا الأحزاب السياسية", "النظام البرلماني و حكومات الديوان", "ملاحظات و ذكريات 1912-1921", "ملاحظات حياة 1929-1947", "الرؤساء الأربع للجمهورية الأولى", إضافة لتأليفه سِيَر عديدة, من بينها سيرة لإيبارتيو, و أخرى لأماديو دي سابويا و لمارية كرستينا الهابسبورغية اللورينية.

أسس الكوندي يومية "Diario Universal". "El globo", و ساهم في مجلات "El magisterio Espanol" و "Heraldo de Madrid".

إيديولوجيته

يُعدُ الكوندي دي رومانونيس نموذجا للسياسي التابع للبلاط, المناور و المدافع عن مصالح اقتصادية ضخمة. بفضل ذلك و من خلال شبكة علاقات شخصية تمدد تأثيره إلى مجالات عديدة في إقليم وادي الحجارة. فقد ظل نائبا عن هذا الإقليم في البرلمان الإسباني بصورة متواصلة لمدة نصف قرن من عام 1886 إلى عام 1936, فراكم منافع هذه التمثيلية الطويلة و تقاسمها مع أقاربه المباشرين: أشقاءه رودريغو, خوثي و غونزالو (و هم مؤسسو البنك الإسباني Credito) و أبناؤه كارلوس و ألفارو.
الكوندي في أواخر حياته.

رغم كاثوليكيته, كان الكوندي دي رومانونيس يُعدُ عدوا للتعصب الديني و مناهضا لتأثير رجال الدين و قد انتقدته كثيرا الكنيسة و سلطاتها العليا (كالأسقف دي توي مثلا) خصوصا بعد إصداره قانون الزواج المدني عندما كان في حكومة مونتيرو ريوس عام 1905, حيث لم يعُد من الواجب على العروسين إعلان ديانتهما للزواج. كما أعاد الكوندي العلاقات مع الفاتيكان, لكنه استمر على موقفه الداعي لفصل الكنيسة عن الدولة, و رغم توقيعه اتفاقات مع الكنيسة إلا أنه بقي مدافعا شرسا عن ضرورة إبعاد السلطة الدينية عن التأثير في السلطة المدنية (خصوصا من خلال قانون الكوندادو  لعام 1910).

توفي الكوندي دي رومانونيس في مدريد  يوم 11 شتنبر 1950.

هشام زليم.

مدونة صلة الرحم بالأندلس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق