السبت، 1 مارس 2014

أسطورة المورسكي "علي الرمالّ"


أسطورة المورسكي "علي الرَّمال"
















هشام زليم.

في العدد 54 من المجلة الإلكترونية "جبل الفارو" (عدد مارس-أبريل 2008), التي تُصدرها جامعة مالقة, ذكر الأديب المالقي الأندلسي و الأستاذ في جامعة مالقة خوثي أنطونيو موليرو بينافيدس قصة المورسكي "علي الرَمّال" Ali "El Arenero"المُنحدِر من بلدة أريناس Arenas (الرِّمال) الغنية, كما يدل على ذلك اسمها, بالرمال.


تقع هذه البلدة في إقليم مالقة, و بالتحديد في مقاطعة "الشرقية", و هي قريبة من الشواطئ الأندلسية المتوسطية الساحرة المعروفة بساحل الشمس.

تأسست بلدة أريناس خلال العهد الإسلامي, و كانت تابعة في فترة حكم بني نصر لطاعة بنتوميز. و قبيل سقوط منطقة الشرقية بيد الملكين الكاثوليكيين في أبريل من عام 1487م, فاوض مسلمو بنتوميز الملك فرناندو الكاثوليكي و تعهدوا له بتسليم القلعة مقابل تمكينهم من البقاء في أرضهم و حكمها باسمه مع الحفاظ على دينهم و عاداتهم و مساجدهم و ممتلكاتهم, و الاحتكام لقوانين الشريعة الإسلامية. هكذا سُلمت البلدة دون قتال, و سرعان ما نُكث العهد, فنُصر أندلسيو بنتوميز و صاروا يُنعتون بالمورسكيين.

في القرن 16م, و خلال حكم الامبراطور فليبي الثاني, اندلعت انتفاضة المورسكيين عام 1568م احتجاجا على التمييز الحاصل ضدهم, لكن هذه الانتفاضة سرعان ما قُمعت, و بدأ التهجير الأكبر للأندلسيين من مملكة غرناطة القديمة. هكذا تعرضت ساكنة بلدة أريناس, المُشكَّلة في أغلبها من المورسكيين, للطرد الجماعي إلى بلدة سيغورا دي ليون في بطليوس, بينما استوطنت أريناس عائلات قادمة من مناطق أخرى من شبه الجزيرة الأيبيرية و خصوصا من منطقتين في جيان: سانتياغو قلعة رباح و هيغويرا قلعة رباح. 

أسطورة علي الرمّال تعود لفترة ما بعد طرد المورسكيين من مملكة غرناطة القديمة عام 1571م, حيث يُعتبر واحدا من المورسكيين القلائل الذين نجحوا في تجنب التهجير من أريناس, ربما لاعتناقه الصادق للكاثوليكية. 

تقول الأسطورة بأن رجلا من أريناس ذو أصول مورسكية يُدعى "علي", كان يعمل بغّالا ينقل البضائع بين قُرى الشرقية, الأمر الذي كان يضطره لعبور مرتفعات زفاريا Zafarraya  الوعرة. 

كان علي يسافر في قافلة من الدواب تحمل البضائع عابرا مسالك صعبة و غير صالحة للمسير. و كانت مصاعب الرحلة تزداد عند مدخل زفاريا نظرا لانزلاق الأرضية و تكسرها. و كنتيجة لهذه الظروف الصعبة, فقد علي الكثير من بضاعته و العديد من دوابه التي كانت تفقد توازنها فتُصاب إصابات خطيرة أو تنفق. و في إحدى المرات كاد انزلاق القافلة يودي بحياة علي نفسه. 

ذات يوم, و بينما كان مارا عبر هذه الطرق الشاقة, وجد رجلا عجوزا بين الصخور و قد أفقده شدة البرد وعيه. اعتنى علي بالعجوز و دفأه و أطعمه حتى استعاد قدرته على متابعة المسير. شكر العجوز عليّا, و قبل أن يفارقه أعطاه نصيحة ستساعده كثيرا و ستجلب له منافع جمة. فمن خلال محادثة سابقة بينهما علِم العجوز بأن عليا ينحدر من بلدة أريناس الغنية بالرمال المستعملة في البناء, فوجهه بما يلي : "المرة القادة التي تأتي فيها إلى هذا المكان, اشحن الرمل على ظهر دوابك ثم اسكبها على الثلج بهذه المنطقة, و عندها ستلاحظ بأنه بهذه الطريقة لن تنزلق بغالك أبدا".

و هذا ما جرى. ففي الرحلة الموالية, شحن علي الرمل على ظهر بغاله, و فعل ما نصحه به العجوز. فكانت النتيجة مذهلة, فقد تحول الممر الوعِر إلى معبر صالح للمسير و آمن للغاية. في الحين أدرك علي بأن هذا الاكتشاف سيُعين كثيرا المسافرين عبر هذا الطريق, فغيّر مهنته من بغّال إلى رمّال ينقل الرمل على ظهر البغال و يضعها في المعابر المُثلجة الوعرة لتجنيب المسافرين الانزلاقات.

لقد أفاد علي الرمال نفسه, حيث أصبح يجني أرباحا كثيرة, كما أفاد البلاد و العباد لمّا سهّل عليهم التنقل عبر المعابر الوعرة.

صلة الرحم بالأندلس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق