الخميس، 22 مايو 2014

علي العطار و أسطورة "معبر المغربي" Vado del moro بمدينة قبرة Cabra الأندلسية



علي العطار و أسطورة "معبر المغربي" Vado del moro بمدينة قبرة Cabra الأندلسية
هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس


 












تقع مدينة قبرة Cabra  على بُعد 72 كلمترا جنوب قرطبة, و قد سقطت بيد القشتاليين عام 1240م في عهد فرناندو الثالث القشتالي المُلقب بالقديس.

في هذه المدينة يوجد مكان يُدعى "معبر المغربي"El vado del moro قرب وادي المدينة, و أصل هذا الإسم يعود لأسطورة قديمة خلدتها الذاكرة الشعبية المحلية.

ترجع أحداث هذه الأسطورة إلى شهر أبريل من عام 1482م, حيث استغل مسلمو غرناطة فرصة انتصارهم على القشتاليين في إحدى المعارك ليتوسعوا في بعض المناطق و ينهبوا و يسلبوا القرى و البلدات القشتالية التي تعترض طريقهم حتى وصلوا إلى مدينة قبرة.


كان يعيش آنذاك في قبرة فارس قشتالي نبيل يُدعى دون بيدرو غوميز دي أغيلار, اشتهر بشجاعته و ثروته الضخمة. كان بيدرو يوم هجوم المسلمين يستجم في منتجعه في حقول قبرة لمّا هرع إليه خدمه مذعورين ليُخبروه بأن فرقة من الجيش الغرناطي قد حاصرت مقره. حاول النبيل القشتالي فورا الهروب من أحد الأبواب الخلفية, لكن محاولته باءت بالفشل فسقط أسيرا في يد الغرناطيين الذين كانوا تحت إمرة علي العطار, حاكم لوشة و صهر الملك أبي عبد الله. و قد كان علي أسطورة حية تثير رعب القشتاليين لجرأته و صلابته في الحروب.
تمثال من البرونز لعلي العطار في مسقط رأسه ببلدة لوشة Loja جنوب إسبانيا


هكذا أُسِر الدون بيدرو و باقي النصارى, و اقتيدوا إلى المناطق التي يسيطر عليها مسلمو غرناطة. كان طريق العودة شاقا و ضيقا, و كان الجنود و الأسرى يمشون الواحد تلو الآخر, و كان علي العطار و أسيره دون بيدرو على رأس القافلة, و بما أن الطريق كان طويلا فقد تبادل الرجلان أطراف الحديث في أمور الحرب و السياسة, و كان علي في قمة الأدب مع أسيره القشتالي.

لمّا جن الليل و سادت العتمة, لم يشعر علي العطار و أسيره إلا و قد انفصلا عن القافلة و انقطعا عنها. فما كان من الأسير دون بيدرو إلا أن دفع علي العطار بقوة إلا أسفل أحد المنحدرات و ارتمى في اتجاهه ليصارعه. تعارك الرجلان لفترة قصيرة استطاع خلالها القشتالي صرع الغرناطي و سلبه سيفه, فانقلبت الآية و أضحى علي أسير الدون بيدرو, فسار الرجلان حتى وصلا مكانا يسهل التخفي فيه عن أعين الغرناطيين الباحثين عن قائدهم و أسيره.

 في هذه الأثناء, كان حاكم قبرة القشتالي قد علِم بهجوم الغرناطيين على مدينته, فجهز جيشا و تبع الجيش الغرناطي حتى لحقه, فدارت بين الطرفين معركة شرسة انتهت بانتصار القشتاليين و تحرير أسراهم. و في طريق عودتهم لقبرة التقوا بالدون بيدرو و أسيره علي العطار.

لما وصلوا إلى وادي قبرة استعصى عليهم عبوره من جميع المعابر نظرا لارتفاع منسوبه بسبب هطول أمطار غزيرة في المنطقة. هنا تقدّم علي العطار إلى حاكم قبرة و أخبره بأنه يعرف مكانا يُمكن العبور منه بسهولة, و أنه اعتاد المرور منه خلال غزواته المتكررة لقبرة. هكذا تقدّم علي العطار القافلة العسكرية و سار حتى وصل إلى مكان قرب الوادي ثم توقف و التفت إلى القشتاليين قائلا: "اتبعوني", و خاض في النهر, و ما هي إلا بضع ثوان حتى كان في الضفة الأخرى, فلحق به القشتاليون و عبروا بدورهم بسلاسة. في الحين أمر حاكم قبرة الجميع, من جنود و أسرى محررين, بالتوجه مباشرة إلى الكنيسة لشكر الرب على هذا النصر العظيم. أما علي العطار فقد أطلقوا سراحه نظرا لشهامته و شجاعته.

هكذا أصبح المكان الذي عبر منه الجيش القشتالي إلى قبرة بتوجيه من علي العطار يُعرف ب"معبر المغربي" El vado del moro , و قد شاع هذا الإسم اليوم في المدينة و أصبح يُطلق على الشوارع و المحال التجارية و غيرها من مرافق.

المرجع: أنطونيو موراليس قرمونة Antonio Morales Carmona, نقلا عن الرواية الشعبية المنتشرة في قبرة. الموقع القرطبي www.califato.com

صلة الرحم بالأندلس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق