كيف سيطرت طائفة الأسد على الحكم في سوريا (الجزء الأول).
موسوعة الأندلس
دانييل بيبس |
المرجع: بحث الأمريكي دانييل بيبس Daniel Pipes لمؤسسة دراسات الشرق الأوسط Middle Eastern Studies عام 1989, بعنوان: The Alawi Capture of Power in Syria
ترجمته من الانجليزية إلى الفرنسية Anne Marie Delambre de Champvert .
كان العلويون طيلة قرون طويلة الفئة الأكثر ضعفا و بداوة و احتقارا و تخلفا في سوريا. لكن أحوالهم تغيرت في السنوات الأخيرة و أصبحوا النخبة الحاكمة في دمشق. يسيطر العلويون اليوم على الحكومة و يشغلون المناصب العسكرية الحساسة و يستفيدون بشكل يفوق نسبتهم من الموارد البيداغوجية. كيف جرى هذا التحول الهائل؟ متى نجح العلويون في الخروج من عزلتهم التاريخية؟ و كيف يُمكنُ تفسيرُ صعودهم؟
العلوي سليمان المُرشد, مُدعي الربوبية. |
يُعززُ هذا الطرح الاجتماع السري عام 1960 لزعماء دينيين و ضباط علويين (بينهم حافظ الأسد) الذي ربما عُقد بالقرداحة, مسقط رأس الأسد. كان الهدف الأساسي من هذا الاجتماع التخطيط لطريقة تمرير ضباط نصيريين إلى صفوف حزب البعث, فقد يفيدهم هذا الانتماء للوصول إلى الحكم في سوريا.3 سنوات بعد ذلك, عُقد على ما يبدو اجتماع آخر للعلويين في حمص, كان من بين مقرراته وضع عدد أكبر من العلويين في حزب البعث و الجيش. اجتماعات سرية أخرى قد تكون عُقدت للزعماء العلويين في سنوات الستينيات.
في المقابل يميلُ مُحللون أكثر انحيازا للأسد إلى عدم الاقتصار فقط على هذه الاجتماعات و ينتقدون تغليب اتجاه الترصُّد بالسلطة و يرون أن العامل الطائفي هو واحد بين عوامل كثيرة أخرى. الباحث جون ديفلان John F Devlin مثلا ينفي أن يكون تفاوت نسبة العلويين في الجيش يؤدي للسيطرة العلوية على سوريا. و هو يعارض الرؤية المبنية على أن كل خلاف داخلي مبني على الصراع السني - العلوي. بالنسبة له, مسألة وجود علويين في الحكم هو أمر عَرَضيٌ في الأساس: "فالبعث حزب علماني ما يُفسرُ اضطلاع الأقليات بدور كبير فيه". كما يعتبر الباحث في جامعة نيو هامشير ألاسدير دريسدال Alasdair Drysdale التركيز على الانتماء الإثني نظرة "اختزالية" و يشير إلى أن هناك عوامل أخرى جغرافية, طبقية, عُمرية, تربوية, مهنية, تُحددُ النخبة المُسيرَة. أما الباحث Yahya M Sadowski فيعتبر "الولاء للانتماء الديني يكاد يكون غير ذي قيمة في حزب البعث, و الدوافع الدينية ليست سوى واحدة من الوسائل الكثيرة التي تستشري بفعلها الزبونية".
تكمُنُ الحقيقة بين المؤامرة و الطابع العَرَضي. فالعلويون لم يُخططوا "للاستيلاء على الحكم مستقبلا" سنوات قبل وصولهم للسلطة, كما أنهُ ليس من الصدفة أبدا التواجد الضخم للأقليات في حزب البعث. لقد كان وصول العلويين للحكم نتاجا لتحول ديني غير متوقع للحياة العامة في سوريا. الباحث ميكاييل فان دوزن Michael Van dusen يُفسر الأمر قائلا: "من عام 1946 إلى 1963, شهدت سوريا تآكلا تدريجيا للحكم السياسي الوطني و للنخبة التقليدية, ليس بسبب ظهور نخب جديدة و دينامية, و إنما بسبب صراع داخلي". بمعنى آخر: الانقسامات الداخلية أفقدت المدنيين السُنة "الغير بعثيين" السلطة. خلق هذا الانقسام السُني ثغرة استغلها الضباط البعثيون من أصل علوي.
كيفية حصول هذا الأمر هو محور هذا الموضوع. لكن قبل ذلك نستعرض معلومات أساسية حول وضع العلويين و موقعهم في المجتمع السوري التقليدي يليه تفصيل صعود نجمهم.
نهاية الجزء الاول.
موسوعة الأندلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق