الأحد، 8 مايو 2016

قائد ألمرية سيدي يحي النيار, بطل أم خائن؟

قائد ألمرية سيدي يحي النيار, بطل أم خائن؟

بقلم هشام زليم 
صلة الرحم بالأندلس

المرجع : بحث لمانويل إسبينار مورينو(أستاذ تاريخ العصر الوسيط بجامعة غرناطة)   Manuel Espinar Morenoو خوان كريما ثيرفنتس(أستاذ بمعهد "الجنوب" بمدينة بيرة و مدير مجلة المنصورة و منسق مجلة الشرقية) Juan Grima Cervantés.


مقدمة

تتجه الدراسات التاريخية حاليا للتركيز أكثر على الإحاطة بالأحداث و الظواهر الاقتصادية, الاجتماعية, الدينية و الثقافية...لفترة تاريخية ما لفهم التطورات التي جرت خلالها فهما صحيحا, معتمدة في ذلك على مقاربة التاريخ الشامل. لكن ينبغي ألا تُلهينا هذه المقاربة عن دراسة الأدوار التي لعبتها شخصيات معينة في لحظات تاريخية مُحَدَّدة, حيث كانت مواقفها و تصرفاتها ثمرة الفترة التي عاشت خلالها, كحالة سيدي يحي النيار في الفترة الأخيرة من عصر مملكة غرناطة النصرية و التي تُوِّجت بإلحاق هذه المملكة بقشتالة على يدي الملكين الكاثوليكيين فرناندو و إيزابيلا.


كانت لهذه الشخصيات الثلاث علاقة مباشرة بهذا الصراع العسكري الذي انتهت تفاصيله اعتمادا على العمل المسلح إلى جانب شبكة معقدة من التوافقات و الهدنات و معاهدات السلام و محاولات شراء الذمم, و خيانات المُثل العليا و محاولات الإبقاء على نظام اجتماعي سالف...ما أدى للقضاء التدريجي على مملكة غرناطة من خلال التوقيع على سلسلة من معاهدات التسليم في العديد من مناطق المملكة, بعضها لا يزال مجهولا إلى اليوم أو في طور الكشف عنه.

إحدى أهم الوثائق المعتمدة في دراسة شخصية سيدي يحي النيار تتمثل في معاهدة بينه و بين الملكين الكاثوليكيين, و هي مؤرخة في شهر دجنبر 1485, و تعهد من خلالها يحي بتسليم ألمرية و بيرة مقابل مجموعة من الامتيازات و العطايا, إضافة للإقرار بملكيته لميراث و ممتلكات عائلته.


كان سيدي يحي النيار واحدا من الشخصيات الأكثر تأثيرا في عصره, و كان يُعتبرُ  "ثالث ملوك غرناطة" خلال فترة صراع أبي عبد الله مع أبيه ثم مع عمه الزغل. خضوع طاعات مرشانة و البلدوي إضافة لمناطق أخرى في وادي ألمرية لسيطرته تبين حجم التأثير الذي مارسته أسرته في هذه المناطق الألمرية. كان سيدي يحي معروفا بانتهاجه سياسة موالية للنصارى و بمواجهاته مع الملك أبي الحسن ثم مع ابنه أبي عبد الله من بعده, حيث كانت له مطامع في عرش غرناطة ورثها عن أبيه ابن سليم ابن ابراهيم النيار الذي ورث عنه أيضا قيادة ألمرية, ثم ورث عنه في عام 1480 منصب نائب الملك في أراضي و بحار ألمرية.


في عام 1474 أبرم رفقة والده معاهدة مع الأمير فرناندو الأراغوني و الدونيا إيزابيلا طلبا من خلالها المساعدة في القتال ضد مولاي الحسن. وفق الشهادات التي وصلتنا يمكن القول أن الفتوحات القشتالية ما بين 1488 و 1489 لها ارتباط وثيق بتحركات و مواقف يحي النيار. و كثمرة لتدخلاته لصالح الملكين الكاثوليكيين نال هو و أبناؤه سلسلة من الامتيازات و العطايا و الألقاب. في الصفحات القادمة سندرس هذه الشخصية و دورها في حرب غرناطة, ثم سنُعرِّجُ على اعتناقه النصرانية و حصوله على ممتلكات و امتيازات جزاءا له على مساعدته القشتاليين.

من يكون سيدي يحي النيار؟

من يكون هذا الرجل ذو القوة الإقناعية الهائلة خلال مفاوضات تسليم هذه المدينة أو تلك؟ من يكون هذا الفارس و المحارب الذي تُقدمُه لنا الإخباريات و الوثائق؟ بالكاد نتوفر على حوالي 20 معلومة واضحة و مقبولة من وجهة نظر تاريخية, لكنها ستسمح لنا بالتقرب منه و سنحاول من خلالها, و من خلال شهادات معاصرة له, إعادة تركيب فصول حياته, أو بتعبير أدق, الإحاطة بالأعمال المهمة التي قام بها قيد حياته.

لا نعلم على وجه التحديد تاريخ ولادته, و يُعتقدُ أنه وُلد في طاعة مرشانة, التي التجأ إليها والده في فترة من الفترات. والده ابن سليم ابن ابراهيم النيار هو أحد أبناء الملك الغرناطي يوسف الرابع, الملقب بابن المول, و فاطمة ابنة الملك اسماعيل, هكذا إذن يُعتبرُ يحي النيار سليلا للملوك و منتميا لأهم العائلات آنذاك و التي جمعت الحكم و مصير المملكة بين يديها.

بعد وفاة جده يوسف ابن المول في العاصمة النصرية عام 1432, صعد محمد الرابع, الملقب بالأيسر, للمرة الثالثة إلى العرش. هذا الصعود شكل خيبة أمل في صفوف أنصار يوسف الرابع ابن المول, ما دفع أهالي البلدات القريبة من الحدود المورسية لبدء مفاوضات الانضمام إلى قشتالة بسبب خلافهم مع العاصمة غرناطة. هكذا في عام 1436م دخلت بلدات بلش البيضاء, بلش الشقراء, غاليرة, كاستيخار و بناموريل في طاعة قشتالة, و هي بلدات حسب اعتقادنا كانت تحت نفوذ آل النيار.


لا نعلم إن كان أبناء الملك المُتوفى ابن المول قد اضطروا لمغادرة المملكة أم أنهم استفادوا من العفو العام الذي أصدره الأيسر الذي كان يسعى في تلك الظروف الصعبة لعقد سلام مع أعداء الداخل, لكن إذا كان الكثيرون لجئوا إلى قشتالة, فلا شيء يمنع أن تكون قد لجأت إليها أيضا بعض الشخصيات من آل النيار. بعض الكُتاب يرون أن القائد ابن سليم النيار مكث في تلك الفترة في مملكة غرناطة.

في المقابل, نعلم أن ابن سليم لجأ إلى بلاط ملك قشتالة إنريكي الرابع عندما تولى مولاي أبي الحسن السلطة في غرناطة عام 1464, و قد آواه القشتاليون و أحسنوا ضيافته باعتباره صاحب حقوق شرعية في عرش غرناطة. هذا الأمر استحضره الملكان الكاثوليكيان خلال حصارهما لبسطة حيث بعثا رسالة لسيدي يحي النيار "قائد بسطة و ألمرية" الذي كان يدافع آنذاك عن المدينة المحاصرة لحساب الزغل, و أخبراه  فيها أن هناك إشاعات تروم إجهاض الاتفاق بينهما, و بذكاء ماكر ذكًّراه بالحظوة و المساعدة التي لقيها والده ابن سليم لدى شقيق إيزابيلا الملك إنريكي الرابع و المعاملة الطيبة التي لقيها في بلاطه في وقت اشتدت فيه الخصومة مع أعدائه (أبي الحسن) الذين يطلبون اليوم صداقته.

حدثٌ مهم آخر في حياة سيدي يحي النيار يتمثل في زواجه من ابنة عمته سيتي مريم, ابنة ستي مريم النيار و الدون بيدرو بنيغش. و يمكن تحديد تاريخه ما بين 1460و 1461 و ذلك بالاعتماد على وثائق هذا الزواج.

1474: المراسلة بين ابن سليم النيار و ابنه يحي مع الأمير فرناندو ولي عهد أراغون و زوج إيزابيلا ولية عهد قشتالة

بعد ذلك و تحديدا في سنة 1474 سنجد اسمه إلى جانب اسم والده في رسالة جوابية بعثها الأمير فرناندو إلى ابن سليم ابراهيم النيار بتاريخ 27 يونيو 1474, دُعيَ خلالها ابن سليم بقائد ألمرية. جاءت هذه الرسالة ردا على رسالة بعثها ابن سليم للأمراء النصارى استعرض فيها الخطوط العريضة لسياسته الخارجية و رغبته في إقامة تحالف معهم لتأمين الهجمات ضد السلطان الغرناطي مولاي الحسن. في هذه الرسالة الجوابية شكَرَ الدون فرناندو لابن سليم الهدايا التي قدمها لهم و تحريره لمجموعة من الأسارى. ثم تَطرَّق للموضوع الرئيسي لهذه المراسلة و هو التحالف أو المعاهدة بين هذا القائد الغرناطي و القوات الأراغونية, أو بتعبير أدق, مع الدون فرناندو و الدونيا إيزابيلا, حيث كتب الأمير النصراني في هذا الصدد بأنه مسرور لمعرفة أن ابن سليم يريد العودة للوضع الذي كان قائما أيام يوسف الرابع ابن المول و خوان الثاني القشتالي, وأخبره "تسرني صداقتك, كما يسرني عقد تحالف مع سلطتك و مع ابنك ضد الملك مولاي الحسن الغرناطي". لكن الدون فرناندو أخبره أن العلاقة بينه و بين الملك إنريكي الرابع القشتالي لم تكن على ما يرام آنذاك, مشاكل سيعرفها ابن سليم من خلال مرسوله القائد رضوان كفرخال و مترجمه. لهذا اقترح الدون فرناندو أنه من الأفضل تأجيل الحلف الذي اقترحه ابن سليم النيار و ابنه إلى تاريخ لاحق. لكن وعده في المقابل أنه في حال تعرض لهجمات من طرف أبي الحسن سيعرض الأمر على والده الملك خوان الأراغوني ليبعث مقاتلين بحرا من بلنسية إلى ألمرية لمساعدته. كما وعده أنه ما أن تُحلَ المشاكل مع الدون إنريكي القشتالي حتى يبعث له الأشخاص المُخولين لعقد التحالف و التبعية على غرار ما عُقِدَ من قبل بين ملوك قشتالة و غرناطة. و قد بعث الدون فرناندو مع الرسالة جملة من الهدايا لابن سليم و لابنه يحي و لزوجته فاطمة.



1480م: سيدي يحي النيار نائبا للملك الغرناطي في ألمرية.

بعد 6 سنوات و تحديدا عام 1480 سيتولى سيدي يحي النيار منصب نائب الملك لأراضي و بحار المرية, و قد عينه السلطان الغرناطي وفق ما ورد في وثيقة ملكية للسلطان تُرجمت للقشتالية أمام الكاتب فرانثيثكو مينيوز. هذا التعيين أثاره الدون بيدرو الغرناطي بنيغش, حفيد يحي, عام 1547 في وثيقة مهمة بحث من خلالها إثبات انتمائه و علاقته بآل النيار و ملوك غرناطة و مورسية و سرقسطة. في هذه الوثيقة أشار الدون بيدرو في مواقع عدة لسيدي يحي.

بالإضافة للسلطة التي كان يمارسها على ساكنة القطاع الشرقي لمملكة غرناطة, كانت لوالد يحي ثروات ضخمة و أراضي فلاحية شاسعة خاصة في طاعات مرشانة, لوجر, البلودوي, نهر بشينة, وادي المنصورة, إضافة لبلدات ألمرية أخرى, و قد يُقدَّرُ دخلها ب550 ألف مرابطي, و هي ثروة أقرها لابنه يحي الملكان الكاثوليكيان, هذا دون نسيان الممتلكات التابعة له في دلاية. لا نعلم شيئا عن الأراضي التي نالاها بفضل منصبهما, لكن كوندي يخبرنا أن سيدي يحي و والده ابن سليم كانا ولاة لألمرية و وادي آش و بسطة, و هي مناطق ورثاها, و لم تكن لهم منافع ملحقة بالمنصب "الحكومي" الذي يمثلانه. العديد من المؤرخين يرون أن ابن سليم و ابنه يحي لم تكن لهما حقوق في عرش غرناطة و يعتبرونهما مُدَّعيان للملك في مواجهة الخط الشرعي للمُلك.

تعيين السلطان الغرناطي لابن سليم النيار نائبا للحاكم في ألمرية يدفعنا للتساؤل إن كانت عائلة النيار و الأسرة الحاكمة قد انتهجتا ما بين 1474 و 1480 سياسة توافق و تفاهم بينهما, خصوصا و أن العائلتين, بفعل تحذير الفقهاء و الحكماء, كانتا تعيان جيدا أن المملكة تتفكك و تنهار شيئا فشيئا ليس فقط بسبب العدو الخارجي بل أيضا بسبب الصراعات الداخلية و المشاكل الاقتصادية.عواملٌ كثيرة اجتمعت لتجعل نظرة مولاي الحسن للمشاكل التي يتخبط فيها رعاياه مشوشة للغاية, ففشِلَ في التصدي لهذه الصراعات, و عمَّقت إجراءاته التفكك حتى أصبح الوضع ميؤوسا منه و أصبح سقوط غرناطة مسألة وقت فقط.

ابتداءا من عام 1480 سيُقدم لنا التاريخُ سيدي يحي النيار تارةً كخائن للقضية المسلمة, متعاونٍ مع الملوك الكاثوليك, تارة كمناصر للزغل, و عدو لأبي عبد الله, و تارةً كمفاوض في معاهدات تسليم بعض المناطق, لكن هذه الامور كلها لم تمنعه من التصرف وفق مبدأ أخلاقي لتلك الفترة و المعتمد على النفعية و الخروج بأكبر قدر من المكاسب في ظل حالة الفوضى.

جاء في وصف بيلغار لسيدي يحي: "كان دون بيدرو الغرناطي صاحب قَدٍ حَسَنٍ و أعضاء غاية في التناسق, له وجه حسن, أبيض يميل للشقرة, و ذو طلعة بهية كانت تستدعي الاحترام''.

سقوط القطاع الشرقي من مملكة غرناطة و الدور الذي لعبه في ذلك يحي النيار قائد ألمرية و بيرة

بسقوط مدينة الحامة الغرناطية بيد الملكين الكاثوليكيين عام 1482 بدأت المرحلة الأخيرة من الحروب بين قشتالة و مملكة غرناطة النصرية و التي اختُتمت عام 1492م بسقوط العاصمة. طيلة هذا العقد من الزمن, تصاعد بشكل مخيف تفكك المملكة المسلمة و ما زاد الطين بلة الخلافات الداخلية بين أفراد العائلة الملكية التي تحولت إلى سيف دموقليدس على رقاب الغرناطيين, يُهدد بالانهيار الكلي إذا لم يجد الغرناطيون زعيما بمقومات خاصة لمواجهة الظرفية الخطيرة للغاية التي تواجه فيها المملكة حربا أهلية داخلية في نفس وقت خوضها لحرب دفاعية خارجية ضد القشتاليين.

استغل فرناندو الكاثوليكي, و هو الداهية و الخبير الاستراتيجي  المُكوَّن في المدرسة الإيطالية, هذه الثغرات القاتلة في الدولة و لغَّم بتحالفاته السرية العلاقات بين الزعماء الغرناطيين. يقول الأستاذ لوبيز دي كوكا: "سقطت غرناطة بفضل سياسة جمعت بين القوة, الردع و شراء الذمم".


شكل سقوط الحامة في فبراير 1482 بدايةً للحرب النظامية مع قشتالة و أيضا للحرب الأهلية بسبب تمرد الأميرين أبي عبد الله محمد و أبو الحجاج يوسف على والدهما الملك مولاي أبي الحسن الذي كان في تلك الفترة يجد صعوبة كبيرة في إعادة كسب شعبيته التي كان يحظى بها في السنوات الأولى لحكمه. فقد دشن مولاي أبي الحسن حكمه لغرناطة عام 1464 بصراع بين أنصاره و أنصار أخيه الزغل, لكن سرعان ما خمد هذا الصراع بعد خضوع الزغل لسلطة شقيقه, و تزامن هذا مع نشوب حرب أهلية في قشتالة, ما جعل مملكة غرناطة تعيش في بداية حكم أبي الحسن فترة من الهدوء و الازدهار. كان أبو الحسن يمسك في هذه الفترة بزمام الأمور, لكن بعد ذلك ترك مسائل تسيير الدولة بيد حاجبه و وزيره أبو القاسم بنيغش الذي نهج سياسة أضرت بأبي الحسن و أفقدته جزءا كبيرا من هيبته, خاصة عندما أضحت المشاكل العائلية للملك مع وزجته و أبنائه قضية رأي عام. في هذه الظروف, و في عام 1474, أحد المتطلعين للعرش لاحظ تقهقر شعبية أبي الحسن فطلب دعما عسكريا من فرناندو الكاثوليكي لمواجهة هذا الأخير, لكن طلبه لم يُستجب له كما رأينا أعلاه. كان هذا المتطلع هو ابن سليم ابن ابراهيم النيار, والد يحي النيار.

في بداية الثمانينات من القرن 15, بدأت الصراعات بين أنصار الملك أبي الحسن و أنصار ابنيه تطفو على السطح. في يوليو 1482 خلال انشغال أبي الحسن بمعركة الدفاع عن لوشة ضد الهجوم القشتالي, استطاع أبو عبد الله و شقيقه يوسف, اللذان كانا محتجزان من طرف والدهما و يخشيان سطوته, الفرار إلى وادي آش حيث بويع أبو عبد الله ملكا.

موقف سيدي يحي النيار من تمرد أبي عبد الله على والده الملك أبي الحسن

وقف في صف الملك أبي الحسن في مواجهة تمرد ابنيه, كبار شخصيات تلك الفترة, كشقيقه الزغل, يحي النيار (الذي كانت أخته إسكوفيلا متزوجة من الزغل), إضافة للأخوين الوزير أبو القاسم و رضوان بنيغش ابنا الدون بيدرو بنيغش الذي كان متزوجا من الأميرة ستي مريم.

في نفس العام, 1482, كان القائد يحي النيار نائبا للملك في منطقة ألمرية. نفوذه امتد حتى مناطق بسطة و البلشين و طاعة مرشانة و بيرة, و موخاكار, التي كان يمارس فيها سلطة موازية نظرا للمنصب الذي كان يتولاه و لميراث أسرته, فكان على الأقل يملك سلطة تعيين أو إقالة قائد هذا الحصن أو ذاك . هكذا و بالنظر لسلطته السياسية, أصبح يحي النيار ثالث أقوى رجل في مملكة غرناطة, و كان مُقربا من الزغل أكثر منه إلى أبي عبد الله, لكن في الوقت ذاته كان ينهج سياسة موالية للنصارى غرضها دعم خيار الانضمام إلى قشتالة.

ما من شك أن يحي كان رجلا غامضا, رجل من أجل الحفاظ على سلطته و ثروته راهن على الوقوف في صف المنتصِر منذ بداية الحرب. كانت مواقف سيدي يحي على الدوام مناهضة لأبي عبد الله, كما أنه لم يقف بجانب صهره الزغل إلا لظروف مرحلية, فهو لم ينس أن هذا الرجل يتولى منصبا ملكيا كان من المفترض أن يكون من نصيب والده ابن سليم باعتباره كبير أبناء الملك يوسف الرابع ابن المول, بل إن يحي نفسه يشعر في قرارة نفسه أنه وريث شرعي مباشر للعرش. و إذا كان قد اصطف إلى جانب أبي الحسن فلطمعه في الحكم, فمولاي أبي الحسن في سنة 1482 كان عجوزا تنتابه نوبات صرع و قد استُنزف سياسيا و تهاوت شعبيته, و كان يحي يعلم أن خليفته سيكون صهره الزغل, الرجل القوي الذي كان يسيطر على الوضع و الذي ربما سيُعيدُ عرش قشتالة لآل النيار. لكن يحي أمام إمكانية استيلاء أبي عبد الله على الحكم لن يتردد أبدا في التحالف سرا مع الملكين الكاثوليكيين خائنا بذلك ليس فقط شعبه, بل قضيته هو نفسه و صهره الزغل. في النهاية, من بين الرجال الثلاثة الذين كانوا يتصارعون من أجل الحكم, أبو عبد الله, الزغل و يحي النيار, وحده هذا الأخير بقي في إسبانيا بعد سقوط غرناطة مستفيدا من كثير من العطايا و الامتيازات التي منحها له الملكان الكاثوليكيان.

دخول أبي عبد الله لألمرية و فرار سيدي يحي منها نحو البشرات و بداية اتصالاته بالقشتاليين

ابتداءا من شتنبر 1482, سيطر أبو عبد الله على منطقة وادي آش و دخل الحمراء بغرناطة بينما سيطر والده و عمه الزغل على الساحل و المنطقة المالقية. خشي النيار أن تسقط ألمرية و الشرق بيد أبي عبد الله فاتصل سرا في بداية عام 1483 بنصارى مرسية لتسليمهم مناطقه, لكن هذه الاتصالات أُجهضت بدخول أبي عبد الله لألمرية و هروب حاكمها النيار إلى البشرات.اعتبارا من هذا التاريخ سيلعب سيدي يحي على حبلين: فمن جهة سيستمر في اتصالاته السرية مع قشتالة, و من جهة أخرى سيتحالف مع الزغل و مولاي الحسن لهزم أبي عبد الله.

أسر القشتاليين لأبي عبد الله و عودة أبي عبد الله لألمرية

يوم 23 أبريل 1483 أُسرَ أبو عبد الله في لُسانة من طرف القشتاليين. فقام أهالي غرناطة و الأراضي التي كان يسيطر عليها أبو عبد الله بمبايعة والده أبي الحسن, لكن هذا الاخير تنازل عن العرش لصالح أخيه الزغل و ذلك بعد استصداره عفوا عاما لكسب قلوب الغرناطيين و إضعاف شعبية ابنه الأسير. مؤلف مجهول نقض هذه الرواية و ذكر أن مولاي أبي الحسن خلعه شقيقه الزغل من الحكم و قاده إلى المنكب حيث توفي عام 1486م . هكذا إذن عاد يحي النيار لتولي منصبه كحاكم لألمرية ابتداءا من شتاء عام 1483 و هذه المرة دون نية عقد تحالفات مع القشتاليين لأن المملكة الغرناطية المسلمة توحدت تحت سلطة صهره الزغل و تلاشي خطر أبي عبد الله مؤقتا. لكن الملك فرناندو الكاثوليكي و ابتداءا من أسر أبي عبد الله شرع بشكل صريح في سياسته بعقد معاهدات سرية لاستغلال التناقضات التي كانت تعصف بالمجتمع و القادة النصريين. هكذا قام الملكان الكاثوليكيان بتحرير أبي عبد الله و اعتباره ملك غرناطة الشرعي. في المقابل تعهد هذا الاخير بالتبعية لهما و دفع 12 ألف عملة ذهبية سنويا إضافة لتحرير 400 أسير نصراني و الاعتراف بالحامة كمنطقة قشتالية. كما أُجبِرَ أبو عبد الله على فتح لوشة لصالح قشتالة مقابل هدنة مدتها سنتان للمناطق المسلمة التي تدعم و تعترف بأبي عبد الله.

إطلاق القشتاليين سراح أبي عبد الله و دخوله لألمرية و فرار حاكمها يحي مرة أخرى منها

في عام 1484 زوَّد الملكان الكاثوليكيان أبا عبد الله بالمال و العتاد و الرجال و منحاه لباسا لائقا بمقامه و أطلقوا سراحه  لكنه لم يستطع دخول العاصمة الغرناطية فتحصن في البلشين حيث بايعته العديد من المناطق و المدن في القطاع الشرقي : وادي آش, ألمرية, بيرة, موخاكار, فجعل بلاطه في وادي آش حوالي عام 1485. في الجهة الأخرى من المملكة, كان الزغل ما بين 1484 و 1485 يحارب القشتاليين مستنزفا في ذلك كل موارده البشرية و المالية المتوفرة. هكذا سقطت قرطامة, كويين, رندة, و كل بلدات الغرب الأندلسي. تلتها بلدات قامييل, قلوميرة, حصن اللوز....

دخول الزغل لألمرية و عودتها لطاعة صهره سيدي يحي النيار, و لجوء ابي عبد الله لقشتالة.

في فبراير من عام 1485 دخل الزغل لألمرية و اعتذر له الفقهاء عن مبايعتهم لأبي عبد الله, فعاد يحي النيار مرة أخرى لحكم المدينة. هكذا هرب أبو عبد الله إلى قشتالة فتوحدت المملكة مرة أخرى.

عودة أبي عبد الله بقوة و قرار سيدي يحي عقد معاهدة اسيتراتيجية مع القشتاليين.

لكن هذه الوحدة لم تستمر سوى أشهر قليلة, ففي شتنبر 1485 عاد أبو عبد الله و تحصَّن في منطقة أشكر. لقد أصبح خطر أبو عبد الله داهما في أعين يحي النيار إلى درجة أنه لم يتحرك لإغاثة حصون الغرب التي تنهار تباعا يوما بعد يوم بيد القشتاليين, فيحي يعتبر أن خلف كل الكوارث طموح أبي عبد الله الذي لا يبالي بمصير المملكة في سبيل تحقيق حلمه في الحكم.


أمام هذا الهاجس, تعاهد يحي النيار سرا مع الملكين الكاثوليكيين على تسليمهم ألمرية و بيرة و قرى تحت سيطرته. تحمل هذه المعاهدة تاريخ 23 دجنبر 1485 و عُقدت بقلعة إيناريس, و وقعها فرناندو و إيزابيلا, و كتبها سكرتير الملك بيدرو كمنياس. كما سنرى, وُقعت هذه المعاهدة سنتين و نصف فقط قبل سقوط القطاع الشرقي لمملكة غرناطة بيد القشتاليين و الذي حدث في صيف عام 1488 . قبل التوصل للاتفاقات النهائية التي حُررت في المعاهدة, طلب يحي النيار من الملكين الكاثوليكيين ضمانات بخصوص العطايا و الامتيازات التي سيتوصل بها مقابل تسليم الحصون. في حقيقة الأمر, ما كان الملكان سيقدمان كل تلك الامتيازات ليحي لولا قراره باعتناق النصرانية. فقد وعدوا يحي بعطاء جزيل مقابل تنصره و فصَّلوا تلك الامتيازات في وثيقة حصرية عُثِرَ عليها . و جاء فيها:

-البند الاول ينص على منح يحي لقب دوق و توليته سيدا على بلدة غاندية.

-البند الثاني ينص على توليته و أبنائه من بعدهم أسيادا على منطقة البلودوي.

-البند الثالث ينص على منحه 30 ضيعة مُسلمة في مملكة غرناطة يختارها يحي بنفسه.

-البند الرابع ينص على حصوله على ثلثي الغنائم حين الاستيلاء على ألمرية و البيرة.

-البند الخامس يتعهد من خلاله الملكان الكاثوليكيان بأن الدور و الضياع التي يملكها في مملكة غرناطة ستبقى له, بما في ذلك ممتلكاته في طاعة مرشانة و لوجر و دلاية.

كما تقرر أن يتزوج ابن و ابنة من أبناء يحي النيار بابن و ابنة من أبناء خوان بينافيدس لتوطيد الصلات بين أحفادهم و ذريتهم بما فيه صالح التحالف. و قد تعهد الملكان في الختام باحترام ما التزموا به الآن و مستقبلا .

الثمن الذي دفعه الملكان الكاثوليكيان مقابل خيانة يحي كان مجزيا و يسيل له اللعاب, فالرجل لن يحافظ فقط على ثروته الحالية بل سيضاعفها بشكل كبير, و سيصبح بمقدوره مقارنة نفسه بأي سيد نبيل  ذو امتيازات في إسبانيا. لكن لا يمكننا الحديث عن خيانة مطلقة ارتكبها يحي, فقد اضطر لها اضطرارا, فأبو عبد الله عاد في شهر شتنبر, أي قبل 3 أشهر من توقيع المعاهدة, و تحصن في أشكر. هذا الحدث دق ناقوس الخطر بالنسبة ليحي حاكم ألمرية الذي كان سيفقد في حال وصول أبي عبد الله لعرش غرناطة ليس فقط منصبه السياسي و أراضيه و ثروته بل ربما حياته أيضا.

أسر القشتاليين لأبي عبد الله مرة أخرى و توقيعه معاهدة معهم مقابل تحريره

و حصل ما توقعه سيدي يحي, ففي ماي 1486 استولى أبو عبد الله على الجزء الأكبر من القطاع الشرقي للملكة النصرية, بينما كان الزغل منهمكا في الغرب في قتال القشتاليين. في مارس 1486 ثار أهل البيازين لصالح أبي عبد الله ما أدى لانقسام المملكة بين الزغل و أبي عبد الله, و هذه المرة تحالفا مؤقتا للقتال ضد القشتاليين. لكن شعب غرناطة عاد و بايع الزغل لما رأى كيف سلم أبو عبد الله لوشة للقشتاليين تنفيذا لبنود اتفاقه مع الملوك الكاثوليك عام 1483. و بعد فترة قصيرة أُسرَ أبو عبد الله مرة أخرى من طرف القشتاليين.

حتى يعانق الحرية من جديد, اتفق أبو عبد الله مع الملكين الكاثوليكيين على هدنة مدتها 3 سنوات والتبعية لهما, في المقابل يُعَيِّنونه دوقا لمنطقة وادي آش و بسطة و بيرة و البلشين و موخاكار, و هي مناطق كانت آنذاك بيد عمه الزغل, لكن أبا عبد الله تعهد بالسيطرة عليها في  ظرف 8 أشهر ليتولى المنصب الذي تحدثنا عنه حين تصبح كامل مملكة غرناطة تحت سلطة قشتالة.

دهاء فرناندو الكاثوليكي

هكذا إذن كان فرناندو الخامس هو من يمسك بخيوط اللعبة لصالحه, حيث عرف كيف يستغل الخلافات الداخلية للغرناطيين و وعد الخصيمين أبا عبد الله و يحي بالمنطقة الشرقية ذاتها حتى إذا نالها أحدهما أعلن تبعيتها لقشتالة.

عودة أبي عبد الله و تجدد الحرب الأهلية الغرناطية

في عام 1487 تجددت المواجهات في القطاع الغربي, ما اضطر الزغل للاتجاه إلى هنالك للدفاع عن المنطقة ضد القشتاليين. استغل أبو عبد الله غياب الزغل عن العاصمة غرناطة فاستولى عليها. مع ذلك بقيت المنطقة الشرقية وفية للزغل. لم يجسر أبو عبد الله على تسليم غرناطة كما تعهد بذلك للملكين الكاثوليكيين, أما المنطقة التي كان سيُولى عليها دوقا و هي وادي آش و بسطة و البلشين و موخكار فلم يستولي عليها في ظرف ال8 أشهر و لازالت تحت سيطرة يحي النيار.

في هذه الفترة سقطت العديد من البلدات المالقية على رأسها الحاضرة مالقة ذاتها. خسارة القطاع الغربي للمملكة شكل ضربة قاصمة للغرناطيين و ألقت سريعا بثقلها النفسي على الوضع العسكري خاصة في السنة الموالية 1488.

اتصالات يحي النيار مع القشتاليين لتسليم القطاع الشرقي

لم تشهد الأشهر الأولى من عام 1488 نشاطا عسكريا يُذكَر, و ذلك راجع للأزمة المالية و لتفشي وباء التيفوس في المملكة. لكن هذا لم يمنع من وجود اتصالات لتأمين تسليم سريع للقطاع الشرقي. اتصالات كان يحي النيار أبرز أطرافها حيث كان يرغب في ترجمة المعاهدة التي وقعها مع الملوك الكاثوليك في دجنبر 1485 على أرض الواقع.

شرع يحي خلال هذه الأشهر الأولى من السنة, أو حتى قبلها, في إجراء محادثات مع القادة و الفقهاء الأكثر ولاءا له في بلدات الشرق الألمرية. هكذا قاموا بمؤامرة ضد الزغل و قاموا بحملة دعائية موالية للانضمام لقشتالة مفادها أنهم لو سلموا الحصون فسيحصلون على شروط تسليم جيدة, بالإضافة لامتيازات خاصة تحت الإدارة القشتالية.
في حقيقة الأمر, كان الملكان الكاثوليكيان يفضلان أن يكون يحي و ليس أبا عبد الله من يسلمهم القطاع الشرقي لأن المقابل الذي قُدمَ لهذا الأخير, دوقية وادي آش الواسعة و بلدات أخرى, بدا سخيا جدا مقارنة مع ما اتفق به مع يحي, خصوصا أن معاهدتهم مع أبي عبد الله لم تكن تضم سخاء يحي النيار الذي قرر اعتناق النصرانية. باختصار, بحث الملكان الكاثوليكيان عن البقاء في صف الجميع و منحهم في النهاية ما هو ضروري فقط.

كان المتعاونون مع يحي كُثرا, و نجد معلومات عنهم في الوثائق و الشهادات المحفوظة. حيث توجد العديد من الرسائل من مسلمي ألمرية و غرناطة يعلنون من خلالها ليحي دعمهم لتسليم ألمرية. إحدى رسائل الدعم هذه ذات أهمية بالغة, و وقعها 10 أعيان مسلمين في 29 أبريل يعلنون فيها استعدادهم الانضمام إلى يحي النيار لتسليم ألمرية. في أرشيف العرش الأراغوني هناك رسالتان للملكين الكاثوليكيين موجهتان لمسلمي ألمرية تتحدث عن تسليم إحدى المدن التي لم يُذكر اسمها, لكن ليس من العسير الاستنتاج أن الأمر يتعلق بألمرية, حيث ذُكر اسم قائدها يحي النيار. كما وَجَه الملكان الكاثوليكيان في 24 مارس 1488 من بلنسية رسائل لشخصيتين من أعيان ألمرية, هما سليمي الترميسي, و إبراهيم أبو الرقيق. وثائق أخرى في نفس الصدد تخص تقديم ممتلكات في أراضي المسلمين لحامد ابن غانية و ليهودي لم يُذكر اسمه, و هذه الرسالة بُعثت رفقة 4 أخرى ما يدل على أن المتآمرين ضد الزغل و المتعاونين مع يحي كانوا كُثرا.

كان أكثر المتعاونين مع يحي نجاعة و انخراطا في التسليم آل بني عبد الله البلشيين, الذين تحصلوا بعد السقوط على امتيازات سخية نظير تسليم أراضيهم في الحملة الصيفية لعام 1488, و خصوصا النبيل النصري يوساكوديا الذي يُعدُ فعليا هو من سلم مدينة بيرة باعتباره أحد كبار أعيانها , إضافة ليحي الراوزي عمدة لاس كويفاس, و كلاهما كافأهما الملكان الكاثوليكيان جزاء خدماتهما.

كان تسليم بيرة يوم العاشر من يونيو 1488 مجرد "مسرحية" أخرجها يحي. لهذا نشك في صحة الرواية التي يقدمها لنا غاريدو أتيينزا و يؤكد خلالها أن هذه المنطقة الشرقية كانت تحت طاعة أبي عبد الله و لم يكن من الممكن بالتالي مهاجمتها لتوقيع هذا الأخير هدنة مدتها 3 سنوات مع القشتاليين. و هناك رواية أخرى نجدها في تاريخ سيرة الدون رودريغو بونسي دي ليون, ماركيز قادش, حيث كان سبب مهاجمة الدون رودريغو يوم 4 يونيو لطريق بيرة هو منع وصول الإمدادات التي أرسلها الزغل لإغاثة المدينة . من الرابع إلى العاشر من يونيو تاريخ سقوط بيرة, و أمام قرب تسليم المدينة, غادر أتباع الزغل بيرة متجهين نحو بسطة.

كانت استراتيجية يحي هي التي تكسب الرهان في شهر يونيو 1488 و ذلك من خلال حثه البلدات على الاستسلام, خاصة بعد سقوط مالقة و المعاناة التي عاشها أهلها لرفضهم تسليم المدينة. هذا الوضع عبَّر  عنه بجلاء الإخباري لوس بلاسيوس الذي أشار إلى  أن ماركيز قادش حث المسلمين في بيرة على الاستسلام و إلا فسيلاقون نفس مصير أهالي مالقة الذين أُسروا جميعا.

صدى هذه المؤامرة تردد حتى عصر بريث دي إيتا الذي أماط اللثام عن وثيقة يُعتقد أنها من اختراعه, تروي ما يلي " في الأيام السابقة, يا ملك قشتالة القدير, أخبرنا عظمتك, نحن فرسان العباس, جزولة و الداري و فرسان آخرون كثيرون من مدينة غرناطة, أننا جميعا ننتمي لحزب واحد, ينتمي إلى موسى القدير أخو الملك, و كيف أننا نناقش موضوع التحول إلى المسيحية, و أن نكون في خدمتك. و الآن قد أنهيتم بانتصار عظيم الحرب في ذلك الجزء من أندلوسيا  و عليكم أن تبدؤوها في جزء مملكة مرسية التي نؤكد لكم أن كل حكام و قادة نهر المنصورة و حصون حدود لورقة المسلمين, سوف يسلمونه لكم  دون حرب, لأنه تم الاتفاق على ذلك...".

هكذا و في أقل من شهر سُلمت أكثر من 50 بلدة دون مقاومة بينها بيرة, و لاس كويفاس و موخيكار و البوش و البلشين و نيخار و سورباس, فأصبح أقصى القطاع الشرقي لمملكة غرناطة تحت السيطرة القشتالية.

استعصاء تسليم ألمرية رغم تواطؤ يحي و ذلك بسبب تنبه الزغل

لم يبقى الآن سوى تسليم ألمرية لإتمام تنفيذ المعاهدة التي عقدها يحي مع الملكين الكاثوليكيين. يروي لنا المؤرخ المجهول كيف اقترب فرناندو و جنوده من ضواحي المدينة و كيف عسكروا على ضفاف الوادي, و كان الماركيز بونثي ذي ليون متفائلا للغاية في الرسالة التي بعث بها للملكة إيسابيلا في 30 يونيو 1488 حيث أخبرها أن ألمرية ستسقط بعد أيام معدودات من حصارها. لكن لا الحصار تمَّ و لا التسليم نُفذَ, لأن الخطة التي حُبكت و كانت تعتمد على حصار بري و بحري صوري حتى يسلم يحي المدينة كانت خطة لا يمكن تنفيذها. فالزغل على رأس ألف فارس مختار و 15 ألف من المشاة قاموا بتقوية دفاعات المدينة في منتصف شهر يونيو, و قام بأسر صهره يحي و قام بتغيير كل القيادات برجال يحضون بثقته. لقد اكتشف الزغل التورط و التعاون المبطن ليحي مع الملكين الكاثوليكيين من خلال معلومات وصلته, كما علم بتجهيز سفينة محملة بالمؤن في ميناء قرطاجنة و متجهة لألمرية. عندما علم فرناندو بتطورات الوضع اختار فض معسكره و اتجه نحو المنصورة العليا و أراضي بسطة حيث بايعته بالطاعة الكثير من البلدات.

بعد سنة و نصف, و في رسالة بعثها الملك فرنادنو ليحي الذي كان صامدا في حصار بسطة, اعتذر عن عدم وصوله لألمرية في الوقت المتعاهد عليه لأنه حسب قول الملك: "...ما الذنب ذنبي و لا ذنبك, و إنما ذنب الأمطار الغزيرة و رجال الملك مولاي الزغل البوعبدلي الذين فطنوا و كانوا مستعدين...". من المحتمل أنه قبل محاولة الاستيلاء على ألمرية اختلف الملكان الكاثوليكيان مع يحي و أخبراه من خلال وسطاء أن ما اتفق عليه لم يتم تنفيذه كاملا حيث أن ألمرية لم يتم تسليمها لهم و بالتالي تعتبر المعاهدة لاغية, هذا هو التفسير الوحيد الممكن لفهم الموقف الذي اتخذه يحي النيار عام 1489 حيث دافع باستماتة عن بسطة أمام الهجوم القشتالي و كان المنظم الأول للمقاومة بإدخاله حوالي 10 آلاف مسلم من الجنود  القادمين من البشرات, تابرناس و برشانة لدعم المُحاصَرين.

تسليم بسطة

بعد حل مشكلة تسليم بسطة بين الدون فرناندو و سيدي يحي النيار بوساطة الدون غوتيري دي قردناش, دخلت القوات القشتالية إلى المدينة في الرابع من دجنبر 1488. لكن بقي تسليم وادي آش و ألمرية للسيطرة على كامل أراضي أحد الملكين الغرناطيين المتصارعين (الزغل). لهذا تكلف يحي النيار بالقيام بمفاوضات لتسريع مسار تسليمها, فقبل فترة قصيرة اتصل بالزغل و أخبره أن مصير المملكة محتوم و أن خرابها ككيان سياسي أصبح حقيقة. و هناك وثيقة مؤرخة في 15 نونبر 1489 توضح لنا بجلاء رغبة الدون فرناندو و دور الوسيط الذي كان يلعبه يحي.

لما بعث الدون فرناندو الرسالة لزعيم بسطة و ألمرية أخبره أن ممتن لمعرفة الإرادة في المفاوضة لدى سيدي يحي, و أن الاتفاقيات التي عقدها مع المنسق العام لليون سيتم احترامها, و طلب منه ألا يعقد أمرا دون إخبار صهره الملك الزغل, الذي حسب تعبير فرناندو, من دون شك لا يشاطر يحي نفس الرغبة في التفاوض خصوصا بعد كل هذا العناء و الخسائر في الأرواح. كما طلب منه أن يضع رجاله في خدمة القشتاليين, و دعاه إلى تجنب القيام بما من شأنه التأثير على مجرى ما توصلوا له من اتفاقيات (57).

بعد وقت قصير عاد إلى بسطة مبعوث يحي النيار إلى الزغل بوادي آش, و أخبره أن الزغل متفق مع ما تم التوصل إليه مع النصارى. لقد سُلمت بسطة و ذلك يوم 4 دجنبر 1489. مع ذلك استمرت المفاوضات بين الدون غوتييري دي قردناش و يحي و كان المترجم هو خوان دي ألماراز. بعد هذه المحادثات حددت بنود معاهدة تسليم بسطة. هكذا سُلمت العديد من البلدات إلى جانب العاصمة البسطية, أهمها برشانة التي سلَّمها قائدها علي ابن فخار الذي بعث كلمات معبرة للملكين الكاثوليكيين تحسر فيها على سقوط مدينته و طلب منهما احترام ممتلكات و أهالي برشانة, و أن يسمحا له بالعبور إلى العدوة المغربية.

تسليم ألمرية

سُلمت بسطة يوم الرابع من دجنبر بينما سُلمت ألمرية في الثاني و العشرين من نفس الشهر, لكن بقي الاستيلاء على الأراضي التابعة للزغل بما فيها وادي آش و زناتة, و هما  منطقتان استراتيجيتان  نظرا لموقعهما قرب غرناطة.

تعميد سيدي يحي النيار أو الدون بيدرو الغرناطي 1489-1506.

في خضم هذه التطورات ستحدث سلسلة من الأحداث المهمة بالنسبة لسيدي يحي . فمنذ يوم 22 دجنبر يوم سقوط ألمرية بيد النصارى و إلى يوم 30 تاريخ سقوط وادي آش, نعلم أن شخصيتنا قد تحصَّل من الملكين الكاثوليكيين بوثيقة يعترفان له فيها بممتلكاته و ما عقده مع الدون غوتييري دي قردناش, و أيضا في هذه الأيام اعتنق النصرانية إلى جانب بعض أقربائه المباشرين.

يوم 25 دجنبر تمَّ تعميد سيدي يحي النيار في المعسكر الملكي قرب ألمرية و الاعتراف له بممتلكاته. في هذه الوثيقة دعي يحي ب"زعيم و سيد مسلمي بسطة و ألمرية و قائدها". و أشير فيها لمسائل نوقشت بينه و بين الدون غوتير متعلقة بيحي و عائلته.

كل ما اتفق عليه بين الطرفين يشكل معاهدة خاصة أو مكرمة ملكية قدمت ليحي جزاءا له على خدماته حتى ذلك الحين و ما هو منتظر منه بعد اعتناقه النصرانية. وعد الملك في الوثيقة بأن يحترم كل ما اتفق عليه و أنه يتعهد بشرفه الملكي على ذلك. و أدناه تفاصيل ما جاء في المعاهدة:

1-سيعتبر يحي زعيما تحت حماية الملكين الكاثوليكيين و هو أمر يشمل ابنه علي عمر بن نصر أو الدون ألونزو الغرناطي بنيغش و أبناء إخوة سيدي يحي. جميعهم سيلقون معاملة الفرسان الكبار للممالك اعتبارا للشخص و للسلالة التي ينحدر منها. و تعهد الملك الكاثوليكي بأن يدافع بكل قواه عن يحي و مناطقه و ممتلكاته ضد أعدائه. و ذكر إنه إذا سقطت إحدى مناطقه بيد أبي عبد الله سيعيدها الملكان الكاثوليكيان إليه.

2- أمام طلب اعتناقه النصرانية, يرى الملك فرناندو أنه من الأفضل أن يبقى الامر سرا لأن المساعدة المنتظرة من سيدي يحي و أنصاره قد تكون في خطر لو أعلن تنصره. هكذا اتفق على ألا يعلن تنصره إلا بعد تسليم وادي آش.

3- الاعتراف له بميراثه من الكروم و الحصون و القرى و التي كانت ملكا لأسلافه يتصرف فيها كيف يشاء. هذه الأراضي لا تضم تلك التي تحصل عليها بعد وقف الحرب بين ملك وادي آش صهره الزغل و ملك غرناطة, و إنما فقط تلك التي ورثها عن أسلافه.

4- هذه المدن و القرى و الحصون التي ستصبح في ملك يحي لن يكون بإمكانها استضافة الجنود و لا السماح لهم بدخولها دون رغبة يحي إلا في حالة الضرورة القصوى, و في هذه الحالة إقامة الجنود ستكون على حساب سيدي يحي حيث تعتبر في خدمة العرش.

كما أن أقرب مقربيه كابنه و أبناء أشقائه و أحفاده و خدمه سيستفيدون مما يستفيد منه زعبمهم فلا يدفعون أي مغرم أو جزية.

كما بإمكانه استخدام 20 فردا من الحرس الشخصي يحملون ما شاءوا من الأسلحة الدفاعية و الهجومية التي يحتاجون إليها. هذه المكرمة تشمل أيضا ابنه الدون ألونسو.
أما فيما يتعلق بالامتيازات الاقتصادية, فإذا تنازل صهره ملك وادي آش عن نصف الملاحات الموهوبة إليه, فإن الملك سيهبه دخلا قدرة 550 ألف مرابطي في ملاحات دلاية. و فضلا عن ذلك, فإنه إذا تم تسليم وداي آش في الموعد المتفق عليه, فمكافأة له على جهوده في خدمة فرناندو لدى الزغل و غيره من القادة, يهبه 10 آلاف ريال, و يقدم له سائر البراءات اللازمة بما تقدم.

تم تعميد سيدي يحي في خيمة الملكين الكاثوليكيين حيث غير اسمه إلى الدون بيدرو الغرناطي و ذلك في معسكر الحضرة, و كان العرابان هما الملكان الكاثوليكيان. اعتناق النصرانية اعتبره البعض ناجما عن العناية الإلاهية, لكن من المثير للاهتمام أن بعض أفراد أسرته المقربين و بعض معاونيه قاموا بنفس الأمر. هذه السياسة الجديدة التي دشنها الملكان الكاثوليكيان لجلب بعض الشخصيات شملت تعميد زوجته سيتي مريم التي تحول اسمها إلى مرية بنيغش, و ابنه عمر ابن نصر الذي أصبح يدعى دون ألونسو الغرناطي بنيغش و بناته اللتان سميتا إيزاببيلا و برياندا. المؤرخ برموديث دي بيدراثا ذكر أن قرار التعميد اتخذه يحي بعد ظهور القديس بطرس الذي طلب منه اعتناق النصرانية.

هكذا أصبح سيدي يحي واحدا من كبار المتعاونين مع الملكين الكاثوليكيين, و كان طرفا في الأحداث المهمة المسلحة التي أدت لسقوط غرناطة, أحداث جعلت العائلة تحصل على امتيازات جديدة, كما حصل حين دخول الملكين لفحص غرناطة يوم 20 ماي 1490, حيث اعتمدا على مساعدة الزغل, سيدي يحي و ابنه الدون ألونسو. من المثير الاطلاع إلى التنازلات التي قدمها الملكان الكاثوليكيان لابنه الدون ألونسو الغرناطي بنيغش حيث أضيف إلى شعاره 7 أعلام حسب وثيقة مؤرخة في 21 غشت 1491 كمكرمة ملكية جزاءا له على خدمات يحي و ابنه في الاستيلاء على برج الروماني في فحص غرناطة. قوات سيدي يحي و خدماته الجليلة كمفاوض أبرزها المؤرخون : "الحرب تغيرت طبيعتها منذ أن انضم سيدي يحي إلى صف الملكين الكاثوليكيين: انقطعت الحروب الضروس و المعارك الدموية و الحصارات الطويلة. الحصون لم تعد تُعتلى, القياد يفتحون أبوابها. الساحات لا يستولى عليها, فحكامها يسلمونها".

القوات التي ساعدت يحي في الدفاع عن بسطة و التي رافقته فيما بعد في مواقع عدة كانت مدربة تدريبا جيدا و منضبطة و متمرسة على كل أنواع المعارك. المؤرخ لافوينتي القنطرة ينقل لنا هذه الشهادة عن ذلك: "كان ناقوس الجرس بمثابة الإشارة التي يهرع إليها الجنود فيصطفون بانتظام لمجابهة العدو بالحديد و النار ".

بعد الاستيلاء على وادي آش في 30 دجنبر 1488, حدثت أمور ينبغي الإشارة لها, فأبو عبد الله بمشورة من العديد من معاونيه أصدر عفوا عاما و طلب دعم جميع المسلكين لإنقاذ القضية المسلمة. في صيف عام 1490 حصلت ثورة عامة للمدجنين ضد النصارى في أغلب المناطق التي سيطروا عليها عام 1489. هجمات أبو عبد الله ضد عمه الزغل أدت لسيطرته على أندرش ما اضطر الزغل للجوء إلى ألمرية, لكن أبا عبد الله فشل في محاولاته الاستيلاء على حصون طاعة مرشانة التي كان يدافع عنها آنذاك سيدي يحي النيار و ابنه.

دور سيدي يحي النيار و ابنه في استيلاء القشتاليين على مدينة عدرة و مينائها

نعلم كيف كان بلاء سيدي يحي في حملة عدرة و البشرات الألمرية لصالح الكاثوليك, فقيادة القوات النصرانية كانت له هو و ابنه. شهدت هذه الحملة نجاحا كبيرا بالنظر للتهنئة التي تلقاها من الملكة إيزابيلا. شُنت الحرب ضد عدرة حسب كوندي انطلاقا من البحر, و قاد البحرية الدون ألونسو الغرناطي و استعمل خدعة مثيرة, حيث موه و أخفى على أن السفن التي يقودها نصرانية و ارتدى هو و طاقمه و جنوده الزي المسلم و حمل علم مسلمي المغرب. أهل عدرة الذين كانوا في انتظار غوث مسلمي المغرب اعتقدوا أنهم مسلمون فسهلوا لهم الدخول, هكذا استولى النصارى على مرفئ عدرة و في نفس الوقت هاجم والده يحي بقواته من البر , حينها علم أهل عدرة بالحيلة فحاولوا الدفاع عن مدينتهم, فتحولت المعركة إلى مجزرة كبيرة هُزم فيها أهل عدرة.

تعاون يحي مع القشتاليين حتى سقوط غرناطة

بعد ذلك واصل يحي تعاونه مع الملكين الكاثوليكيين حتى سقوط غرناطة, و حقق انجازات عديدة في قيادة قواته, ففي رسالة مؤرخة ب 20 غشت 1491 لُقب بالقائد الأعظم دون أن نعلم اسم المدينة التي كانت موضع الرسالة. من خلال هذه الوثيقة نعلم أنه كتب للملكين الكاثوليكيين يحكي لهم العديد من إنجازاته و نجاحاته. فأرسل له الملكان الكاثوليكيان رسالة جوابية و طلبا منه و من ابنه أن يتحادثا معهما حول ما كان يجري في غرناطة و البشرات و رأيهما في ذلك. هذا يدفعنا للاعتقاد أن سيدي يحي كان يتصرف بالتنسيق مع الملكين للتوصل لتسليم غرناطة و البشرات بمعزل عن أبي عبد الله لكن بالتواطؤ مع معاوني الملك الغرناطي.

سيدي يحي النيار بعد سقوط غرناطة

بعد سقوط غرناطة, استقر سيدي يحي بهذه ىالعاصمة. في معاهدة تسليمها ذُكر صراحة ألا أحدا من أتباع الزغل يمكنه تولي مناصب أو مهام تسمح له بحكم الغرناطيين الذين يعتبرون الزغل و سيدي يحي و شخصيات أخرى ضمن هذا المعسكر خائنين للقضية. مع ذلك في عام 1500, عُين يحي كوزير أعظم لغرناطة و بموافقة الملكان ترك هذا المنصب لابنه ألونسو. و تولى بعدها منصب عضو دائم بمجلس المدينة. منصب الوزير جعل منه واحدا من الشخصيات الأكثر أهمية داخل البلدية الجديدة لغرناطة و كان يجلس مباشرة خلف الكوندي تانديا و القائد كالديرون. كما رُقيَ إلى منزلة هيدالغو مع كل ما يحمله هذا اللقب النبيل من امتيازات أخرى, كما تحصل على لباس سانتياغو و قيادة كامبوتيخار إضافة لامتيازات أخرى.

عدم وفاء الملكان الكاثوليكيان بالتزاماتهما اتجاه يحي و تحسر هذا الأخير على ذلك.

عند حدوث ثورة المدجنين ما بين 1499 و 1500, قام الملكان الكاثوليكيان في صيف 1500 باستعادة حصن مرشانة منه و أجبراه على التنازل عن قيادة طاعات مرشانة و لوجر. هذا التصرف الملكي يجب ربطه بالمكرمة الملكيىة المقدمة للدون غوتيري دي قردناش في 23 دجنبر 1497 حيث سلماه مدينة مرشانة و طاعاتها جزاء له على كل ما قدمه في خدمة العرش. أما طاعة البلدوي فمُنحت للدون سانشو القشتالي دوق غور .

هذه القررات دفعت سيدي يحي لتبني موقف معادي شيئا ما للملكين الكاثوليكيين اللذان لم يعوضاه ماليا عن هذه المناطق البشراتية رغم وعودهما له بذلك. هكذا انسحب إلى أراضي طاعة أندرش بدل لوجر, حيث عاش حتى وفاته عام 1506, و هناك كتب وصيته و توفي يوم 6 فبراير  حسب البعض و 8 فبراير حسب مؤرخين آخرين .

في وصيته عبر بوضوح على أن الملكين الكاثوليكيين لم يضمنا و لم يحترما ما قطعاه من وعود, كما لم يدفعا له أتعابه و مسائل أخرى قام بها لحسابهم, بل على العكس من ذلك أخذوا منه الكثير من ممتلكاته التي ورثها عن أبيه ابن سليم مقابل تعويض قدره 200 ألف مرابطي لم يُدفَع له هو الآخر. بعض هذه الموروثات تتمثل في دور في غرناطة و قرى في الخابية في طاعة مرشانة و أشياء أخرى دفعه الملكان للتنازل عنها . و يبدو أنهما قاما بذلك إرضاءا لأنصار أبي عبد الله و لبعض الشخصيات النصرانية التي لم تعد ترى خطرا محدقا في الشخصيات الإسلامية بسبب التغير الراديكالي للوضع. في وصيته تأسف على الجحود الذي لاقاه من الملكان الكاثوليكيان بعد الخدمات الجليلة التي قدمها هو و ابنه لهما .

بعد وفاته أمر ابنه الدون ألونسو بنقل جثمانه لغرناطة مرفوقا ب 800 خادم و دفن في كنيسة سان بيدرو في المعبد الحالي لساغرارييو, و نُقشت في ضريحه مناقبه و إنجازاته. في جنة العريف توجد لوحة له مرتديا زي المحارب وفق ما جاء في وصف فرناندو دي بولغار ليحي. ماركيزات كامبوتيخار, الذين ينتسبون لسيدي يحي, كانوا يحتفظون بسيف تقول التقاليد أنه يعود لعدو جدهم يحي الملك أبي عبد الله و قد منحه الملكان الكاثوليكيان للدون بيدرو الغرناطي بعد سقوط غرناطة.

صلة الرحم بالأندلس.

هناك 5 تعليقات:

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف تقول وتنعت هذا الكافر المرتد عدو الله بسيدى يحيى عليه من الله ما يستحقه

    ردحذف
  2. السلام عليكم لقد باع غال برخيس باع الاخرة بالدنيا قال تعالى اولاءك الدين اشتروا الضلالة بالهدا والعداب بالمغفرة فما اصبرهم علا النار نساله حسن الخاتمة رغم ان هدا الرجل يعود في اصوله الى الصحابي الجليل سعد بن عبادة رضي الله عنه لكن دلك ما نفعه

    ردحذف
  3. عليه من الله ما يستحق هذا المرتد الذي اشترى الضلاله بالهدى، الذي استبدل الشرك بالإسلام ، لا أدري ما سينفعه ما اعطوه من متاع الدنيا في الآخره، لو مات شهيداً في سبيل الله أما كان خيراً له.

    ردحذف
  4. لا بكت عليه الارض لو انه اسمات في الدفاع عن الاندلس كما خدم الملكين الكاثولكيين لما سقطت الاندلس خيانات و صراعات مجنونة عدوهم منقض عليهم و هم يتقاتلون لا يفعلها الا المجانين

    ردحذف
  5. أشترى دنياه بأخرة

    ردحذف