الثلاثاء، 13 فبراير 2018

معلومات نادرة عن مؤرخ الأندلس المعاصر محمد عبد الله عنان

معلومات نادرة عن مؤرخ الأندلس المعاصر محمد عبد الله عنان
مدونة صلة الرحم بالأندلس.
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن عَرَفَة عِنان  (7 يوليو 1896 ـ 20 يناير 1986)، ينتمي الى أسرة مصرية عريقة نبغ منها في العصرين المملوكي والعثماني بعض أقطاب الصوفية.
محام وصحافي متمرس، ومترجم غزير الإنتاج، ومحاضر ومشارك بارز في الندوات والمؤتمرات التاريخية والإسلامية، ومحقق كتب تراثية، ومؤرخ بارز متخصص بصورة رئيسية بتاريخ الأندلس.


ذو نزعة انعزالية مصرية وحمية أرستوقراطية، مؤمن بنظرية الصفوة المتفوقة، معادٍ لما دونها، وخصمٌ مُرُّ الخصومة لثورة 23 يوليو عام 1952.
ولد ببلدة بَشَلا مركز ميت غمر في محافظة الدقهلية، أدخل في الثالثة من عمره الى كُتَّاب القرية، ولما نزح والده الى القاهرة عام 1901 ليعمل ناظراً في أملاك حافظ باشا، أُدْخِلَ إلى مدرسة آغا دار السعادة الأولية ثم إلى مدرسة العقَّادين الابتدائية، وفي عام 1910 التحق بالمدرسة الخديوية الثانوية، ونال شهادتها الإعدادية عام 1912، والثانوية عام 1914، ثم التحق بمدرسة الحقوق السلطانية، وتخرج بها عام 1918، تأثر في دراساته بأساتذته الإنكليز، حيث غُذِّيَ بروح الصفوة الجديرة بالحكم وحدها.
بدأ نشاطاته في الترجمة والتأليف منذ كان في المرحلة الثانوية، ساعده على ذلك إتقانه للفرنسية والإنكليزية ثم الألمانية، فقام بنشر ترجماته من روايات أدبية ومقالات ودراسات تاريخية في مجلات وجرائد مختلفة منها الشعب والسياسة ومصر والاستقلال والأفكار وغيرها، وبعد عام 1932 بدأ الكتابة في مجلتي الرسالة والهلال.
عمل بالمحاماة منذ عام 1918حتى عام 1923، وحاول لفترة قصيرة العمل في السياسة، فأسس الحزب الاشتراكي المتأثر بالحركة الفابية الإنكليزية.
ترك المحاماة وانصرف إلى التاريخ والأدب، وانضم في عام 1923 إلى عضوية لجنة التأليف والترجمة والنشر، وانضم في عام 1924 إلى هيئة تحرير جريدة السياسة لسان حال حزب الأحرار الدستوريين الداعين إلى التعاون والتفاهم مع المستعمر الإنكليزي المعادين لحزب الوفد الذي كان آنذاك يعبّر عن أماني شعب مصر، وظل معادياً لهذا الحزب حتى عام 1952 إذ انتقل عداؤه لثورة 23 يوليو، ولكل توجهاتها الإيجابية والسلبية حتى وفاته.
أصبح في عام 1924 سكرتير تحرير جريدة السياسة الأسبوعية الأدبية، التي أنشأها حزب الأحرار الدستوريين، وعمل مراسلاً صحفياً لها، ثم تركها في عام 1932، وانصرف إلى دراساته التاريخية وترجماته ونشر كتبه وتقديم الأحاديث الإذاعية، وأسهم تحت إشراف طه حسين بإنشاء فرع مصري لنادي القلم
البريطاني الدولي
  وعمل سكرتيراً له.
التحق في عام 1936 بوظيفة حكومية في مركز أيديولوجي فكري مهم بإدارة المطبوعات حتى بلغ مرتبة وكيل وزارة، وكُلَّفَ في أثنائها تدريسَ تاريخ الصحافة المصرية والأوربية في معهد الصحافة العالي الذيأُنشئ في عام 1940؛ فأتاح له عمله هذا فرصة الاتصال بالأوساط الصحافية العالمية والمستشرقين والقيام برحلات اطلاعية وصحافية إلى ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والنمسا، تزوج في أثنائها بسيدة نمساوية.
نُقِلَ عام 1948 إلى وزارة المعارف وعمل أيضاً في مركز مهم رئيساً لقسم الترجمة، ثم مراقباً عاماً لإدارة الثقافة حتى عام 1952، حين أقدم العهد الجديد على التخلص من رجال العهد الملكي، فأتاح له هذا الإبعاد تحقيق حلمه بالانصراف إلى دراسة التاريخ الأندلسي.


بدأ تعلم الإسبانية في القاهرة، ثم أتقنها في مدريد؛ التي أقام بها من عام 1952 إلى عام 1954، وقام بين عامي 1950 و1974 بأربع عشرة رحلة دراسية إطلاعية إلى إسبانية أنهى فيها موسوعته عن تاريخ الأندلس، من بدايتها حتى نهايتها، وهي الموسوعة التي جعلته علماً بارزاً بين المؤرخين وأحد أعلام المدافعين عن الإسلام.
شارك في عدد كبير من الندوات والمؤتمرات التاريخية والملتقيات الفكرية واتصل بأعلام المؤرخين والمستشرقين، ودعي في عام 1974 من قبل ملك المغرب الحسن الثاني للعمل بفهرسة الخزانة الملكية المغربية في الرباط، وأتم عمله فيها عام 1981، ومنحه الملك وسام الكفاية الفكرية، وفي أثناء إقامته في المغرب قام بتحقيق عملين أدبيين مهمين في تاريخ الأندلس والمغرب، هما كتابا الوزير لسان الدين بن الخطيب «الإحاطة في أخبار غرناطة» و«ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب».
كان عضواً في الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وعضواً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وانتخب في عام 1975 عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ونال جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1977.
انتهى من كتابة مذكراته في عام 1979، ونشرتها دار الهلال في سلسلة كتبها المعروفة باسم مصر في عيون أبنائها تحت عنوان «ثلثا قرن من الزمان» عام 1988.
بلغ عدد مؤلفات محمد عبد الله عنان زهاء 40 كتاباً؛ ترجمة وتأليفاً وتحقيقاً وتصنيفاً، بعضها في جزأين أو أكثر، طبع أكثرها طبعات عديدة منقَّحة ومَزيدة، وتُرْجَمَ بعضها إلى الإنكليزية، هذا عدا مقالاته الصحفية وترجماته لأعلام الأدب الروائي الغربي، وتحقيقاته الصحافية ومحاضراته باللغات المختلفة.
وأهم كتبه هي مؤلفاته في تاريخ الأندلس التي أنجزها بعمل دؤوب ومخلص استمر عشرين عاماً، ومنحته بجدارة لقب مؤرخ الأندلس لما بذله في تأليفها من جهد ومال ورحلات، امتلك فيها ـ لا في غيرها مما كتبه ـ ناصية المؤرخ الموضوعي المنقّب عن الأصول والمقارن بين الكتابات والمراجع؛ إذ كان دائم الرحلة في طلب المعلومات من مظانّها وأماكن وجودها، والرابط ربطاً ممتازاً بينالتاريخ والجغرافية.
سُمِّي ما ألَّفه عن الأندلس باسم «موسوعة تاريخ الأندلس» الذي قسمه إلى أربعة عصور: العصر الأول: من الفتح حتى سقوط الدولة العامرية (ثلاثة أجزاء) طبع أربع مرات عام 1952 و1955 و1960 و1969.
العصر الثاني: دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرابطي طبع مرتان 1960 و1969.
العصر الثالث: عصر المرابطين والموحدين في المغرب والأندلس (جزآن) (1964 و1965).
 العصر الرابع: نهاية الأندلس وتاريخ العرب المتنصرين (جزآن) طبع أربع مرات 1949 و1958 و1966 و1987.
من مؤلفاته القيمة في تاريخ مصر كتاباه: «مصر الإسلامية وتاريخ الخطط المصرية» و«مؤرخو مصر الإسلامية ومصادر التاريخ المصري»، ثم «تاريخ الجامع الأزهر في العصر الفاطمي» وكتابه القيم عن «الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية» طبع ثلاث مرات 1937 و1959 و1983. وكتاب «العلائق الدبلوماسية بين القاهرة والممالك الإسبانية النصرانية في العصر المملوكي» وهو كتاب تنبع قيمته الأساسية من تمكّن مؤلفه من اللغة الإسبانية واطلاعه على المحفوظات الإسبانية.
أما كتابه «الآثار الأندلسية الباقية في إسبانية والبرتغال» فكان ثمرة طوافه المستمر بشبه الجزيرة الإيبرية التي استغرقت منه أربع سنوات 1951ـ 1954. أما امتلاكه ناصية تحقيق كتب التراث فتظهر جلية في تحقيقه لكتابي الوزير لسان الدين بن الخطيب المذكورين سابقاً.

المرجع: مقال للباحث "زهير محمد ناجي". نقلا عن الموسوعة العربية.

مدونة صلة الرحم بالأندلس.

هناك تعليق واحد: