الأربعاء، 13 فبراير 2019

هواية إسقاط الحكومات في إسبانيا, "أسقطنا حكومة بيدرو لنعيد انتخاب بيدرو".


هواية إسقاط الحكومات في إسبانيا, "أسقطنا حكومة بيدرو لنعيد انتخاب بيدرو".
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيث

هشام زليم.
صلة الرحم بالأندلس.

عديدة هي الأشياء التي يعشقها الإسبان:

فهم يحبون السهر تحت ضوء القمر,

و يعشقون الأعياد و مصارعة الثيران, 

و يهيمون في طبق الكسكس بالأرز أو البايلا,

و يتيهون حبا في موسيقى الفلامنكو و في العزف على القيتارة الإسبانية,

و لهم عشق خاص لإسقاط الحكومات الإسبانية, يمينية كانت أو يسارية, و الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة.


و كأنهم يريدون تعويض العقود الأربعة التي عاشتها البلاد تحت حكم الديكتاتور فرانكو بلا ديمقراطية و لا تعددية و لا انتخابات.


يُسقطون الحكومة تحت أية ذريعة و يتوجهون متحمسين لصناديق الاقتراع ليعيدوا, في حركة ذكية و سحرية, انتخاب نفس الأحزاب و نفس رئيس الحكومة!

شهر يونيو 2018, خسر رئيس الوزراء المخضرم مارينو راخوي اقتراعا على الثقة في البرلمان, فسقطت حكومته اليمينية, و حل محله زعيم الحزب الاشتراكي بيدرو سانشيث.

اليوم, بيدرو سانشيث الذي لم يمض على تقلده هذا المنصب سوى 8 أشهر, فشل في تمرير مشروع الموازنة بعد تصويت البرلمان ضده, و هو يتجه للإعلان عن انتخابات مبكرة ستجري شهر أبريل المقبل.

و لن أستغرب لو أسفرت هذه الانتخابات القادمة عن فوز الحزب الاشتراكي و بقاء بيدرو سانشيث رئيسا للوزراء,

و حتى لو قدر الله و لم يحصل سانشيث على الأغلبية المريحة, فسيدعوا لانتخابات أخرى شهر يوليوز, ثم شهر أكتوبر, و لو اقتضى الحال انتخابات خامسة في شهر دجنبر,

و في كل مرة سيتوجه الإسبان مسرورين إلى مكاتب الاقتراع لممارسة هوايتهم الوطنية.

يسقطون بيدرو لينتخبوا بيدرو!

و هذا ليس غريبا على إسبانيا, فخلال القرن العشرين, جربت البلاد 5 أنظمة سياسية مختلفة, و يبدو أنها لم تجد بعد نظاما على مقاسها:

بدأت القرن العشرين بنظام ملكي شبه مطلق, لم تكن تزعجه سوى الأحزاب السياسية و القومية و النقابات التي كانت تطالب بإصلاح النظام و تخفيف قبضة الملك,


و بعد نكسة معركة أنوال, قام الدكتاتور الجنرال مغيل بريمو دي ربيراعام 1923 بانقلاب عسكري بتواطء مع الملك, منعت على إثره الأحزاب و النقابات, فبقي الملك كسلطة صورية, بينما كان الحاكم الفعلي هو الدكتاتور ربيرا.

في عام 1931, سقطت ديكتاتورية بريمو دي ربيرا و بعد انتخابات حرة, أُعلنَ قيام الجمهورية الإسبانية الثانية و سقوط الملكية. كان الأمر أشبه بالفوضى السياسية, حيث استمرت الجمهورية حوالي 5 سنوات جرت خلالها ما لا تحصى من الانتخابات و بالغ الإسبان في لعبة إسقاط الحكومات حتى بلغوا القصد و المراد, حيث أسفرت انتخابات عام 1936 عن فوز الجبهة الشعبية اليسارية ما دفع المحافظين داخل الجيش لإعلان الانقلاب على الجمهورية و اندلاع الحرب الأهلية,

انتهت الحرب الأهلية عام 1939, فعاش الإسبان ما بين 1939 و 1976 عصر "الكاوديو" الزعيم الأوحد فرانكو,

مات فرانكو عام 1975, فعاد خوان كارلوس حفيد الملك الإسباني ألفونسو 13 الذي أسقطته الجمهورية عام 1931, و نُصب ملكا على إسبانيا, ففتح البلاد على العالم و أدخل العباد في عالم الديمقراطية الرحب و الصاخب و تبنت إسبانيا نظاما ملكيا برلمانيا, للملك فيه سلطات رمزية, بينما يتمتع رئيس الوزراء المنتخب بسلطات واسعة.

و قد منح النظام الديمقراطي ما بعد فرانكو للأقاليم الإسبانية حكما ذاتيا, يتوفر فيه كل إقليم على برلمان و حكومة إقليمية منتخبة,

و هكذا فما بين انتخابات تشريعية عامة و التي تليها, يقضي الإسبان وقت فراغهم في انتخابات إقليمية أسفرت آخرها و التي جرت في إقليم الأندلس عن حصول حزب بوكس اليميني المتطرف على 12 مقعدا (حوالي 10بالمئة) و هي المرة الأولى التي يصل فيها اليمين المتطرف إلى برلمان إقليمي منذ التحول الديمقراطي عام 1975.

صلة الرحم بالأندلس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق