السبت، 2 مارس 2024

القديس المسيحي الإسباني بابلو محمد مولاي عبد الله Pablo Mahomed Muley Abdalá

القديس المسيحي الإسباني بابلو محمد مولاي عبد الله Pablo Mahomed Muley Abdalá

بقلم هشام زليم



في هذا المقال سنستعرض السيرة العجيبة و الغريبة لقديس مسيحي يقدسه الإسبان اسمه Pablo Mahomed Muley Abdalá بابلو محمد مولاي عبد الله و الذي عاش في الأندلس في القرن الثالث عشر ميلادي. فتابعوا معنا هذا الفيديو ففيه الكثير من المعلومات الصادمة للبعض و الحصرية التي تنشر لأول مرة.

و سنستعرض سيرته من خلال ثلاث محاور:

المحور الأول: مصدر سيرة القديس بابلو Pablo  محمد مولاي عبد الله

المحور الثاني: سيرة القديس بابلو Pablo  محمد مولاي عبد الله  و أسطورة تنصره العجيبة و الغريبة.

المحورالثالث: صحة قصة بابلو محمد مولاي عبد الله.

مقدمة:

رأينا في فيديو سابق -الرابط- أن القديس سان إسيدرو San Isidro سيد العاصمة الإسبانية مدريد ما هو إلا شريف إدريسي أندلسي صاحب كرامات و بركات بجله أهل مجريط المسلمين في عصر الأندلس. و بعد سقوط مدريد بسقوط مملكة طليطلة عام 1085م بيد ملك ليون ألفونسو السادس و تحول مجريط المسلمة إلى مدريد المسيحية بقي أهل مدريد رغم تحولهم للمسيحية يقدسون وليهم الصالح تحت مسمى سان إسيدرو San Isidro.



في هذا المقال سنتعرف على قديس مسلم آخر يبجله المسيحيون الإسبان و يحيون ذكراه يوم 22 فبراير, و قد عاش في القرن الثالث عشر ميلادي. هذا القديس بقي باسمه المسلم "محمد مولاي عبد الله" و إن سموه بابلو (أي بولس في اللسان الإسباني) و نسبوا له أسطورة لتبرير تنصره. مع ذلك بقي اسمه المسلم و بشرته السمراء (كما نرى في الصورة الكنسية المنتشرة له) و أيضا شح المعلومات عنه حاجزا أمام انتشار صيته و إعلان قداسته رسميا و الاكتفاء بتطويبه من طرف البابا و هي الدرجة الثالثة من الدرجات الأربع لإعلان القداسة رسميا لشخصية ما من طرف الكنيسة الكاثوليكية في روما. لهذا ستجدون إذا بحثم أن الكنيسة تذكر عبارة Beato أمام اسمه و التي تعني مطوب بدل Santo . لكنه يعتبر قديسا تجاوزا.

المحور الأول: مصدر سيرة القديس بابلو Pablo  محمد مولاي عبد الله

في البداية لا يُعرفُ الكثير عن هذا القديس و المعلومات الشحيحة عنه وردت في كتاب تاريخي يروي سيرة و كرامات قديس إسباني آخر من أراغون شمال شرق إسبانيا معاصر له و هو من عمَّدهُ و هو سان بيدرو نولاسكو San Pedro Nolasco المزداد عام 1180 ميلادية في منطقة قرقشونة Carcassonne جنوب شرق فرنسا و المتوفى عام 1256 ميلادية في برشلونة شمال شرق إسبانيا. 
San Pedro Nolasco


و سان بيدرو نولاسكو هذا هو الذي أسس في برشلونة عام 1218م سلك رهبان الرحمة Orden de la Merced و هو سلك كاثوليكي خصص لتحرير الأسرى المسيحيين لدى المسلمين. و تذكروا هذه المعلومة جيدا, سنحتاجها لاحقا في هذا الفيديو.

و الكتاب الذي نتحدث عنه هو كتاب " حياة البطريرك الأمجد القديس بطرس نولاسكو أو سان بيدرو نولاسكو" للإخباري و مؤرخ سلك رهبان الرحمة Orden de la Merced الإسباني فليبي كولومبو FELIPE COLOMBO (المزداد عام 1623 - المتوفى عام 1684).صدر هذا الكتاب عام 1670م و قد نُشرَت طبعته الثانية في مدريد عام 1769.
“Vida del Glorioso Patriarca San Pedro Nolasco”. R. P. Fr. FELIPE COLOMBO, O.M. Madrid, 1769.


المحور الثاني:  سيرة القديس بابلو Pablo  محمد مولاي عبد الله و أسطورة تنصره العجيبة و الغريبة.

حسب هذا الكتاب, عاش محمد مولاي عبد الله في القرن الثالث عشر ميلادي و كان شقيق أبي الحسن Abenjason حاكم مدينة لبلة Niebla التابعة أنذاك لمملكة إشبيلية إحدى ممالك الطوائف الأندلسية. و قد سقطت مدينة لبلة بيد مملكة قشتالة عام 1262م أي بعد إشبيلية ب 14 عاما.

كان محمد ضليعا في الفنون و الطب و التنجيم , و كان عارفا بالكتب المسيحية المقدسة. 

بمجرد سقوط إشبيلية عام 1248 بيد القشتاليين، دخل بعضُ رهبان سلك الرحمة Mercedarios إلى المدينة (أي السلك الذي تأسس عام 1218م أي قبل 30 سنة فقط)، وسرعان ما علم بهم محمد و صار يبحث في أمرهم.
شعار رهبان سلك الرحمة


و دائما حسب ما جاء في الكتاب, عندما علم محمد مولاي عبد الله بنمط عيش رهبان سلك الرحمة Mercedarios و كيف ضحوا بأنفسهم من أجل تنصير الآخرين، و من أجل إنقاذ الأسرى المسيحيين، أعجب بهم كثيرًا وأراد التعرف عليهم أكثر. وبمجرد أن رأى مَثَلهم في الخير، أدرك أنه لا توجد شريعة في العالم أعظم وأكثر إلهية من شريعة يسوع المسيح، الذي أوصى المتدينين بأن يهبوا أنفسهم بالكامل للآخرين (و هذا حسب ما جاء في الكتاب). 

هكذا أحرق محمد كتبه و دمر أدواته، وتعلم الإيمان المسيحي، وعندما صار مستعداً للمعمودية لاعتناق المسيحية، سافر إلى برشلونة حيث التقى بالقديس بطرس نولاسكو San Pedro Nolasco مؤسس سلك رهبان الرحمة Orden de la Merced. و قام القديس بيدرو نولاسكو بنفسه بتعميد محمد مولاي عبد الله و أعطاه اسم بابلو أي بولس و قَبِله في سلك رهبان الرحمة و بعثه للخدمة في مستشفى القديس لازارو Hospital de San Lázaro في سرقسطة شمال شرق إسبانيا حيث كرس حياته لخدمة المرضى و الفقراء.


المحور الثالث:  صحة قصة بابلو محمد مولاي عبد الله.

منطقيا لا يوجد شيء يقدح في صحة القصة خصوصا أنها خالية من المعجزات و الحوادث الخرافية فتنصر شخص مسلم أو إسلام آخر مسيحي هي أمور شائعة حدثت و تحدث و ستحدث. كما أنه لا يوجد أيضا دليل تاريخي على صحتها خصوصا في غياب توثيق يُطمَأنُ له.
لكن بالنظر إلى تاريخ وقوعها في سنة سقوط إشبيلية عام 1248م أي بعد 30 عاما فقط من تأسيس سلك رهبان الرحمة و بالنظر لتضخيم دور هؤلاء الرهبان في تنصر بابلو محمد و تمجيد أعمالهم, يغلب على الظن أن القصة مجرد دعاية لسلك الرهبان هذا من خلال استغلال اسم شخصية مسلمة و ادعاء تنصيرها للرفع من أسهم سلك رهبان الرحمة بين فصائل الرهبان الكاثوليك الآخرين.

للإشارة فاسم مولاي كان يشير في العرف الأندلسي المتأخر زمن بني نصر إلى أن حامله هو أمير من الأسرة الحاكمة و لازال هذا العرف مستمرا في المغرب حيث يخص المغاربة إلى اليوم بلقب مولاي الأشراف و الأمراء و الأولياء و غيرهم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق