السبت، 2 مارس 2024

العثور في بمبلونة Pamplona شمال إسبانيا على مقابر لمسلمين عاشوا زمن طارق بن زياد و موسى بن نصير

العثور في بمبلونة Pamplona شمال إسبانيا على مقابر لمسلمين عاشوا زمن طارق بن زياد و موسى بن نصير


بقلم هشام زليم.

في عام 2002 تم العثور على مقبرة إسلامية كبيرة في مدينة بمبلونة في أقصى شمال إسبانيا لأشخاص توفوا بين عامي 715 و 770 ميلادية أي لأشخاص عاصروا الفتح الإسلامي و ينحدرون من شمال إفريقيا و أيضا من السكان الأصليين الإسبان, أي وجود تمازج بين الطائفتين منذ السنوات الأولى للفتح. كما أنهم لم يكونوا عسكريين فقط, و إنما عوائل فيها نساء و أطفال. 

في عام 2016 و بعد دراسات جينية و آثرية للمقبرة و للمدوفونين فيها تم الخروج باستنتجات مهمة جدا بعضها صادم حقا. إحداها, أنه بجانب هذه المقبرة في بمبلونة توجد مقبرتان مسيحيتان معاصرتان لها, و عثر في هتان المقبرتان المسيحيتين على نقوش بالعربية بالخط الكوفي. و هو أمر غريب حقا. 


في هذا المقال سنستعرض الكم الهائل من هذه الاستنتاجات و النتائج الصادمة و المفاجئة لمقبرة بمبلونة أقصى شمال إسبانيا  و ذلك من خلال ترجمة مقال إسباني ورد في صحيفة إسبانية شهيرة.

عنوان المقال:

(علمُ الآثار يُعيدُ كتابة تاريخ الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الإيبيرية)

La arqueología reescribe la conquista musulmana de la península ibérica

مقال ورد في صحيفة إلموندو Elmundo الإسبانية بتاريخ 7 مارس 2016 نقلا عن وكالة الأنباء الإسبانية EFE.



الترجمة:

تُشيرُ أطروحة من جامعة لقنت Alicante إلى أن المسلمين الذين وصلوا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية في بداية الفتح لم يكونوا عسكريين فقط, فقد وصلت أيضا مجموعات عائلية مسلمة من شمال إفريقيا و ترابطت مبكرا مع السكان الأصليين.

لم يكن المسلمون الذين وصلوا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية في بداية الفتح Conquista في القرن الثامن الميلادي, جنودا فقط, بل كانوا أيضا مجموعات عائلية مسلمة من شمال إفريقيا ترابطت مبكرا مع السكان الأصليين في إطار عملية تمازج ثقافي.

جاء ذلك في رسالة الدكتوراه بعنوان: "مقبرة بمبلونة (القرن الثامن الميلادي),إسهامات علم الآثار في معرفة أسلمة Islamizacion الثغر الأعلى" 

La maqbara de Pamplona (s.VIII). Aportes de la osteoarqueología al conocimiento de la islamización en la Marca Superior", و التي تم قبولها مؤخرا من طرف جامعة لقنت Alicante و حصلت بالإجماع على درجة التقدير المتميز مع مرتبة الشرف.

تفاصيل الدكتوراه في موقع جامعة لقنت Alicante

هذا الجانب الجديد الذي يؤدي إلى مراجعة المعارف الراسخة حول فتح هسبانيا Hispania (التي تُعرفُ منذ آنذاك بالأندلس) تم الكشف عنه بعد الدراسات الأخيرة للآثار العظمية - تحليل العظام- و الحمض النووي ADN التي أجريت على بقايا العظام التي تم العثور عليها في المقبرة الإسلامية الشاسعة التي تعود للقرون الوسطى و التي تم اكتشافها في عام 2002 في ساحة قشتيليو Castillo  في بمبلونة Pampelona.



صاحبة البحث الدكتورة مارية باز دي مغيل إبانييث María Paz de Miguel Ibáñez الحائزة على الدكتوراه في التاريخ, و المُجازة في علم الإنسان Antropologia و الطبيبة في المستشفى العام في لقنت Alicante, أكدت في إحدى المقابلات معها أن دراستها دليل على أهمية الأسلمة في شمال شبه الجزيرة الإيبيرية.

María Paz de Miguel Ibáñez


فلأول مرة, يُبرزُ علم الآثار وجود مسار تاريخي معقد لا نعرفه حتى الآن إلا من خلال شهادات مكتوبة نادرة, و ذلك بفضل هذه الأطروحة التي شارك في إخراجها أستاذ ما قبل التاريخ في جامعة لقنت ماورو إرنانديث بريز  Mauro Hernández Pérez و أيضا أستاذة و مديرة معهد البحث في علم الآثار و التراث التاريخي في جامعة لقنت سونيا غوتييرز Sonia Gutiérrez.

Mauro Hernández Pérez

Sonia Gutiérrez

هذه الدراسة التي أنجزتها النبارية مارية باز دي مغيل إبانييث María Paz de Miguel Ibáñez للبقايا البشرية في مقبرة بمبلونة - التي تم التنقيب فيها بالكامل - حددت العدد الأدنى للأفراد المدفونين (177 فردا و 172 قبرا) و أعمارهم, جنسهم, أصلهم, أمراضهم و الصدمات التي عانوا منها.

تُعد مقبرة بمبلونة أول مقبرة إسلامية تعود للعصور الوسطى في شبه الجزيرة الإيبيرية, حيث يعود تاريخها إلى ما بين عامي 715 و 770 ميلادية, أي فترة قريبة من بداية الفتح العربي - الأمازيغي لإسبانيا  Hispania و الذي كان عام 711 م.

حسب الاطروحة, فإن السكان المسلمين في بمبلونة في القرن الثامن الميلادي كانوا يتكونون من سكان أصليين و أجانب (أفارقة) من كلا الجنسين, و هذا واقع لم يكن مثبتا حتى الآن و قد تم إثباته من خلال مؤشرات الحمض النووي التي أجريت في جامعة الباسك من طرف فريق بقيادة البروفسور كونسبسيون دي لاروا Concepción de la Rúa. 

 Concepción de la Rúa

من بين الاكتشافات المذهلة لهذه المقبرة Maqbara كان إثبات القيام بمعالجة متعمدة للأسنان لغرض ثقافي مع بَرد جمالي للقواطع العلوية و السفلية.


(الصورة لجزء من القواطع العلوية لأحد الهياكل العظمية التي تم العثور عليها في أول مقبرة إسلامية في العصور الوسطى بإسبانيا, و تقع في بمبلونة Pampelona, و يمكن رؤية المعالجة المتعمدة في الأسنان على الأرجح من أصل إفريقي و لأسباب جمالية).

هذا الأمر يدعو للاعتقاد أننا أمام أشخاص مسلمين جاءوا مباشرة من مكان ما يزال غير واضح في إفريقيا, ربما من البلاد المغاربية Magreb, و أنهم كانوا يشكلون جزءا من مجموعات عائلية و أعضاء من الجيل الأول للمهاجرين الذين شاركوا في الفتح الإسلامي, حسب ما أشارت إليه مارية باز دي مغيل إبانييث María Paz de Miguel Ibáñez.

هذه الأخيرة أشارت إلى أن هذا النوع من معالجات الأسنان لوحظ بشكل أكثر لدى النساء, إحداهن تمتلك علامات وراثية محلية (من نبارة), ما يبرهن على وجود تمازج ثقافي بين الساكنة الأصلية و الأجنبية.

و يتجلى هذا التمازج أيضا في الخواتم ذات النقوش الكوفية (الخط العربي الأولي) التي ظهرت في مقبرتين مسيحيتين -مقبرة Argaray و Casa de Condestable - الواقعتين قرب مقبرة بمبلونة و المعاصرتين لها.

من جهة أخرى, حوالي نصف الجثامين المستخرجة من هذه المقبرة تعود لأفراد تقل أعمارهم عن 20 عاما, و هو مؤشر على ساكنة في طور النمو و مستقرة في المنطقة.

و تكشف الصدمات التي تعرض لها الرجال عن وجود كسور باري Barry في الزند و الكعبرة و التوقف المفاجئ للساعد, ما يدل على وجود عنف بين الأشخاص و أنهم عاشوا في زمن مواجهات بين مجموعات متعارضة.

بالإضافة إلى ذلك, تم التأكد من وجود تضامن أسري في رعاية المرضى, و وجود حالات لمرض السل, و الحمى المالطية و التهاب الجيوب الأنفية و الجذام. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق