السبت، 22 فبراير 2014

أبراهام حاييم: السفاريد هم أندلسيو إسرائيل

أبراهام حاييم: السفاريد هم أندلسيو إسرائيل.

(جريدة يومية إشبيلية Diariodesevilla.es. 27 يوليوز 2013).








وُلِد الباحث و المؤرخ أبراهام حاييم بالقدس عام 1946م. و هو اليوم من أعلام اليهود السفاريد بإسرائيل. يحمل حاييم في جعبته زادا وفيرا من المعارف: فهو مؤرخ للشرق الأوسط, عالم لغوي في اللغة العربية, متخصص في التاريخ الإسباني و تاريخ العصر الوسيط من المنظور اليهودي, أستاذ في جامعة تل أبيب, مستشار للسلطة الوطنية لثقافة اللادينو, إضافة لكونه وزيرا سابقا للتعليم و الثقافة في إسرائيل, و يشغل اليوم منصب رئيس الطائفة السفاريدية بالقدس.

أجرت الحوار إيزابيل برموي.


- هل يجب على إسبانيا الاعتذار لليهود عما جرى عام 1492م؟
- إن الأحداث الثلاثة الأكثر خطورة في تاريخ اليهود هي: تدمير المعبد الثاني للقدس, الهولكست ثم طرد السفاريد. ألمانيا المعاصرة و باقي الحلفاء السابقين للنازية طلبوا الاعتذار, كل واحد على طريقته. لكن في الحالة  الإسبانية الاعتذار ليس ضروريا. الأفضل إبطال قرار الطرد الذي كان, من الناحية القانونية, ساريا إلى الأبد. و هذا ما جرى على مراحل, ابتداءا من دستور 1869م. إن مبادرات الحكومات الإسبانية و باقي المؤسسات الاقتصادية و الاجتماعية تبقى كافية.

- في المقابل, ألا يُعتبر طلب الاعتذار باستمرار تخليدا للعب دور الضحية؟
- تتمثل معجزة الشعب اليهودي عموما و الطوائف السفاريدية خصوصا في عدم حملنا لأي حقد اتجاه إسبانيا. رغم مرور القرون, حُفظت الثقافة السفاريدية, و حُفظ حب إسبانيا أيضا.

- لماذا تعتبر الأمر معجزة؟ 
- لقد فكروا دائما في العودة لإسبانيا. و مسألة حفظهم للمفاتيح أراها مزيجا من الحنين و الأسطورة, لكنها شيء رمزي للغاية. لم نكن نعتبر إسبانيا ملاذا مؤقتا, لقد طردونا من ديارنا. و بما أن الأرض الموعودة لم تكن آنذاك بحوزتنا (لم تتأسس دولة إسرائيل إلا عام 1948م), فقد تحسّرنا, نحن السفاريد, على إسبانيا طيلة القرون. لم يقتصر هذا الإحساس على الجيل المطرود, فعندما آتي إلى إسبانيا أقول دوما بأنني لا أشعر بالغربة عن هذا المكان. بالنسبة لي, لا يوجد مثيل لهذا البلد. 

- كم عدد السفاريد الذين اعتنقوا النصرانية في إسبانيا استجابة لقرار عام 1492م؟
 - لن نجد أبدا الأعداد الصحيحة, لكني أوافق الاستنتاج الذي خرج به باحث إسرائيلي كبير مختص في الشؤون الإسبانية و الذي قال بأن حوالي 600 ألف يهودي كانوا يعيشون آنذاك في إسبانيا. ثلث هذا العدد قضى جراء الإضطهادات و المذابح و أحكام محاكم التفتيش؛ ثلث طُرد؛ و الثلث الآخر اعتنق النصرانية. هؤلاء المتحولون للنصرانية لم يكتفوا فقط بالمساهمة في الثقافة الإسبانية خلال العصر الذهبي, بل شكلوا القنطرة بين العالم السفاريدي و النصرانية الإسبانية.

- بطردها المورسكيين و اليهود, ارتكبت إسبانيا خطأ الاستغناء عن رأسمال بشري هائل.
- لقد قالها من قبل ماركيث فيلانويفا: "تَخَلَفنا عن ركب العصرنة في أوربا, و بقينا مع مراسيم الإيمان (أتو دي في) و مصارعة التيران."

- هل اللغة السفاريدية تحتضر؟
- بل ستبقى حية. لن تكون لغة يومية و لا اللغة الأم, لكنها ستبقى في النصوص, و يمكن تعلمها. هناك اليوم كتب في قواعد اللغة السفاريدية لم تكن تعرفها جدتي التي كانت تتحدثها بطلاقة. بل إن هناك بعض الجامعات تُخصَص فيها أقسام لهذه اللغة. الحديث يُنسى, لكن الكلمة المكتوبة أو المنقوشة تستمر.

- لكن في المقابل اللغة اليديشية (لغة اليهود الأشكناز) تتمتع بصحة جيدة.
- السبب الرئيسي لهذا هم غلاة المذهب الأشكينازي. هؤلاء يعتبرون اللغة العبرية مقدسة و بالتالي لا يجوز استعمالها في الحياة اليومية. لهذا تجد الأطفال الصغار في المدارس المحافظة لازالوا يستعملون اللغة اليديشية و يتلقون الدروس بها. هذا ما أكسبها امتيازا كبيرا بالمقارنة مع اللغة السفاريدية.

- ما حقيقة المساعدة المزعومة التي قدمها فرانكو ليهود أوربا بأكملها خلال الحقبة النازية؟
- لقد قالوا في البداية بأن أصول فرانكو يهودية. اسمه العائلي هو مشترك بين اليهود السفاريد و غير اليهود. إحدى عمات والدتي مثلا, تزوجت في الخليل من حاخام يُدعى فرانكو. أما حبه أو كرهه لليهود فهو أمر آخر. أعتقد أنه كان يُفكر في مصالح بلده. قبل فترة قصيرة نُشرت بعض الوثائق التي اتهمت فرانكو بالتصرف ضد اليهود. و إلا فالفضل في نجاة بضعة آلاف من اليهود يرجع لشجاعة بعض الديبلوماسيين الذين تصرفوا من دون الاستشارة مع النظام.

- حدثني عن الأعلام السفاريد القدماء.
- بالنسبة لإسبانيا المسلمة, هناك مثلا صامويل ابن نغرلة. بلغة العصر, كانت لهذا الرجل سلطات عديدة, فقد كان رئيسا للحكومة, وزيرا للدفاع, قائدا للقوات المسلحة, و قاد بنفسه 19 معركة ضد أعداء ملك غرناطة. إضافة لتنوع تكوينه, فقد كان حاخاما, قاضيا و شاعرا.

- و بالنسبة لإسبانيا النصرانية؟
- كان هناك صامويل ها ليفي أبو العافية, الذي يعتبر الذراع اليمنى لبيدرو الأول "الرهيب". و قد بنى بيته في الحي اليهودي بطليطلة, و هو اليوم معروف بدار الكريكو. كما كانت له أراضي شاسعة في طليطلة و إشبيلية.

- و ابن ميمون القرطبي...
-...كان عالما لاهوتيا, فيلسوفا و طبيبا غاص عميقا في الرياضيات و علم الفلك. تعتبر كتبه حجر الزاوية في العقيدة اليهودية رغم الجدل الذي أحدثه قيد حياته, في نهاية القرن 12, و استمر حتى القرن 14 ميلادي. لقد وُلد في قرطبة لكنه قضى فترة طويلة من حياته في القاهرة حيث كان طبيبا للسلطان صلاح الدين.

- غايردون أعلن بأن إسبانيا ستمنح الجنسية المزدوجة للسفاريد الذين يثبتون انتماءهم.
- لقد سبقه إلى هذا الاقتراح بريمو دي ريبيرا بقرار يرجع لعام 1924م. خلال الحرب العالمية الثانية مُنحت, أيضا, جوازات سفر, ليس فقط للسفاريد. إن تاريخ اليهود يُمكن إجماله في ثلاث كلمات: لقاء فافتراق ثم لقاء مرة أخرى. خطوة الحكومة الحالية هي جد طبيعية نظرا لكل هذه الروابط الخاصة. إن السفاريد, بكل تأكيد, هم أندلسيو إسرائيل.

صلة الرحم بالأندلس.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق