الأربعاء، 20 مايو 2015

حكايات القطار في مغرب ما قبل الاستعمار

حكايات القطار في مغرب ما قبل الاستعمار

مولاي الحسن الأول 1873-1894

يعود إنشاء أول خط سكك حديد في المغرب إلى قٌبيل الحماية الفرنسية (1912-1956م). لكن كانت قبل ذلك محاولات لتزويد المغرب بخط سكك حديدية, و كانت أولاها عام 1888م. في هذه السنة قدمت الحكومة البلجيكية للسلطان المغربي مولاي الحسن الأول قاطرة و عربة تتسع ل12 فردا صُنعت بمصانع شركة لوكغون Legrand بمدينة مونس Mons البلجيكية. كانت الحكومة البلجيكية ترغب من وراء ذلك الحصول على صفقة تزويد المغرب بخط سكك حديد.


في كتابه "في صحبة السلطان", أورد المصور غابرييل فير أن مولاي الحسن استفتى الفقهاء حول هذا القطار البلجيكي فحرموه تحريما شبه جماعي باعتباره وسيلة من وسائل الاختراق الأوربي. رغم ذلك حضر وفد رفيع المستوى من شركة لوكغون لإجراء تجربة للقطار أمام أعين المغاربة, لكنهم فشلوا في إقناعهم حيث أصيب الحضور بالهلع جراء الضجيج و الأدخنة و شرارات الاحتكاك و حركات المكبس. عددٌ من المُتفرجين "الفضوليين" أٌقتيدوا بالقوة إلى داخل العربة ليكونوا ركاب التجربة. كان على القطار صعود ربوة, الأمر الذي استعصى عليه, فاستُدعي خدم القصر لدفع القطار و مساعدته في إكمال مسيره. فشلت الصفقة, و ظلت أجزاء القطار و سكة حديد بطول كيلومتر في جِنان الإقامة الملكية بمكناس. 


التجربة الثانية لإنشاء خط سكك حديد قام بها السلطان الشاب مولاي عبد العزيز, ابن و خليفة مولاي الحسن,  و هو معروف بولعه بالابتكارات الأوربية. قام السلطان بطلب عربة قطار من مصانع كروزو Creusot الفرنسية لربط قصر فاس بدار دبيبغ, أي على مسافة 4 كيلومترات. وصلت تجهيزات و معدات القطار إلى مرفأ العرائش عبر باخرة La Gaule التابعة لشركة باكي للملاحة. لتسهيل نقل الحمولة إلى فاس, فُصلت العجلات عن القاطرة, و مع ذلك كان من شبه اللمستحيل نقل هذه الآلات الضخمة من العرائش إلى فاس, أي مسافة 250 كيلومتر, و في طرق وعرة و في غياب آلات نقل متطورة. 

هكذا نُقلت أجزاء القطار و سكة الحديد على ظهور الجمال و على عربات تجرها البغال, و وُضعت عوامات لقطع الوديان و الأنهار. بعد أربعة أشهر وصلت القافلة الضخمة إلى فاس. خلال الرحلة فُقدت و تضررت أجزاء من المعدات, فلم يتم وضع إلا كيلومترين من سكك الحديد, لكن المشكلة كانت ضياع عجلات القطار! هكذا راسل المغاربة شركة كروزو و احتجوا لدى هيئة سكة حديد باريس-ليون-المتوسط و شركة باكي للملاحة, لكن من دون جدوى. كما أُطلقت حملة تنقيب على طول الطريق الذي قطعته القافلة من العرائش إلى فاس, لكن لم يعثروا على العجلات المفقودة. هكذا أُجهِض حُلم السلطان مولاي عبد العزيز في حيازة قطار بخاري ينقله من قصره في فاس إلى دار البيبغ, و تأجل بالتالي مشروع سكك الحديد إلى فترة الحماية الفرنسية.

صلة الرحم بالأندلس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق