السبت، 17 سبتمبر 2016

هكذا احتفل المسلمون في غرناطة بعيد الأضحى هذه السنة (+صور)


هكذا احتفل المسلمون في غرناطة بعيد الأضحى هذه السنة

 
فتيات في غرناطة يتبادلن التهاني بمناسبة العيد.

ترجمة لمقال صحيفة El Espanol الإسبانية حول عيد الأضحى في غرناطة.
عنوان المقال: Así se vive en ‘Al-Andalus’ la fiesta del cordero
"هكذا يُعاشُ عيد الأضحى في الأندلس"
تاريخ المقال: 12 شتنبر 2016. للصحفيان بيبي باراهونا Pepe Barahona و فرناندو روسو Fernando Ruso.

ترجمة هشام زليم.
صلة الرحم بالأندلس.



بحركة متقنة و محكمة للسكين من اليمين إلى اليسار, ينحر مصطفى الكبش و هو يردد "الله أكبر" كما تُرددُ تعويذة "المانترا". ينهمر الدم الغزير و يتناثر بعشوائية مع كل اختلاجة للبهيمة. من جديد تمريرة أخرى, و دم أغزر يتدفق في القنوات التي تلونت بالأحمر الغامق. و هكذا دواليك حتى نُحرت مئتا أضحية تأدية لإحدى الشعائر التي ينص عليها الإسلام: التضحية بكبش خضوعا و انقيادا لله. هذا هو عيد الخروف, أو عيد الأضحى, واحد من أعظم الأيام لدى الطائفة المسلمة على صعيد العالم, عيدٌ نُقلَ في غرناطة من المنازل إلى المسالخ. هذه تفاصيل هذا اليوم رواية عمن يحيونه.


يبدأ هذا اليوم, الذي يُعدُ من أهم أيام السنة عند المسلمين, باكرا في الحاضرة النصرية القديمة. في الهواء الطلق, كما تنص الشريعة على ذلك, و في الخلفية قصر الحمراء, تجتمع طائفة جامع غرناطة الأعظم على تلة الزيتون بالبيازين, التي تعد أعلى منطقة في المدينة. عوائل بأكملها تبسط سجاداتها استعدادا للشروع في الصلاة. الرجال في جانب, و النساء و الأطفال في الجانب الآخر. هم بالجاكيت و ربطة العنق و في بعض الحالات بالجلابة, و هن بأوشحة ملونة و ملابس ملونة. أزياء تدل على أن هذا اليوم ليس عاديا بالنسبة لأتباع الإسلام.

أكثر من 300 ألف شخص يجعلون من أندلوسيا, الأندلس القديمة, ثاني منطقة إسبانية من حيث عدد المسلمين بعد قطلونية. عُشرهم يعيشون في غرناطة حيث تستقر واحدة من أكبر طوائف المسلمين الإسبان. من بين كل 10 مسلمين, يوجد 6 مهاجرين, غالبيتهم من المغرب الأقصى.



وُلد أحمد برميخو مندوزا في غرناطة. والداه مسلمان متحولان, فالأم أمريكية و الأب جليقي. يعمل أحمد إماما لجامع غرناطة الأعظم الواقع بساحة سان نيكولاس التي يقصدها السياح من كل أنحاء العالم للوقوف على المناظر الخلابة التي تمنحها لقصر الحمراء. في هذا المكان تجتمع واحدة من الطوائف المسلمة الأكثر عددا في المدينة, رغم أن الصلاة اليوم تُقامُ على بعد مئات الأمتار.


خضوع و انقياد
 
الإمام أحمد برميخو يتجه للمصلى

وسط ميدان قاحل و تحت ظلال أشجار الصنوبر, يشدد أحمد أمام المؤمنين على أن الإسلام يعني الخضوع و يعتبر أن أفضل مثال على ذلك يتجسد في الأمر الذي أعطاه الله لإبراهيم. كان عليه قتل ابنه اسماعيل, ابنه الأكبر, الذي امتثل لأمر الله دون أدنى اعتراض. و في الوقت الذي تله فيه للجبين, استوقف اللهُ النبيَ بعدما رأى الدليل القاطع على إخلاصه و عفاه من تنفيذ أمر قتل ابنه. بدل ذلك, و جزاءا له, فداه بكبش. فاتُخذت بذلك سُنة – كما يقول الإمام- متوارثة كرمز للخضوع و الانقياد لله.


مسلمون يؤدون صلاة العيد في ميدان الزيتون بالبيازين بغرناطة


ولدٌ لإبراهيم, يعني أشهرا من الادخار بالنسبة للمسلمين اليوم. التضحية بكبش – أو ذبح عظيم حسب تفصيل القرآن- يمثل بالنسبة للعائلات جهدا اقتصاديا هائلا, فالبعض لا يستطيعون اقتناءه و يحيون المناسبة بفضل سخاء أصدقائهم. الكل يتزين اليوم بمظهر احتفالي, سواء من استطاع اقتناء الكبش أو من توصل به كهدية ثمينة من طرف أقاربه.
 
مسلمات يتبادلن التهاني بعد صلاة العيد
منذ أشهر و مصطفى البوهالي يدخر لأداء هذه الشعيرة التي يحضُ عليها الإسلام. أسرته متواضعة و تعيش في حي لا كرتوخة –واحد من أفقر و أصعب أحياء غرناطة-, و بمشقة الأنفس استطاع دفع مبلغ 140 يورو ثمن الكبش في إسبانيا. في مسقط رأسه في المغرب يرتفع الثمن ليصل إلى 250 يورو, ما يُعد أمرا معجزا بالنسبة للكثيرين. كبشه فتي, عمره بين الستة أشهر و السنة و يزن حوالي 20 كيلوغراما. بكل فخر يُبرزهُ لنا في صندوق الأمتعة بسيارته. كي يحمله إلى منزله, قضى ساعات طويلة أمام باب مسلخ سانتافي بضواحي غرناطة, حيث يجتمع العديد من المسلمين بعد الصلاة التي تُعد بداية مراسيم التضحية.


يتزايد باضطراد عدد المسلمين الذين ينحرون الأضاحي في المسالخ  المُعترف بها حلالا, و التي تتوافق مع التوجيه الإسلامي ساعة التضحية. إنه إجراء أكثر صحية و راحة بالنسبة للعوائل لكنها تبقى فاترة بالنسبة لمن ترعرع على نحر الخراف في المنزل. يقول شخص آخر يُدعى أيضا مصطفى و اسمه العائلي نشاد, و هو أحد الجزارين المكلفين بجز أعناق حوالي مائة أضحية: "منذ صباي, حينما كان سني 13 ربيعا, كان آباؤنا يعلموننا نحر الأضاحي". سنه اليوم 53 سنة و قد نحر لحد الآن 22 خروفا, "أتوجه اتجاه مكة و أشكر الله باسم العائلة التي اشترت الكبش". حسب مصطفى الشروط الواجب توفرها لنحر الأضحية هي: أن تكون مسلما, ذكرا, عاقلا وأن تكون صليت قبل النحر.
 
مصطفى نشاد في المسلخ

يدا مصطفى ملطختان بالدماء و كذلك المئزر الذي بالكاد يقيه غزارة الدم المتدفق من الأعناق المنحورة. يقول مفسرا: "يوضع الخروف على الأرض و يُمرر السكين بصورة خاطفة و محكمة من اليسار إلى اليمين, هكذا يُقطع الشريان و الوريد الوداجي حتى لا تعاني البهيمة"..."فيموت في ثوان". لكن الاختلاجات التي يقوم بها الخروف تجعل هذه الشعيرة مقرفة في أعين من يجهل بها. الرائحة كثيفة في المكان الذي جُمعت فيه الخراف الوديعة, و هي خليط من الأمونياك, الدم و الروث. في دقائق, يغطي اللون الأحمر المَحطة التي يُخرِج إليها الجزار الأضاحي.


بعد ذلك تُسلخ و تُستخرجُ أحشاؤها التي تُعدُ الشيء الوحيد الذي يُؤكل هذا اليوم. أما اللحم فيجب أن ينتظر طيلة اليوم حتى يجف تماما من الدم. عائلة البوهالي تنتظر الخروف بتلهف. يحتفل الأطفال عندما يرونه يلج باب الحي الفقير الذي يعيشون فيه. يطل الجيران لرؤيته يمر دون أن يستطيعوا إخفاء نظرات الذهول. بينما الدم يستمر في التقاطر في الممرات. 


خديجة, ربة البيت, تشعل الجمر لتغزو سحابة دخان ضخمة المطبخ و تتوسع في بقية المنزل, و تعلق على ذلك قائلة "هذا لصنع كباب الكبد و الأمعاء" بينما تحرك بعض المعكرونة التي تقليها في القدر. لتواصل الحديث: "لا يحب الأطفال الخروف". مع ذلك, لا يجد الصبيان –الذين أرجئوا موعد العودة إلى المدرسة بسبب العيد -  غضاضة في لمسه و جر قرونه, و وضع الشحم التي تلف أحشاء البهيمة على أكتافهم, و التي تستعملها العائلة في جعل اللحم أكثر طراوة على الفحم. 
 
عائلة البوهالي يتناولون الغذاء

"ذبح عظيم"


في هذه الأثناء, يجلس رب الأسرة في أرقى منطقة في المنزل على أريكة استُقدمت خصيصا من المغرب الأقصى حيث يتجاذب أطراف الحديث مع صديق له بينما يشربان الشاي المغربي الشهي بنكهة النعناع. يرتدي الجبادور, و هو نوع من الجلابة تُلبس خلال الأعياد و لأداء الصلاة. "لا نأكل سوى ثلث الخروف, و في الغد سنطبخ الكسكس بإحدى قوائمه؛ و نقدم أكثر من نصفه لأصدقائنا الذين لم يستطيعوا اقتناءه", يشرح لنا مصطفى بينما يتناول حلويات تقليدية مصنوعة من العسل و الفواكه الجافة.
اليوم, سيتناولون أحشاء الخروف المطهية على الفحم. يضع قطعا صغيرة وسط الخبز و يضع عليها الملح و الكمون. في حائط الغرفة لوحة مكتوب عليها "الله أكبر". "غدا سنأكل الرأس و المخ فطعمهما شهي للغاية".
مصطفى البوهالي في منزله بغرناطة

وصل مصطفى قبل 11 عاما إلى إسبانيا, أطفاله الثلاثة ولدوا على الأراضي الإسبانية, و في مثل هذه المناسبات يستحضر ما تركه في المغرب. "سأتصل اليوم بالعائلة, و بعد تهنئتهم سأسألهم عن الخروف"...و يختتم قائلا: "إنه يوم عيد حيث نحتفي بجزاء عام من الجهد".

ولدٌ, كبشٌ أو ادخار عام كامل. "ذبح عظيم" يُذَكِّر بخضوع و طاعة شعب كامل, أينما كان, لله.

ه ز
صلة الرحم بالأندلس.

هناك تعليقان (2):

  1. الله أكبر الله أكبر

    ردحذف
  2. الله أكبر الله أكبر الله أكبر ......... لاإله ألا الله

    ردحذف