الخميس، 14 يونيو 2018

رسالة حب من الأندلسي الحكم رودرغيث إلى المغرب.

رسالة حب من الأندلسي الحكم موريا رودرغيث إلى المغرب. 
الحكم موريا رودرغيث

ترجمة هشام زليم
مدونة صلة الرحم بالأندلس.

مقال: "نور الاندلس في البلاد المغاربية" Luz de Al Andalus en El Magreb للأندلسي الحكم موريا رودرغيث Al Hakam Morilla Rodriguez منسق منتدى ابن امية Foro Aben Humeya الاندلسي. و قد كتبه يوم 13 يوليوز 2011 بمناسبة دسترة المغرب للمكون الاندلسي.

"نور الاندلس في البلاد المغاربية"

"أنت عمري اللي ابتدى بنورك صباحه" أم كلثوم.

لأول مرة في التاريخ الحديث و المعاصر لدولة ما, ينص الدستور المغربي الجديد, و هو وثيقة رسمية, على الجذور الأندلسية للمغرب الأقصى. يوم فاتح يوليوز ( من عام 2011 - المترجم ) صادق شعب المغرب على ذلك من خلال استفتاء. و بناء عليه, دولة المغرب مكونة أساسا من الأمازيغ أو البربر, الأندلسيون, العرب, الصحراويون و بشكل أقل من السفارديم. إنه تقدم. شعبنا سيحصل على اعتراف شرعي في دستور دولة. و نحن الآن على ثقة بأن الجزائر و تونس سيحدوان نفس الحدو. أما الدولة الإسبانية فلا يمكننا أن ننتظر منها شيئا لأن جذورها الإسلاموفوبية و المعادية للسامية تنخر دعائمها منذ أمد بعيد.



لهذا نستنهض همم الشعوب للتعبير دون خوف و أن يبدلوا من أنفسهم أنبل ما يمكنهم بدله. ربما تبدو الاستفتاءات و المجادلات شاقةً لاتخاد قرار حول مشروع ما, لكن حين الوصول إلى اتفاق,آنذاك الجميعُ يَدفعُ نحو الانسجام, بعيدا عن الإلزامات الفردانية و الرُؤى القصيرة المدى. انظروا كيف تهاوت السياحة في تونس و مصر: مواطنو أوربا  و الولايات المتحدة لا يولون أهمية للديمقراطية إلا داخل أراضيهم, في المقابل يشعرون بالراحة حين سفرهم إلى دول أفسدها الاستبداد و تسمح لحيتانهم المرابين بالازدهار. فهل نسايرهم في ذلك؟ لن نسمح بأن تُستخدم الديمقراطية كهدف في الحد ذاتها, لأن الأمر لا يعدو كونه يوتوبيا. فالديمقراطية هي وسيلة للتطور المتناسق لكامل المجتمع. فلنحب الديمقراطية التي رأت النور في يوم مجيد لكل البشرية  و ذلك في مجلس تأسيسي بسيط في المدينة المنورة. ديمقراطية لا تقتصر فقط على "الأسياد" كما كان الشأن في اليونان حيث كان يُدعس على جزء كبير من الساكنة المستعبَدة. و إذا كان المغرب يقيس نفسه بالنظام السلطوي المُدَّعي للديمقراطية للقوميين الكاثوليكيين الإسبان فلن يجني سوى الانحطاط و الفشل. في المقابل ابريطانيا العظمى لها نظام برلماني فيه فصل حقيقي بين السلط و في نفس الوقت ملكتها هي رأس كنيستها, و لا أحد يشك في هذه الحالة في احترامهم للعدالة و للحرية. إن الإدارة المواطِنة الحرة تقود الشعوب للنهوض و الازدهار في جنائن السعادة, و هذه ليست سوى البداية لآفاق مستقبلية لا يستطيع المرء حتى تصورها الآن. هكذا وصف أجدادنا عظمة الأندلس التي لا مثيل لها بعيدا عن اغتيابات أهل الحسد و السوء. 


كما في الماضي, أمَلُنا ليس في أن تُنافس الإدارات المسلمة الدول المخادعة لشمال المتوسط في الفساد, و إنما في أن تعود من جديد روح التوَّاقين لإيقاد النور حتى تسود العدالة و الكرامة الإنسانية المنيعتان كل أرجاء أمنا الأرض. لا وجود لعلاقة متساوية و مزدهرة بين أفراد المجتمع من دون عدالة حرة تحمي على الخصوص العلاقات التجارية حتى مع الأجنبي, و من دون قضاة يتقاضون رواتب محترمة. لهذا اهتم عبد الكريم الخطابي العظيم شخضيا بهذا الشأن, موليا إياه أهمية قصوى في إدارته الريفية النموذجية, مُخرجا المغرب من نير الاستعمار. و بالقدر الذي نعترف فيه بالأهمية التاريخية لهذا البطل العظيم الخالد لبني ورياغل يُبجَّلُ علماء و حكام أندلسيون عظماء في قبورهم في شمال إفريقيا. أندلسيون أسسوا في فاس أول عاصمة لدولة مولاي إدريس. أندلسيون من إكسترمادورا (أورناتشوس) أسسوا سلا و بعدها الرباط, العاصمة الحالية لأمة الأطلس. لقد شكل المغاربيون طيلة عقود جزءا من الإدارة الأندلسية خلال عصر الامراء و الخلفاء القرطبيين, و سيحصل العكس بعد ذلك. لقد اعتُرف بالسلطة الفخرية و الحضارية للأندلس حتى في السنغال. لما لا تُقوى و تُنسَّق علاقة ذات أهمية استراتيجية و أولوية بين الطوائف الأندلسية أو تراثنا الثقافي, و الموجودة حتى اليوم في الحوض المتوسط و من النيجر حتى الهند. من المستفيد من قيام كل هؤلاء المسلمين بالعمل القذر للمنافقين و الجاحدين الذين لا يتوقفون حتى في إقليم أندلوسيا عن احتقار أو تجاهل حضارة الأندلس التي لا نظير لها.


سنبقى ننتظر من الأمم الأخرى أن تحدو, على الأقل, حدو الخطوات الخجولة التي خطتها المغرب. في الجزائر- الواقعة بين العدوتين- بلد الملكة الكاهنة الألميرية, أول أندلسية مسلمة عٌرفت في شبه الجزيرة الإيبيرية و في كل أوربا, و ملكة الامازيغ (البربر) الأسطورية تينهنان التي بلغت أقصى المستويات السياسية و الروحية. تلمسان, وهران, قسنطينة و الجزائر العاصمة مدن تعلم عن المُهجَّرين الأندلسيين و تحفظ على غرار المغرب ألقابا كأزوريو, مولينا, بريز, سانشو, إلخ. و ماذا نقول عن تونس؟ يُقدَّرُ بأن ثلث سكانها ينحدرون من هجرات ممنهجة نفدها طغاة قشتاليون أو قدموا إليها فرارا من محاكم التفتيش المروعة. و ماذا عن مالي؟ حيث التاريخ المجيد لتمبكتو, غاو, جين, مدن غنية ذات ثقافة أسطورية, ما كانت لتكتمل من دون مساهمة المهاجرين الأندلسيين. أو الإسكندرية, أو إسطنبول, أو وادي الهند. و الكثير الكثير من الخزي الرهيب لأطفال أجبروا ذات يوم على الرحيل عن وطنهم الأندلسي و الذين تُفضل القومية الكاثوليكية المبيدة سوقهم إلى النسيان المبيد. 

و سيستمر الأمر على هذا المنوال. ستبقى الثقافة الأندلسية و السفاردية في المكتبة الوطنية الإسبانية في "قاعة الشؤون الأفريقية". لن تُحترم مقابر المسلمين القديمة, مساجدهم و رابطاتهم Rabitas العتيقة, و لا أي معبد مقدس آخر. و سيتم تجاهلنا في المدارس و المعاهد و الجامعات. و اللغة العربية, التي أنجبنا أعظم علمائها و كتابها, لن تظهر, حتى بشكل اختياري, في النظام التعليمي الأندلسي الحالي. و العنصرية و الكراهية لن يتم تجريمهما و ذكرهما في القانون الجنائي. باختصار, سيبقى متجاهَلا كل شيء عن حضارة لا مثيل لها لا زالت إلى اليوم تدهش العالم.

و نقول بأن الأمور ستستمر على هذا المنوال لأننا لا نريد منكم شيئا أيها القوميون الإسبان المُشِيدون بالإبادات, بنشاط سابقا و بالإهمال اليوم. من اليسار أو من اليمين, كلكم متواطئون مع الشمولية البابوية التي تنازلتم لها عن سيادتكم, انسونا مرة إلى الأبد, انسونا و كأننا لم يكن لنا وجود. إن كان (النسيان) يواسيكم عن كرهكم العرقي القديم, فإنكم أنتم أيضا تثيرون اشمئزازنا لأن الإديولوجية السافلة و أعداء الثقافة و الطبيعة البشرية هم أخطر من أفتك السرطانات. ذلك أن الظلام لا زال سيد البراري القاحلة للقومية الإسبانية المعادية للموروس. 

رغم ذلك, للمرة الأولى, في نهاية القفار العقيمة لأعداء الفكر و الجَمال, وصلت نسمة ريان و ياسمين الأندلس, جاءت من كتبية مراكش متجهة إلى أختها التوأم الخيرالدة في إشبيلية.

ربما اختلفنا فيما مضى, كما يفعل جميع العشاق. لكننا اليوم في الأندلس نحمل المغرب الأقصى في قلوبنا...

الأندلس 13 يوليوز 2011. 

الحكم رودرغيز. 

منتدى ابن امية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق