اليوم الوطني للأندلس, بين 4 دجنبر و 28 فبراير.
هشام زليم
هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس.
يحتفي إقليم الأندلس Andalucia المتمتع بالحكم الذاتي في إطار السيادة الإسبانية, باليوم الوطني للأندلس اليوم الأربعاء 28 فبراير. و للتعرف أكثر على الخلفيات السياسية لإعلان هذا اليوم يوما وطنيا نُقدم أدناه كرونولوجيا مختصرة للأحداث بإقليم الأندلس منذ سنة 1975م:
1-"في أكتوبر سنة 1975م, تحول مرض فرانكو إلى احتضار أدى إلى موته في 20 نونبر 1975م, و تولية خوان كارلوس ملكا على إسبانيا في 22 نونبر 1975م. و بموت فرانكو مات نظامه, و انفتح عهد جديد على إسبانيا و القومية الأندلسية و الإسلام في الأندلس." (1)
2-يوم الرابع من دجنبر 1977م, و أمام ذهول السلطات الإسبانية, خرج أكثر من مليونين و نصف المليون أندلسي إلى الشوارع الأندلسية حاملين الأعلام الخضراء و البيضاء, إضافة ل 600 ألف أندلسي خرجوا في برشلونة, و آلاف أخرى بباقي المدن الإسبانية. مطلب المتظاهرين تركز في منح إقليم الأندلس حكما ذاتيا لتسيير شؤونه بكل استقلالية و سيادة.
أيقونة هذه المظاهرات كان هو الشاب الأندلسي مانويل خوثي غارثية كاباروش الذي أردته الشرطة قتيلا في شارع تطوان بمدينة مالقة الأندلسية و هو يحاول رفع العلم الأندلسي فوق مبنى المجلس الإقليمي للمدينة.
هذه الهَبَّة الشعبية العظيمة حطمت الأسطورة القائلة بأن الأندلسيين لا يملكون هوية خاصة بهم تميزهم عن باقي سكان الجزيرة الأيبيرية و بأن معظمهم لا يرغبون في حكم ذاتي.
رغم هذه المظاهرات الحاشدة, أصر رئيس الوزراء الإسباني آنذاك أدولفو سواريز على رفض الاعتراف بالهوية الأندلسية. مما خلق أزمة داخل حكومته و حزبه, حيث استقال أحد الوزراء و بعض النواب الأندلسيين مقدمين مصلحة الأندلس على مصالحهم الشخصية.
3-سنة 1979م, أمام تأزم الوضع و تدخل الملك, تراجع رئيس الوزراء سواريز عن موقفه و قرر تنظيم استفتاء شعبي بإقليم الأندلس و وضع شروطا تعجيزية تجعل من المُحال منح حكم ذاتي للإقليم. يقول الدكتور علي الكتاني:"لم تكن الحكومة المركزية برئاسة حزب "اتحاد الوسط الديمقراطي" ترى بعين الرضى نهوض القومية الأندلسية, و لا كانت تحبذ حصول الأندلس على الحكم الذاتي. و كان الحل الدستوري الوحيد للمشكل هو إجراء استفتاء شعبي في الأندلس يستفتي فيه الأهالي عن رأيهم في الحصول على الحكم الذاتي. و في 3 أكتوبر 1979, اجتمع أسكوديرو "رئيس المجلس الأندلسي الأعلى" بأدولفو سواريز, رئيس الوزراء, و اتفقا أن يكون موعد الاستفتاء بتاريخ, 28 فبراير 1980م." (و هي المناسبة التي تُخلَّدُ ذكراها اليوم).
" و بعد تحديد الموعد, أخذت الأحزاب الأندلسية تقوم بالترتيبات اللازمة لتفسير معنى الحكم الذاتي للجماهير و حثها على التصويت, بينما ابتدأت الحكومة المركزية تفكر في إفشال الاستفتاء أو تأخيره, و حددت شروطا تعجيزية و قاسية لإنجاحه, منها أن يجري الاستفتاء في ثمان مقاطعات (ولبة, إشبيلية, قادس, قرطبة, مالقة, جيان, غرناطة و ألمرية), و أن تجيب كل واحدة منها بأكثر من خمسين في المائة من الناخبين المسجلين بالموافقة على السؤال التالي: "هل توافق على المضي في المبادرة المذكورة في المادة 151 من الدستور (الإسباني) و تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في تلك المادة؟" . و إذا كانت الإجابة أقل من خمسين في المائة في إحدى المقاطعات, عد الجواب سلبيا في كل الأندلس. و لم تطبق هذه الشروط المجحفة في أية منطقة من مناطق إسبانيا, لا في أوسكادي و لا في قطلونية و لا في غيرهما". (2)
كما واجه الأندلسيون مصاعب أخرى تمثل أهمها في البداية المتأخرة لحملة الاستفتاء, و عدم دقة اللوائح الانتخابية التي كان أساسها إحصاء سنة 1975م الذي ضُخم فيه عدد السكان للحصول على دعم حكومي أكبر, إضافة لعدم شطب أسماء الأموات منها, ما يعني أن عددا كبيرا من الموتى و الغير موجودين أصلا, سيحتسبون كمقاطعين, و بالتالي مصوتين بالسلب.
بل إن السلطات المركزية بمدريد أرسلت قبيل الاستفتاء بالأندلس حافلات محملة بالمخبرين للتجسس على مواعظ القداسات بالكنائس الأندلسية, لكن الأندلسيين فطنوا لهم, فشتموهم و طردوهم إلى مناطقهم. (3).
رغم كل ذلك صوت الأندلسيون لصالح الحكم الذاتي بنسبة حوالي 56 بالمئة من مجموع اللوائح الانتخابية, صادحين بذلك بأنهم قومية قائمة بنفسها و من حقها تسيير شؤونها بكل سيادة و حرية.
اعتقد الجميع أن يوم الاستفتاء هذا, الثامن و العشرون من فبراير 1980, هو نقطة تحول فارقة في تاريخ الشعب الأندلسي, فاتخذوه عيدا وطنيا, بعدما كان و لازال الرابع من ديسمبر ذكرى الانتفاضة الشعبية لسنة 1977 ذكرى غير رسمية. لكن مجرى الأحداث كان غير ذلك, فالدولة الإسبانية لم تكن جدية في منح الأندلس حكما ذاتيا حقيقيا.
يقول الأندلسي المنصور قشتيليو مورون عن التصويت لصالح الحكم الذاتي :" انتصار شعبنا هذا, أعيد طبخه و تجهيزه و إدارته بشكل سيء من طرف الساسة المذعنين لمدريد, و الذين لم يؤمنوا, و لا يؤمنون بشعبنا و بتاريخنا. و هكذا بعد 33 سنة نجد أنفسنا مع رؤساء ليسوا أندلسيين يولون وجوههم كل صباح شطر مدريد ليروا ما يقال هناك."..."نحن الأندلسيون الذين تظاهرنا يوم الرابع من دجنبر, و صوتنا بنعم يوم الثامن و العشرون من فبراير, اعتقدنا أنه أخيرا استعدنا, نحن الأندلسيون, هويتنا الضائعة منذ سنة 1492. بكل براءة وضعنا ثقتنا في الساسة الجدد آملين أن تضيء الشمس للجميع, ألا تبقى ساحات البلدات مزدحمة بالعاطلين, أن يعيدوا لنا بعض ما يدينون لنا به." (3)
لكن لا شيء من ذلك تحقق, فمبلغ الدين التاريخي لإسبانيا اتجاه الأندلس تقلص إلى مبالغ هزيلة, و البطالة وصلت إلى أرقام قياسية أصبحت تحتل معها الأندلس قائمة المناطق الأوربية التي تعاني من ارتفاع معدل البطالة, أما بالنسبة للهوية الأندلسية, فيقول المنصور قشتيليو: "لم نحرز أي تقدم فيما يخص الهوية, فأطفالنا لا يتعلمون في المدارس تاريخ الأندلس. و اقتصادنا هو اقتصاد خدماتي...أما السياحة فهي في يد وكالات الأسفار و الفنادق الكبرى و ملاعب الكولف التابعة للأوربيين. بينما نحن نعد الكؤوس, نغسل الصحون و نوضب الأسِرَّة...و أشياء أخرى." (3)
و يصف المنسق العام "لمنتدى ابن أمية" لويس كالدرون دياث أبو ياسر الوضع قبل و بعد الحكم الذاتي: "على الصعيد السياسي, المشاكل لازالت قائمة و لم تجد أي جواب, رغم الخطابات الانتصارية للحكومة الأندلسية. فمعدل البطالة لازال واحدا من أكثر المعدلات الفظيعة, ليس فقط على صعيد الدولة الإسبانية, بل على صعيد الاتحاد الأوربي. أما البنيات التحتية للطرق الداخلية الرابطة بين المناطق و البلدات فلم تتحسّن بشكل جوهري و لازلنا نحتل المركز الأول المهين في ترتيب البؤس في الاتحاد الأوربي." (4)
لقد تحول تاريخ 28 فبراير من يوم يُحتفى به إلى ذكرى لخيبة الأمل و لإجهاض حلم الأندلسيين في التحرر و الاستقلال. لهذا يبقى يوم 4 دجنبر, ذكرى الانتفاضة الشعبية, هو اليوم الوطني لفئة مهمة من الأندلسيين, لأن مطالب تلك الانتفاضة لم تُحقق بعد. لكن الحكومة الأندلسية التابعة لمدريد تحتفل ب 28 فبراير كيوم وطني رسمي, بينما لا تعتبر ذكرى 4 دجنبر كذلك و لا تعيره أي اهتمام.
الهوامش:
(1) "انبعاث الإسلام في الأندلس. الدكتور علي الكتاني. ص:298.
(2) "انبعاث الإسلام في الأندلس. الدكتور علي الكتاني. ص:207-208.
(3) مقال للأندلسي منصور قشتيليو مورون بعنوان.
28-F , La esperanza vencera a la traicion
(3) مقال للأندلسي أبو ياسر أنطونيو لويث دياز كالدرون بعنوان.
28de febrero : Que celebramos ?
صلة الرحم بالأندلس.
تحية خالصة لمحرر هذا البلوغ (Blog) الراقي والذي وحدت فيه مادة مبهرة وجديدة فكلنا درسنا عن تاريخ الأندلس وزرنا مدنه حديثا ولكن أن يربط هذا الموقع ذلك الماضي التليد والحاضر امثير فإنه جميل جداً. لكم مني كل التحايا والاحترام.
ردحذفالشعب الأندلسي يجب أن يظل يقاوم بكل الاساليب المشروعة حتى يجبر الحكومة الرسمية بالاعتراف و القفز على تاريخ مجيد و تليد
ردحذفأنا دائما أتابع قناتك على اليوتوب ومدونتك . اليوم قررت أن أترك لك تعليق وأدعمك للمواصلة . وأشكرك من أعماق قلبي على هده المعلومات والنفحات على الأندلس وتاريخه
ردحذف