كتبهاهشام زليم ، في 19 سبتمبر 2012
الساعة: 21:36 م
دفاع المورسكيين عن النبي محمد صلى الله عليه و سلم من ملفات محاكم التفتيش الإسبانية
المورسكيون هم أولئك الأندلسيون المسلمون الذين بقوا في الأندلس بعد سقوط غرناطة عام 1492م و اضطروا لاعتناق المسيحية قسرا بعد سلسلة من الفتاوى الصادرة من الكنيسة والمراسيم الموقعة من طرف الدولة الإسبانية طيلة القرن الخامس عشر و القاضية بتعميدهم و تنصيرهم. و قد تُوجت هذه القرارات بإصدار الملك الإسباني فيلبي الثالث مراسيم طرد المورسكيين من إسبانيا في عام 1609م.
و رغم تنصيرهم, بقي جزء كبير من المورسكيين مرتبطين بالإسلام يمارسون تعاليمه سرا أو علانية حسب الظروف السياسية و تقلبات علاقتهم بثالوث الحكم في إسبانيا: الملك, الكنيسة و النبلاء. بل و كانوا يناظرون المسيحيين الإسبان و يدافعون عن معتقداتهم و مقدساتهم الإسلامية, و على رأسها النبي محمد صلى الله عليه و سلم, و لو كلفهم ذلك ما كلفهم أمام قضاة محاكم التفتيش الرهيبة. و هذا ما يقرره الدكتور الفرنسي Fernand Braudel فرناند بروديل في مقدمته
لكتاب "المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية" (ص16) :"
إن التهجمات ضد محمد أو ضد القرآن, هي ولاشك أقل حجة و إقناعا من إلحاح
المسلمين و تركيزهم على إنسانية المسيح. و هي طريقة لإنكار إلاهيته و رفض
التثليت و التي بمفردها تعد نفيا لوحدانية الله."
و في هذا المقال سنقرأ شهادات دونتها
محاضر محاكم التفتيش الإسبانية في القرن السادس عشر عن حالات توبع فيها
مورسكيون بتهمة إخفاء الإسلام عبر دفاعهم عن النبي صلى الله عليه و سلم.
يذكر الدكتورالفرنسي لويس
كاردياك في كتابه "المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية"
ترجمة الدكتور عبد الجليل التميمي:
"في كثير
من الأحيان, كان الموريسك لا يتحملون من يسب أو يشتم الرسول. من ذلك أن
أحد الموريسك عندما وصل ليقتني خمرا من الحانة قد استُقبل عند مدخل الحانة
بهذه الألفاظ: "لتحرق النار الخالدة محمدا" غير أنه لم يتماسك عن الرد :"
إن محمدا يعد رجلا خيرا و طيبا" (من أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف255. الصفحة 3455).
و في نفس الكتاب يذكر كاردياك: "اسم محمد
يظهر دوما على لسان المسيحيين عندما يحلفون, وفي أحد الأيام بطليطلة, كان
مسيحيان في نقاش كبير عندما قال أحدهما: "إني أحلف باسم الله" و قد أخذ
عليه رفيقه أن يستعمل مثل هذه العبارات قائلا له: "احلف باسم من لا تؤمن
به". و قد رد عليه المسيحي قائلا: " إني أحلف باسم محمد البغي الشرير" إلا
أن أحد الموريسك كان حاضرا هذه المجادلة, سرعان ما استولى على هراوة "وكله
يرتجف" قد هدد الشاتم قائلا له: "ماذا فعل لك محمد؟" و بالطبع فإن
المورسكي هو الذي سيدفع الثمن بسوقه إلى دواوين التحقيق نتيجة شكاية
المسيحي" (من الأرشيف التاريخي الوطني الإسباني. ملف193. الصفحة 17)
و يتابع كاردياك :"في سنة
1614م , لنفس هذا السبب, مثلت بياتريس هارننداز أمام المحكمة, و على الرغم
من صفتها المورسكية, فإنها استطاعت أن تبقى بإسبانيا بعد عملية الطرد
النهائية: غير أن عددا من جيرانها كانوا يرتابون في ابتداعها, وفي إحدى
الأمسيات , قضت سهرتها عند أحد أفراد جيرانها,وبينما كان رب البيت يشعل
النارفي المدفئة, أصابه حرق و صاح: (بغي أنت يا محمد) و قد ردت عليه (لم
يكن بغيا, ولكنه رسول)…" من الأرشيف التاريخي الوطني الإسباني. ملف 193. الصفحة 16.