القرصان المغربي "السلاوي" و تمثال "المسلمين" الأربعة في مدينة ليفورنو الإيطالية

القرصان المغربي "السلاوي" و تمثال "المسلمين" الأربعة في مدينة ليفورنو الإيطالية monumento dei Quattro Mori

تمثال "المسلمين" الأربعة في مدينة ليفورنو الإيطالية monumento dei Quattro Mori

بقلم هشام زليم.

في هذا المقال الاستثنائي الزاخر بالمعلومات الفريدة و الحصرية و أيضا الصادمة سنتعرف على شخصية مغربية لا أحد يعرف عنها شيئا سوى أنه قرصان و أن اسمه علي السلاوي Ali Salettino و قد خُلدت ذكراه في تمثال عجيب في مدينة ليفورنو الإيطالية.

نريد أن ننوه أن هذه المعلومة تاريخية موثقة و مشهورة و بإمكان أي كان التحقق منها. و بالتأكيد هي مفاجأة للبعض و صادمة للبعض و تفتح بابا فسيحا للبحث حول نشاط القرصنة في مدينتي الرباط  و سلا خلال القرنين 16 و 17 ميلادي.

بهدف تخليد ذكراه و الاحتفال بانتصاراته البحرية على القراصنة الأتراك العثمانيين و المغاربة في البحر المتوسط في أواخر القرن 16 ميلادي , أمر دوق منطقة توسكانا Toscana الإيطالية فرناندو الأول دي مدتشي Fernando I de Médici  بإنشاء تمثال له أمام مرفأ مدينة ليفورنو Livorno الواقعة في إقليم توسكانا الإيطالي. 

فرناندو الأول دي مدتشي Fernando I de Médici 

في عام 1601 انتهى النحات الإيطالي جيوفاني بانديني Giovanni Bandini من نحت تمثال فرناندو الأول. ظل هذا التمثال على هذا الحال حتى عام 1621 حيث ستُضافُ للتمثال قاعدة هي موضوع هذا المقال. 

في عام 1621 كلف كوسمي Cosme II ابنُ و خليفةُ فرناندو النحاتَ بييترو تاكا Pietro Tacca بنحت تماثيل من البرونز لأربعة قراصنة مسلمين أسرى أسفل تمثال والده كزيادة في عظمة والده فرناندو. و قد انتهى بييترو من نحتهم عام 1626.

 بييترو تاكا Pietro Tacca

استلهم النحات الإيطالي الملامح و الصفات الجسدية للأسرى من أسرى مسلمين حقيقيين كانوا قابعين آنذاك في سجن ليفورنوو قد اختارهم من جنسيات عُرفت بإنجاب أشرس القراصنة آنذاك. و هؤلاء الأسرى هم: القرصان المغربي علي السلاوي Ali Salettino, القرصان البلقاني علي مرجان Ali Morgiano و القرصان التركي علي مليوكو Ali Melioco, أما الرابع فهو قرصان ذو ملامح إفريقية لم يتم ذكر اسمه و بقيت هويته مجهولة. 

 علي السلاوي Ali Salettino

علي مليوكو Ali Melioco

علي مرجان Ali Morgiano

الإفريقي المجهول

قد يكون  الإفريقي المجهول قرصانا على سفينة مغربية سلاوية أسرت في مدينة ليفورنو نظرا لامتداد حدود الامبراطورية المغربية آنذاك إلى عمق الصحراء الإفريقية الكبرى خصوصا بعد الفتح المغربي لامبراطورية سونغاي (مالي, النيجر و بوركينا فاصو حاليا) عام  1591 في عهد السلطان السعدي المنصور الذهبي.

و ما من شك أن القرصان المغربي علي السلاوي و كما يشير إلى ذلك اسمه المرتبط بمدينة سلا المغربية هو من قراصنة الرباط و سلا على الساحل الأطلسي المغربي. هؤلاء القراصنة المغاربة الذين سيطروا في القرنين 17 و 18 كليا على البحر الأطلسي و زاحمو القراصنة الأتراك العثمانيين في البحر المتوسط. و يبدو أن علي السلاوي قد أُسر خلال هجمة قام بها الأسطول السلاوي المغربي على السواحل الإيطالية.

عند اجتياح نابليون لإيطاليا عام 1799 أمر بتدمير التماثيل لأنها ترمز للعبودية و الطغيان و الاضطهاد, لكنه تراجع عن تنفيذ ذلك. لكن هذا لم يمنع جيشه من إحداث أضرار بالتماثيل.

و كما هو معلوم فالأوربيون كانوا ينعتون الشخص المنحدر من مدينة سلا قاعدة القرصنة المغربية ب Salétin بالنسبة للفرنسيين و Saletino بالنسبة للإسبان و الإيطاليين و هذا مشهور في أدب القرن 17 و 18 ميلادي الغزير بذكر القراصنة السلاويين Corsarios saletinos بالإسبانية أو corsaires Salétins بالفرنسية.

هشام زليم

صلة الرحم بالأندلس.