الثلاثاء، 13 يناير 2015

جورج بنسوسان: "نزوح اليهود الجماعي من البلاد العربية, تطهير عرقي حقيقي سببه الخوف"

جورج بنسوسان: "النزوح الجماعي لليهود من البلاد العربية, تطهير عرقي حقيقي سببه الخوف"

ترجمة هشام زليم

المؤرخ جورج بنسوسان

حوار أجراه الصحفي ستيف النجار (أسبوعية Actualité Juive الفرنسية) مع المؤرخ اليهودي الفرنسي (المغربي الأصل) جورج بنسوسان بتاريخ 9 دجنبر 2014.

 عنوان المقال: Georges Bensoussan: « L'exode des Juifs des pays arabes, un véritable nettoyage ethnique par la peur »



 
* ما هي العوامل الرئيسية لهذا "الاجتثات الواسع" لليهود من البلاد العربية؟

يتمثل العامل الأول في تحرر اليهود خلال القرن العشرين, تحرر في العقول أساسا عن طريق المدرسة خصوصا, و لكن ليس في القانون. اقترن (هذا التحرر) غالبا بالتغريب المرتبط بالمسار الاستعماري. لقد نُظِر للمستعمرين باعتبارهم محررين للأقلية اليهودية بالبلاد العربية حيث انتشلوها من حالة الاضطهاد. بدى الرصيد النفسي للعالم العربي-الإسلامي عاجزا عن تحمل هذا التحرر و التحرير التدريجي لليهود, خاصة و أن التشريع الإسلامي يعتبر دونية اليهودي - الذمي- وضعا دائما غير قابل للتفاوض.

يعود الفضل إذن في تحرر اليهود من هذا العنف العربي, و خصوصا من هذا العنف المقنن من طرف الإسلام, إلى الاستعمار و التعليم. ابتداءا من ذلك الحين أصبح تحرير اليهود يبدو غير مسموح به و سيُوصف اليهود في العشرينيات بأنهم "متعجرفون" لاعتبار أنفسهم مساوين للمسلمين, بينما القانون الإسلامي ينص على أن اليهودي في رتبة دُنيا.


و بالتالي العامل رقم واحد في القطيعة ليس قيام دولة إسرائيل. هذا رأي ناجم عن قصر نظر و هو يشابه مقولة أن دولة إسرائيل قامت نتيجة الهولوكوست. لا علاقة لإسرائيل بالهلولكوست, فهي ابنة الصهيونية.


يجب الإشارة إلى أن الحركة الصهيونية لم تكن قوية جدا بين يهود العالم العربي. فكانت مثلا ضعيفة للغاية في العراق, و مع ذلك نجد أن جميع يهود هذا البلد غادروا العراق ما بين 1950 و 1952 هربا من جو الرعب و الخوف. كانت الأقلية اليهودية في العراق ثرية, خريجة جامعات, متعلمة و مثقفة. باعتبارها نخبة, تعرضت لنوع من الغيرة الاجتماعية من جهة السكان العرب. خصوصا لما أنتجَ التعليمُ بورجوازية عربية خريجة جامعات: لقد دارت منافسة حول مناصب الأطباء, المحامين, المهندسين, و هي وضائف كان اليهود ممثلين فيها بشكل كبير. قيام دولة إسرائيل ليس سوى مُسَرِع لحركة التاريخ. لقد خلقت المجتمعات العربية حول الطوائف اليهودية مناخا من الخوف في كل البلدان, باستثناء لبنان.

العامل الثاني يتمثل في دُنو استقلال البلدان العربية. فمع اقتراب زوال الاستعمار و برمجة الاستقلال العربي, خشي اليهود من الرجوع لوضع الاضطهاد السابق في العراق و سوريا و البلاد المغاربية و ليبيا. إن شهر العسل بين اليهود و المسلمين في البلاد العربية هو مجرد خرافة اخترعت في القرن التاسع عشر.

ما هي النتائج المادية لهذا الرحيل؟


إنها كارثة. لقد رحل تقريبا كل يهود العالم العربي. فمن 900 ألف أو المليون الذين كانوا يعيشون هناك, لم يتبق سوى 4 آلاف اليوم. يمكن الحديث عن تطهير عرقي حقيقي سببه الخوف. لم يكن هناك طرد إلا في مصر, لكن كان هناك تشجيع على الرحيل عبر نشر الخوف و الابتزاز و الضغوطات. لقد حولوا حياة الصناع و التجار إلى جحيم.  قاموا بكل شيء للدفع بهم نحو الرحيل.

رأى اليهودُ الدولةَ, في أغلب الحالات, و هي تصادر ممتلكاتهم. إنها مصادرة ضخمة يصعب حساب قيمتها, قد تعادل مليارات الدولارات. كانت عمليات السلب كثيرة جدا في ليبيا, سوريا و مصر. لكن العراق هي التي شهدت أهم عمليات السلب, يتعلق الأمر بنهب الطائفة اليهودية الأكثر ثراءا في البلاد العربية. لقد جُمدت ممتلكات اليهود العراقيين و حساباتهم البنكية, لم يغادر غالبيتهم البلاد إلا ب50 دولارا في الجيب. نُظمت عمليات نهب, و اختطَفَت الشرطة يهودا و لتطلق سراحهم مقابل فديات مالية, إضافة  لنساء جُردن من مجوهراتهن في المطار. و حتى لو استطعتَ تصفية ورشتك و مسكنك, فكان ذلك يتم في إطار صفقة خاسرة. كان يكفي العربَ انتظارُ انخفاض الأسعار, بينما كان الوقت يلعب ضد اليهود.

ما هي الوجهات التي قصدها اليهود بعد مغادرتهم الأراضي العربية؟


ثلاثة أرباعهم ذهبوا ليستقروا في إسرائيل, مع اختلاف في النسبة من بلد لآخر. ففي تونس, ذهب النصف لإسرائيل و النصف الآخر لفرنسا. في الجزائر, 90 بالمئة اختاروا فرنسا بينما 10 بالمئة فقط اختاروا إسرائيل. أما المغرب, ف75 بالمئة اتجهوا لإسرائيل و 25 بالمئة نحو فرنسا و كندا. بينما التحق اليهود العراقيون بإسرائيل, رغم أن بعضهم ذهب فيما بعد إلى إنجلترا. نسبة مهمة من المصريين اختارت إسرائيل, لكن آخرين اختاروا فرنسا, إيطاليا و إنجلترا. بصفة عامة, الأكثر فقرا اتجهوا لإسرائيل و واجهوا مشاكل خطيرة في الإنذماج, خصوصا اليهود المغاربة.

ماذا كان الموقف الإسرائيلي من هذه المسألة في الخمسينيات و الستينيات؟

بشكل مفاجئ للغاية, تغاضى الإسرائيليون عن هذه المسألة, رغم أنهم لم يهملوها بالكامل. لم يستعملوها كورقة في المفاوضات للمطالبة بتعويض اللاجئين اليهود المنهوبة أملاكهم. الوضع تغير اليوم. أعتقد أن مرد ذلك ربما كان عدم حساسية الطبقة السياسية الإسرائيلية الحاكمة, الإشكينازية الأصل, اتجاه هذا الاجتثات, رغم أن شخصية مثل دافيد بن غوريون كانت واعية كل الوعي بهذه المأساة. ربما لم يرغبوا أيضا في إثارة الرحيل القسري ليهود العالم العربي حتى لا يثيروا أمام المجتمع الدولي مسألة اللاجئين الفلسطينيين.

صلة الرحم بالأندلس.




هناك تعليقان (2):

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. يبدو أن الكاتب يتناسى تفجير الموساد للكنيس اليهودي في بغداد لإرغام اليهود العراقيين على الرحيل!
    http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2012/09/15/316949.html

    ردحذف