السبت، 17 يناير 2015

"اعجبني يَبقَ بَيت رَبي لرَبي"

"اعجبني يَبقَ بَيت رَبي لرَبي"

هشام زليم.

 
يهود مغاربة
غادر اليهود المغرب و تركوا خلفهم تراثا غنيا و تاريخا تليدا و وطنا أزليا سرمديا, رحلوا و تركوا فراغا مهولا و أسئلة بلا أجوبة... كيف "باتُو في ديورهم و ما صبحو"؟ أكانت هجرتهم إرادية أم قسرية؟ أظالمون هم أم مظلومون؟ ضحايا هم أم متآمرون؟ 

بدأ نزيف الرحيل مع قيام دولة إسرائيل و استمر بلا توقف إلى يومنا هذا. شَد معظمهم - أو شُدَّ لهم! - الرحال نحو إسرائيل, بينما اتجه بعضهم نحو فرنسا وكندا. من مئات الآلاف من اليهود في بداية القرن العشرين إلى بضعة آلاف في بداية القرن الحادي و العشرين.

قبيل الرحيل استرق المسلم و اليهودي لحظات حميمية تبادلا فيها عبارات الوداع و التسامح, و باع اليهود ممتلكاتهم في جو من التردد و الذهول وكأن شيئا ما يخبرهم أنهم يتبدلون الخبيث بالطيب. 

في هذا السياق, ذكر الدكتور أحمد شحلان (1) واقعة حكاها له أحد أصدقائه من مدينة دمنات. حيث قصد تاجر من دمنات, و اسمه الحاج الشكيري, ابن مدينته اليهودي المعروف بابن حكو, الذي علم أنه سيغادر (إلى إسرائيل) فيمن خطفتهم يد المؤامرة, و كانت له "بيعة" (معبد اليهود) في باب ملاح دمنات, و طلب منه أن يبيعه ال"بيعة". اتفقا على الثمن و أجريا كل خطوات البيع. و في اللحظة التي أراد الحاج الشكيري أداء الثمن لابن حكو, كان هذا الأخير في شبه غفوة, و كأنه يعيد النظر فيما يفعل, ثم سأل صاحبه الحاج الشكيري:

- كُل لِّ الحاج, أش غَدِِ دِّير بِِهد لمحل؟ (أرجوك الحاج, قل لي, ماذا ستفعل في هذا المحل؟).
- غَدِ ندِرو جامع (سأحوله إلى مسجد), أجابه الحاج الشكيري.
سكت بن حكو لحظة من الزمن, و ظن صاحبه أن فكرة المسجد لم تعجبه, و أنه سيعيد النظر في البيع.
- ابن حكو, حنا رجال و بَعتِ لي, ما عجبكش اندير جامع؟ (إننا عقلاء, و قد بعت لي, ألا يعجبك أن أحول البيعة مسجدا؟).
- لا ماشي هكَّك, اعجبني يبق بيت ربِّ لربِّ. (ليس الأمر هكذا, لقد أعجبني أن يبقى بيت الله لله).

 الهوامش:
(1) "اليهود المغاربة, من منبت الأصول إلى رياح الفرقة. قراءة في الموروث و الاحداث" د. محمد شحلان. ص 23. 

صلة الرحم بالأندلس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق