أساطير حول أبي عبد الله الصغير.
500 سنة على وفاة أبي عبد الله ولازال المؤرخون و الأدباء حائرين في أي خانة سيصنفونه: أهو جبان
خان الأمة بتسليمه غرناطة, أم أنه حكيم عاقل جنّب شعبه و مدينته هلاكا
وشيكا في ظل اختلال رهيب في موازين القوى بين قشتالة و مملكة غرناطة و سقوط كل مدن المملكة بقوة الحديد و النار.
هذه الحيرة يعيشها اليوم أهل قشتالة و أهل الأندلس, فالقناة الرسمية لدولة
إسبانييا تعد مسلسلا عن حياة الملكة إيزابيلا الكاثوليكية, و يسود ترقب
كبير حول الشخصية التي سيظهر بها أبو عبد الله الصغير في هذا المسلسل: هل
سيبرز كرجل شجاع حكيم أم كرجل جبان يبكي ضياع ملكه.
قبل سنوات و
تحديدا بداية التسعينات, عرضت القناة الأولى الإسبانية مسلسلا عن غرناطة
يحكي قصة سقوطها بيد الملكين الكاثوليكيين, كاتب سيناريو هذا المسلسل أتى
بشيء جديد هو أبو عبد الله المُحب العاشق الذي أحب إيزابيلا دي سوليس
النصرانية, لكن هذه الأخيرة سباها الجيش المسلم أثناء غزوه لقريتها فأعتقها
سلطان غرناطة أبو الحسن والد أبي عبد الله و تزوجها و أسماها الثريا,
فصُدم الأمير الصغير لذلك فحاول الانتحار و عادى والده لخطفه حبيبته منه,
فكان هذا الفشل سببا من أسباب تعاسته
قد تبدو هذه القصة غير
واقعية و ملفقة, و هي كذلك. فكاتب السيناريو ربما رأى بأن هناك "جفافا
عاطفيا" في حياة أبي عبد الله فاختلق هذه القصة, و هذا يحيلنا إلى أسطورة
أخرى حول أبي عبد الله اختلقها أسقف قادش و المؤرخ أنطونيو دي غيفارا سنة
1526م للتقرب من الملك الإسباني كارلوس الخامس. تقول أسطورة دي غيفارا بأن
أبي عبد الله لما سلّم مفاتيح آخر دولة أندلسية للملكين الكاثوليكيين سنة
1492م ثمّ همّ مغادرا تلك المدينة رفقة عائلته و حاشيته , صعد ربوة تطلّ
على غرناطة و حمرائها ثم زفر زفرة ألم و تحسّر على ضياع ملكه و انقراض الدولة الأندلسية على يديه. و حسب نفس القصة فإن أمّه لمّا رأته في هذه
الحالة خاطبته بكلمات قاسية و قالت تلك الجملة الشهيرة التي انتشرت انتشارا
واسعا و أصبحت ملاصقة لصورة أبي عبد الله في الأذهان: ( ابك كالنساء ملكا
لم تدافع عنه كالرجال).
لن أستغرب أبد إذا ما جاء أحد بعد سنوات و قال بأن أبا عبد الله أحب الثريا زوجة أبيه و عجزه عن تملكها كان سبب تعاسته و فشله.
صلة الرحم بالأندلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق