إسبانيا تستنجد بالسواقي الأندلسية "المنسية" لمواجهة الجفاف و التغير المناخي
Acequia de Aynadamar ساقية عين الدمع في غرناطة |
هذا المقال هو ترجمة لمقال في صحيفة الباييس El Pais الإسبانية.
عنوان المقال : Acequias de Al-Ándalus para regar la España vaciada (سواقي الأندلس لري إسبانيا المهجورة).
كاتب المقال: إنريكي بوكانيغرا Enrique Bocanegra.
تاريخ المقال في صحيفة الباييس: 6 يناير 2022.
ترجمه للعربية: هشام زليم. صلة الرحم بالأندلس
آلاف الكيلومترات من القنوات المحفورة إبان العصر الإسلامي تُركت مهجورة و بلا استخدام منذ أواسط القرن العشرين. مشروعٌ لجامعة غرناطة يتطلع لاستخدامها لوقف هجرة الساكنة القروية و مكافحة التغير المناخي.
تم التوقف عن استخدام ساقية عين الدمع في أواسط ثمانينيات القرن العشرين بعد أكثر من ألف سنة من الاستغلال, حيث قَطع طريق غرناطة-مورسية الكثير من أوصال مجراها, غير أن مشروعا لجامعة غرناطة, طوره مختبر MEMOLab و حظي بتمويل هيئة غرناطة للماء Fundación Agua Granada, و مقاولة EMASAGRA و هيئة الأبحاث الجامعية في مجال الماء Cátedra Hidralia, سيُعيد من جديد العمل بهذه القناة خلال الربع الأول من سنة 2022 . يقول سيفانتوس: "سنزيل الحشائش و النفايات التي مافتئت تتكدس, و نعيد وصل الأجزاء المقطوعة, و سنفتح المجال أمام الماء ليتدفق عبرها إلى حرم جامعة غرناطة كي يسقي حدائقها".
مع ذلك, تبقى ساقية عين الدمع مجرد جزء صغير جدا داخل أنظمة السقي التي وضعها العرب خلال السبعة قرون من سيطرتهم على شبه الجزيرة الإيبيرية, و هي الأنطمة التي تم التخلي عنها ابتداءا من الستينات و السبعينات فطمرتها الأعشاب و الأوراق الميتة, و ذلك راجع بالأساس لهجران الحقول و ضغط قطاع الصناعات الغذائية المرتكز على نموذج للاستغلال المكثف المبني على أنظمة الري الضغطي الموضغي الغير متلائم مع الطرق التقليدية.
من جهة أخرى, ساهمت الساقية في تقوية الروابط الاجتماعية, فحمايتها يتطلب تعاون الجميع. حيث يشير المزارع البُشراتي كايطانو : "نتوفر على حارس للساقية acequiero يحرص على ألا تدخل الأوراق للساقية حين مرورها بين الأشجار. أما نحن الساكنة فننظم أنفسنا للحفاظ على النظافة و توزيع حقوق الماء ليس فقط في قنيار و إنما أيضا مع بلدات مستفيدة أيضا مثل أرجبة Orgiva". في عام 2015, أي سنة واحدة بعد تشغيلها, حصلت ساقية برخاس على شهادة "الممارسات الحَسنة" من طرف جمعية Hispania Nostra.
"منذ ذلك التاريخ تعاوننا في استعادة 14 ساقية كانت في غياهب الإهمال, بعضها منذ 40 عاما, و شاركنا في التنظيف السنوي لحوالي ثلاثين ساقية أخرى. كان هذا يعني العمل على 80 كيلومترا من الساقيات و مشاركة حوالي 1500 شخص" هكذا يوجز سيفانتوس الذي يوفق بين الدفاع عن الفلاحة التقليدية مع استعمال أحدث التكنولوجيات, أو حتى استعمال الشبكات الاجتماعية لدعوة المتطوعين لهذه المبادرات و تنظيمهم. و رغم الجهد المبدول, يبقى التحدي المنتظر كبيرا, ففي أحواز جبال شُلير Sierra Nevada تم التحديد الطوبوغرافي لحوالي ثلاث آلاف كيلومتر من السواقي, و إن كان سيفانتوس يتحدث عن حوالي 24 ألف كيلومتر من السواقي في إقليمي غرناطة و ألمرية لوحدهما.
و يضيف سيفانتوس: "لا تتعلق الإشكالية فقط بالتطوع و الموارد, و إنما أيضا بالاعتراف الاجتماعي بالشأن القروي, بالنشاط الزراعي و بالمعارف البيئية المحلية الصالحة علميا في الغالبية العظمى من الحالات و قد نتجت عن هذا مناظر مشبعة بالقيم الثقافية و البيئية التي تمثل عاصمة ضخمة و هي قيم ضرورية لضمان مستقبلنا كنوع".
ثورة اقتصادية:
في عام 711 للميلاد, و بعد الحملة العسكرية الخاطفة التي انتهت بهدم مملكة القوط الغربيين و الاستيلاء على شبه الجزيرة الإيبيرية, ترك الغزاة المسلمون السيوف و الرماح جانبا, و حملوا المعاول و المجارف و شرعوا في حفر السقايات مستغلين انحدار الأراضي و مستعملين الدعائم و الحجارة لإنشاء سدود قرب الوديان, على غرار ما كانوا يرون أجدادهم يفعلون في سوريا و البلاد العربية. يشرح سيفانتوس قائلا: "كان الري و تدبير الشأن المائي عاملان أساسيان في التطور الاقتصادي للأندلس. بهذا الشكل فقط يمكن تفسير مجد الأمويين أنفسهم و قرطبة الخليفية".
بالرغم من أنه كانت توجد في شبه الجزيرة الإيبيرية أنظمة لقنوات المياه جد متطورة, على غرار القناطر المائية الرومانية, إلا أن العرب وضعوا الري في قلب النظام الإنتاجي. السقايات, مفارز الصرف, الأحواض و البرك لم تسمح فقط بإدخال زراعات جديدة قادمة من مناطق استوائية و مدارية رطبة و تكييفها مع المناخ المتوسطي مثل الحمضيات, قصب السكر, القطن, الرز, الخرشوف و السبانخ, و إنما سهلت أيضا تنويع و رفع الإنتاجية ما خلق فائضا حيويا سمح بتطور الصناعة و التجارة في مدن مثل ألمرية و غرناطة نفسها. في هذا الإطار يورد سيفانتوس الأستاذ في جامعة غرناطة: "أوضح مثال على ذلك هو أشجار التوت و دودة القز التي كانت النساء القرويات تعتنين بتربيتها, الأمر الذي نجم عنه نشاط اقتصادي مزدهر و تصدير النسيج و الأقمشة من مناطق مثل ألمرية إلى كل الحوض المتوسطي و أوربا". لكن الطرد النهائي للمورسكيين, في أواخر القرن السادس عشر و بدايات السابع عشر, أنهى بشكل فج هذا النموذج الاقتصادي.
شكراً جدا علي السرد و العرض الجميل ولكن لم اجد صورة لتلك السواقي وهي تعمل - سيكون اجمل عمل فيديو عن الموضوع. ولكم كل الحب والاحترام
ردحذفمعلومات جميلة تظهر حرص المسلمين على تطبيق مبدأ هام في دينهم وهو اعمار الارض
ردحذفيبقى الاسلام عزيزا
ردحذفالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إن النظام المائي الموجود بالأندلس، ليس له شبيه إلا بالمغرب. فماتجدونه بسورية يشبه الأندلس، إنما استفادت من العمالة والتطور الذي كان يعرفه أمازيغ المغرب. فلو أن الأمويين أصحاب فضل، اتفضلوا على باقي الدول. لكن هذا التشابه لا تعرفه الأندلس إلا مع المغرب. والعرب أصلا لا يعملون بس اعدهم، فهم جاؤوا ليسودوا ويحكم ا ويسكن ا القصور، لا ليعملوا ويشيدوا ويبنوا،فهذا فضل للمغرب وليس لسورية.
ردحذفشكراً علي الخبر، لقد اشرتم ان جامعة غرناطة والطلبة وامتطوعين كمان انجزوا تشغيل احدي السواقي: "...طوال شهر, عمل طلبة و متطوعون بجد حتى تم تنظيف ساقية بارخاس Barjas. عندما أخذ الماء في التدفق, و ذلك لأول مرة منذ 30 عاما, أقمنا حفلا سميناه "حفل الماء" و قد دأبنا من حينها على إقامته في مارس من كل سنة"، يكون جميل لو تعرض تسجيل فيديو للاحتفال وشكل السواقي وهي ترفع الماء وتروي الارض والشجر والبيوت. في انتظار رابط الفيديو ان شاء الله ولكم كل الحب والاحترام.
ردحذف