في 18 نوفمبر 2008 الساعة: 11:23 ص
لغز مصير قبور بني نصر ملوك غرناطة.
هشام زليم
مدونة صلة الرحم بالأندلس.
هذه ترجمة بتصرف يسير لمقال بالإسبانية عنوانه: El secreto de las tumbas nazaries لغز قبور النصريين للإسباني خوان لويس تابيا Juan Luis Tapia و كان قد نُشر يوم 11 نونبر 2008 بموقع Ideal.es الإسباني. وقد قمت في آخر الموضوع بترجمة بعض تدخلات القراء الأسبان التي رأيت فيها إثراء للموضوع .
يلُفُّ غموض كبير مصير قبور بني
الأحمر النصريين ملوك غرناطة و آخر ملوك دولة الإسلام بالأندلس. فحسب
الرواية الإسبانية: تفاقم حزن الملكة مريمة عشية تسليم غرناطة
للملوك الكاثوليك, و كان الملك أبو عبد الله من جهته لا يتوقّف عن التحسّر
قائلا: لماذا لم يردني الموت و لا يريدني أبدا. فقامت الملكة مريمة باستدعاء
منجّم شهير يدعى بن مخ كلموت Ben-maj-Kulmut الذي أخبرها في سريّة تامة عن
برج الملك أبي عبد الله قائلا: تقول النجوم أنّ آخر ملوك بني نصر سيعيش
طويلا ليعاني كثيرا.
بعد ذلك جاءت معاهدة تسليم
غرناطة الموقعة بمدينة سانتافي و التي نصّت على مغادرة العائلة الملكية
المسلمة و حاشيتها إلى منطقة البشرات و منح أبي عبد الله و سلالته إقطاعية
في مملكة غرناطة مكونة من طاعات برجة las tahas de Berja , داليات Dalias, بلودوي Boloduy, أندرش Andarax, مارتشينا Marchena, خوفيلس
Juviles, لوجر Luchar و أوخيخار Ugijar, بالإضافة إلى ملكيات أخرى.
لم تَكُن هذه الامتيازات لتُسعد
الملكة مريمة و ابنيها أحمد و يوسف اللذان ظلا رهينتين في يد الملكين
الكاثوليكيين تحسبا لثورة أتباع أبي عبد الله.
لكن قبل الرحيل, أمر أبوعبد
الله بحمل المقبرة الملكية بالحمراء, المعروفة باسم "الروضة", حتى لا يبقى
أجداده بأرض مسيحية. هكذا نقل أبو عبد الله بقايا أسلافه إلى موندخار
Mondْjar في الطريق إلى لوجر و أمر ببناء مقبرة ملكية جديدة في مكان لازال
غير معروف إلى يومنا هذا.
تمّ تأسيس الروضة الملكية
بالحمراء على يد إسماعيل الأول, أحد الملوك النصريين القلائل الذين وصلوا
للسلطة عن طريق الأم. و كانت الروضة تقع داخل المسجد الكبير الذي قامت
مكانه اليوم كنيسة سانتا ماريا الحمراء.
ما هي المراسيم المتبعة عند
وفاة ملك نصري؟ يجيب أنطونيو مالبيكا Antonio Malpica أستاذ التاريخ الوسيط
بجامعة غرناطة : في الموضع الموجود خلف ساحة السباع , توجد قبة ربما كانت
تستعمل لوضع جثمان الملوك النصريين لإعلان موتهم رسميا . و هذه الطقوس
تستوجب جوا من البساطة. فقطعة قماش أو ثوب أبيض يلفّ فيه الجثمان الذي يدفن
على شقه الأيمن في اتجاه الجنوب الشرقي حيث مدينة مكة المقدسة. و توضع على
القبر حجرة كشاهد. و يحتوي متحف الحمراء على بعض الشواهد الناجية للروضة, و
تحمل كتابات حول تاريخ الملك و تمجيده لله. و بعض الحفريات التي جرت
بالروضة كشفت عن وجود رفات امرأة.
يقول المتخصص الإسباني :"تخفي
الحمراء العديد من المقابر, كالروضة الموجودة بالشبيكة Sabika ,أسفل البرج
الأحمر , و التي كانت مدفن الشخصيات النصرية و بعض أعضاء العائلة الملكية.
لكن لا يمكن تحديد من يرقد بهذه القبور لأن هذه المنطقة لم تشهد أية حفريات".
الشيء الموثوق هو أن أبو عبد
الله قد نقل كل حاشيته لمونديخار و لوجر و أندرش و بعد ضغوط من الملكين
الكاثوليكيين ركب البحر إلى مدينة فاس من منطقة عدرة Adra. و هناك بشمال
المغرب مات أبوعبد الله لكن لا يعرف بالتحديد أين تم دفنه.
يبقى اسم مونديخار مثيرا للشكوك
حيث توجد بلدتان تحملان هذا الإسم و قريبتان من لوجر أندرش و وادي الإقليم Valle de Lecrin.
لقد أكّدت أعمال حفرية وجود روضة بمنطقة قريبة من تلار Talar. يقول مالبيكا أستاذ
التاريخ الوسيط : "من المؤكّد أن الملوك النصريين حازوا ممتلكات
بمنطقة وادي الإقليم بمونديخار و تعود لأم أبي عبد الله".
من جهة أخرى, أعاد السنيور
مانويل غوميز مورينو دراسة وثيقة محفوظة بأرشيف قصر الحمراء تعود لسنة
1529م حيث استنتج أن رفات زوجة أبي عبد الله و الملوك النصريين توجد
بمونديخار, ثم ذكر معلومات أخرى لا يوجد سبيل للتحقق منها.
و أفاد الأستاذ مالبيكا أنه: "قبل سنوات ظهرت بقايا قرب الطريق السيار الساحلي Autovia de la Costa, لكن
لم تكن سوى أطلال لمنازل صغيرة و قبور, و لا نستطيع تأكيد أنها تعود للملوك
النصريين".
و توجد فرضية أخرى و هي أن الأمر يتعلق بمونديخار الألمرية و هي منطقة قريبة من لوجر أندرش في الطريق
إلى عدرة Adra حيث أقلع أبو عبد الله في اتجاه فاس, لكن لم تجر أي أعمال
حفرية في هذه المنطقة.
هكذا يستمر غموض مقابر آل نصر, و
هذا عين ما أراده أبوعبد الله الذي كان يهدف لإبقاء مكان القبور سرا. هذا
الغموض غذى الخيالات و الأساطير. و هذا يشبه الغموض الذي يكتنف قبر مولاي
الحسن والد أبي عبد الله, حيث الشائع أنه مدفون في قمة سلسلة جبال سييرا
نيفادا Sierra Nevada (شلير) التي تحمل اسمه. و قد اعتبر مالبيكا هذه الإشاعات
قصصا خرافية و أساطير لا يمكن التحقق منها.
مالبيكا لم يبدي تفاؤلا
بإمكانية العثور مستقبلا على قبور آل نصر لأن لا أحد يعلم هل فعلا حمل أبو
عبد الله رفات أسلافه عندما غادر إلى فاس أم تركهم في غرناطة.
نهاية المقال.
ردود القرّاء:
- Patri: تنحدر عائلتي من
مونديخار Mundejar. و لقد رأيت القبور التي اكتشفت في حفريات الطريق السيار
Autovia de la Costa. قرب مجرى الأرواح حيث يحكي أهل البلدة أن الأرواح و
الصور تتجول خلال الليل. أما كنيسة البلدة فقد بنيت على أنقاض مقبرة عربية,
التي حسب الذاكرة الشعبية ترقد فيها مريمة. تحت البرج يوجد ممر ربما يؤدي
إلى مخابئ في قصر مونديخار الذي توفي به مولاي الحسن والد أبي عبد الله. لم
يبق بهذا القصر اليوم إلا 4 أحجار. لماذا لم يحدث أي بحث؟ و ماذا حدث لهذه
القبور؟
هشام زليم
مدونة صلة الرحم بالأندلس.
مدونة صلة الرحم بالأندلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق