الثلاثاء، 31 مايو 2016

التقسيم الإداري لإقليم الأندلس بإسبانيا

 
 
التقسيم الإداري لإقليم الأندلس بإسبانيا

موسوعة الأندلس.
 
تقع منطقة أندلوسيا  Andalucía جنوب إسبانيا، و هي واحدة من مناطق الحكم الذاتي السبعة عشر في إسبانيا. عاصمتها هي مدينة إشبيلية.
 

الجمعة، 27 مايو 2016

التقسيم الإداري و مناطق الحكم الذاتي في إسبانيا

 التقسيم الإداري و مناطق الحكم الذاتي في إسبانيا

موسوعة الأندلس.

تبنت إسبانيا غداة وفاة فرانكو عام 1975 نظام اللامركزية, حيث تعترف المادة الثانية من الدستور بحقوق "المناطق والقوميات" في الحكم الذاتي في إطار وحدة الأمة الإسبانية.
 
في هذا الإطار, تنقسم إسبانيا إلى 17 منطقة متمتعة بالحكم الذاتي، بالإضافة إلى اثنين من مدن الحكم الذاتي. هذه الحكومات الإقليمية مسؤولة عن المدارس والجامعات والصحة والخدمات الاجتماعية، والثقافة، والتنمية الحضرية والريفية، وفي بعض الأماكن مسؤولية الشرطة.

الخميس، 19 مايو 2016

إشبيلية يتوج بالكأس الأوربية و يستعد لمواجهة برشلونة في نهائي كأس الملك الأحد المقبل

إشبيلية يتوج بالكأس الأوربية و يستعد لمواجهة برشلونة في نهائي كأس الملك الأحد المقبل


موسوعة الأندلس.

توج نادي إشبيلية الإسباني بلقب الدوري الأوروبي للمرة الخامسة في تاريخه والثالثة على التوالي، بعد ان هزم ليفربول الإنجليزي بثلاثة أهداف لهدف وحيد، في المباراة التي أقيمت على ملعب سانت جاكوب بارك في مدينة بازل السويسرية.


و بالتالي يحقق النادي الأندلسي رقما قياسيا جديدا، إذ أصبح أول فريق في تاريخ البطولة يحقق اللقب لثلاث مرات متتالية، كما أنه صاحب الرقم القياسي بعدد التتويجات، إذ حمل كأس البطولة خمس مرات، مبتعدا عن أقرب ملاحقيه، ليفربول، بلقبين.

يُذكرُ أن إشبيلية سيواجه الأحد المقبل نادي إف سي برشلونة في نهائي كأس ملك إسبانيا بملعب بيسنتي كالديرون في العاصمة مدريد.

موسوعة الأندلس 


الأربعاء، 18 مايو 2016

السانية Azaña, قصة بلدة طليطلية غيَّر فرانكو اسمها.


السانية Azaña, قصة بلدة طليطلية غيَّر فرانكو اسمها.

هشام زليم.
مدونة صلة الرحم بالأندلس. .


يوم 18 أكتوبر 1936, اجتاحت القوات الفرانكوية في زحفها نحو العاصمة مدريد بلدةً طليطلية صغيرة تبعد حوالي 40 كيلومترا عن العاصمة. في اليوم الموالي, استدعى قائد القوات التي سيطرت على البلدة, الرقيب خيسوس بيلاسكو, ثمانية أشخاص من أعيانها لتشكيل مجلس إداري يتولى تسيير شؤون البلدة. بعد هتافات "عاشت إسبانيا و جيشها الوطني المجيد" كان أول إجراء اتخذه المجلس هو رفع التماس للجنرال فرانثيثكو فرانكو بأن يُصبح اسم البلدة "نومانسيا دي لا ساكرا" Numancia de la Sagraتكريما للفوج الذي احتلها و المُنحدر من منطقة نومانسيا. 

لم يُذكَر في نص الالتماس السبب الحقيقي لتغيير اسم البلدة الأصلي, لكن لا أحد من سكانها الألف كان يجهل السبب: فالبلدة كانت تُسمىًّ "السانية" Azaña (معناها الساقية في اللغة العربية), و رئيس الجمهورية الإسبانية الثانية آنذاك (العدو رقم 1 لفرانكو و قواته) كان هو مانويل السانية Manuel Azaña

الثلاثاء، 17 مايو 2016

طريق سياحي أندلسي على خطى بلاس انفانتي أب القومية الأندلسية المعاصرة


على خطى بلاس انفانتي

موسوعة الأندلس


بفخر و اعتزاز تحكي أنخيلس غارسيا عمدة بلدة قنطيانة الإشبيلية: هُنا في قنطيانة, في مروج الوادي الكبير الإشبيلية, كان أب الهوية الأندلسية بلاس انفانتي (1885-1936)في مكتبه كموثق يستمع باكرا كل صباح لصوت المياومين المتجهين للعمل يرددون ترانيم نشيد "سانتو ديوس", فاقتبس منه فيما بعد النشيد الوطني لإقليم الأندلس. هنا في قنطيانة استلهم كلمات النشيد, و هنا أيضا وضع العَلَم. 


فيجيبها زميلها فرانثيثكوخمينث عمدة بلدة أرشدونة: بل هنا في قلب البلاد المالقية نشأ الفتى بلاس و تعلَّم في مدرسة الآباء الإسكولابيين الداخلية (1896-1899), و هنا سمع لأول مرَّة لحن نشيد "سانتو ديوس" الذي صار نشيد الأمة الأندلسية.

تُتابع جدالهما روزا ديلماس حفيدة بلاس ثم تقول: جذور و ميراث بلاس إنفانتي متناثرة في كل مكان و تتجاوز مجرد كونه مُبتكر رموز إقليم الأندلس: النشيد و التِّرس و العَلَم. لكن مع ذلك يبقى بالنسبة للكثيرين رمزا يحيط به الجهل و النسيان.

الاثنين، 16 مايو 2016

رئيس الوزراء الإسباني الأسبق ثاباتيرو و زيارته التاريخية لقبر آخر رئيس للجمهورية الإسبانية.

رئيس الوزراء الإسباني الأسبق ثاباتيرو  و زيارته التاريخية لقبر آخر رئيس للجمهورية الإسبانية.


موسوعة الأندلس.



في مقبرة مدينة مونتوبان جنوب فرنسا, قام رئيس الوزراء الإسباني الأسبق الاشتراكي خوثي لويس رودريغيث ثباتيرو يوم السبت 17 يناير 2015,  بزيارة تاريخية إلى قبر آخررؤساء الجمهورية الإسبانية الثانية مانويل آزانيا, الذي توفي في منفاه الفرنسي عام 1940.


و تُعد هذه الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس وزراء إسباني أسبق لقبر آخر رؤساء الجمهورية الثانية (1936 -1939 خلال الحرب الأهلية الإسبانية).

الأحد، 15 مايو 2016

الأندلسي خوان موديستو Juan Modesto واحد من رموز الجمهوريين الإسبان

خوان موديستو

هشام زليم.
مدونة صلة الرحم بالأندلس. 

وُلدَ خوان غيوتو ليون Juan Guilloto Léon, و المشهور بخوان موديستو Juan Modesto, بمرفئ القديسة مريم El Puerto de Santa Mariaبقادش في إقليم الأندلس جنوب إسبانيا يوم 24 شتنبر 1906 و توفي في العاصمة التشيكية براغ في 19 أبريل 1969. هو واحد من أشهر القادة العسكريين الإسبان خلال الحرب الأهلية الإسبانية و أحد كوادر الحزب الشيوعي الإسباني. بدأ مساره العسكري في صفوف المليشيات الشيوعية, و ارتقى في أواخر الحرب الأهلية الإسبانية  إلى رتبة جنرال في الجيش الجمهوري ليكون بذلك العسكري الوحيد المنحدر من صفوف المليشيات و الذي وصل إلى هذه الرتبة في السلم العسكري.

بنى سمعته كعسكري صلب و كُفء خلال قيادته الفرقة الخامسة من الجيش, خاصة في الهجمات التي شنها الجمهوريون في برونيتي Bruneteو بلشيتيBelchite. واسطة عقد إنجازاته العسكرية كانت صيف عام 1938 لما عُيِنَ قائدا لجيش الإبرو Ebro و قاد بنفسه الهجمة الجمهورية في نهر الإبرو. 


بعد نهاية الحرب الأهلية, اغترب موديستو في الاتحاد السوفياتي رفقة قادة الحزب الشيوعي و العديد من العسكريين الجمهوريين ذوي التوجه الشيوعي. قضى هناك بضع سنوات في أكاديمية فرانزي حيث وسَّع دراساته العسكرية في أركان الحرب. بعد ذلك لجأ إلى براغ عاصمة تشيكو سولفاكيا, حيث قضى آخر أيام حياته و توفي بها عام 1969. صعوده العسكري السريع في صفوف المليشيات و الجيش الشعبي حتى نال رتبة جنرال يجد تفسيره في 3 عوامل: الظروف الملائمة التي وفرتها الحرب الأهلية, استحقاقه و اجتهاده الشخصي ثم دعم الحزب الشيوعي له.

شبابه و تكوينه

وُلد خوان موديستو في مرفئ القديسة مريم بقادش جنوب إسبانيا في كنف عائلة عمالية كانت تعمل في مخازن براميل النبيذ في المنطقة. عمل في نشارة الخشب و تأثر بعمق بأحداث و أفكار ثورة أكتوبر الروسية. و في عام 1930 انخرط في الحزب الشيوعي الإسباني.

انتقل في شبابه لمنطقة الحماية الإسبانية شمال المغرب حيث انخرط في صفوف القوات النظامية الريكولاريس Regularesو عمل هناك طيلة سنوات. كسب خلال هذه التجربة أولى مداركه العسكرية و استطاع الارتقاء في صفوف الريكولاريس لكن نُكِّسَ بعد ذلك و طرد من صفوفها. بعد إعلان قيام الجمهورية الإسبانية الثانيةعام 1931 بعثه الحزب الشيوعي الإسباني إلى الاتحاد السوفياتي لتلقي تكوين عسكري في أكاديمية فرانزي العسكرية التابعة للجيش الأحمر و التي كانت تعتمد في تكوينها على التربية العلمية و التكتيكية, العقيدة الماركسية و اللينينية, تاريخ الحزب الشيوعي السوفياتي, التاريخ العسكري و اللغات الاجنبية...إلخ. تعلم في الاتحاد السوفياتي اللغة الروسية و قد أفاده ذلك كثيرا فيما بعد. 

عاد إلى إسبانيا عام 1934 و شرع إلى جانب غيره من الأطر في تنظيم المليشيات الشيوعية, التي أُطلق عليها اسم المليشيات العمالية الفلاحية المناهضة للفاشية (MAOC)و التي أُسست لحماية الزعماء الشيوعيين و كأدرع دفاعية تابعة للفصائل المحلية الشيوعية في مواجهة اعتداءات الجماعات اليمينية العنيفة كحركة الفالانخي. كما كانت له يد في تنظيم نقابة الأشغال العامة و الفصيل الإسباني للإنقاذ الأحمر.



حسب القيادي الشيوعي الإسباني سانتياغو كاريو سولاريس Santiago Carillo Solares, لقب "موديستو" (متواضع) اتخذه خوان غيوتو كاسم حركي خلال فترة العمل السري.

الحرب الأهلية الإسبانية

كان موديستو في مدريد أثناء اندلاع الحرب الاهلية الإسبانية يوم 18يوليوز 1936 حيث كان يُعد العدة لمواجهة الانقلاب العسكري المرتقب. حينما سرت الإشاعة في مدريد بأن ثكنة مونتانيا انضمت للتمرد العسكري توجه رفقة المليشيات الشيوعية و انضموا للحصار ثم الهجوم النهائي على الثكنة. احتلت المليشيات الشيوعية دير لوس ساليسيانوس los Salesianos في دائرة تطوان بمدريد و تحول إلى مقرها العام الذي شهد تأسيس الفوج الخامس للمليشيات الشعبية Quinto Regimiento, يوم 20 يوليو 1936, و هي مليشيا شيوعية نالت بمرور الوقت شهرة واسعة بفضل نجاحاتها العسكرية مقارنة بالمليشيات الأخرى. لقد أصبح الفوج الخامس مدرسة لإنتاج القادة العسكريين المستقبليين و ضباط الجيش الشعبي للجمهورية, على غرار ليسترLister, إتلفينو بيغاEtelvino Vega  و موديستو نفسه, إضافة لآخرين. كان خوان موديستو واحدا من منظمي و أوائل قادة الفوج الخامس, و تولى قيادته في شهر أكتوبر 1936. خلال الأسابيع الأولى للحرب, بزغ نجم موديستو خلال عمليات جبال وادي الرملةGuadarrama  و كان على رأس المليشيات الشيوعية , قبل أن ينتقل إلى جبهة جنوب مدريد. 

المعارك حول مدريد

في نهاية شهر غشت انتقل موديستو إلى إقليم طليطلة جنوب مدريد حيث قاد كتيبة في محاولة لوقف زحف الفرنكويين نحو العاصمة, فحقق نجاحات خاصة في المعارك ضد قوات جيش المغرب التابع لفرانكو على طول نهر التاجه. في معارك جبهة تلافيرا – سانتا أولايا برز موديستو كقائد عسكري 
.متمرس بنجاحه في تنسيق تحركات المليشيات و وحدات التدخل السريع التي كانت  تحت قيادته


يوم 31 دجنير 1936 عيّن القائد الأعلى للجيش الجنرال مياخا موديستو على رأس الفرقة الرابعة 
المرابطة غرب العاصمة مدريد. كانت هذه الفرقة هي من واجهت الهجوم الفرانكوي الجديد نحو شارع لاكورونيا يوم 3 يناير 1937.  تكبدت فرقة موديستو خسائر فادحة و من قوة الهجوم فقدت الألوية المختلطة التي دُمجت فيها ترابطها, لكن في منتصف شهر يناير فقدت الهجمة الفرانكوية زخمها ما مكّن الجمهوريين من الحفاظ على مواقعهم.

في بداية شهر فبراير عاد الفرانكويون للهجوم على العاصمة من جديد, لكن هذه المرة من الجنوب من منطقة خاراما. أُخِذَ الجمهوريون على حين غرة حيث لم يكونوا يتوقعون هجوما من الجنوب بهذه الحدة و الشراسة التي يقود بها الجنرال غارسيا إسكاميث طابوره نحو مدريد. في الحين أُرسلَ موديستو على رأس فرقته إلى جبهة خاراما لتعزيز الدفاعات الجمهورية. و مرَّة أخرى نجح موديستو في تنسيق تحركات وحداته و أبان من جديد عن قدراته القيادية. نجحت القوات الفرانكوية في عبور خاراما لكنها لم تستطع التقدم أكثر ففشل هجومها.

بعد معارك خاراما و نظير مشاركته الفعالة فيها, رُقيَ موديستو إلى رتبة مقدم, و يوم 22 مارس عُينَ على رأس الجيش الخامس الذي أُنشأ حديثا. هذا الجيش هو الذي سيضم فيما بعد الوحدات 
العسكرية الشيوعية, كالفرقة الحادية عشر بقيادة ليستر و السادسة و الأربعون بقيادة فالنتين رودرغيز "إلكامبزينو".


يوم السادس من يوليو 1937شارك الجيش الخامس الجمهوري (المكون من الفرق 11, 46 و 35) في الهجوم الجمهوري ببرونيتي Brunete. كان هدف الهجوم تطويق القوات الفرانكوية التي كانت تحاصر مدريد من منطقتي كازا دي كامبو و المدينة الجامعية. حققت القوات الجمهورية في البداية تقدما مهما, لكن يوم الخامس عشر من يوليو توقف الهجوم الجمهوري, و بعد أيام بدأ الهجوم المعاكس الفرانكوي الذي نجح في استعادة المناطق التي خسروها, و انتهت العمليات في هذه الجبهة على إثر ذلك. رغم ذلك أثار أداء موديستو في معركة برونيتي إعجاب القيادات العسكرية الجمهورية التي لم تتردد في كيل المديح له, كما فعل العقيد مننديث لوبيث في تقرير له: "...فيما يخص قادة المليشيات, الوحيد القادر بينهم على قراءة خريطة ما, هو المدعو "موديستو". أما الآخرون (ليستر, ميرا و إلكامبزينو) فإضافة إلى عدم علمهم, يعتقدون ألا حاجة لهم في ذلك...).
مناطق سيطرة الجمهورييين و الفرانكويين حسب مراحل الحرب

جبهة أراغون

بعد شهر تقريبا على معركة برونيتي, أُرسلَ موديستو و جيشه الخامس إلى جبهة أراغون حيث شارك في الهجوم على سرقسطة (26 غشت 1937). بعد نجاحات الأيام الأولى, سرعان ما توقف التقدم الجمهوري و فشل الهجوم فشلا ذريعا. ما بدى في البداية كهجوم على سرقسطة تحول إلى معركة حامية الوطيس في منطقة بلشيتي Belchite جنوب عاصمة أراغون. في اليوم الأول لهجوم سرقسطة, حاصر الجمهوريون بلدة بلشيتي الصغيرة التي قاومت بشراسة هجوم أفضل وحدات الجيش الشعبي الجمهوري. يوم السادس من شتنبر استسلم آخر المدافعين عن بلشيتي, فانتهت بذلك العمليات هناك. 

كما شارك موديستو في المراحل الأخيرة لمعركة ترويل Teruel. ففي السابع من يناير 1938 احتل الجمهوريون هذه البلدة الواقعة جنوب سرقسطة بعد حصار دام لأسبوعين. في نهاية فبراير شنت القوات الفرانكوية هجوما معاكسا و حاصروا بعض الوحدات الجمهورية في المدينة, بينها الفرقة 46 التي كان يقودها فالنتين غونزاليز "إلكامبزينو". هذا الأخير اتهم فيما بعد موديستو و ليستر بالتخلي عنه و تركه لمصيره في ترويل, و هو اتهام نفاه الجمهوريون.


بعد معارك ترويل, وقع الهجوم الفرانكوي الكبير في أراغون و الذي انسحبت على إثره كل الوحدات الجمهورية في اتجاه قطلونية و الشرق. الوحدات التي كانت تحت قيادة موديستو نجحت في وقف زحف قوات فرانكو في طرطوشة, لكنها حوصرت في قطلونية و فُصلت عن باقي المنطقة الجمهورية.

موديستو على رأس جيش الإبرو

يوم 30 أبريل 1938, عُينَ موديستو قائدا للتجمع المستقل للإيبرو, و هو تشكيل عسكري جديد كان يضم الوحدات الجمهورية التي حوصرت في قطلونية شمال نهر الإيبرو. في الشهر التالي أعيدت هيكلة هذا التشكيل و أُسسَ جيش الإيبرو تحت قيادة موديستو. هذا الجيش ضم الفرقة الخامسة (بقيادة ليستر), السابعة (بقيادة بيغا) و الخامسة عشر (بقيادة تاكوينيا). أعد الجمهوريون العدة لأكبر هجوم لهم خلال الحرب الأهلية, و كانت خطتهم تعتمد على عبور الجيش لنهر الإيبرو و قطع الاتصالات الفرانكوية مع المنطقة الشرقية  و بالتالي شل عملياتهم في هذه المنطقة. هكذا يلتقي جيش الإبرو بالجيش الجمهوري في المنطقة الشرقية, فتتصل بالتالي من جديد منطقتا الشرق و قطلونية الجمهوريتان. 

في ليلة 24 و 25 يوليوز, و تحت سماء لا قمر فيها, شرعت القوات الجمهورية في عبور نهر الإيبرو في جبهة طولها 50 كيلومترا من مكناسة Mequinenza إلى أمبوستا Amposta قرب مصب النهر. نجحت القوات الجمهورية في تحركات سريعة في إقامة جسور عائمة و التقدم داخل الضفة الاخرى حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة جدا في منطقة غنديسة Gandesa, و هنا توقف الزحف الجمهوري و شرعوا في حفر الخنادق. لقد خطط المقدم موديستو لقصف غنديسة لكن الطيران الجمهوري (و كما كان شأنه منذ بداية الهجوم) استمر في الغياب فوق سماء الإيبرو وسط تذمر من قيادة القوات البرية الجمهورية.

كان وقع الهجوم الجمهوري في الإبرو عظيما سواء داخل إسبانيا أو خارجها, فلا أحد كان يتوقع أن يقوم جيش مُنهَكٌ و مُستنزَف بهجوم بهذه الضخامة و الدقة. رفع هذا الهجوم الروح المعنوية في المناطق الجمهورية بإسبانيا, و تقاطرت التهاني على موديستو لكفاءته في قيادته العمليات و كوفء بترقيته إلى رتبة عقيد.

شكل هذا الهجوم الجمهوري بنتائجه العسكرية و السياسية تحديا خطيرا لفرانكو فبعث إلى جبهة الإيبرو أفضل وحداته العسكرية للقضاء على هذا التهديد. هكذا خاضت القوات الفرانكوية و الجمهورية سلسلة معارك استمرت طيلة 4 أشهر و انتهت بانتصار الفرانكويين.  رغم الهزيمة, أبان موديستو عن حس قيادي و تنظيمي بارز خلال المعارك, لكن ذلك لم يمنع قواته من التقهقر و عبور نهر الإيبرو عائدين من حيث جاءوا.


يوم 23 دجنبر بدأ الهجوم الفرانكوي النهائي على قطلونية, هجوم قاومته بشراسة بعض الوحدات الجمهورية. كان جيش الإبرو منهكا و مستنزفا بعد معارك النهر حيث فقد الكثير من الرجال و العتاد, رغم ذلك قاوم في قطلونية لكن مقاومته لم تنجح في منع سقوط برشلونة  يوم 26 يناير 1936 بيد الفرانكويين. هكذا انسحب ما تبقى من جيش الإبرو نحو شمال قطلونية في بداية شهر فبراير, حيث حاولوا إعادة تنظيم الصفوف و تجديد روح المقاومة بعد توصلهم بعتاد و سلاح من الحدود الفرنسية, لكن الأوان كان قد فات. موديستو اقترح الانسحاب بجيشه إلى فرنسا ثم الانتقال من هناك إلى جبهة الوسط لمواصلة القتال, لكن اقتراحه كان صعب التفيد لأسباب سياسية و لوجستيكية. يوم التاسع من فبراير, عبر موديستو مع رجاله إلى فرنسا.

نهاية الحرب

بعد سقوط قطلونية عبر موديستو في بداية فبراير إلى فرنسا و منها عاد إلى جبهة الوسط رفقة زعماء و قادة عسكريين شيوعيين آخرين. كان مركز هذه الجبهة في مدينة لقنت Alicante التي كانت تضم مقر الحكومة الجمهورية برئاسة خوان نغرين. في بداية مارس 1939 رُقيَ خوان موديستو إلى رتبة جنرال, و حسب زعم بعض المؤلفين, كان من المنتظر أن يتم تعيينه قائدا عاما لجيش الوسط الجمهوري. لكن هناك جدل حول هذا الزعم. في هذه الأثناء, و يوم الخامس من مارس حدث الّانقلاب العسكري في المعسكر الجمهوري بقيادة العقيد سخسموندو كازادو الذي قرر وقف كل مقاومة عسكرية جمهورية و الاستسلام لقوات فرانكو. يوم السادس من مارس غادر موديستو و الرئيس نغرين و ليستر و غيرهم من القادة الجمهوريين و زعماء الحزب الشيوعي الإسباني البلاد عبر الطائرة.

المنفى

بعد نهاية الحرب, انتقل موديستو إلى الاتحاد السوفياتي رفقة المناضلين الشيوعيين و زعماء الحزب الشيوعي الإسباني, كإلكامبزينو و إنريكي ليستر و الإلسكينازو, و اعترفت لهم السلطات الشيوعية برتبهم العسكرية التي نالوها في الجيش الشعبي الجمهوري. خلال محطته السوفياتية الثانية دخل مرة أخرى لأكاديمية فرانزي العسكرية لتوسيع دراساته العسكرية. 

عندما غزت ألمانيا النازية الاتحاد السوفياتي يوم 22 يونيو 1941, طلب موديستو و باقي الشيوعيين الإسبان الانضمام للقتال إلى جانب السوفيات, و هو طلب لم تستجب له السلطات في موسكو. و قد برر ستالين منع مشاركتهم في الحرب ضد النازيين برغبته في توفيرهم "للمعركة القادمة في إسبانيا". لكن بعد ذلك تطورت الحرب ضد النازيين فبُعِثَ موديستو للقتال ضمن الجيش البلغاري الشيوعي الذي كان يحارب النازيين إلى جانب الجيش الأحمر خلال الانسحاب الالماني من البلقان في خريف عام 1944.

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية, واصل موديستو في بلاد السوفيات نضاله ضمن الحزب الشيوعي الإسباني, لكن بعد الصراعات الداخلية بين التيارات المختلفة داخل الحزب, اضطر للمغادرة إلى العاصمة التشيكو السلوفاكية براغ, و هناك عايش تفاصيل أحداث "ربيع براغ" عام 1968 الذي حمل معه نسائم تغيير ديمقراطي و ليبرالي للنظام الشيوعي لتشيكو سلوفاكيا. خشي السوفيات أن يُضعفَ هذا التغير في براغ النظام الشيوعي في أوربا الشرقية, فقرر حلف وارسو الذي يضم جيوش الدول الشيوعية, اجتياح تشيكو سلوفاكيا و إجهاض المسار الديمقراطي و إبقاء براغ في بيت الطاعة الشيوعي. و على غرار غالبية الشعب التشيكو سلوفاكي اعترض موديستو بدوره على دخول الدبابات السوفياتية لبراغ و قمعها للإرادة الشعبية. في السنة الموالية, أي 1969, كتب موديستو مذكراته التي جمعها في كتابه "أنا من الفوج الخامس" "Soy Del Quinto Regimiento", و الذي نُشرَ في باريس. في نفس العام توفي موديستو في العاصمة التشيكو سلوفاكية براغ.

شخصية موديستو

وصف المؤرخ البريطاني هوغ توماس خوان موديستو بأنه متغطرس و مستبد, أحيانا عنيف و نادرا ما يكون صريحا". من جهته انتقد خافيير ربيرتي Javier Reverte, مؤلف السيرة الروائية لموديستو "زمن الأبطال" El tiempo de los Heroes", تبني هوغ توماس لانتقادات تاغوينيا لموديستو, لأن تاغوينيا كان يُكن له عداءا شخصيا. لكن من وجهة نظر عسكرية, كان موديستو قائدا عسكريا حقيقيا ذو مزايا في القيادة و الرؤية الاستراتيجية لكنه كان يفتقر للطموحات السياسية. 

رغم أن موديستو و ليستر كان رفيقي سلاح منذ الوهلة الأولى, إلا أن علاقتهما كانت متوترة على العموم و فرقت بينهما الكثير من المواقف. نفس الفتور في العلاقات كان بينه و بين القيادية الشيوعية دولوريس إيباروري و القائد العسكري الشيوعي فالنتين غونزاليز "إلكامبزينو".
موديستو إلى جانب ليستر

في كتابه حول الجيش الشعبي للجمهورية, أقر المؤرخ العسكري رامون سالاس لارازابال بميزات موديستو العسكرية و قدراته القيادية, ففي وقت قصير جدا تحول من قائد مليشيا إلى جنرال في الجيش الجمهوري, في حالة فريدة من نوعها في الحرب الأهلية الإسبانية. 

المؤرخ ميكاييل ألبرت قال عنه: "تبقى شخصية خوان موديستو متميزة. فهو لم يكن فقط ضابط المليشيات الذي نال أعلى الدرجات بارتقائه إلى كولونيل في يوليو 1938 ثم إلى جنرال في الشهر الأخير من الحرب, و إنما أيضا لأن مؤلفي المذكرات حول هذه الفترة يتجنبون انتقاده".

القائد الأعلى للأركان في الجيش الحمهوري, الجنرال فيسنتي روخو, أُعجبَ غاية الإعجاب بميزاته. فخلال معركة ترويل في فبراير 1938, كتب روخو إلى الزعيم الاشتراكي إندلوسيو بريتو بأن موديستو يبعث فيه طمأنينة كبيرة.

هشام زليم.
مدونة صلة الرحم بالأندلس. 

الأحد، 8 مايو 2016

قائد ألمرية سيدي يحي النيار, بطل أم خائن؟

قائد ألمرية سيدي يحي النيار, بطل أم خائن؟

بقلم هشام زليم 
صلة الرحم بالأندلس

المرجع : بحث لمانويل إسبينار مورينو(أستاذ تاريخ العصر الوسيط بجامعة غرناطة)   Manuel Espinar Morenoو خوان كريما ثيرفنتس(أستاذ بمعهد "الجنوب" بمدينة بيرة و مدير مجلة المنصورة و منسق مجلة الشرقية) Juan Grima Cervantés.


مقدمة

تتجه الدراسات التاريخية حاليا للتركيز أكثر على الإحاطة بالأحداث و الظواهر الاقتصادية, الاجتماعية, الدينية و الثقافية...لفترة تاريخية ما لفهم التطورات التي جرت خلالها فهما صحيحا, معتمدة في ذلك على مقاربة التاريخ الشامل. لكن ينبغي ألا تُلهينا هذه المقاربة عن دراسة الأدوار التي لعبتها شخصيات معينة في لحظات تاريخية مُحَدَّدة, حيث كانت مواقفها و تصرفاتها ثمرة الفترة التي عاشت خلالها, كحالة سيدي يحي النيار في الفترة الأخيرة من عصر مملكة غرناطة النصرية و التي تُوِّجت بإلحاق هذه المملكة بقشتالة على يدي الملكين الكاثوليكيين فرناندو و إيزابيلا.


كانت لهذه الشخصيات الثلاث علاقة مباشرة بهذا الصراع العسكري الذي انتهت تفاصيله اعتمادا على العمل المسلح إلى جانب شبكة معقدة من التوافقات و الهدنات و معاهدات السلام و محاولات شراء الذمم, و خيانات المُثل العليا و محاولات الإبقاء على نظام اجتماعي سالف...ما أدى للقضاء التدريجي على مملكة غرناطة من خلال التوقيع على سلسلة من معاهدات التسليم في العديد من مناطق المملكة, بعضها لا يزال مجهولا إلى اليوم أو في طور الكشف عنه.

إحدى أهم الوثائق المعتمدة في دراسة شخصية سيدي يحي النيار تتمثل في معاهدة بينه و بين الملكين الكاثوليكيين, و هي مؤرخة في شهر دجنبر 1485, و تعهد من خلالها يحي بتسليم ألمرية و بيرة مقابل مجموعة من الامتيازات و العطايا, إضافة للإقرار بملكيته لميراث و ممتلكات عائلته.