"إذا كُنتِ فُضولي كُن في جيهة المَخزن"
هشام زليم
من الأدلة القوية على استمرارية و عراقة الدولة المغربية, و أيضا على التمازج التاريخي و السياسي و الثقافي بين المغرب و الأندلس المثل الأندلسي "إذا كُنتِ فُضولي كُن في جيهة المَخزن".
فهذا المثل ذكره القاضي الأندلسي ابن عاصم الغرناطي 1359م - 1426م في حديقته الخامسة من موسوعته "حدائق الأزهار". و يقصد به "إن كنتَ فضوليا, فكن في جهة الدولة", و هو صيغة أخرى للمثل الذي ذكره المورسكي الغرناطي ألونسو قستلي 1530م-1610 في مجموع أمثلته: "حين تنبلي بفُضول فقم في جيهة المخزن" -إذا ابتليتَ بالفضول فكن في جهة المخزن-.
و مصطلح "المَخزن" في كلام أهل الأندلس و المغرب الأقصى يرمز للنظام السياسي, للسُلطة و لأجهزة الدولة. فكل من هو تابع للدولة كمؤسسة, فهو تابع "للمخزن" أو "مخازني".و لازال أهل المغرب الأقصى يرمزون للسلطة بلفظ المخزن, و هناك أمثلة يتداولها الناس عنه مثل : "المخزن هرب ليلو لا تهرب منو" (السلطة اهرب إليها و لا تهرب منها) و هو يوافق مثل ابن عاصم و ألونسو القستلي. و أيضا هناك مثل : "ثلاثة ما معاهم مُلاغة: البحر و العافية و المخزن" (ثلاثة لا يُمازحون: البحر و النار و السلطة).
و يُعتقد أن استعمال لفظ "المخزن" للدلالة على السلطة يرجع للعهد الموحدي -حسب بحث للأستاذ يوسف ميرة-, فانتقل من المغرب للأندلس إبان الحُكم المغربي للأندلس, حيث استعمله الأندلسيون للدلالة على سلطة الدولة الأندلسية _كما يدل على ذلك مثلي ابن عاصم الغرناطي و ألونسو القستلي_, و استمر في الاستعمال بالمغرب الأقصى إلى اليوم ليمثل واحدا من مظاهر استمرارية و عراقة الدولة المغربية, و أيضا على التمازج التاريخي و السياسي و الثقافي بين المغرب و الأندلس.
صلة الرحم بالأندلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق