مقال "الدكتاتورية الهتلارية" للأستاذ أحمد بلافريج (جريدة الوداد, 28 فبراير 1939)
هشام زليم
أحمد بلافريج (1908 -1990) سياسي و دبلوماسي مغربي و واحد من كبار رجالات الحركة الوطنية المغربية خلال فترة الحماية الفرنسية (1912-1956). ولد بالرباط يوم 1 ماي 1908 لعائلة أندلسية أورناتشوسية عريقة هاجرت إلى الرباط في القرن السابع عشر, و أصل اسم العائلة بلافريج مورسكي هوPalafresa , و قد كان يحمله أحد الزعماء الأورناتشوس المطرودين من الأندلس عام 1614. درس في الرباط و نال البكالوريا في باريس, قبل أن يواصل دراسته في القاهرة ثم يعود إلى السوربون حيث حاز على الإجازة في الآداب و شهادة في العلوم السياسية. بعد الاستقلال شغل منصب وزير للخارجية ثم وزيرا أولا. توفي بالرباط يوم 14 أبريل 1990.
أهمية المقال تكمن في توثيقه لرأي أحد رجالات الحركة الوطنية في الحركة النازية في أوج عنفوانها و شهورا فقط قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية.
مقال "الدكتاتورية الهتلارية" للأستاذ أحمد بلافريج (جريدة الوداد, 28 فبراير 1939)
الدكتاتورية الهتلارية ظهرت بصفة غريبة...ترتكز على العرق و الجنس...(وقد) بين هتلر في كتابه "معركتي" أن أجناس البشرية ليست متساوية بل هي طبقات أعلاها الجنس الجرماني و أن الشعب الألماني هو شعب الله المختار المكلف بمهمة عظمى في هذه الدنيا و لن يسود السلام إلا بسيادة ألمانيا و أن القوة فوق كل شيء و الضعيف يجب أن يزول أمام القوي. فالكلام على مساواة الأجناس و السلام بين الناس إنما هو اختراع اليهود و هؤلاء هم أحط جنس في البشر بعد العرب.
على مثل هذه الأفكار السقيمة مع إضافة بعد النظريات الاقتصادية أخذها عن الاشتراكية أسس هتلر حزبه...و وصل إلى التسلط على حكم أمة ألمانيا بأسرها فها قد مرت ست سنين على حكمه بعدما شتت خصومه السياسيين و ضغط على حرية الفكر و أعدم حرية الصحافة و هو سائر في توحيد الأمة الألمانية توحيدا لم تعرفه من قبل, فقد قضى على جميع الامتيازات التي كانت تتمتع بها المقاطعات الألمانية في حكمها الداخلي و ألغى جميع الأحزاب و وحد برامج التعليم لجميع طبقات الأمة, لكنه وجد أمامه عقبة كأداء و هي اختلاف المذاهب الدينية و لعله وصل للقضاء عليها أيضا , فإنه كوَّن المذهب النصراني الألماني الذي جعل من بين معتقداته النظريات الجنسية الهتلرية و الذي كاد أن يجعل الأمة الألمانية في مقام الإله.
كيف يجد مذهب أخرق مثل هذا من يتبعه؟ إن ألمانيا كانت وصلت إلى أزمة عظيمة و ضائقة مالية لم يعرف لها مثيل فاليأس و القنوط دفعا بالناس إلى اعتناق المذهب الهتليري, و زيادة على ذلك فإن نفسية الألمان ميالة للقوة و الرفعة و التكبر و التجبر و لا شك أن الحلفاء مسؤولون أيضا عن انتشار هذا المذهب في ألمانيا لأنهم في معاهدة فرساي لم ينظروا إلا فيما يضعف ألمانيا و يخرجها من مصاف الدول دون التبصر في العواقب.
صار هيتلر في مقام النبي عند الألمان فلا يتكلمون عنه إلا بخشوع و إذا خطب و هو خطيب مصقع اهتزت له الأرض و طارت نحوه القلوب, و لكي تعلم منزلته منهم اسمع نشيدا لهم:
إن ألمانيا الآن قد استيقظت
و أنت وحدك موقظها
فسلام عليك يا هتلر
إن ألمانيا اشتاقت شوقا عظيما
لما يسمونه الحرية
إننا نشكرك عن تلك النعمة
فسلام عليك يا هتلر
...يا منقذ الوطن
فإن جندك في قمصانه السمر
يمشي لمجد ألمانيا و شرفها
إذا خاطبوه فكما يخاطب الصوفي شيخه و سيده
فلطفك اللهم بالعالم.
مصدر المقال: "يهود المغرب 1912-1948. محمد كنبيب. ص 338-339.
صلة الرحم بالأندلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق