الجمعة، 19 سبتمبر 2014

المغرب و العلاقات الفرنسية الألمانية قبيل الحرب العالمية الأولى. هكذا كان المغرب سببا في اندلاع الحرب العالمية الأولى؟

المغرب و العلاقات الفرنسية الألمانية قبيل الحرب العالمية الأولى. هكذا كان المغرب سببا في اندلاع الحرب العالمية الأولى؟

هشام زليم
صلة الرحم بالأندلس

كاريكاتير لأزمة أكادير بين ألمانيا و فرنسا عام 1911


هذا النص المُترجم أدناه عن الفرنسية, هو مقتطف من كتاب "أعداء, أصدقاء...أزليون. العلاقات الفرنسية الألمانية ما بين 1870 و 1945 من خلال الأدب المعاصر" الذي أصدرته المؤسسة الفرنسية - الألمانية DFI للأبحاث و التوثيق بلودفيغسبورغ, بدعم من مؤسسة « Dr Karl Eisele et Mme Elisabeth Eisele » و وزارة الخارجية الألمانية. إصدار هذا الكتاب تم في إطار الأسبوع الفرنسي بألمانيا عام 2009. و أدناه رابط البحث كاملا.


في بداية القرن العشرين, كان السلام, الهش أصلا, يشبه شيئا فشيئا العلاقة في ظل الأزمة, الأمر الذي سيُفضي في الأخير لاندلاع الحرب العالمية الأولى. لم تكن مسألة الألزاس و اللورين الوحيدة التي أدت لفشل مسعى الصداقة الفرنسية الألمانية, فقد ظهرت أيضا في المستعمرات الأفريقية نقاط احتكاك.
بادرت إنجلترا مرات عديدة, في بداية القرن العشرين, لتقديم عروض تحالف مع ألمانيا. لكن هذه الأخيرة تعاملت مع هذه العروض بطريقة ناقدة للغاية. هكذا ولّت إنجلترا وجهها شطر فرنسا, فكانت النتيجة نجاحا مبهرا. عام 1904م وقع البلدان على اتفاقية "التفاهم الودي" الشهيرة التي وضعت حدا للخلافات حول المستعمرات. كان المغرب الأقصى محور المفاوضات, فمنذ منتصف القرن التاسع عشر كان هذا البلد محط نزاع القوى الاستعمارية الأوربية. هكذا مُنحت مصر لإنجلترا بينما حصلت فرنسا على المغرب الأقصى الذي ذهب جزء منه لصالح إسبانيا. 

عام 1880م, مَنحت اتفاقية مدريد, التي صادقت على مبدأ المساواة التجارية بين جميع القوى الحاضرة في المغرب الأقصى, الحق في "القرار المشترك" Codécision لألمانيا. رغم ذلك, بقيت ألمانيا حتى حدود عام 1904 تلعب الأدوار الثانوية. و بتوقيع اتفاقية التفاهم الفرنسية الانجليزية و التي عاد المغرب الأقصى بموجبها لفرنسا, اعتبرت ألمانيا أن مبدأ المساواة في خطر. و هذا ما يُستشف من كلام ديبلوماسي ألماني في يونيو 1904: "ليس فقط الأسباب المادية التي توجب على ألمانيا استخدام الفيتو في وجه رغبة فرنسا في الحصول على المغرب الأقصى, و إنما أيضا للحفاظ على هيبتها. ما يجب إعلانه هو أن الابتلاع المُنتظر و العلني للمغرب الأقصى من طرف فرنسا يضع حدا للتنافس الحر بين الأجانب و بالتالي يُكبد, الآن و مستقبلا, خسائر جسيمة لمصالح دول أخرى, و بالخصوص ألمانيا (1)".

في مارس 1905, قام الامبراطور غيلوم الثاني بزيارة لسلطان المغرب الأقصى لإسماع المطلب الألماني: "في الحادي و الثلاثين من مارس 1905, نزل غيلوم الثاني بطنجة ملغيا كل التعويضات الجزيلة التي منحتها إنجلترا لفرنسا مقابل مصر و الأرض الجديدة. لقد أعلن أن سلطان المغرب الأقصى بالنسبة له "سلطان مُستقل" عليه إبقاء الباب مفتوحا أمام المنافسة السلمية بين كل الأمم دون احتكار و دون تبعية (2)" .

في شهر أبريل اقترحت فرنسا على ألمانيا البحث عن حل للمسألة المغربية. لكن ألمانيا رفضت و أصرّت على مطلب الدعوة لمؤتمر دولي و هو الأمر الذي حدث في يناير 1906 بالجزيرة الخضراء (3). لقد كانت ألمانيا معزولة. كما أن السمعة الألمانية لم تكن طيبة. صحيح أن مؤتمر الجزيرة الخضراء قد ضمن حرية التجارة, لكن فرنسا ظلت حاضرة بقوة في المغرب الأقصى, كما هو الحال في قطاعي تسيير الشرطة و الأبناك مثلا.

في التاسع من فبراير 1909م, وقعت ألمانيا و فرنسا اتفاقية أخرى أقرت فيها ألمانيا بأنها لا تهتم بالمغرب الأقصى إلا من الباب الاقتصادي و أنها لن تقف أبدا حجر عثرة في وجه المصالح السياسية لفرنسا. من جهتها أعلنت فرنسا أنها ستحفظ لألمانيا المساواة الاقتصادية و أنها لن تعرقل المصالح التجارية و الاقتصادية الألمانية (1). لكن في ربيع 1911م, اندلع صراع جديد في المغرب الأقصى. قوات فرنسية احتلت فاس و الرباط. لم تكن فرنسا  تسيطر على داخل البلاد إلا أنها كانت ترسل قوات لحماية الأوربيين الذين يعيشون هناك. كان هذا الأمر يشكل خرقا لبنود مؤتمر الجزيرة الخضراء و كانت ألمانيا ترى مصالحها الاقتصادية في خطر. مع ذلك اقترح وزير الخارجية الألماني كيدرلن واشتر Kiderlen-Wächter على فرنسا وضع كامل المغرب الأقصى تحت سلطتها مقابل التخلي عن الجزء الفرنسي من الكونغو. في يوليوز 1911 أرسلت ألمانيا المدمرة "بانتر" لأكادير لدعم موقفها. الحرب أصبحت وشيكة: كانت ألمانيا تهدد بالتدخل عسكريا إذا لم يُستجب لمطالبها. انجلترا من جهتها اصطفت إلى جانب فرنسا و أخدت تستعد للحرب. يوم الرابع من نونبر 1911 تم التوصل للتسوية التالية: ألمانيا ستتخلى عن كل أشكال التأثير في المغرب الأقصى, مقابل الحصول على جزء من الكونغو و الكامرون.
في التقرير الذي أرسله الملحق العسكري السابق لدى السفارة الفرنسية في برلين سيريSerret إلى إتيان Etienne وزير الحرب الفرنسي, أخبره بما يلي: "تعتبر معاهدة 4 نونبر  1911خيبة كبرى. الغضب يعم كل أنحاء البلاد. كل الألمان, بمن فيهم الاشتراكيون يضمرون الحقد لنا بسبب حرمانهم من امتيازاتهم في المغرب الأقصى" (4)

(1) Pommerin, Reiner/Marcowitz, Reiner (éd.) : Quellen zu den deutsch-französischen Beziehungen 1815–1919. – Darmstadt : Wissenschaftliche Buchgesellschaft, 1997

(2) Maurras, Charles : Kiel et Tanger 1895 –1905 : La République française devant l’Europe ; nouvelleédition revue et augmentée d’une préface : de 1905 à 1913, et de nombreux appendices. – Paris :Nouvelle Librairie Nationale, 1913

(3) Raulff, Heiner : Zwischen Machtpolitik und Imperialismus : Die deutsche Frankreichpolitik1904–05. – Düsseldorf : Droste, 1976 
 
(4) Bernstein, Eduard (Hrsg.) : Dokumente zum Weltkrieg 1914 ; Heft 6 : Das Gelbbuch Frankreichs  Diplomatische Dokumente 1914. – Berlin : Buchhandlung Vorwärts Paul Singer, 1915

صلة الرحم بالأندلس.
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق