الأربعاء، 20 يوليو 2016

دحض الأدلة العشر على تورط أردوغان في انقلاب 15 يوليوز.

دحض الأدلة العشر على تورط أردوغان في انقلاب 15 يوليوز.

موسوعة الأندلس.



انتشرت نظرية تورط أردوغان في انقلاب 15 يوليوز الماضي انتشار النار في الهشيم. لكن الأدلة التي يقدمها أصحاب هذه النظرية تبدو بالنسبة للكثيرين أدلة واهية. 


نُقدمُ في هذا المقال 10 أدلة يرى أصحابها أنها تعكسُ تورط أردوغان, و نُقدم إلى جانبها أدلة مضادة تدحضها و تنفيها.



الدليل الأول: أردوغان هو المستفيد الأول من محاولة الانقلاب الفاشلة. لازلنا نجهل على وجه التحديد العقل المدبر لهذه العملية و لماذا غامر كل هذا العدد الهائل من العسكريين بحياتهم في هذه المغامرة اليائسة. الدوافع التي قدمها الانقلابيون و المتمثلة في"استعادة الديمقراطية" تبقى فضفاضة و غير واضحة المعالم. لكن, من المستفيد من الجريمة؟ الجواب دون تردد: رجب طيب أردوغان. بسيطرته على الجيش, يكون قد امتلك كل مفاتيح الدولة. و هو يستغل الوضعالآن لتحييد أفواج أخرى من القضاة و المدعين العامين و شخصيات أخرى. خصوصا و أنه منذ توليه الرئاسة قادما من رئاسة الوزراء و هو يحلم بتغيير النظام إلى نظام رئاسي. الآن الفرصة مواتية و الطريق معبدة. 



دحض الدليل الأول: أمام عدم توفره في البرلمان على الأصوات الكافية لتمرير هذا التعديل الدستوري, أعلن أردوغان نيته تنظيم استفتاء شعبي حيث من المُحتمل جدا أن تكون نتيجته في صالحه. صحيح أن شعبيته ازدادت بعد الانقلاب الفاشل لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه من حبك خيوطه. 


إضعاف الجيش في هذه المحاولة الانقلابية ليس بالخبر السار للرئيس أردوغان, خاصة في هذه الفترة بالذات حيث تخوض القوات المسلحة مواجهات عنيفة مع الأكراد جنوب شرق البلاد.


لا ننسى أن أردوغان فقد في هذه المحاولة أحد أعز أصدقائه, إرولأولكاك صاحب وكالات الإشهار , الذي قتله الإنقلابيون, إلى جانب ابنه ذو ال16 ربيعا و الذي كان يحتج ضد الانقلاب على جسر البوسفور بإستنبول. أردوغان لم يستطع حبس دموعه في مراسيم دفن صديقه و ابنه الاحد الماضي.


الدليلالثاني: قائمة الموقوفين كانت مُعدة مُسبقا. السرعة التي تمت بها التوقيفات و الاعتقالات داخل الجيش و القضاء بعد الانقلاب تدُل على أن قائمة الأسماء كانت مُعدة مسبقا. هذا أيضا ما لاحظه مفوض الاتحاد الاوربي لشؤون التوسعة و سياسات الجوار يوهانس هان, و الذي صرح قائلا: "يبدو الامر على الأقل و كأن شيئا كان معدا سلفا. القوائم متاحة بما يشير إلى أنها أٌعدت للاستخدام في مرحلة معينة...أنا قلق جدا. هذا بالضبط ما خشينا منه".


دحض الدليل الثاني: من الواضح  أن أردوغان و جهاز المخابرات (م إ ت) الذي بقي وفيا له, كانا يملكان قوائم ضباط و قضاة مُصنفين خطرا على النظام. وجود هذه القوائم المُعدة مُسبقا لا يعني أنها أٌعدت لهذا الانقلاب الفاشل. فقد قام أردوغان بحملات تطهير عديدة طيلة سنوات مديدة ضد خصومه السياسيين و "الغولنيين" داخل جميع المؤسسات (الشرطة, العدل...) و كذلك في مجال الإعلام. و قد بدأ منذ سنتين تقريبا بحملة تطهير داخل الجيش. فهو إذن ليس في حاجة ملحة لهذه المحاولة الانقلابية الفاشلة لمباشرة التطهير.



الدليل الثالث: احتمال القيام بانقلاب في تركيا يكاد يكون منعدما, و بالتالي لا يوجد عسكري عاقل يجرأ على الانقلاب في ظروف مشابهة. الخبير السياسي جاي أولفيلدر , و المتخصص في الانقلابات, وضع نموذجا لدراسة احتمالات القيام بانقلاب عسكري. و قدأخذ في الاعتبار عدة عوامل مؤثرة على قرار الانقلاب: الوضع الاقتصادي, وضع الحريات العامة, حالة النظام الصحي, التهديدات الخارجية...ألخ. حسب هذا الخبير, احتمال القيام بانقلاب عسكري في تركيا بناءا على وضع العوامل السالفة الذكر لا يتعدى 2.5 بالمئة, أي احتمال واحد بين أربعين. ما يجعل تركيا في المرتبة 56 في قائمة الدول المعرضة لخطر الانقلابات. 


دحض الدليل الثالث: احتمال بين أربعين, لا يعني أن خطر الانقلاب منعدم.

الدليل الرابع: الانقلاب تم التحضير له بشكل سيء.على غرار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي اعتبر الانقلاب حلقة حُضِّرت و نُفذت بشكل سيء, شدد العديد من المراقبين على الطابع العشوائي للمحاولة مقارنة بالطابع المُحترف للانقلابات السابقة في تركيا:


               *لم يتم تقديم أي زعيم كقائد للعملية.

              *ولا جماعة سياسية مدنية أو حزب سياسي عبر عن دعمه للعملية.

              *ساعات طويلة مرت قبل الاستيلاء على وسائل الإعلام.

              *الطائرات قصفت الشعب و البرلمان.

              *الامر الوحيد الذي نجح سلاح الانقلابيين في تحقيقه هو السيطرة على جسرين في إسطنبول.


دحض الدليل الرابع: ما من شك أن منفذي العملية لم يتبعوا الوصفة الصحيحة للانقلاب العسكري. لكن هذا قد يكون راجعا لغياب الاحترافية و... أيضا لعامل الحظ. في الحقيقة, لم تكن العملية تفتقد للاحترافية, فحسب تصريحات مسؤولين أتراك لصحيفة الغارديان البريطانية كان الانقلاب على درجة من الاحترافية, و كان منظما تنظيما جيدا و كان قاب قوسين أو أدنى من النجاح:


 *في أنقرة, تم توجيه الدعوة لوزير الداخلية لحضور اجتماع مع مجموعة من العسكريين في حدود الساعة الخامسة. كان فخا منصوبا لاعتقاله بشكل سهل. في الأخير اعتذر الوزير عن حضور الاجتماع بسبب كثرة انشغالاته.


              * مسؤول مكافحة الإرهاب دُعيَ هو أيضا إلى اجتماع في القصر الرئاسي. عُثر بعد ذلك على جثته و يداه مكبلتان و رصاصة اخترقت رقبته.


              * أردوغان, و الذي كان في عطلة في مارماريس, لم يغادر مقر إقامته الفندقية إلا قبل 20 دقيقة من وصول الجنود الانقلابيين, الذين قاموا بنزال جوي في الإقامة بواسطة طائرة مروحية تابعة للقوات الخاصة.

               * استقل أردوغان طائرة خاصة. طائرتان من نوع ف 16 وجهتا ردار صواريخهما نحو الطائرة, إلا أنهما لم تطلقا النار بعد أن تم إخبار الربانين في آخر لحظة بأنها طائرة مدنية تابعة للخطوط الجوية التركية.

                 * حسب مجموعة من الوزراء, حدثان اثنان كانا حاسمين في تغيير مجرى الأحداث و خروج الشعب للشارع لوأد الانقلاب: مداخلة أردوغان من خلال تطبيق فيستايم على الهاتف المحمول, و دعوات الأئمة من خلال المآذن للمواطنين بالخروج للشوارع.


الدليل الخامس: الانقلابيون أهملوا وسائل الإعلام. منفذو الانقلاب لم يحاولوا ضمان دعم بعض وسائل الإعلام. فقد استغرقوا ساعات عديدة في الوصول لمحطات التلفزيون, بل إن صور اقتحامهم لبعضها كان مثار السخرية. كما لم يحاولوا السيطرة على الصحف الموالية لأردوغان. 


دحض الدليل الخامس: غياب وسائل إعلام موالية للانقلاب قد يكون راجعا لرغبة الانقلابيين في بقاء الأمر سرا حتى آخر لحظة, و هو أمر سيكون عسيرا لو وصل الخبر إلى علم الصحفيين. وصل الانقلابيون لمحطة ت آر ت الرسمية بعد ساعتين, و هو حيز زمني معقول. في المقابل محاولة التعتيم على الناس في زمن الانترنت أصبح ضربا من المستحيل, فأردوغان تواصل مع شعبه من خلال تطبيق فيستايم. أما الصحف فلا تحظى بالأولية خلال الساعات الأولى من الانقلاب.


الدليل السادس: لم يتورط في محاولة الانقلاب أي عسكري برتبة عالية. أغلب قادة الانقلاب هم عقداء برتب متوسطة.


دحض الدليل السادس: بل هناك 6 جنرالات متهمين بالمشاركة في الانقلاب و قد تم اعتقالهم:


           *الجنرال أكين أوزتورك: قائد القوات الجوية حتى عام 2015, و هو عضو المجلس العسكري الأعلى. يعتبر أحد العقول المدبرة للعملية.

           *الجنرال إردالأوزتورك: قائد الجيش الثالث.

           *الجنرال آدم حدوتي: قائد الجيش الثاني.

           *الجنرال أفني أنكون: قائد ثكنة مالاتيا.

           * الجنرال بكير إركان فان: قائد القاعدة الجوية التركية إنجرليك التي تستخدمها الولايات المتحدة و حلف الناتو في عملياتهما العسكرية.

           *الجنرال محمد دسلي: شقيق نائب سابق عن حزب العدالة و التتمية. أعطى الأوامر للدبابات بإغلاق جسور إسطنبول.


الدليل السابع: الانقلابيون لم يصروا في البحث عن أردوغان. نجح الانقلابيون في اعتقال قائد أركان الجيش, لكن لم يقوموا بأية محاولة لاعتقال أردوغان أو غيره من الساسة.


 دحض الدليل السابع: حسب صحيفة "حرية" التركية المستقلة و قناة الجزيرة القطرية, جرت يوم الانقلاب محاول لاعتقال أو قتل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. قائد الجيش الاول أوميتدوندار اتصل بأردوغان ليلة الجمعة, قبل ساعة من بداية الانقلاب, و أخبره أن انقلابيين يتجهون إلى الفندق الذي كان يقيم فيه بمرماريس, ما أعطى الوقت للرئيس للمغادرة قبل وصول الجنود إلى هناك. 


الدليل الثامن: كيف يحدث انقلاب, و أردوغان كانت له رقابة تامة على الجيش؟فكرة إقحام الجيش في هذه المغامرة هي فكرة مجنونة. لقد نجحأردوغان من قبل في ترويض الجيش بتعيين موالين له على رأسه, و بتشديد حربه على حزب العمال الكرستاني, و بالمصالحة مع روسيا و إسرائيل...



دحض الدليل الثامن:من الواضح أن الانقلابيين لم يقدروا جيدا حجم الدعم الذي سيحضون به من طرف باقي قطعات الجيش الذي لم يكن أبدا خاضعا لأردوغان. فالجيش لا يزال يمتلك جزءا مهما من الاستقلالية عن السلطة المدنية و ما يزال يعتبر نفسه حارس الدستور و حامي الوحدة الترابية للبلاد.


الدليل التاسع: هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها أردوغان لمحاولة انقلاب مشكوك فيها. عام 2003, اتُهمَ العديد من العسكريين بتدبير مؤامرة لقلب نظام حكم حزب أردوغان, حزب العدالة و التنمية.لكن بمرور الوقت اتضح أن أدلة هذه المؤامرة كلها مفبركة. فقرر القضاء عام 2014 وقف المتابعات القضائية, و ذلك بعد أن قطف أردوغان ثمار لعبته و عزل أكثر العسكريين علمانية في أعلى هرم الجيش.


عام 2013, و بعد نشوب الخلاف مع حليفه السابق فتح الله غولن, اتهم أردوغان هذا الأخير بتدبير انقلاب عبر تغلغله في سلك القضاء حيث تمت متابعة العشرات من أقارب و مقربي زعماء حزب العدالة و التنمية بتهم الفساد. فقام أدروغان بحملة تطهير في سلك القضاء و الشرطة من أنصار فتح الله غولن. حاول القيام بنفس الأمر في الجيش عام 2015, لكن القيادة العليا حمت عناصرها.


دحض الدليل التاسع:لا مجال للمقارنة بين هاتين المناورتين اللتين قام بهما أردوغان سابقا و هذه المحاولة الانقلابية التي أدت إلى معارك حقيقية في الشوارع و أودت بحياة المئات.


الدليل العاشر: أردوغان اتهم أنصار فتح الله غولن رغم عدم وجود دافع لديهم للقيام بذلك.حتى قبل أن يضع الانقلاب أوزاره, اتهم أردوغان حليفه القديم فتح الله غولن, الذي أصبح دابته السوداء,  بالوقوف وراءه. في السنوات الاخيرة أصبحت عمليات تطهير الإدارات العمومية من أتباع غولن رياضة وطنية للحكومة. في ماي الماضي, صنفت الحكومة التركية حركة فتح الله غولن منظمة إرهابية. هكذا فقدت حركة "خدمة" التابعة لغولن معظم قوتها داخل تركيا و باتت أقل قدرة على القيام بعمل بهذه الضخامة.



دحض الدليل العاشر: هناك فرضية يجب استحضارها: من المحتمل أن أنصار غولن اطلعوا على القوائم الشهيرة التي أعدها أردوغان و نيته الزج بمن ورد اسمه فيها في السجن. حسب بعض التسريبات, حُدِدَ تاريخ الاجتماع المقبل للمجلس العسكري الأعلى في شهر غشت المقبل, و كان تطهير الجيش على رأس جدول أعماله. فمن المحتمل جدا أن هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة هي ردة فعل يائسة منهم لوقف هذه التوقيفات المبرمجة في غشت المقبل. و هذا ما يبرر ضعف الاستعداد و التحضير للحركة الانقلابية نظرا لضيق الوقت.


موسوعة الأندلس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق