سلالة بني الأحمر الغرناطية بين تطوان و مورسية.

سلالة بني الأحمر الغرناطية بين تطوان و مورسية.

 )1822-1882توديع أبي عبد الله لغرناطة. للفرنسي ألفريد ديهودنك

مدونة صلة الرحم بالأندلس.

هشام زليم.

في هذا الفيديو سنورد أهم ما جاء في مقال "الأحفاد المورسيون للملك أبي عبد الله" "Los descendientes murcianos del rey Boabdil" للباحث الإسباني في التراث المورسي أنطونيو بوتياس Antonio Botias. المقال منشور في موقع "الحقيقة" La Verdad الإسباني بتاريخ 10 نونبر 2013. 

الباحث أنطونيو بوتياس.

ما من شك أن أبا عبد الله بكى بحرقة فقدان غرناطة, غير أنه لم يذرف و لو دمعة واحدة عند سماعه الجملة  الشهيرة "ابك كالنساء مُلكا لم تدافع عنه كالرجال" ببساطة لأنها جملة مُختلَقة مِِن أَلفها إلى يائها, اختلقها و نسبها الراهبُ الأب إتشبيرياEchevarria في القرن الثامن عشر للسلطانة عائشة والدة الأمير النصري. كما مما لا شك فيه أيضا أن أقارب أبي عبد الله أسفوا أيضا على الرحيل من الأرض التي كانوا يعتبرونها وطنهم طيلة قرون. و رغم اغتراب الملك و رحيله خارج الجزيرة الإيبيرية, إلا أن جزءا من عائلته استمر في العيش في مملكة مورسية الملاصقة شرقا لمملكة غرناطة.  

للتعرف على تفاصيل أكثر, لا بُد من العبور إلى المغرب في الضفة الأخرى من البحر المتوسط. فقد أُعيدَ اكتشاف الذرية المفقودة قبل قرن من الزمن تقريبا من طرف بلاس انفانتي, أب الوطن الأندلسي. سافر بلاس انفانتي إلى تطوان و هناك عثر على عائلة الأحمر المنحدرة من العائلة الملكية النصرية, و هي عائلة حافظت من جيل إلى جيل على تراث شفهي يفيدُ بأنها ليست من نسل الملك أبي عبد الله و إنما من نسل أحد أبناء عمومته.

بلاس انفانتي بالزي المغربي -يمين-رفقة أحد أحفاد بني الاحمر بتطوان

الشي الجديد في ما توصل إليه بلاس انفانتي يكمن في إثبات استمرار هذه السلالة الحاكمة في المغرب الأقصى, مُعززا بذلك ما ذكره المؤرخ المقري التلمساني قبل قرون عندما كتب في نفح الطيب عن ذرية أبي عبد الله: "”ترك ولدين هما: يوسف وأحمد. واستمر عقبه متصلا معروفا بفاس مدى أحقاب، ولكنهم انحدروا قبل بعيد إلى هاوية البؤس والفاقة".  كان هذا ما وقف عليه المؤرخ المقري حين زيارته لمدينة فاس عام 1627. 

في عام 2011, أوردت صحيفة إلموندو El Mundoالإسبانية مقالا ذكرَ فيه أحد أفراد عائلة الأحمر التطوانية أن جدهم –أحد أبناء عمومة أبي عبد الله- جاء إلى المغرب قادما من مورسية, و التي كانت فيها ممتلكات لأجدادهم. و قد حافظت هذه العائلة على شجرة نسبها كدليل على نسبها المُرسي. كما تناقلت التراث الشفهي القائل بأنهم أجدادهم عاشوا قرونا طويلة في مورسية حتى أُجبروا على مغادرتها بناءا على قرار طرد المورسكيين الذي أصدره فليبي الثالث عام 1609. الأمر المثير للانتباه اليوم هو وجود حوالي 200 شخص في إسبانيا يحملون لقب الأحمرLahmar, أغلبهم في مورسية.

أبو عبد الله و مورسية

لم تكن مورسية بالأرض الغريبة على أبي عبد الله. فبعد أسره من طرف القوات القشتالية خلال معركة اللُّسانة  في أبريل 1483, تعهد لدى الملكين الكاثوليكيين بمقاتلة والده مولاي أبي الحسن ملك غرناطة مقابل إطلاق سراحه. و حتى يتيقنا من وفائه بتعهده أخد الملكان الكاثوليكيان ابن أبي عبد الله و فرسانا غرناطيين آخرين كرهائن عندهم. حسب المؤرخ المورسي خوان توريس فونتيس Juan Torres Fontes, بعد أشهر قليلة, و تحديدا في شتنبر 1483, وصلَ إلى مورسية نجل ملك غرناطة رفقة فرسان مسلمين آخرين. استقبل المجلس القشتالي بمورسية الضيوف المسلمين بالتشريفات اللائقة بمقامهم و أكرموهم و أحسنوا وفادتهم. لكن يبقى سبب قدومهم إلى مملكة مورسية مجهولا. 

يوم 12 مارس 1485, سيأتي أبو عبد الله نفسُه إلى مورسية و سيُستقبل بنفس الاحترام و التشريف, حيث ورد في إحدى وثائق مجلس مدينة مورسية القشتالي: "قدِمَ إلى هذه المدينة, ملك غرناطة الصغير, خادمُ سيدنا الملك و سيدتنا الملكة, و قد خرجوا لاستقباله"  كإشارة على الاحترام. ثم عاد مرة أخرى إلى مورسية في أكتوبر من نفس السنة, و حسب ما جاء في إحدى وثائق مجلس مدينة مورسية, قُدمت له هدية اشتملت على " حملين, تيس, 6 أزواج من الدجاج و 200 خبزة".  

برج حصن لورقة بمورسية, و الذي تم فيه استضافة أبي عبدالله.

وثيقة أخرى تنتمي هذه المرة لأرشيف مجلس مدينة  أريولة Orihuela في مقاطعة مورسية تشير إلى أن أبا عبد الله, لما حمى وطيس حرب غرناطة, قدِمَ إلى مدينة لورقة Lorca بمملكة مورسية طلبا للمساعدة. 

موضوع ذو صلة:

تفاصيل لقاء مجلة إسبانية مع سليل آخر ملوك غرناطة في تطوان عام 1931.

مدونة صلة الرحم بالأندلس.