الخميس، 12 فبراير 2015

"زعطوط" بين المغرب و الأندلس...و ما فعله بفلوس اللبَّان.

 "زعطوط" بين المغرب و الأندلس...و ما فعله بفلوس اللبَّان.

لاعب كرة القدم الألماني-التركي مسعود أوزيل مع زعطوط في ساحة جامع الفنا بمراكش

هشام زليم.

خلال زيارته للأندلس ثم لشمال المغرب عام 1930م, وقف أمير البيان اللبناني شكيب أرسلان على وجه الشبه الكبير بين العدوتين الأندلسية و المغربية, فكتب عام 1936في موسوعته "الحلل السندسية" : " شاهدت شمالي المغرب فرأيته لا يفترق عن جنوبي أسبانية. و كيف يختلف عنه و كل الفاصل بينهما مضيق لا يتجاوز في بعض الأماكن أكثر من مسافة 15 كيلومترا؛ و هذا الفاصل قد جرى الماء فيه حديثا بالنسبة إلى الأدوار الجيولوجية. و أنت إذا نظرت إلى شكل الأرض في الجزيرة الخضراء و جبل طارق, من جهة, و إلى شكلها في طنجة و جبل موسى و سبتة تجده واحدا, فهي بقعة خرقها الماء من الأوقيانوس الأطلانطيقي إلى البحر المتوسط فجعلها شطرين, و لكن لم ينزع من كل من الشطرين وحدتَهُ الطبيعية مع الآخر. و قد قيل لي: إنَّ في برية جبل طارق نوعا من القِردة قديم الوجود فيها, و هذا النوع نفسه يسكن في جبل موسى المقابل لجبل طارق و ذلك من جهة افريقية".


و الاسم العلمي لهذه القردة المنتمية لفصيلة السعادين هيMacaca sylvanus "المكاك البربري", و هي مشهورة في المغرب الأقصى باسمها الأمازيغي "زعطوط" أو زعضوض". 

قرد "زعطوط" لا ذيل له، ويتمتع بفراء كثيف ذي لون بني مائل للحُمرة وعينين متّقدتين ذكاءً وحجم صغير لا يتجاوز حجم صبي ذي عامين أو ثلاثة. انكمش نطاق انتشار المكاك البربري في الوقت الراهن فصار وجوده يقتصر على بعض الغابات المتناثرة في المغرب والجزائر، وكذا في منطقة جبل طارق حيث تسود بعض التجمعات شبه البرية.

يعد الزعطوط من أهم نجوم حلقات الترفيه في ساحة "جامع الفنا" في مدينة مراكش، كما في كثير من الأسواق والملاهي الشعبية المغربية حيث تؤدي حركات بهلوانية تَجمع السياح والمواطنون في حلقة دائرية، مستمتعين بنباهة القرد "زعطوط", ويؤدي هذا النوع من القردة أدوارا تلقّاها من مدربه بمهارة وإتقان. 

و ينتشر في المغرب مَثل شهير يقول "فلوس اللبن يدِّيهم زعطوط" (مال اللبن من نصيب القرد زعطوط), و يضرب هذا المثل في من جنى مالا أو غيره بسبل غير مشروعة فخسر في الأخير كل شيء حتى ما ناله من عرق جبينه. و أصل هذا المثل أسطورة قديمة الأسطورة مفادها أن قردا "زعطوط" كان يتابع باهتمام لبانا (بائع لبن) قرب نهر وهو يمزج اللبن بالماء بالقدر نفسه حيث كان يملأ نصف الجرة لبنا ً والنصف الآخر بالماء ليبيعه ويجني أرباحا مضاعفة. لما باع اللبان كل الجرار و جنى أضعاف الربح باغت الزعطوط اللبان وسرق منه النقود التي جناها من عمله. وتوجه صوب النهر وجلس ثم أخد كيس النقود، وفي حركة متوازية كان يضع قطعة نقدية بجانبه ويرمي بالأخرى في الماء. تحسر البائع على نقوده التي لم يستطع أخدها من القرد وهو يرى جهده في جمع المال يذهب سدىً ولم يجد أنسب طريقة للتعبير عن حسرته سوى بالقول(فلوس الماء يديهم الماء وفلوس اللبن يديهم زعطوط..) بمعنى - نقود الماء يأخذهم الماء ونقود اللبن يأخذهم زعطوط .

صلة الرحم بالأندلس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق