الجمعة، 13 فبراير 2015

مدخل إلى قصيدة «أحد عشر كوكباً على آخر المشهد الأندلسي» لمحمود درويش.

مدخل إلى قصيدة «أحد عشر كوكباً على آخر المشهد الأندلسي» لمحمود درويش.
صلة الرحم بالأندلس

محمود درويش
عاصر الشاعر الفلسطيني محمود درويش (1941- 2008) احتلال العصابات الصهيونية لفلسطين و عايش تفاصيل الرحيل عن الوطن في اتجاه الشتات بدول الجوار و ببلدان ما وراء البحار. مثل أبناء جيله, تأثر بالأفكار الاشتراكية, بل و انخرط في الحزب الشيوعي الإسرائيلي (حتى عام 1972 لما غادر حيفا و إسرائيل نهائيا) الأمر الذي منحه ثقة بالمستقبل و إيمانا بانتصار الاشتراكية و حركات التحرر الوطني في العالم و بالتالي تحرير فلسطين, فعُرف بشاعر الثورة و فلسطين و المقاومة.

تغيرات استراتيجية هائلة حدثت مطلع التسعينيات بدلت نظرة محمود درويش للقضية الفلسطينية من التفاؤل إلى الخيبة, بدايةً من تقهقر المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني و بدء مفاوضات السلام, إلى تفكك الاتحاد السوفياتي و اندلاع حرب الخليج الثانية...هنا بدأ محمود درويش يخشى على فلسطين من مصير مشابه لمصير الأندلس: احتلالٌ, ظلمٌ, فرحيلٌ و نسيانٌ. فنظم في عام 1992م قصيدته "أحد عشر كوكبا على آخر المشهد الأندلسي".

يقول المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد عن هذه القصيدة في مقاله "تلاحم عسير للشعر وللذاكرة الجمعية" (ترجمة صبحي حديدي):

"قصيدة «أحد عشر كوكباً على آخر المشهد الأندلسي»(...) كُتبت ونُشرت في عام 1992. ولقد انبثقت من سياق مناسبات متباعدة: الذكرى الـ 500 للعام 1492 [سقوط غرناطة، ورحلة كولومبس إلى أمريكا]، سفر درويش إلى إسبانيا للمرّة الأولى، وأخيراً قرار منظمة التحرير الإشتراك في عملية السلام تحت رعاية روسية ـ أمريكية وانعقاد مؤتمر مدريد في تشرين الأول (أكتوبر) 1991. والقصيدة نُشرت أولاً في صحيفة «القدس العربي»، اليومية الفلسطينية التي تُحرّر و تُطبع في لندن.

والحقّ أن هذه المقطوعات الشعرية تنطوي على نغمة الكلل وهبوط الروح والتسليم بالقدَر، والتي تلتقط ـ عند العديد من الفلسطينيين ـ مؤشّر الانحدار في أقدار فلسطين التي، مثل الأندلس، هبطت من ذروة ثقافية كبرى إلى حضيض فظيع من الفقد، على صعيد الواقعة والإستعارة معاً.

ودرويش يقتبس العبارة الأولى [أحد عشر كوكباً] من سورة يوسف في القرآن الكريم: «إذْ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين». ويطالبه أبوه بألاّ يقصص رؤياه على أحد من أخوته لكي لا يؤذوه بسبب ما وهبه الله من قدرة على الرؤيا. ثم يعلم يوسف أنّ الله اختاره لتأويل الأحداث، الأمر الذي يعني منحه قوى النبوّة المباركة. وهكذا يتولّى الراوي في قصيدة درويش مزايا ومخاطر القدرة على رؤية ما لا يراه الآخرون، وهو هنا معنى سقوط الأندلس بالنسبة إلى الفلسطينيين وقيادتهم على وجه الخصوص. ومن المذهل أن درويش يتنبأ ـ فعلياً ـ بأحداث العام التالي، حين وقّعت اسرائيل ومنظمة التحرير إعلان المباديء في أيلول (سبتمبر) 1993.

لكنّ ما يمنح القصيدة تجانسها الفنّي ليس طبيعة موضوعها بقدر وجهة توسيعها للطَوْر الأكثر راهنية في شعر درويش، نحو مواقف جديدة وتصوير جديد...".

و قد قسم  محمود درويش قصيدته هذه إلى 11 مقطعا, و كأن كل مقطع يمثل كوكبا و نبوءةً:


صلة الرحم بالأندلس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق