الاثنين، 8 يوليو 2024

البرتغال تشدد شروط التجنيس لليهود السفارديم بسبب الفضائح و قضية الملياردير الروسي أبراموفيتش

البرتغال تشدد شروط التجنيس لليهود السفارديم بسبب الفضائح و قضية الملياردير الروسي أبراموفيتش



هشام زليم

صلة الر حم بالأندلس.

في البرتغال، يمكن لأحفاد اليهود البرتغاليين, في جميع أنحاء العالم, و الذين طردوا من البلاد قبل أكثر من 500 عام الحصول على الجنسية البرتغالية. غير أن توالي الفضائح أدى إلى فرض شروط أكثر صرامة. في هذا الإتجاه تم التصويت على قانون يوم الجمعة 5 يناير 2024.

في عام 2013، أقرت البرتغال قانونًا لصالح حصول اليهود السفارديم على الجنسية البرتغالية. و السفارديم هم اليهود الموجودون منذ العصر الروماني في الأراضي الأيبيرية، وقد أُجبروا على مغادرة إسبانيا والبرتغال بموجب مراسيم الطرد. المرسوم الأول صدر في إسبانيا عام 1492 من طرف الملكين الكاثوليكيين، و الثاني عام 1496 من طرف الملك البرتغالي مانويل الأول، الذي, مع ذلك, استقبل على أراضيه, قبيل الطرد, العديد من اليهود الهاربين من إسبانيا.

لقد دفعت أسباب دبلوماسية وتحالفات و زيجات ملكية الملك البرتغالي مانويل الأول لطرد اليهود. هكذا سلك بعض هؤلاء التعساء طرق المنفى، و بقي البعض في وطنهم واعتنقوا المسيحية, بينما اختار آخرون أن يمارسوا التقية و يعيشوا معتقداتهم و ثقافتهم اليهودية سراً.

عندما اعتمدت البرتغال في عام 2013 قانونها الذي يمنح الجنسية للمتحدرين من السفارديم، كانت الروح السائدة هي روح الاعتذار، والتعويض عن الضرر الناجم عن عمليات الطرد هذه التي صدرت قبل 532 عامًا.

و كان رئيس الجمهورية البرتغالية السابق ماريو سواريس Mario Soares، في خطابه الشهير الذي ألقاه عام 1989، أول من طلب "الصفح  من اليهود عن الاضطهاد الذي تعرضوا له على أراضينا  ". كان هذا الخطاب نقطة تحول تاريخية. لكن كان من الضروري الانتظار 24 عاماً حتى يرى القانون النور، وسنتين إضافيتين لتنفيذه. لقد كان النص الذي كتبه ريبيرو إي كاسترو Ribeiro e Castro، النائب عن الحزب الديمقراطي المسيحي، وماريا دي بيليم Maria de Belém، نائبة الحزب الاشتراكي، يحظى بالتوافق، على الأقل من حيث المبدأ.

فضائح التجنيس

مَنَحَ قانون التجنيس هذا الطوائف اليهودية في مدينتي بورتو و لشبونة حق الدراسة الأولية لملفات طلبات الجنسية. وبمجرد قبول هذه الملفات، يتم إرسالها إلى السجل العدلي. هكذا وجدت الطائفة اليهودية في بورتو (CIP) - التي استقبلت معظم هذه الطلبات – نفسها في قلب فضيحة مدوية.

لقد تم توجيه تهمة الإثراء غير المشروع إلى رئيس الطائفة اليهودية في بورتو CIP الذي يعيش في إسرائيل وإلى محاميه الذي يمثله في البرتغال, و هذا الأخير ليس سوى ابن شقيق النائبة ماريا دي بيليم Maria de Belém، التي شاركت في صياغة قانون التجنيس. 

في الواقع تبلغ تكلفة ملف التجنيس حوالي 250 يورو تُدفع إلى الطائفة اليهودية في بورتو CIP بالإضافة إلى 250 يورو أخرى إلى السجل العدلي. و هذا في حد ذاته صفقة مربحة بالنظر إلى آلاف الطلبات المقدمة. لكن الشكوك أثارها تقديم تبرعات سخية مقابل معالجة طلبات تجنيس معينة, شكوك زاد في تغذيتها الإغتناء المفاجئ للطائفة اليهودية في بورتو، التي كانت متواضعة حتى عهد قريب.

كانت قضية الملياردير اليهودي الروسي رومان أبراموفيتش Roman Abramovitch هي التي فجرت الفضيحة لدى الرأي العام. فقد حصل رجل الأعمال الروسي الثري، المقرب من بوتين والرئيس السابق لنادي تشيلسي لكرة القدم، على الجنسية البرتغالية في عام 2021. لكن ظروف حصوله عليها كانت مثيرة للشكوك: فالقانون ينص على ضرورة إثبات المرشح للأصل البرتغالي، لكن الأسلاف الذين ادعى أبراموفيتش انتسابه لهم لم يكن لهم وجود. ولا تزال شبهات الفساد حول هذا الموضوع قيد التحقيق في البرتغال.

أبراموفيتش

تغيير القانون

الفضائح المتتالية والزيادة الهائلة في طلبات التجنيس (بين 50 ألفاً و 70 ألفاً سنوياً) دفعت الحكومة البرتغالية، التي تعتبر أنها قد نالت "الصفح" التاريخي، إلى تشديد الشروط من خلال مرسوم و التفكير في وضع حد لسريان قانون الجنسية. لكن الكثيرين سلطوا الضوء على الأهمية الاقتصادية للقانون, و خاصة الشق السياحي، فاليهود الذين يعيشون الآن في المغرب وتركيا وهولندا والبرازيل والولايات المتحدة  يأتون لزيارة البرتغال والاستثمار فيها. لذلك اختارت الحكومة قانوناً جديداً أكثر تقييدا.

من خلال هذا القانون, سيصبح ممثلو الطوائف اليهودية مجرد أعضاء في لجنة دراسة الترشيحات المكونة من متخصصين, على أن تكون هذه اللجنة تحت إشراف وزارة العدل. علاوة على ذلك، سيتم استبعاد أي شخص يخضع لعقوبات من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي من هذه العملية. 


هشام زليم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق