الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

4 آلاف منسج للحرير في البشرات قبل طرد المورسكيين

4 آلاف منسج للحرير في البشرات قبل طرد المورسكيين


صلة الرحم بالأندلس

الكاتب و الصحفي الغرناطي خوستو نافارو Justo Navarro قدّم كتابا جديدا في أبريل 2013 تحدّث فيه عن خداع الملكين الكاثوليكيين لأبي عبد الله.

تكفي قراءة الصفحات الأولى من كتابه الأخير, للوقوف على مدى عشق الكاتب خوستو نافارو للتاريخ عموما و لتاريخ موطنه غرناطة خصوصا. فبأسلوب بسيط و شيق استطاع خوستو التحدث عن "البلد المفقود: البشرات في الحرب المورسكية", و هو عنوان كتابه الجديد ضمن سلسلة "مدن أندلسية عبر التاريخ" و التي تصدرها مؤسسة "خوثي مانويل لارا.

يأخذ  هذا الكتاب القارئ في رحلة تاريخية و جغرافية إلى القرنين 15 و 16 ميلادي, كاشفا الكثير من الحقائق و غير متردد في انتقاد تعامل الملوك الكاثوليك مع القضايا الشائكة التي خلفها احتلال غرناطة عام 1492م, حيث نقرأ فيه مثلا عن احتلال غرناطة و نفي أبي عبد الله إلى البشرات: "لقد خُدع الملك أبو عبد الله من طرف الملكين الكاثوليكيين بطريقة بئيسة, و باستعمال المكائد و الحيل كان الهدف النهائي هو طرد المورسكيين من البشرات".

تعتبر البشرات منطقة ذات بساتين خضراء و جبال وعرة, و هي بلد جذاب لكنه منغلق في نفس الوقت, و قد حصّنته الطبيعة و شجاعة أهله حتى نال سمعة البلد المقاومة للاحتلال و الغزو منذ ما قبل العهد الروماني. و بعد سقوط غرناطة عام 1492م, شكلت البشرات مشكلا مؤرقا للملوك الكاثوليك و ذلك لعدة أسباب, فحاولوا بشتى السبل إيجاد حل له.

كانت البشرات آنذاك منطقة غنية, تُصدر للعالم منتوجاتها الفلاحية, إضافة للحرير, حيث كانت تتوفر على واحد من أهم أسواق الحرير في إسبانيا, إلى حد بلغ فيه عدد مناسج الحرير أكثر من 4 آلاف منسج, لكن بعد طرد المورسكيين تقلص هذا العدد إلى 25 منسجا فقط.
 لقد وفّر الحرير مالا  وفيرا للمورسكيين استطاعوا من خلاله تأجيل تنفيذ عدة قرارات جائرة في حقهم. فبعد سقوط غرناطة عام 1492م, أصبح حال مورسكيي البشرات كالمحتجزين من طرف الملوك الكاثوليك, و عوملوا "كرهائن" يدفعون المال للحفاظ على طريقة لبسهم و أكلهم و أعيادهم و طقوسهم, و لو على نطاق العائلة فقط.  لقد كانوا يدفعون فدية دائمة مقابل تركهم يعيشون في سلام يمارسون عاداتهم و يتحدثون لغتهم. و استمر الحال على هذا المنوال إلى حدود عام 1568م, حيث سيُمنع كل شيء, دون أن يستطيع مال الحرير فعل أي شيء.

فمع اندلاع حرب البشرات (1568-1571) تحولت المنطقة إلى ساحة حرب حملت معها 3 سنوات من الحصار و الدمار و القتل, تلاها طرد المورسكيين من مملكة غرناطة. لقد رجّح نافارو في كتابه إمكانية أن تكون الحرب حدثا مفتعلا و دُفع إليها المورسكيون دفعا, و ذلك للقضاء, ليس فقط على أهل البشرات, الاستقلاليين بطبعهم, و إنما على صناعة الحرير أيضا.

إن النزعة الاستقلالية للبشرات لم تكن لتروق للعرش القشتالي الذي كان يرغب في تأسيس ملكية حقيقية في إسبانيا مبنية على دين واحد, قانون واحد و ثقافة واحدة, و هذا كان يتطلب تحقيق تواجد اجتماعي و اقتصادي و ثقافي في مملكة غرناطة, الأمر الذي لم يكن ممكنا إلا بإجلاء المورسكيين عن أرضهم.

كما أن تفوق الحرير المورسكي لم يكن يروق لأرباب صناعة الحرير في المناطق الإسبانية الأخرى, فكان في مصلحة هؤلاء ضرب البشرات و القضاء فيها على صناعة الحرير. لهذا نجد بأن أغلب الزعماء الأساسيين لانتفاضة البشرات كانوا ينتمون لعائلات مورسكية تتعاطى صناعة الحرير.

نافارو ادّعى امكانية أن يكون المورسكي فرج ابن فرج هو الذي استُخدم لإشعال الثورة و من تم اختفى بعد بداية الحرب, و ربما هاجر إلى القارة الأمريكية ليبدأ حياة جديدة.

و لم يفُت الكاتب التنبيه إلى أن المؤرخين الثلاثة الذي دوّنوا تفاصيل حرب البشرات - مارمول كاربخال, بريث دي إيتا و دييغو أورتادو دي مندوثا - كانوا جميعا ينتمون للمعسكر القشتالي المُنتصِر.

صلة الرحم بالأندلس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق