السبت، 19 يوليو 2014

مقال لصحيفة الباييس الإسبانية: "المغرب يملك البنية التحتية, نيكاراغوا تملك التسامح"

 مقال لصحيفة الباييس الإسبانية: "المغرب يملك البنية التحتية, نيكاراغوا تملك التسامح"



 نشرت صحيفة الباييس الإسبانية في يونيو الماضي مقالا للمسير المالي ببعثة الاتحاد الأوربي بالمغرب مكيل فوركات لوكي Miguel Forcat Luque  انتقد فيه تقديم الاتحاد الأوربي الدعم للمملكة الشريفة رغم تقدمها الاقتصادي النسبي و "تخلفها" في الميدان الحقوقي, بينما دول لها رصيد محترم في ميدان الحريات و التسامح لا تحضى بمثل هذا الدعم رغم حاجتها الماسة لذلك, و ضرب مثلا بدولة نيكاراغوا بأمريكا الوسطى.

المقال الذي حمل عنوانا يقارن بين المغرب و نيكاراغوا شدد على أن التنمية لا تُقاس فقط بمستوى البُنى التحتية و إنما أيضا بالموقف من الحريات الفردية و حقوق المرأة. و قد بنى الإسباني مكيل فوركات مواقفه على ارتسامات أصدقاء له من نيكاراغوا زاروه في المغرب, و رغم إعجابهم بالمملكة, إلا أنهم عبروا له عن امتعاظهم لبعض التصرفات و أيضا عن صدمتهم لموقف المغرب من بعض مسائل الحريات الفردية. 



هذه الارتسامات في أغلبها بعيدة عن الواقع و تتجاهل الوضع الحقوقي المتقدم نسبيا بالمغرب, و قد حاول الكاتب توظيفها لإقناع مؤسسات الاتحاد الأوربي, التي تربطها بالمغرب اتفاقيات شراكة و تعاون, "بابتزاز" المملكة من خلال ربط هذا التعاون المشترك بتغيير المغاربة لقيمهم و عاداتهم التي اعتبرها رجعية و ظالمة.

المغرب يملك البنية التحتية, نيكاراغوا تملك التسامح.

كتبه مكيل فوركات لوكي Miguel Forcat Luque. صحيفة الباييس, 25 يونيو 2014. 
ترجمة هشام زليم.

إن مستوى التنمية بين الدول غير متجانس, فقد نجد دولة متقدمة جدا في ميدان ما و أقل تقدما في آخر. 

منذ يناير الماضي أعمل على مشاريع دعم للتنمية بالمغرب. رد فعلي الأول حينما حطت بنا الطائرة هو التساؤل: هل هذا البلد في حاجة حقا للدعم؟ الطريق الرابط بين مطار سلا و الرباط ليس الوحيد من نوعه في المغرب, لكن في نيكاراغوا, وجهتي السابقة, لا يوجد طريق واحد يشبهه من حيث الجودة.

قبل أسابيع جاء لزيارتي في الرباط بعض الأصدقاء من نيكاراغوا. عشية عودتهم إلى بلدهم بأمريكا الوسطى, كان يوم جمعة, تناولنا على الغداء طبق الكسكس التقليدي المغربي. بينما نتناول الطعام, كان أصدقائي يروون ارتساماتهم عن هذا البلد. قالت صديقتي آنا: "زرت بلدانا على نفس مستوى هذا البلد من حيث الجاذبية السياحية, لكني لم أجد أبدا مثل المغرب. إنه بلد رائع." آنا ذكرت لي أنها زارت الحي التجاري بأكدال, فأثار انتباهها قلة النساء في الشارع, بعضهن يمشين في جماعات, ممسكات بيد بعضن, و على درجة من الحذر. آنا قالت بأنها رأت في الحانات "كل امرأة يجالسها على الطاولة 9 رجال" مما دفعها للتساؤل :"ألا يحتسي النساء هنا أكواب القهوة في الخارج, أم ماذا؟". بالنسبة لها هذا أمر لا يمكن تصوره في ماناغوا (عاصمة نيكاراغوا). خلال إحدى جولاتها, عاشت موقفا صعبا : "كان الجو حارا جدا, ارتديت سروالا قصيرا و قميصا بدون أكمام. في طريق العودة صادفت شخصا ينظر إلي بوقاحة من أعلى لأسفل باحتقار. كانت نظرة بذيئة و مُزعجة جدا, مليئة بالكراهية و التعنيف. التعصب الذكوري (
Machismo )هو النظر إلى المرأة بهذه الطريقة".

رامون, واحد من زواري, هو مِثليٌُ. بعد سماعه لآنا, شاطرنا حكايته: "السبت الماضي أردت الخروج ليلا. سألت عن مكان في الرباط أجد فيه حانة يجتمع فيها المثليون. أجابوني بأنه ليس فقط لا وجود لها في كل المدينة و إنما المثلية الجنسية ممنوعة في المغرب.". في هذا البلد تعتبر المثلية الجنسية جريمة منذ عام 1972. هذا الأمر بالنسبة لرامون "غير معقول و يشبه نفي حق أصحاب الشعر الأحمرفي الوجود". صديقي قام بمقارنة بين المغرب و نيكاراغوا, التي عاصمتها أكثر فقرا من الرباط, فيما يخص التسامح مع المثليين, "في ماناغوا توجد أماكن مخصصة للمثليين. و هي الآن مفتوحة منذ عدة سنوات. وجود هذه الحانات و المثليين لا يسبب أي مشكل في بلدي".

على ضوء هذا, فرغم أن نيكاراغوا تعاني تأخُرا مُهما مقارنة بالمغرب
على مستوى البنى التحتية, إلا أنه فيما يخص الوسطية, الاحترام و الحريات, فإنها تتفوق على المغرب. إن مستوى التنمية للدول ليس متجانسا, و هو أمر على المؤسسات أخذه في عين الاعتبار. هذه المؤسسات عليها القيام بتعاون يُراعي احتياجات كل دولة على حدى.

قد تبدو هذه الفكرة منطقية و بسيطة, لكنها معقدة حين إدخالها حيز التطبيق. فمن السهل جدا أن تسمح دولة بأن تُشيًّد لها الطرق, لكن من الصعب جدا أن تقبل بوضع مشروع هدفه تغيير طريقة تفكير سكانها, حتى لو كانت طريقتهم هذه ظالمة و رجعية خصوصا فيما يتعلق بالتعددية الجنسية و حقوق المرأة.

لا يُمكن إنكار الحق في الوجود لأي أحد بسبب ميوله الجنسية, لا يمكن السماح بأن يُحاول الطرف القوي إخضاع الطرف الأضعف لأسباب جنسية. من أجل محاربة هذا النوع من المظالم نحن في حاجة ماسة لسياسات توعية للسكان. لكن تغيير أسلوب تفكير الناس هو أمر باهض و بطيئ. لهذا تٌعتبر سياسات التوعية من سياسات النفس الطويل التي تتطلب وقتا كبيرا.

المقال في صحيفة الباييس:http://elpais.com/elpais/2014/06/10/planeta_futuro/1402410423_509265.html

صلة الرحم بالأندلس.

هناك تعليق واحد:

  1. يوسف بن محمد20 مايو 2016 في 5:42 ص

    هناك بعض الرجعية و الظلم حقا من ناحية الحريات الفردية، و الدليل عدد حالات التحرش بالنسبة للنساء، و ارتفاع عدد الإعتدائات المسجلة في حق المثليين، دون أن ننسى أن هؤلاء يتم تجريمهم قانونيا حتى في حالات لا يعقل فيها تجريمهم، لكن الكاتب طبعا ماهموش الوضع لحقوقي للمغاربة، و لا يهمه إن كان هناك من يعانون من الظلم او الحيف في البلد اللي كياكل فيها و يشرب كي الحلوف.. هو فقط كيتكلم من منطق الكره و الحسد، هو مكرهش لوكان كان المغرب كفس من نيكراغوا، أو لوكان نقل البنية التحتية لذلك البلد باش يتشفى فبلادنا مزيان. العفو جزاير من الشرق و اسبنيا من الشمال. جورا دلويل.

    ردحذف