الخميس، 24 يوليو 2014

"حماس, إسرائيل, و أن تكون يهوديا في إسبانيا" مقال لرجل الأعمال اليهودي الأرجنتيني فارسفسكي.

"حماس, إسرائيل, و أن تكون يهوديا في إسبانيا" مقال لليهودي الأرجنتيني فارسفسكي.

مارتن فارسفسكي وايزمان Martín Varsavsky Waisman. رجل أعمال أرجنتيني شهير, يحمل أيضا الجنسية الإسبانية و الأمريكية. وُلد في بوينس آيرس بالأرجنتين عام 1960 لعائلة يهودية. في سن السادسة عشر غادر الأرجنتين إلى الولايات المتحدة لأسباب سياسية. تحصل على ديبلوم الفلسفة و الاقتصاد من جامعة نيويورك و ماجستير في العلاقات الدولية و إدارة الأعمال من جامعة كولومبيا الأمريكية. استقر عام 1995 في مدريد الإسبانية, و أسس هناك العديد من المقاولات الناجحة, كما قام بالتدريس في مؤسسة "المقاولة" الإسبانية و في جامعة كولومبيا الأمريكية. عام 2012 غادر إسبانيا عائدا إلى الولايات المتحدة لأسباب سردها هو نفسه في المقال الذي اخترنا ترجمته أدناه.

له العديد من المقالات المنشورة في كبريات الصحف الإسبانية كالباييس و إلموندو و كذلك الامريكية مثل نيوزويك. كما له مدونة على الأنترنت ينشر فيها مقالاته بالإسبانية و الإنجليزية.

مارتن فارسفسكي هو من الداعمين لدولة إسرائيل. و لا يتردد في الدفاع عنها مستعملا الدعاية الكاذبة و البروباغندا الرخيصة. خلال العدوان على غزة في نونبر 2012, كتب مقالا دافع فيه عن إسرائيل و حقها في الدفاع عن نفسها من حماس. و انتقد فيه الموقف الشعبي الإسباني الداعم للفسلطينيين و حاول استغلال سمعته كصاحب مقاولات في إسبانيا للتأثير على هذا الموقف المشرف.




أهمية مقال مارتن الذي يدافع فيه عن إسرائيل تكمن في عدة نقاط:

           * معرفة وجهة نظر يهود العالم مما يجري من عدوان على غزة و الوقوف على جهودهم الدعائية لتبرير الإجرام الصهيوني ضد شعب محتل أعزل.
           * ترصد الرواية الإسرائيلية للقضية الفلسطينية و كيف أن هذه الرواية تبنتها جهات شرقية و غربية كانت حتى وقت قريب تتغنى بالوقوف مع الشعب الفلسطيني.
           * الوقوف على مدى دعم الإسبان للشعب الفلسطيني و إدانته للجرائم الصهيونية و محاولة اللوبي الإسرائيلي إقناعهم بالرواية الصهيونية للأحداث.
           * فهم الواقع السياسي و الاقتصادي الإسباني.


"حماس, إسرائيل, و أن تكون يهوديا في إسبانيا"

مارتن فارسفسكي وايزمان  Martín Varsavsky Waisman
صحيفة الباييس الإسبانية. 25 نونبر 2012.


ترجمة موسوعة الأندلس.

"في البداية ساُعلّق على مشكلة الفلسطينيين المُنتمين لحماس و نزاعهم مع إسرائيل. بعد ذلك سأتحدث عن مشكلتي كيهودي عاش في إسبانيا 17 سنة, ثم عن الوضعية الصعبة التي يعيشها اليهود في إسبانيا عندما تَدخل إسرائيل في حرب مع حماس.

سأبدأ بمشكل حماس.

حماس هو جيش تموله إيران و تستعمله كسلاح ضد إسرائيل بغرض تدمير دولة إسرائيل. الكثير من الفلسطينيين يعارضون حماس؛ بل لقد دارت حروب أهلية بين الفلسطينيين بسبب حماس؛ لهذا, أن تكون فلسطينيا لا يعني أنك من حماس. لما فازت حماس في انتخابات غزة  شرعت قي  قصف إسرائيل بالصواريخ بغرض قتل المدنيين الإسرائيليين. لهذا تقصف إسرائيل غزة و لا تقصف الضفة الغربية مثلا, حيث تحكم حركة فتح و يعيش الكثير من الفلسطينيين. و هذا ما يُفسر مساهمتي أنا أيضا في منظمات غير حكومية تساعد الفلسطينيين, و يبرر تبرعاتي للقضايا الفلسطسنية, لأني أعلم أن غالبية الفلسطينيين معتدلون. لكن المشكل هذه الأيام هو مع حماس.

لقد وصلت حماس إلى السلطة, و الفضل في ذلك يرجع جزئيا لقرار إسرائيل منح غزة حكما ذاتيا و سحب المستوطنين من هناك, كان ذلك تحت قيادة آرئيل شارون الذي دخل في غيبوبة منعته من رؤية النتائج الفظيعة لاستراتيجيته. كان شارون يأمل في أن تنشغل غزة بأمور التنمية و بسكانها, و أن تعيش بسلام مع إسرائيل...و هو أمر مثير للاستغراب بالتأكيد إذا أخذنا في الاعتبار أن شارون كان طول حياته رجلا محاربا. هكذا إذن, كان أمل الكثير من الإسرائيليين أن يكون حب فلسطينيي حماس لأبنائهم أكبر من كرههم لهم و أن يبنوا بلدهم. لكن الحقيقة مختلفة كل الاختلاف. فحماس عدو رهيب لإسرائيل و لا ترغب في حل الدولتين الذي أوصى به مؤتمر أوسلو و الذي ندعمه كل الدعم, و إنما ترغب في زوال إسرائيل.

يريد الإسرائيليون العيش في سلام. لا أشك في ذلك البتة, رغم أن الكثير في إسبانيا تساورهم شكوك في هذا المجال. يريد الإسرائيليون, أكثر من غيرهم, العيش بسلام لأن مجتمعهم هو عبارة عن نجاح باهر: ففي سنوات قليلة, استطاعت إسرائيل الوصول لمستوى المعيشة المُسجل في أوربا, و ببطالة منخفضة جدا. الأفضل بالنسبة لإسرائيل هو أن تولد دولة فلسطينية مزدهرة تكون جارا طيبا و تريد العيش في سلام. إسرائيل هي سليكون فالي Silicon Valley (2) الشرق الأوسط, دولة مزدهرة و مهد الابتكارات, و تُعرف باسم "أمة الشركات الناشئة" Start up nation نظرا للعدد الكبير من المقاولات المُبتكِرة الجديدة التي ترى النور فيها. العديد من الابتكارات المقاولاتية الإسرائيلية وصلتنا لإسبانيا و ساهمت في تخفيض معدل البطالة.

عبر تاريخها, سلمت إسرائيل سيناء مقابل السلام مع مصر, و سلّمت أراضي أخرى مقابل السلام مع الأردن. هذه النزعة تبخّرت لماّ سُلِّمت غزة مقابل السلام, فقوبلت إسرائيل بالحرب (3). يمكن أن نناقش إن كانت إسرائيل تفعل حقا كل ما في استطاعتها من أجل التوصل للسلام مع الفلسطينيين على العموم, و أنا لا أعتقد هذا. فإصرار إسرائيل على بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية يبدو لي أمرا رهيبا, و هذا هو انتقادي الأكبر للحكومة الإسرائيلية. لكن المُلفِت في الأمر هو أن هذه المستوطنات تُقام في الضفة الغربية, و ليس في غزة التي أَخرجت منها إسرائيل بالقوة كل اليهود الذين كانوا بها. و مع ذلك, تأتي الصواريخ من غزة و قد قتلت و جرحت الإسرائيليين. فلسطينيو الضفة الغربية هم أكثر عقلنة و النزاعات معهم قليلة, و هم لا يهاجمون إسرائيل بالشكل الذي تفعله حماس. كما أن 25 بالمئة من سكان دولة إسرائيل هم أيضا فلسطينيون, و لا يهاجمون إسرائيل أبدا.

سأفتح الآن قوسا في هذا المقال لأعلق على وضعيتي: أن تكون مقاولا يهوديا في إسبانيا, و كيف تركتُ هذا البلد الذي أحبه جدا بعد 17 سنة عشتها فيه قبل أن أذهب للعيش في الولايات المتحدة. سأتحدث عن كل هذا حتى يُفهَمَ هذا المقال في سياقه؛ حتى تدعمه أو تنتقده و أنت تعلم أنه مجرد نظرة شخصية للصراع, و هذا لا ينزع عنه شيئا من الصلاحية.

عشت طفولتي في الأرجنتين. ثم ذهبت للولايات المتحدة حيث قضيت 18 عاما. بعدها انتقلت إلى إسبانيا حيث عشت 17 سنة. و قد عدت قبل شهرين للولايات المتحدة. تجربتي و تجربة اليهود القلائل الذين يعيشون في إسبانيا (حوالي 30 ألف في كل ربوع البلاد) هي تجربة صعبة لأنه من العسير أن تكون يهوديا في إسبانيا, و هذا أحد الأسباب التي غادرت إسبانيا لأجلها, طبعا, ليس السبب الرئيسي. الأسباب الوازنة الأخرى تكمن في الاستياء و الغيرة التي ينظُر بها الكثير من الإسبان للمقاواين, ليس كخالقين لفرص العمل (و هو عين ما أقوم به اليوم عبر مقاولاتي Jazztel, Ya.com, Ahora Fon المستمرة في النمو في إسبانيا), و إنما غالبا كلصوص. أما السبب الثالث, و هو الأهم, الذي دفعني للقدوم إلى الولايات المتحدة هو أني أعتبر الحكومة الإسبانية عاجزة عن السير بالبلاد إلى الأمام, بينما هنا  تتاح لي العديد من الفرص. كما سبق و أن قلت علنا, بدل أن يتم تخفيض تكلفة التشغيل بالنسبة للشركات قام الحزب الشعبي بخفض تكلفة تسريح العمال. لقد ورث الحزب الشعبي كارثة من الحزب الاشتراكي, فزادها تأزيما. أنا مقاول و في حاجة لمحيط ملتزم على الأقل بالحد الأدنى لأقوم بعملي, و هذا متوفر لي في الولايات المتحدة. أستطيع تنمية مقاولتي Ahora Fon في إسبانيا لكن بتمويل يأتي من الولايات المتحدة و المملكة المتحدة. الرصيد القليل الموجود في إسبانيا يوضع في الثقب الأسود للبناء و الأبناك السيئة Bad Bank. كي أًشغل أكبر عدد ممكن في إسبانيا عليّ أن أكون في الولايات المتحدة التي أُموِّل منها Ahora Fon.

هنا سأغلق القوس.

لنعُد لإسرائيل و حماس. عندما قررت إسرائيل قصف غزة لوقف إطلاق الصواريخ التي تتساقط على المدنيين, سعِدتُ لعدم تواجدي في إسبانيا. فالأمر مأساوي حقيقة: إسرائيل لا تبحث عن قتل المدنيين بينما حماس تفعل ذلك. بل لو تعلن حماس "هنا يوجد أطفال" و يتم وضع الأطفال الفلسطينيين في مناطق محددة خلال النزاع فلن تقصف إسرائل هذه الملاجئ و لن تقتل الأطفال. لكنها (حماس) لا تفعل ذلك لأنها تستخدمهم كذروع بشرية, و هو أمر لن يفهمه الكثير من الإسبان بسبب حبهم للحياة و عدم تعاملهم مع عدو مثل حماس. رغم ذلك, العديد من المنابر الإعلامية الإسبانية ترى العكس. يعتقدون أن إسرائيل تريد أن تبيد الفلسطينيين. أما ال800 صاروخ التي سقطت إلى حد الآن على إسرائيل فهي تكاد لا تُذكر في الصحافة الإسبانية, كذلك الأمر بالنسبة للضحايا الإسرائيليين الذين لا يؤبه بهم نظرا لقلة عددهم. و كأن إسرائيل ليس لها الحق في الدفاع عن كل مواطنيها. المقالات التي أقرأُها في الولايات المتحدة حول الصراع متوازنة, أما تلك الموجودة في إسبانيا فلا تبدو لي مُحايِدة.

إسبانيا بلد أحبه جدا, ربما أكثر من الأرجنتين مسقط رأسي و الولايات المتحدة. بلد عشت فيه حياة ممتازة و ربطت فيه صداقات قوية و لم ينغصها سوى ميل الإسبان للأحكام المسبقة  و القبلية الإسبانية (القطلان, الباسك, المدريديون, الأندلسيون, قوميات كثيرة بينهم). بلد له العديد من الأمور الرائعة: تاريخه, جغرافيته و لا أحد - أؤكد لا أحد - أفضل من صديق إسباني. لكن أن تكون يهوديا في إسبانيا وقت الصراع بين إسرائيل و حماس هو بمثابة أن تكون من مشجعي البارصا وسط مشجعين من ألتراس مدريد, من الأفضل حينها المغادرة.

و الأن حتى تفهمني جيدا, سأوجه لك السؤال الآتي. ماذا لو شرع المغاربة في إطلاق الصواريخ على سبتة بحجة أن هذه الأراضي كانت عربية و يجب أن تعود عربية, مُجبِرين الساكنة الإسبانية على النزول إلى الملاجئ مثل المليون إسرائيلي الذين ناموا في الملاجئ هذه الأيام؟ ماذا ستفعل حينها إسبانيا؟ واضح ما ستفعله, ستضع حاجزا كما فعلت قبل سنوات, و عندما سيحاول الناس تجاوزه ستستعمل العنف كما فعلت عام 2005 لما قُتل 5 أشخاص و جُرِح 100 آخرون عند محاولتهم الدخول لإسبانيا. الآن إذا قامت إسرائيل بنفس الأمر...حسنا...لا أريد حتى التفكير في ردة الفعل المتوقعة للصحافة الإسبانية.


سأسألك سؤال بسيطا آخر, أنت أيها القارئ المُنتقِدُ لإسرائيل. هل تستطيع أن تقول لي بكل صراحة إن كنت تؤمن أنه حتى لو لم تهاجم حماس إسرائيل, فإن إسرائيل كانت ستقصف غزة في جميع الأحوال؟ و إن كان الحال هكذا, فلماذا إذن؟ راجع التاريخ الذي ينتقدون فيه إسرائيل كثيرا, انظر "للمذابح", مثلا الحملات العسكرية التي شاركت فيها إسبانيا نفسها, كحرب العراق و أفغانستان التي قُتِل فيها مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء. الجيش الإسرائيلي لحد الآن أتى على 100 ضحية مدنية في غزة, و الهدنة صامدة لحد الآن. إذا كنا سنتحدث عن المجازر فيمكننا البدء من أماكن أخرى. لبنان مثلا فقد 7 بالمئة من سكانه خلال الحرب الأهلية. الحرب بين العراق و إيران, حروب أفغانستان و العراق التي قُتل فيها مئات الآلاف, بل الملايين من العرب. لو أرادت إسرائيل إبادة الفلسطينيين لفعلت ذلك, لكنها لا تفعل لأنها تريد السلام و تحترم حق الفلسطينيين في الحصول على دولتهم. في نفس الوقت على الحدود الشمالية لإسرائيل عندنا سوريا حيث بشار الأسد يُقتِّل في عشرات الآلاف. أين هي المظاهرات الإسبانية من هذا؟ هل تعلم حجم الفظاعة التي تُرتكب؟
 
أقول لك, عشت في إسبانيا, أحب إسبانيا, لكن لو قام يهودي بعمل سيء و قتل مدنيا, و هو أمر رهيب حتى لو لم يكن يقصد ذلك, فإن الإسباني يبقى أكثر استعدادا لإدانته أكثر مما لو فعل ذلك الإسبان أو الأوربيون أو العرب أو الأمريكان. إذا أقامت إسرائيل سورا فلأننا نحن اليهود نقوم بالأبارتيد, لكن إذا كان لإسبانيا سور في سبتة يُقتل فيه من يحاول عبوره, فهذا أمر معقول. و ماذا عن آلاف الأفارقة الذين يموتون أثناء محاولتهم الوصول لإسبانيا بحثا عن عمل, لماذا نتركهم يموتون و لا ننقذهم عبر قوارب البحرية؟ أعلم أننا ننقذ و نساعد الكثيرين و هناك أشخاص رائعون في إسبانيا متفرغون لهذا, لكن هذا لا يمنع أن الآلاف قد لقوا حتفهم و هم يحاولون الوصول لبلادنا. لكن إذا حاولت إسرائيل وقف قارب متجه نحو غزة يُقل مسلحين فإن إسبانيا ستنفجر, نعم ستنفجر بكل ما تحمل الكلمة من معنى, غضبا؛ و من الأفضل لنا نحن اليهود حينها أن نتوارى عن الأنظار. لما وقع حادث القارب التركي, كان رد الفعل الإسباني مبالغا فيه مقارنة مع حقيقة الحادث.


عندما تُطلق حماس الصواريخ على السكان المدنيين الإسرائيليين, فإن هدفها هو قتل المدنيين الأبرياء. عندما تقصف إسرائيل, فإنها تفعل كل ما بوسعها كي تقتل مقاتلي حماس, كما حصل في الهجمة التي قُتل فيها القائد العسكري لحماس (4). هذه العملية جاءت بعد وابل من الصواريخ أرسلتها حماس في اتجاه إسرائيل. بالنسبة لإسرائيل, قتل طفل فلسطيني أو مدني فلسطيني هو فشل و فظاعة. أما بالنسبة لفلسطينيي حماس, قتل مدني إسرائيلي هو للأسف عيد, مثلما نرى في هذا الفيديو (وضع رابطا لاحتفال الفلسطينيين بإحدى العمليات الفلسطينية).


شاهد هذا الفيديو أيضا و هو لمذيع في تلفزيون حماس يتحدث عن اعتداء على حافلة في تل أبيب قائلا: "إن شاء الله عمّا قريب سنرى أكياسا سوداء فيها الموتى". ثم يقول بأن المساجد تحتفي بهذه العملية. كما قال من خلال التلفاز أشياء فظيعة.

و بالنسبة للكثير من الإسبان, للأسف, شتم اليهود هو أمر شائع. بل إن مجرد عبارة "يهودي" هي شتيمة في إسبانيا. حاوِل أن تقوم في جامعة إسبانية بالدفاع عن حق إسرائيل في حماية نفسها من حماس ثم احكِ لي ما سيحدث لك. قل أنك يهودي و تدعم إسرائيل, ثم احكِ لي ما سيحدث لك. اليهود وضعهم جيد في إسبانيا ما داموا لا يرفعون رؤوسهم عندما تدخل إسرائيل في صراع مع حماس. طبعا, ليس كل الإسبان, حيث أستثني الأقلية من الإسبان التي زارت إسرائيل و جيرانها, و التي تربطني بهم دائما علاقات ممتازة, و الإسبان الذين, رغم الإعلام المنحاز, كلفوا أنفسهم عناء دراسة القضية من مصادرها الأصلية. لكن ليس عامة الإسبان.

قبل أن أختم أتمنى, بداية, استمرار الهدنة التي أُعلن عنها مؤخرا. كما أريد القول بأن المشكل اليهودي في إسبانيا هو مشكل بين عدة مشاكل, مشكل قَبَلي إضافي إلى جانب مشاكل قبلية أخرى يتخبط فيها هذا البلد ذو النزعة القوية نحو الانفصال, نحو التفكك , نحو الكره الأهلي. ليس فقط أن الإسباني البسيط معادي للسامية, و إنما عنده الكثير من الأحكام المسبقة جعلت حياتي صعبة في إسبانيا. الحكومة تعلم هذا و قد صادقت مؤخرا على إجراء مذهل يمنح الجنسية الإسبانية لأحفاد اليهود السفاريد الذين طردوا من إسبانيا عام 1492م (سفارد تعني إسبانيا بالعبرية). لكن انظر لهذا المقال الذي يتحدث عن هذا الخبر (َوضَعَ رابطا لمقال إسباني عن منح الجنسية الإسبانية لليهود) و اقرأ تعليقات القراء (الإسبان) عليه. هذه التعليقات ستعطيك فكرة جيدة عما يعتقده الكثير من الإسبان عن اليهود. إن هذا لشر منتشر في عموم هذا البلد. سماع أصدقائي القطلان يتحدثون بالسوء عن المدريديين, سماع المدريديين يفعلون نفس الأمر بينهم, بينما كلا الفصيلين إسبان و ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما. القبلية في إسبانيا هي مشكل حقيقي يمكنه أن ينهي إسبانيا التي نعرفها. و في هذا الوقت الذي يغرق فيه البلد, تبقى الحاجة ماسة للوحدة من أجل الانعتاق. أعتقد أن الوقت قد حان كي نتحد نحن الإسبان جميعا - على اختلاف الأديان و الإثنيات و الثقافات -  للخروج من الأزمة, الوقت قد حان كي نحترم الآخرين أكثر و نسيء الظن أقل, و نتحمل مسؤوليتنا حتى نخرج من عنق الزجاجة. "

الهوامش (تعليقات موسوعة الأندلس على المقال):

(2) Silicon Valley هي المنطقة الجنوبية من منطقة خليج سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية. يضرب بها المثل في الازدهار و القوة الاقتصادية.
(3) ذكرني كلام صاحبنا بمقولة الأديب الفلسطيني غسان كنفاني الذي اغتاله الموساد في بيروت عام 1972م: "يسرقون رغيفك...ثم يعطونك منه كِسرة...ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم...يا لوقاحتهم".
(4) يقصد الفلسطيني أحمد الجعبري.

صلة الرحم بالأندلس.

هناك تعليق واحد:

  1. يحاولون محو الذاكره ...يريدون ان ينسى العالم ان اسرائيل اغتصبت فلسطين بتآمر عالمي وعربي وان يقر الجميع انها دوله معتدى عليها وليست معتدية ..التلخيص هو ماذكرته على لسان غسان كنفاني رحمه الله "يسرقون رغيفك...ثم يعطونك منه كِسرة...ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم...يا لوقاحتهم".

    ردحذف