الثلاثاء، 12 فبراير 2013

مروءات أهل الأندلس

     في 5 يناير 2013 الساعة: 17:37 م

 مروءات أهل الأندلس



نقل الـمَقَّري التلمساني في كتابه "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب و ذكر وزيرها لسان الدين ابن الخطيب" كلاما  عن أبي سعيد الأندلسي في كتابه "الـمُغرب في حلى أهل المغرب"، تحدث فيه عن احتياط أهل الأندلس و تدبيرهم لشؤون معاشهم و كيف أنهم جمعوا بين المروءة و أمورا قد تُنسبُ للبخل, و أورد في ذلك قصة عجيبة. وهذا نص الكلام كما جاء في "نفح الطيب":

"وأهل الأندلس أشدُّ خلق الله اعتناء بنظافة ما يلبسون وما يفرشون، وغير ذلك مما يتعلّق بهم، وفيهم مَنْ لا يكون عنده إلا ما يقوته يومَهُ، فيطويه صائما ويبتاع صابونا يغسل به ثيابه، ولا يظهر فيها ساعةً على حالة تنبو العين عنها.


وهم أهل احتياط وتدبير في المعاش، وحفظ لما في أيديهم خوف ذلِّ السؤال، فلذلك قد يُنسبون إلى البخل، ولهم مروءات على عادة بلادهم، لو فطن لها حاتم الطائي لفضل دقائقها على عظائمه، ولقد اجتزت مع والدي على قرية من قراها، وقد نال منا البرد والمطر أشدَّ النَّيل، فأوينا إليها، وكنّا على حال ترقُّب من السلطان وخلوّ من الرفاهية، فنزلنا في بيت شيخ من أهلها، من غير معرفة متقدمة، فقال لنا: إن كان عندكم ما أشتري لكم فحمًا تسخنون به فإنّي أمضي في حوائجكم، وأجعل عيالي يقومون بشأنكم، فأعطيناه ما اشترى به فحمًا، فأضرم نارًا، فجاء ابنٌ له صغير ليصطلي، فضربه، فقال له والدي: لِـمَ ضربته؟ فقال: يتعلم استغنام مال الناس والضَّجَرَ للبرد من الصغر، ثم لما جاء النوم قال لابنه: أعطِ هذا الشاب كساءك الغليظة يزيدها على ثيابه، فدفع كساءه إليّ، ولما قمنا عند الصباح وجدتُ الصبي منتبهًا ويدُه في الكساء، فقلت ذلك لوالدي، فقال: هذه مروءات أهل الأندلس، وهذا احتياطهم، أعطاك الكساء وفضّلك على نفسه، ثمَّ أَفكَرَ في أنك غريب لا يعرف هل أنت ثقة أو لصّ، فلم يطب له منام حتى يأخذ كساءه خوفًا من انفصالك بها وهو نائم، وعلى هذا الشيء الحقير فقس الشيء الجليل."

المصدر: "نفح الطيب في تاريخ الأندلس الرطيب" كلاما اختصره عن أبي سعيد الأندلسي في كتابه الـمُغرب في حلى أهل المغرب" لأحمد بن محمد المقري التلمساني. الجزء الأول. الصفحة 214.

صلة الرحم بالأندلس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق