كتبهاهشام زليم ، في 1 يناير 2010 الساعة: 10:38 ص
مقال للقومي الأندلسي باكو البادولي يرصد جهود الأندلسييين اليوم للاحتجاج ضد احتفال السلطات الإسبانية بيوم سقوط غرناطة
القومي الأندلسي باكو البادولي |
بقلم هشام زليم.
المرجع : مقال للأندلسي باكو البادولي Paco Albaduli بعنوان: ”’’La polemica sobre la toma de Granada’’ (الجدل حول الاستيلاء على غرناطة)
في
كل سنة يتجدد الجدل في إسبانيا حول الاحتفالات بسقوط المدن الأندلسية بيد
الإسبان. و تعود جذور هذا الجدل إلى عقد الثمانينيات من القرن الماضي و
بالتحديد خلال رئاسة الحزب الاشتراكي PSOE
لمجلس بلدية غرناطة, حيث أراد أحد أعضاء المجلس الاشتراكيين إعادة الحياة
لحدث استيلاء الملكين الكاثوليكيين على المدينة سنة 1492, هذا الحدث الذي
انتهى به المطاف مع توالي القرون إلى زاوية النسيان فلم يعد يُحتفل به قبل ذلك إلا
لماما.
هكذا و ردا على هذا الاحتفال القشتالي المنظم من طرف مجلس البلدية,
قررت مجموعة من الغرناطيين إقامة تظاهرة موازية بأبعاد أندلسية. و فعلا
أقيمت هذه التظاهرة بشارع الحزانى لوس تريستس Los Tristes,
و نُظّمت مرّة أخرى في السنة الموالية تحت عنوان ”بكاء على غرناطة”, و قد احتشد فيها عدة أشخاص على اختلاف توجّهاتهم الفكرية و دياناتهم, و شهدت
أيضا حضور بعض الشخصيات المقربة من الحزب الاشتراكي الذي نظم الاحتفال
بسقوط المدينة مما عرّضهم لتوبيخ رئيس المجلس البلدي آنذاك أنطونيو خارا.
كانت التظاهرة عبارة عن لقاء شعري ردا على الاحتفال العسكري-الكاثوليكي
الذي أقامته البلدية. و طبعا, شهدت هذه التظاهرة الأندلسية السلمية مقاطعة
جميع المؤسسات الرسمية انطلاقا من البلدية نفسها. و بعد سنتين على انطلاقها اختفت
التظاهرة و لم تعد تُنظَّم. أمام هذه الوضعية, قامت مجموعة أخرى ينتمي أغلب
أعضائها للحزب الأندلسي Partido Andalucista و الشبيبة الأندلسية, إضافة لأشخاص مستقلين, بتأسيس تجمع ”الهوية الأندلسية” Identidad Andaluza’’”,
و فتحوا مرّة أخرى باب الاحتجاجات و قرروا الذهاب إلى منطقة مجلس البلدية
أين يقام الاحتفال القشتالي, حاملين الأعلام و الشعارات و البالونات في
تظاهرة سلمية و احتفالية. لقد استمرّت هذه الاحتجاجات في ساحة البلدية لمدة
زادت عن العشر سنوات رغم تغير مواقف بعض الشخصيات و المجموعات التي كانت
منخرطة فيها. و بالتزامن مع تظاهرات ”الهوية الأندلسية”, نُظِّمت احتجاجات
أخرى بقيادة التجمع الإسلامي الأندلسي التابع للجماعة الإسلامية بالأندلس,
أحيانا بمفردها و أحيانا بصفة جماعية رفقة الجماعات الأخرى.
ممر لو ستريستس (ممر الحزانى) وسط غرناطة. و سمي بهذا الإسم لأن الغرناطيين كانوا قديما يحملون موتاهم على أكتافهم و يمروا بهذا الشارع. |
لقد
استفزت هذه التظاهرات الاحتجاجية دعاة الاحتفال بيوم سقوط غرناطة فراحوا
يحضرون بأعداد كبيرة لإحياء الذكرى و تبنوا سلوك العنف الشفهي و أحيانا
الجسدي ضد من يحتج على تنظيم الاحتفال, الشيء الذي أدى إلى انسحاب العديد
من أولئك الذين داوموا على الاحتجاج في ساحة البلدية, و بقي في السنوات
الأخيرة حزب ”الأمة الأندلسية” داعيا وحيدا لتنظيم الاحتجاجات بالساحة. لكن
وصول الحزب الشعبيPP إلى رئاسة البلدية شجع اليمين المتطرف الغرناطي و الإسباني و دعّمه, فجعلوا يوم الثاني من يناير يوما لإبراز الوطنية ,
فلم تعد تظهر في الاحتفال إلا الأعلام الإسبانية و المتطرفة و صيحات و
شعارات عنصرية تحض على الكراهية و منادية بعبارات تذكر بالحرب التقليدية ضد
المغاربة (الموروس) الذي يغزون إسبانيا –كما يزعمون- عبر قوارب الهجرة.
في السنوات الأخيرة انتقل هذا الجدل إلى مدن أخرى تحتفل كذلك بغزو قشتالة و ليون كمالقة, ألمرية, إشبيلية, بسطة Baza و شريش Jerez. بعض هذه المدن الأندلسية ترأس مجلس بلديتها الحزب الأندلسي Partido Andalucista في تناقض صارخ مع أعضاء الحزب الذين وقفوا في وجه الاحتفال بغرناطة و في مخالفة تامة لمعتقداته.
شكلت
سنة 1992 تاريخا استثنائيا يتمثل في مرور 500 سنة على احتلال غرناطة. هذه
الذكرى زادت من حدة الجدل على الصحف بين معارض للاحتفال و مطالب به. في هذه
السنة, و بمبادرة من بعض الشخصيات قامت جامعة غرناطة بتنظيم أيام دراسية
حول فترة سقوط غرناطة تحت عنوان: ”لقاء الثقافات الثلاث”.
لقد
زادت في هذه الفترة حدة المواقف المتصادمة بين الجانبين, و في الوقت الذي
تقوى فيه أنصار الاحتفال, ظهرت سنة 1995 مبادرة أطلقها مجموعة من الأشخاص
تحمل اسم ”جماعة بيان 2 يناير” و قامت بجمع توقيعات شخصيات ذوو ثقافة و وعي أندلسي و مناوئين للشكل الذي تدور به احتفالات سقوط غرناطة. لقد ضمت هذه
الجماعة مختلف التوجهات الفكرية لها دواعي مختلفة تعارض الاحتفال. نُشِر
البيان في الصحافة الغرناطية يوم 2 يناير 1995. و في سنة 1996 نظمت ”جماعة
بيان 2 يناير ” معرضا جماعيا بقصر المدرسة Madraza بغرناطة ضمّ
لوحات, صورا, نصوصا و نحوت أبدعها العديد من أعضاء الجماعة, كما قاموا
مرّة أخرى بجمع التوقيعات. منظمة اليونيسكو, عبر أمينها العام فيدريكو
مايور سرقسطة Federico Mayor Zaragoza,
دعمت و رعت هذه التظاهرة و أدرجت المعرض ضمن قائمة أنشطتها في ”السنة
الدولية للتسامح” ضمن برنامج ”ثقافة السلم”. انخراط اليونيسكو في الموضوع
أثار حفيظة العمدة –التابع للحزب الشعبي- بربيل Berbel, الذي حاول تخفيف الانتقادات بإنشاء تمثال نصفي لأبي عبد الله الصغير و قام باستدعاء
سفراء الدول العربية لحضور حفل افتتاحه في 2 يناير1997. لكن محاولة بربيل
فشلت حيث لم يحضر أي سفير عربي, و استمر الاحتفال بسقوط غرناطة على الشكل
الذي هو عليه, و لم يتغير منه شيء.
عادت مرّة أخرى جماعة 2 يناير لتنظيم
معرض آخر سنة 1997 تحت اسم ”فنانون لأجل التسامح” و وضعت جائزة التسامح
التي ذهبت تلك السنة لكهان إيسكولابيوس لاسترجاعهم نسخة من القرآن تعود
للعصر الأندلسي. سنة 1998 نظمت الجماعة معرضا آخر و منحت جائزة التسامح
لدار متحف غارسيا لوركا بمدينة فوينتي باكيروس ”عين رعاة البقر”. سنة
1999لم تنظم الجماعة أي معرض لكنها أقامت تظاهرتين, الأولى عبارة عن مؤتمر
صحفي عبّر فيه مجموعة من أساتذة جامعة غرناطة (بينهم الأنتروبولوجي الشهير
إيسيدورو مورينو) عن دعمهم لبيان 2 يناير المناوئ للاحتفال بذكرى سقوط
غرناطة, و الثاني تمثل في منح جائزة التسامح في نسختها الثالثة للكاتب
(الذي توفي مؤخرا) فليبي روميرو.
قصر المدرسة بغرناطة. كان في العهد الإسلامي بمثابة الجامعة الإسلامية. |
المرجع : مقال للأندلسي باكو البادولي Paco Albaduli بعنوان: ”’’La polemica sobre la toma de Granada’’ (الجدل حول الاستيلاء على غرناطة)
ترجمة هشام زليم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق